تداعيات الانهيار الاقتصادي الكارثي في اليمن أشد هولاً من الحرب العسكرية

دعوات لتحييد الاقتصاد اليمني عن الحرب والوصول إلى صيغة توافقية لتوحيد السياسة النقدية والمالية

 

 

القطاع الخاص يطالب بالتوقف عن استخدام الجانب الاقتصادي كورقة ضغط باستهداف المنشآت والمرافق الاقتصادية العامة والخاصة

أكد خبراء ومهتمون بالشأن الاقتصادي في اليمن أن تداعيات الانهيار الاقتصادي الكارثي والمتسارع في اليمن، بات أشد هولاً من الحرب العسكرية نفسها المستمرة منذ قرابة ثمانية أعوام، وهو ما يستدعي الوقوف العاجل من قبل المجتمع الدولي لتفادي ذلك، وإبراز هذا الملف إلى الواجهة كأحد أهم المسؤوليات الملحة للتعامل معها.

الثورة / أحمد المالكي

تنامي المحفزات
وأشاروا إلى أنه ومع الانقسام القائم في السياسة النقدية والمالية منذ قرار نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن في 2016م، والتفاوت الكبير في هذا المأزق المترافق مع الشلل والانكماش الاقتصادي وازدهار اقتصاد الحرب، على حساب الاقتصاد الحقيقي، وازدواجية السلطات الجمركية والضريبية، وما يتحمله المواطن من أسعار مضاعفة ومهولة مع التضخم الكبير والمتصاعد، يؤدي بالضرورة إلى تنامي المحفزات لمزيد من الاضطرابات الاجتماعية، والتي تعقد فرص أي حل سياسي.
خطورة
وقالوا : إن كل التقارير الأممية تحذر من خطورة الوضع الاقتصادي وما يمكن أن يؤدي إليه استمرار انخفاض قيمة الريال اليمني وارتفاع الأسعار في تفاقم حالة الجوع في اليمن التي يواجه فيها نحو 16.2 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي، لافتين إلى أن الملف الاقتصادي في جولات الوساطات والنقاشات الأممية والدولية غائب تماما عن المشهد.
إنذار أخير
وأكد المهتمون والخبراء أن الواجب يقتضي دق جرس إنذار أخير أمام كل من يهمهم أمر اليمن، كون مخاطر انتشار الجوع والمجاعة أشد كارثية من رصاص ونيران الحرب، وانفلات الوضع ينذر بمخاطر لا يمكن التنبؤ بما ستمضي إليه.
ضرورة
ودعا المهتمون والخبراء إلى ضرورة إطلاق مبادرة لإنقاذ الاقتصاد ووضع المواطن اليمني المعيشي قبل أي حديث عن وقف الحرب، وذلك يبدأ من قيادة الجهود الأممية والدولية وتركيزها على الملف الاقتصادي والوصول إلى صيغة توافقية عاجلة لتوحيد السياسة النقدية والمالية وتحييد الاقتصاد تماما عن الحرب، وأي طرف يرفض ذلك فهو عدو للشعب اليمني.
وأوضحوا انه لم يعد هناك متسع أو رفاهية في الوقت للقيام بهذه الخطوة، فكل يوم يمضي دون إيجاد حلول عاجلة لإنقاذ الاقتصاد اليمني وكبح جماح تدهور سعر صرف العملة الوطنية، فإنها تنذر بكوارث وخيمة والدخول إلى مستنقع حرب أهلية وحاضن للإرهاب والتطرف، ما يؤثر على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
مشتركات
وأشار الخبراء والمهتمون إلى أن هناك كثيراً من المشتركات التي يمكن طرحها في إيجاد مبادرة عاجلة لإنقاذ الاقتصاد اليمني يتوافق عليها جميع الأطراف، على أن يضم رجال الأعمال والقطاع الخاص واتحادات الغرف التجارية أصواتهم للمطالبة الفورية بالاتجاه نحو حل الملف الاقتصادي بشكل سريع.
تحييد الاقتصاد
