الدورات الصيفية.. حصانة لأبنائنا ضد حملات التضليل

في هذا العصر كثرت الوسائل التي يشتغل من خلالها الأعداء، أنت في عصر القنوات الفضائية، وأنت في عصر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، يأتي فيها الكثير والكثير من الحملات الدعائية التضليلية تحت كل العناوين: ما يتعلق بالمواقف، ما يتعلق بالعقائد، ما يتعلق بالتوجهات، ما يتعلق بالسياسات، حملات هائلة تهدف إلى التضليل، لا بدَّ أن يتحصَّن الإنسان تجاهها بالوعي، بالنور، بالبصيرة، بالفهم الصحيح، بالمعرفة الصحيحة، وإلَّا كان عرضةً للتضليل، وكان صيداً سهلاً، وفريسةً سهلة، ولقمةً سائغة للمضلين بوسائلهم التضليلية المخادعة، التي يستهدفون بها الإنسان، سواءً في العناوين السياسية، أو العناوين العقائدية… أو أي عناوين، هناك توجه كبير، ويستهدف فيما يستهدف الأمة بكلها، كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، ويستهدف أيضاً بشكلٍ كبير الجيل الناشئ والشباب.
الأعداء يركِّزون بشكلٍ كبير على الجيل الناشئ والشباب، يرون فيهم حاضر الأمة ومستقبلها ودعامة قوتها، فيركِّزون عليهم التركيز الكبير؛ لتضليلهم، لإفسادهم، لتضييعهم، لتشتيتهم، للتأثير السلبي عليهم؛ حتى لا يتجهوا الاتجاه الصحيح، الذي يجعل منهم أمةً مستقلةً، أمةً تنهض واثقةً بربها “سبحانه وتعالى”، منطلقةً على أساسٍ صحيح، متخلِّصةً من التبعية لأعدائها، تنطلق على أساس هدى الله، الذي يبنيها أمةً قوية بكل ما تعنيه الكلمة، وأمةً تحمل حضارةً متميزة، بطابعها الإسلامي والأخلاقي، والراقي، الذي يعبِّر عن الإنسانية أجمل تعبير، يقدِّم الصورة الحقيقية الراقية التي أرادها الله للمجتمع البشري في واقعه الحضاري.
فالأعداء يركِّزون بشكلٍ كبير على الجيل الناشئ وعلى الشباب، وهناك مسؤولية علينا جميعاً، مسؤولية على العلماء، والمتعلِّمين، والمثقَّفين، مسؤولية على الآباء، لحماية الجيل الناشئ والشباب، والحفاظ عليهم من تلك الهجمة التضليلية الخطيرة التي تستهدفهم.
الله “سبحانه وتعالى” قال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم: الآية6]، أكبر عامل يمكن أن يوصل الإنسان إلى النار هو الضلال، بل هو العامل الرئيسي الذي يوصل الإنسان إلى النار الضلال، الضلال شيء خطير جدًّا على الإنسان، فتلك الهجمة التي تستهدف جيلنا الناشئ وشبابنا يجب أن نتصدى لها، وأن نسعى لتحصينهم بالعلم النافع، بالمعرفة الصحيحة، بالنور، بالوعي، بالبصيرة، في إطار هذا التوجه العملي التحرري الحضاري الواسع لشعبنا العزيز، هذه مسألة مهمة جدًّا.
في المقابل قد يحصل من البعض، من بعض الفئات الأخرى المناوئة لتوجه شعبنا، التي لا تريد لشعبنا أن يكون شعباً حراً، عزيزاً، كريماً، مستقلاً، متخلِّصاً من هيمنة أعدائه، هناك من يعارض هذا التوجه، هناك من يريد لشعبنا أن يكون شعباً مستذلاً، مقهوراً، خانعاً لأعدائه، مستسلماً لأعدائه، وخاضعاً لهم بشكلٍ تام، ومطيعاً لهم، ومستسلماً لإرادتهم، بل وهناك من يريد لشعبنا أن يكون في صف أعدائه ضد نفسه، أن يكون مع أعدائه، فيقف في صفهم، ويقاتل معهم كل من ينادي بحرية شعبنا