الإعلام الإسرائيلي يلخص الوضع الميداني في غزة: “الجيش الإسرائيلي” يتحول من صائد إلى صيد

 

•الجيش يلجأ لرفع الروح المعونية لجنوده بالكذب ويروِّج بطولات لجنود وثقت الفيديوهات فرارهم أمام المقاتلين الفلسطينيين

الثورة / إبراهيم الوادعي

في الـ 18 من مارس، استأنف العدو الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة وفرض حصارا مطبقا في سعي منه إلى الإجهاز والقضاء على حركات المقاومة الفلسطينية، أراد رئيس حكومة العدو تصفية من تبقى من قادة وأفراد حركات المقاومة باعتبارهم الذخيرة الحية لأي حركة مقاومة..
نحو أربعة شهر، أرادت أن تمارس فيها «إسرائيل» هواية صيد البشر، فكيف سار الوضع وبحسب كلام وسائل الإعلام الإسرائيلية؟
منذ الثامن عشر من مارس أحصت وسائل الإعلام الإسرائيلية عدد القتلى من الجنود والضباط – وفقا لإعلانات الجيش الصهيوني ذاته – بالقول إن الكيان يخسر جنديا كل يومين يبقى فيها في قطاع، وهذه النسبة أخذت بالتصاعد بمعدل جندي كل يوم.
يقول عاموس هرئيل- في صحيفة هاآرتس: منذ بداية الأسبوع، قُتل سبعة جنود صهاينة، خمسة في انفجار حقل ألغام في بيت حانون، واثنان في خان يونس، أحدهما حاولت قوة من حماس أسره، بالإضافة إلى 2 أنهيا حياتهما بعد أن لم يعد بوسعهما تحمل أحداث وآلام الحرب، تلك الحرب التي، في هذه المرحلة، لم يعد وراءها أي تفسير سوى ائتلاف تحركه غريزة بقاء مفرطة.
– إلى ذلك قال رئيس الأركان أيال زامير «إن الظروف نضجت لإتمام صفقة»، لكن من المشكوك فيه ما إذا كانت العمليات الأخيرة للجيش في القطاع قد أسهمت فعلا في تحقيق هذه النتيجة، وطالما أن رئيس الأركان يقف خلف النية لإنهاء الحرب وإعادة 20 أسيرا و30 جثة، ربما من الأفضل التركيز على ذلك.
ويضيف: من المستحسن عدم تجاهل قدرة حماس على الإضرار، الحركة لا تزال متمسكة بأهدافها – ضمان إنهاء القتال مع الحفاظ على ما تبقى من قوتها العسكرية.
صورة أكثر قلقا
القناة 12 العبرية والمؤيدة لرئيس حكومة العدو المجرم نتنياهو، عبرت عن الشعور بالقلق رغم تأييدها استمرار الحرب على قطاع غزة.
وقالت: في هذا الأسبوع الصورة التي ترتسم في الميدان «مقلقة»، وتكشف عن قدرات متجددة لحركة حماس التي لا تزال، رغم الضربات، قادرة على استعادة عافيتها وإعادة تنظيم صفوفها.
وتضيف: حماس ليس ساذجة، إنها تدرسنا كل يوم، وتراقبنا، وتفحصنا، وحسب معلوماتنا الاستخبارية، هم يرصدون كل خطوة نخطوها، ويفهمون أنماط عمل الجيش.
•مهمة لسنوات
وبعد 21 شهرا من القتال والحديث عن الإنجازات، وأربعة أشهر من استئناف القتال وفق خطط معدله وعمليات عدة آخرها عربات جدعون التي أقر العدو بفشلها، بقيت حماس وفصائل المقاومة ناشطة، خلص المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية «يوسي يهوشع»:
– زمن غزة لا يشبه أي زمن آخر، النضال الشاق ضد الأنفاق، التي لا تزال تفاجئ بحجمها، وعمقها، وتعقيدها، قوات لواء ناحال منذ 21 شهرا من القتال.
– النقطة الأكثر حساسية تكمن بين الضغط والرغبة الشعبية لإعادة الأسرى عبر اتفاق، وبين الادعاءات بأن “الجيش لا يتحرك”، كما قال بعض الوزراء في الكابينت.
