عظمة المولد النبوي من عظمة صاحبه

د / هشام محمد الجنيد

 

إن عظمة المولد النبوي الشريف هي من عظمة صاحبه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وآله ، وتجليات عظمته كثيرة : عظمته في القرآن الكريم ، اختاره الله سبحانه وتعالى من بين خلقه ، أرسله إلى العالمين بكلمة الحق ، لا يقبل الله منّا طاعتنا له بدون طاعتنا لرسوله . قال الله تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) «النساء : من الآية 80» . ومن أقوال ولي الله أحمد بن علوان رضوان الله عليه : «لا ينظر الله إليك حتى يكون الرسول بين يديك ، فهو الباب الأعظم الذي منه يكون الوصول إليه» .
رسول الله عليه وآله أفضل الصلاة والسلام أعظم شجاع وأعظم قائد في تاريخ البشرية وأكمل وأرقى إنسان منذ آدم وحتى نهاية البشرية ، أنشأ دولة إسلامية عادلة قوية في الجزيرة العربية في ظروف الحروب، وشنت فتن مستعرة ومستمرة ضده ومن آمنوا معه طيلة فترة 23 سنة من قبل الكفار والمشركين واليهود والنصارى للقضاء على الإسلام ، وبعبقريته الاستثنائية ودهائه المطلق في الإدارة والسياسة، بنى أقوى نظام وجيش إسلامي في فترة حياته ، وكان العالم كله يهابه، ومثل هذا النظام نواة لبناء نظام الحكومة الإلهية التي ستسود بمبادئها الإسلامية العادلة المجتمع الدولي لتنظيم أمر الناس في الأرض كاملة على أساسها . قال الله تعالى (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) «الصف : من الآية 8» .
مناسبة الاحتفاء بمولد خير خلق الله عليه وآله أفضل الصلاة والسلام هي مناسبة للإخاء والمحبة والتعاون والسلام والوحدة ، هي مناسبة دينية مستمرة ومحافظ عليها من أجدادنا الأوس والخزرج وحتى وقتنا وستظل حتى قيام الساعة ، هذه المناسبة نابعة من عقيدتنا الإيمانية .. وبفضل المولد النبوي العزيز أخرج رسول الله صلوات الله عليه وآله الناس من الظلمات إلى النور ، بفضل مولد الهدى أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن للناس وفيه أساسيات التشريع لتنظيم حياتهم في مختلف المجالات ، فيه أساسيات العلم ومختلف العلوم ، وفي المقابل ليحررهم من الأنظمة الاستبدادية الدكتاتورية الظالمة القهرية بمختلف مسمياتها، وعن طريق هداية وسلطة أولي الأمر الصادقين، من عترة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وآله .
لقد كانت ولاتزال لليهود أدوار عدائية أساسية ومستمرة منذ قبل ولادة الرسول الأعظم وهي مستمرة حتى أنشأت وأخرجت الوهابية والأنظمة الاشتراكية والرأسمالية ومختلف المنظمات الدولية والإقليمية ومختلف الوسائل الإعلامية والثقافية لإخفاء أهمية هذه المناسبة التي تربطنا بالرسول ورسالته (الإسلام الناصع الصحيح) لإخفاء مسار قرآن الإسلام وطريق الاستقامة الدينية في تنظيم أمر الناس بشتى المجالات .
ولكن اليهود والمنافقين عجزوا بسياساتهم التضليلية عن نزع حبنا نحن اليمنيين الأحرار المتميزين بهذه المكانة العظيمة بملازمة الاحتفالات وإقامة الموالد حتى في غير اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله في مختلف القرى والمدن اليمنية للتبرك بعظمة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وإجلالا لمكانته العظيمة في نفوسنا .. وإخلاصاً لرسول الله صلوات الله عليه وآله في الاحتفاء بمولده العزيز طواعية ،وإيماناً صادقاً كونه في قلوبنا ومشاعرنا ، فهيهات أن نبتعد عن رسول الله صلوات الله عليه وآله .. فإحياء المناسبة الدينية للمولد النبوي بقيت راسخة في روحيتنا وتشدنا إلى الاقتداء باستقامته وأخلاقه ومنهجه عموما .
وأهم عمل ثوري أدى إلى تصويب مجرى النظام السياسي للبلاد من نظام خائن متخل عن مسؤولياته تجاه الدين والمجتمع نظام قائم على أساس رأسمالي وولايته للشيطان ولا يتقاطع مع الفطرة الإنسانية إلى نظام سياسي إسلامي إلى نظام مستقل يجاهد في سبيل الله، هذا التحول هو من ثمار الاقتداء بالنظام السياسي لقائد الدولة الإسلامية رسول الله صلوات الله عليه وآله القائم على أساس الولاية لله .
ومنذ أن أصبح أمرنا تحت ولاية أمة تهدي إلى الحق وتسير على ذات الخط المحمدي، زال الخوف والخطر منا وتعمقت جذور الثقة بالنصر في روحيتنا.. وتجدد الأمل للخلاص من الأنظمة الظالمة المستكبرة في الأرض، للخلاص من سيطرة أئمة الفتن والكفر والشرك وأئمة الفساد الأخلاقي ورعاة الدعارة والفسق ، لتحرير المسجد الحرام والمسجد النبوي وسيأتي اليوم الذي نحتفل بإحياء المولد النبوي بإذن الله الواحد القهار في المسجد النبوي في المدينة المنورة، لتحتفل شعوب العالم الإسلامي وعلى المستوى الرسمي بمولده العزيز، وشيئا فشيئا بمعرفة الحقيقة المحمدية سيحتفل بمولده كافة الناس في العالم، فهو رسول الله إلى العالمين .
إن من بركات الاحتفال بالمولد النبوي في السنوات السابقة أن تحققت بعد كل احتفال انتصارات إلهية عظيمة في مختلف الجبهات .. وفي هذه السنة تحققت انتصارات عظيمة قبل المولد النبوي الذي صادف يوم الاثنين يوم ولادة المصطفى صلوات الله عليه وآله، فكيف ستكون عظمة الانتصارات الإلهية بعد المولد النبوي الشريف – بإذن الله – يومنا هذا ؟ لا شك أنها ستضاعف من إرباك معنويات الأعداء في الخارج والداخل ، ستزداد في نفسيتهم حالات اليأس والتخبط والذل والهزائم المعنوية والميدانية وستصل بهم إلى الهزائم النهائية ، لابد أنها ستذهل العالم وستتحرر مساحات كبيرة جدا وفي وقت سريع بإذن الله ، انتصارات ستقود إلى تحرير كل جغرافية اليمن التاريخي ، بحيث لن يبقى شبر واحد محتل كان ينتمي أو يسمى ضمن أرض اليمن على مر التاريخ .
هذه الانتصارات التي أحرزها إخواننا المجاهدون الأبطال إنما تحققت بفعل وقوع أمر الشعب تحت سلطة قيادة سياسية منظمة على أساس الولاية لله ، ذلك التحول الذي حصل في مجرى النظام السياسي كان نتيجة الاقتداء بالنظام السياسي لقائد الدولة الإسلامية رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقد جعلنا هذا الوضع السياسي مجتمعا قويا عزيزا منتصرا لا يخضع إلا لله الواحد القهار، كون القيادة الثورية لبلادنا امتداداً لقيادة الرسول الأعظم في التصدي لأعداء الله ورسوله ودفاعا عن الدين والإنسان والأرض .

قد يعجبك ايضا