أبرزت شيرين أبو عاقلة مظلومية فلسطين بين ثنايا تقاريرها التلفزيونية إلى العالم ولذا قتلتها " إسرائيل"
“أيقونة الصحافة الفلسطينية ” تغيب عن فلسطين وأحداثها.. والاعتداءات الصهيونية تطال جنازتها
50 إعلاميا فلسطينياً و281 إعلامياً يمنياً قتلوا وجرحوا بأيدي المعسكر الأمريكي الصهيوني وحلفائهم في المنطقة والقائمة لا تزال مفتوِحة
اتحاد الإعلاميين اليمنيين : التحالف الأمريكي الصهيوني مسؤول عن مئات الجرائم ضد الإعلاميين في فلسطين واليمن ودول أخرى
تقرير / ابراهيم الوادعي
على شاشات التلفزة شاهد العالم يوم أمس الجمعة عنجهية العدو الإسرائيلي وقواته تقتحم المستشفى الفرنسي وترفع أسلحتها وتطلق قنابل الصوت داخل المستشفى الذي يعج بالمرضى، وتنهال بالضرب على المشيعين وهم يحملون جثمان الصحفية المقدسية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وتطلق القنابل الصوتية وتعتدي بالضرب على المشيعين حتى كاد الجثمان يسقط على الأرض قبل أن تسمح بذهاب الجثمان وحيدا حتى من دون مرافقة أخيها أنطون عاقلة إلى كنيسة الروم الكاثوليك، قبيل مواراتها الثرى في مقبرة جبل صهيون في القدس القديمة ، وعلقَّ النائب البريطاني ديفيد بيلي بأن الاعتداء على النعش لا يمكن تبريره أو الدفاع عنه.
اغتيلت أيقونة الصحافة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في مخيم جنين وهي تمارس عملها السامي في نقل الحقيقة إلى العالم صبيحة الأربعاء برصاصة متفجرة لا يملكها سوى الجيش الإسرائيلي، أطلقت مباشرة على رأسها، واستمر الاستهداف في محاولة لمنع إسعافها، كما وضحت ذلك مقاطع الفيديو وآثار، اطلاق النار في المكان.
حاول الكيان القاتل إزاحة الجريمة عن نفسه بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية ومحاولة إلصاقها بالطرف الفلسطيني المقاوم، لكن التعاطي الدولي وكلمة الأرض فضحت القتلة الصهيونيين ورعاتهم الأمريكيين فبدأت تصريحاتهم تتحول إلى الاعتراف بالجريمة والبحث عن مبررات أخرى.
لـ 25 سنة ارتبط اسم الصحفية الفلسطينية بنت القدس والعاملة في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة بفلسطين من خلال تقاريرها التي نقلت الحقيقة وصور الأحداث العصيبة، بما في ذلك أحداث الانتفاضة وحربين شنهما العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني حتى بات اسمها مرتبطاً بفلسطين، وأصبح يزعج الكيان الصهيوني، وكذلك حضورها ظل يقلقه ويكشف عورات جنوده وضعفه وهشاشته ، فعمد إلى قتلها .
في مقابلاتها الصحفية، تؤكد الصحفية الفلسطينية أنها انطلقت في عملها من أرضية قضيتها الفلسطينية، حيث لم يغادرها الحق الفلسطيني ، ووصفت أسعد لحظاتها بإخلاء مستوطنات صهيونية لكونها أرض فلسطينية تحررت بعد مقاومة طويلة .
شيرين أبو عاقلة رأت في الإعلام منصة للقضية الفلسطينية ، فلا وجود للإعلام المحايد بنظر شيرين وإنما إعلام ينقل الحقيقة وآخر يزورها .
شيرين أبو عاقلة كانت تذهب إلى باب العامود حاملة هما أكبر من مسؤولية عملها الصحفي، إنه هم حرية القدس التي يخنقها الاحتلال ويمنع وصول الفلسطينيين إليها ويريد إفراغها من سكانها ومن الوجود الفلسطيني، وهي – عن ذلك – تخبر صحفيا آخر في معرض حديث مقتضب مسجل .
قتل شيرين أبو عاقلة بيد الكيان الصهيوني جريمة على رأس قائمة طويلة من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ليس أولها قتل الطفل محمد الدرة كحدث ترسخ في ذاكرة العالم ، وإنما هي قائمة طويلة تمتد منذ لحظة تأسيس الكيان والمذابح التي نفذها في فلسطين منذ أربعينيات القرن الماضي ، ولن يكون آخرها قتل الصحفية المقدسية أبو عاقلة .
مقتل أبو عاقلة يعيد التذكير بجرائم العدو الصهيوني بحق الإعلاميين والصحفيين الفلسطينيين ، حتى من عاش منهم في المهجر كالإعلامي الكاريكاتوري ناجي العلي الذي لاحقه الكيان إلى لندن حيث قتله هناك .