وأضافوا: يواجه الجيش صعوبة في إيصال الرسالة المفهومة جيدا في الميدان.. هذه مهمة شاقة، صعبة وخطيرة.
– البنية التحتية تحت الأرض ليست صالونا يُشترى من إيكيا، تفكيكها عملية تتطلب منهجية واحترافية، وتبدأ بجمع المعلومات الاستخباراتية ورسم خرائط لمسار الأنفاق، ثم السيطرة على المنطقة وتنظيم الدفاع عنها، مرورا بإدخال آلات الحفر والوسائل الخاصة (كلاب وأجهزة استشعار) لفحص صلاحية النفق للتفجير، وفقط بعد ذلك يأتي دور المتفجرات، وحماس لا تجلس مكتوفة الأيدي وتنتظر.
ويقول ضباط كبار إن حماس تتعلم أساليب العمل وتحاول تعطيل المعدات، قد يخرج مقاتل من حماس من فتحة مخفية ويضع عبوة ناسفة دون أن يلاحظه أحد، وفجأة يُسمع إنذار جراء إطلاق قذائف هاون، ولا يوجد مكان للجنود للاختباء، يأخذون ساترا، ويستلقون أرضا، وينتظرون الإعلان في غرفة العمليات.
ويختمون استخلاصاتهم بالقول: في كل الأحوال، إذا كان الهدف “القضاء على حماس”، فهذا هدف سيستغرق تحقيقه سنوات.
جرأة متصاعدة
خلال الأسبوعين الأخيرين من القتال، اتسمت العلميات التي نفذتها حركات المقاومة الفلسطينية بالجرأة والتصاعد، الجرأة في إقدام المقاتلين وصولا إلى عملية اسر وانتزاع نود من بين رفاقهم، وتصاعد في تنفيذ الكمائن المحكمة، كما حدث مع كتيبة « نيتسح يهودا « في جباليا والتي فقدت في كمين واحد ما يزيد عن 20 جنديا بين قتيل وجريح في جباليا رغم الغارات والتمهيد الناري لمسرح العمليات إلا أن مجاهدي المقاومة استغلوا الميدان لصالحهم رغم كل ذلك، واظهر المقاتلون في اكثر من موضع من جنوب القطاع إلى شمال جرأة غير اعتيادية في مهاجمة تحشيدات الجنود وقتلهم، حيث شهد القطاع معارك وجها لوجه مع عناصر وأفراد المقاومة.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية مقالا جاء في أبرز نقاطه:
•دون تغطية نارية أو تدريع، وللمرة الثانية هذا الشهر ومن مسافة صفر، نشرت حماس مقطع فيديو يوثّق مقتل ومحاولة أسر الرقيب أول في الاحتياط ‹أبراهام أزولاي»، الذي أصيب إصابة بالغة دون أن يُرَصد أي وجود لقوة أمنية من الجيش في المنطقة.
•التوثيق يُظهر أيضًا ظاهرة مقلقة أخرى من القتال الطويل في القطاع، وهي اضطرار الجيش لاستخدام آليات هندسية مدنية تابعة لمق-اولين يقومون بتأجير جرافات من أنواع مختلفة للجيش، وذلك لأن معظم المعدات العسكرية قد تآكلت ميكانيكيًا منذ 7 أكتوبر، ولم يتبقّ منها عدد كافٍ.
•تسلل المسلحين في وضح النهار يكشف عن استنتاجات مقلقة في توثيق محاولة الأسر المميتة بقطاع غزة.
• التوثيق يُظهر أيضًا ظاهرة مقلقة أخرى من القتال الطويل في القطاع، وهي اضطرار الجيش الإسرائيلي لاستخدام آليات هندسية مدنية تابعة لمقاولين يقومون بتأجير جرافات من أنواع مختلفة للجيش، وذلك لأن معظم المعدات العسكرية قد تآكلت ميكانيكيًا منذ 7 أكتوبر، ولم يتبقّ منها عدد كافٍ.