ومن جانبها نظمت الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة، ندوة حول أهمية تحييد الاقتصاد الوطني ودور القطاع الخاص في استمرار النشاط الاقتصادي.
تناولت بمشاركة عدد من رجال الأعمال وخبراء اقتصاد وباحثين ومهتمين بالشأن الاقتصادي اليمني وتطوراته من المنظمات المحلية، مبادرة القطاع الخاص، لاستمرار الأنشطة الاقتصادية وتعزيز سبل المعيشة.
وفي افتتاح الندوة، أكد المشاركون أهمية تحييد الاقتصاد الوطني.. لافتين إلى الجهود الحكومية والدعوات الرسمية المتكررة ومبادرات المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني لتحييد الاقتصاد.
انفتاح
مؤكدين انفتاح الحكومة على المبادرات الداعية لتحييد الاقتصاد ومنها مبادرة الغرفة التجارية المطالبة بالتوقف عن استخدام الجانب الاقتصادي كورقة ضغط باستهداف المنشآت والمرافق الاقتصادية العامة والخاصة وتشديد الحصار الاقتصادي على اليمن.
إعلان صريح
وأشار رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالأمانة حسن الكبوس إلى مبادرات الغرفة ورجال الاقتصاد والخبراء والأكاديميين منذ العام 2015م.
والتي حملت إعلاناً صريحاً مفاده أن الاقتصاد اليمني بكل أنشطته عرضة للانهيار مالم تتوقف الحرب وأكد أن اقتصادنا الوطني ورأس مال القطاع الخاص ونشاطه ومقدرات الشعب اليمني وبنيته التحتية خلال سبع سنوات من العدوان تعرضت للانهيار وما تبقى ربما لا يزيد عن 25% مما كان قبل سنوات”.
وأشار إلى أن الغرفة التجارية الصناعية بالأمانة بالتعاون والشراكة مع المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات قدمت في 20 يوليو 2018م مبادرة جديدة، تضمن استمرار الأنشطة الاقتصادية وتعزيز سبل المعيشة.
وأوضح أن مبادرة التسوية الاقتصادية لاستمرار النشاط الاقتصادي وتعزيز سبل المعيشة تعتمد على معطيات واقعية تحدد أنه إذا لم تحدث إنفراجة أو سلام في اليمن فإنه على الأقل يجب الالتفات للنشاط الاقتصادي باليمن وإبعاده عن الصراع.
ودعا الكبوس الجميع إلى المشاركة في دراسة المبادرة وإثرائها بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه من النشاط الاقتصادي الذي هو ملك وحق لنحو 30 مليون إنسان ومستقبل أبنائهم.
داعياً الأمم المتحدة ومنظماتها والمبعوث الأممي وكافة المنظمات إلى دعم المبادرة وتشجيع كافة الأطراف على القبول بها وتنفيذها لما من شأنه خير ومصلحة الشعب اليمني.
من جهته استعرض رئيس المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات الدكتور يحيى المتوكل مراحل تقديم مبادرات تحييد الاقتصاد الوطني وأهميتها في حماية الشعب وتخفيف معاناته.. لافتا إلى أن الاقتصاد الوطني يعيش مرحلة صعبة حالياً بعد مضي قرابة سبع سنوات من الحرب سببت دماراً يقدر بمئات المليارات من الدولارات.
وشدد على ضرورة البحث عن صيغ وحلول تجنب الاقتصاد الوطني المزيد من التدمير الذي يتعرض له .. مؤكدا أن التعاون بين القطاع الخاص ممثلاً بالغرفة التجارية بالأمانة والمرصد الاقتصادي يأتي للخروج برؤى ودراسات ومقترحات لجميع الأطراف وتوضيح ما لحق بالاقتصاد الوطني عموماً من دمار وكذا الأضرار بأنشطة القطاع الخاص.

قد يعجبك ايضا