بشكلٍ صحيح، بكرامة شعبنا على نحوٍ جادٍ وصادق، تلك الفئات التي تناوئ التوجه الصحيح لشعبنا العزيز، هي تسعى في حملاتها التضليلية، والدعائية، والإعلامية، حتى البعض منها في إطار نشاط قد يحمل في اسمه وعنوانه النشاط التعليمي، ولكنه في حقيقته: إمَّا تجهيل، وإمَّا تضليل، وكله يقود إلى التدجين، إلى الجمود، إلى الاستسلام، إلى إخماد الروح الحية الإيمانية المباركة المتحررة لشعبنا العزيز؛ ولذلك يجب أن يكون الجميع في حالةٍ من اليقظة، والحذر، والانتباه، تجاه أي نشاط تضليلي، أو تجهيلي، يناوئ التوجه الصحيح لشعبنا العزيز، وهناك- كما قلنا- مسؤولية على الجميع.
في البداية، الذي نأمله من كل الإخوة المثقَّفين، من كل الإخوة المعلِّمين، المستنيرين، المستبصرين، الذين ينطلقون في إطار هذا التوجه المبارك والعظيم لشعبنا العزيز، والعلماء، والمتعلمين، أن يساهموا في إحياء هذه الدورات، في العناية بها، في الإسهام فيها، في الاهتمام بها، هذا شيءٌ مهم، وجزءٌ من مسؤولياتهم، كلٌّ بالمقدار الذي يمكنه، من يشجع، من يشارك في العملية التعليمية، من يساند…إلخ. هذه مسألة مهمة جدًّا.
أيضاً بالنسبة للإخوة القائمين على هذه الدورات، نأمل منهم أن يعوا أهميتها، وأن يؤدوا مسؤوليتهم في القيام بها على أكمل وجه، وبكل جدية، وأن يسعوا فيها إلى أن يكون أداؤهم الأداء المطلوب؛ حتى تكون ثمرتها الثمرة الطيبة، ونتائجها النتائج الإيجابية المثمرة بإذن الله ” سبحانه وتعالى”.
نأمل أيضاً من الجهات الرسمية على المستوى المركزي، في وزارات الدولة ومؤسساتها، والمحافظات، والمديريات، أن تقوم بدورها القوي والفاعل، في المتابعة، في الدعم، في تفقد سير العمل، في مساندة هذا العمل والعناية به.
نأمل من جانب المجتمع، الإخوة الآباء، أن يحرصوا على الدفع بأبنائهم للاستفادة من هذه الدورات، والمشاركة في هذه الدورات، هذه مسألة مهمة، هم بحاجة إلى ذلك، هم بحاجة، هذا النشء المبارك، الذي ينشأ في هذه الظروف، في هذه المرحلة الحساسة، في هذا الظرف الكبير، الذي تواجه فيه أمتنا بشكلٍ عام تحديات كبيرة، يحتاج إلى العلم، والوعي، والبصيرة، والنور، والهدى، والفهم الصحيح، والحكمة، والرؤية الصحيحة، هذا من أهم وأعظم وأقدس وأسمى ما تخدم فيه ابنك، ما تقدمه لابنك، ما تفيد به ابنك، أهم حتى من الطعام والشراب، أهميته أهمية كبيرة جدًّا، فيه نجاته، في فلاحه، في صلاحه، فيه فوزه، أنت تؤهله ليقوم بدوره العظيم في هذه الحياة، فنأمل الاهتمام بهذا الجانب إن شاء الله.
فإذا تكاملت هذه الجهود، من جانب الآباء، من جانب الجهات الرسمية، من جانب المعلمين، والعلماء، والمثقفين، وأيضاً من جانب الجهات الإعلامية، أن تؤدي دورها المساند لهذا النشاط التعليمي كما ينبغي؛ سيكون لذلك- إن شاء الله- الأثر الطيب، والنتيجة المباركة، الله هو الذي يعطي البركة، الله هو مصدر النور، مصدر الهداية “سبحانه وتعالى”، هو الذي نرجوه أن يوفِّقنا جميعاً، وأن ينور بصائرنا، وأن يهدينا بهديه إنه سميع الدعاء.
نأمل من الجميع أن يتفاعلوا مع هذه الدورات

السيد القائد/عبدالملك بدر الدين الحوثي

قد يعجبك ايضا