ويعلق كاتب آخر «يوسي يهوشع» في «يديعوت أحرونوت» العبرية على مسار القتال في غزة، بالقول: حماس لا تقف مكتوفة الأيدي.. وحسب ضابط رفيع الاطلاع في الميدان، قال إن المنظمة تتعلم طرق العمل وتحاول تعطيل الأدوات، إنها مسابقة تعليم من الطراز الأول، ونحن نطوّر باستمرار أساليب جديدة.
وحتى الآن، بعد ما يقارب عامين على الحرب، الجيش الإسرائيلي مذهول من حجم الأنفاق وخطورتها في قطاع غزة.
ويضيف الكاتب الصهيوني: إذا كان الهدف حقًا «تدمير حماس»، فعلى الجمهور أن يعرف – كما يقول كبار الضباط – أن هذا الهدف سيستغرق سنوات لتحقيقه، وكل من يزعم خلاف ذلك لا يعرف عما يتحدث.
قادة سياسيون منفصلون عن الميدان
واقع مرير يلاقيه الجيش الصهيوني في قطاع غزة، مقابل إصرار حكومة نتنياهو على استمرار القتال.
ويقول الكاتب يواف ليمور في صحيفة «إسرائيل اليوم» الصهيونية -: كما هو الحال في كل شيء تقريبًا، فإن صانعي القرار مرة أخرى منفصلون عن نبض الشارع العام، الذي يتوق إلى إنهاء الحرب في غزة وكل ما يرتبط بها، للأسف، هذا ليس مفاجئًا، عندما يكون جزء كبير من القيادة مشغولًا بالتهرب من الخدمة العسكرية، بالميزانيات، بالتعيينات، وبالسفر إلى الخارج بدلًا من أن يكونوا متعاطفين ومصغين.
ويضيف ليمور: «الجمهور الإسرائيلي» سئم الحرب في غزة. سئم من عبارة «سمح بالنشر»، سئم من القلق على أولاده وزوجاته. سئم من أوامر التعبئة 8. سئم من العودة المتكررة لنفس الأماكن. سئم من العبثية.
أحد جنود «الجيش الإسرائيلي» الذي قُتل هذا الأسبوع في بيت حانون، كتب لقائده ليلة الدخول: «أنا مشوش»، وطلب «أن يشجعه»، وهذا التشوش هو ما يشعر به معظم الناس، لا يفهمون كيف أن بيت حانون محاصرة (كما أعلن الجيش الإسرائيلي) مرة أخرى، وتُحسم مرة أخرى، وتنزف مرة أخرى. الناس ليسوا أغبياء، التساؤل في محله، من حق الناس الحصول على إجابات.
ويخلص الكاتب إلى: «هزيمة حماس موضوع يحتاج نقاشًا أكثر جدية. منذ أكثر من عام، وُعدنا بأن النصر قريب، في خان يونس، ثم في رفح، ثم في محور فيلادلفي، ثم محور موراج، في كل مرة، موقع مقدس جديد، في كل خطاب، وعود فارغة. النتيجة واحدة: الجيش يقوم بنفس المهام، في نفس الأماكن، ضد نفس العدو والجمهور سئم ويريد الهدوء».
بطولات كاذبة
وحول الجندي الذي حاولت المقاومة أسره في جباليا قبل أن تحيط بالمقاوم قوة إسرائيلية فيلجأ أحد رجال المقاومة إلى قتله ومغادرة المكان، سخرت وسائل إعلام إسرائيلية: الفيديو الذي نشرته حماس يكذّب الرواية الإسرائيلية، الجندي الإسرائيلي لم يقاوم ولم يتصد، بل فر من أرض المعركة في خان يونس وقُتل بعدها برصاص مقاتلي حماس.
في الحديث العام للإعلام الإسرائيلي ثمة حقيقة تتمحور حولها الكتابات والتحليلات والأطروحات، إن الحديث عن هزيمة المقاومة الفلسطينية أضغاث أحلام وان السياسيين يواصلون المعركة في أتفاصل عن الواقع الذي يلاقيه الجيش الصهيوني، حيث التخبط سيد الموقف في من شمال غزة إلى جنوبها وان الإنجازات التي تحققت تتأكل، والجيش الذي عاد في الـ18 من مارس للقتال بهدف اصطياد من تبقى من قادة وأفراد المقاومة تحول إلى صيد ثمين وهدف لمقاتلين اكتسبوا جرأة في القتال ودافعا اكبر للتنكيل بجيش الاحتلال وإذلاله.

قد يعجبك ايضا