وبالنظر من زاوية أوسع، فالقتل بدم بارد للصحفيين والإعلاميين بدم بارد رغم القوانين والاتفاقيات الدولية التي تحميهم مرتبط بشكل أساسي بمعسكر الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما في المنطقة .. ذلك ما أشار إليه اتحاد الإعلاميين اليمنيين وهو ينظم وقفة أمام السفارة الفلسطينية في العاصمة اليمنية صنعاء، أن ذلك ارتبط بشكل أساسي بالولايات المتحدة و “إسرائيل ” وتحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن بمشاركة ورعاية ودعم أمريكي وإسرائيلي .
اتحاد الإعلاميين اليمنيين ذكَّر العالم بمقتل وجرح 281 صحفيا وإعلاميا في اليمن على مدى سبع سنوات من العدوان والحصار الذي أزهق حياة مئات الآلاف من اليمنيين وأضر بحياة الملايين منهم ، وكيف رمى التحالف الأمريكي السعودي باتفاقيات جنيف التي تحمي الصحفيين وحرية التعبير وراء ظهره في ظل صمت العالم على كل تلك الجرائم .
على مدى سبع سنوات فرضت أمريكا وحلفاؤها حصارا مطبقا على خروج الحقيقة من اليمن ، ليتسنى لها ارتكاب الآلاف من جرائم الحرب التي صدمت العالم على قلة ما وصل منها إلى الرأي العام الدولي نتيجة الحصار الذي بلغ الفضاء بإنزال القنوات اليمنية عن الأقمار الاصطناعية، واستهداف وسائل الإعلام اليمنية الوطنية بالغارات الجوية وقتل طواقمها حيثما تسنى لها ذلك ، ناهيك عن ممارسة التضليل الممول بشكل كبير .
جريمة اغتيال أبو عاقلة في فلسطين هو نموذج صارخ عما يحدث في اليمن وفلسطين من جرائم مركبة وممنهجة ضد الصحافيين والإعلاميين يتجاهلها العالم خوفا من أمريكا أو طمعا في أموال حلفائها .
بالأمس عاد الكيان الصهيوني إلى اقتحام مخيم جنين ليدمر بيوتاً فلسطينية ويجرح عددا من المواطنين الفلسطينيين، ولم تكن هناك أبو عاقلة لتوضح الصورة – كما قالت في آخر رسائلها إلى قناة الجزيرة التي تعمل فيها – بل كانت هي الحدث وهي من تتعرض للاعتداء والعالم أجمعه يشاهد الصورة و لا يحرك ساكنا.
وبين المشهدين حقيقة ماثلة في أن الأمل للشعب الفلسطيني هو سواعد أبطاله المقاومين الذين سينتزعون الحرية له ويمنعون الجرائم الصهيونية بحقه وصولا إلى لحظة استرداد الأرض بمساعدة محور مقاومة شريف يمتد ويكبر كل يوم .
والحقيقة الثانية أن الرهان على الاتفاقيات الدولية لحماية الحقيقة وحرية التعبير هو محض وهم في ظل الأحادية الأمريكية، وفي مواجهة نزعة الشر اليهودية ، فإن ذلك يتطلب تحركا دوليا من الدول الحرة والشريفة لفرض احترام الاتفاقيات العادلة والمشرفة لكل البشرية .
أمس الجمعة تعرضت سيارات الإسعاف في مخيم جنين لوابل من رصاص صهيوني ما يدل على أن هذا العدو لا يأبه لكل ما يدور حوله من استنكار عقب جريمة اغتيال الصحفية المقدسية شيرين أبو عاقلة ، بل يؤكد أنه اغتالها عمداً وأنه ماض في إزاحة كل ما يقلقه ويكشف عورته ويفضح جرائمه في فلسطين والمنطقة.
الكاتب فايز السعيد الذي قتلته السعودية – حليفة أمريكا وإسرائيل – وصولا إلى قتل مواطنها الصحفي جمال خاشقجي والنشطاء الذين اغتالتهم الإمارات وتحتجزهم في سجونها، دليل كاف على وجوب تحرك العالم الحر البعيد عن فلك أمريكا لفرض احترام الاتفاقيات الدولية التي تحمي الصحفي والإعلامي في زمن الحرب، وتحمي حق الإنسانية في الوصول إلى الحقيقة ، والوقوف دقيقة حداد من قبل الأمم المتحدة على روح الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة لن يحمي الصحفيين بقدر ما يؤكد عجز الهيئة الدولية عن فرض احترام القوانين الدولية التي وجدت لرعايتها ، بل هو موقف العاجز والمتواطئ في عدد من المحطات التي وسم فيها موقف الأمم المتحدة على مدى سبع سنوات في اليمن .