يأتينا الموت من السعودية بأشكال عدة ، على جناح طائرة سعودية أو في ثنايا فتوى وهابية سعودية أو على شكل خبث ولؤم في طيات السياسة السعودية ، أو في هيئة مضاربة وتلاعب وتخريب متعمد للاقتصاد الوطني بعملة سعودية، وقد دأبت السعودية على تخريب اليمن بشتى الطرق والوسائل ، وقد كانت تمارس ذلك التخريب عبر إملاءاتها السياسية والاقتصادية السيئة والمضرة على النظام السابق التابع لها تبعية كاملة وعبر دعم مراكز القوى المتنفذة والنخب الفاسدة ، مروراً بالتدخل في أدق التفاصيل المحلية وليس انتهاء باللعب بورقة الإرهاب، أما الآن فقد أصبحت تلعب على المكشوف وتمارس هذا الدور التخريبي بطريقة سافرة فجة وبمنتهى الوقاحة ، وما لم تقم به هي مباشرة عبر احتلالها العسكري لجزء كبير من الأرض اليمنية في الجنوب والشرق ، توعز لحكومة الفنادق العميلة بتنفيذه لتتهرب من المسؤولية والحرج ، ومن لم يمت من قصفها الهمجي الذي لم يسلم منه البشر والشجر والحجر ، أو بواسطة حصارها الجائر لشمالنا الثائر ، قتلته بالفقر والعوز والجوع والإذلال في جنوبنا الغادر، عبر تلاعبها المتعمد بأخطر ورقة ممكن أن يتلاعب بها عدو وهي ورقة ضرب العملة الوطنية في الصميم وجعلها لا تساوي ما طبعت به من ورق وحبر .
نعم.. السعودية هي من تخرب الاقتصاد الوطني وتضرب العملة الوطنية اليمنية وبطريقة متعمدة ومع سبق الإصرار والترصد ، فبعد أن عجزت عن تركيع الشمال بالعدوان والقصف والحصار ، لجأت لهذه الطريقة البشعة التي تنم عن خسة بالغة ، تساعدها في ذلك مع الأسف أدواتها الدنيئة في اليمن ، وهي لمزيد من الدقة ليست جديدة على هذه اللعبة ، فقد مارست هذا التلاعب منذ وقت طويل ولكن الآن وبعد أن انعدمت لديها الحيلة وأعيتها الطرق والوسائل لم تجد سوى هذه الطريقة البالغة التأثير كعقاب جماعي للشعب اليمني عامة في الشمال والجنوب ، ولأن حكومة صنعاء قد اتخذت – منذ وقت مبكر ولا زالت – تدابير مالية خاصة ورشيدة لمواجهة هذا السلاح الخطير فإن شعبنا في الجنوب لم يجد أي حماية وهو يصطلي بهذه النار ويدفع ثمن هذا الانهيار من لقمة عيشه اليومية ، فهو ينام على سعر ويصحى على سعر آخر ، بينما يثرى كبار المرتزقة واللصوص وعملاء فنادق الرياض وتتضاعف ثرواتهم جراء هذه المعاناة ، فكل معاملاتهم ومرتباتهم بالريال السعودي أصلاً وليس بالعملة الوطنية .
وكل المعالجات الوهمية التي تتشدق بها حكومة الفنادق لمعالجة تدهور العملة، معالجات غير حقيقية وإنما هي تسوّقها للاستهلاك الإعلامي المحلي فقط، بدليل أنها لا تحل المشكلة ولا تخفف أو حتى تبطئ من الانهيار الدراماتيكي الذي مُني به الريال اليمني وما يزال ، وإنما تفاقم المشكلة أكثر وأكثر ، حتى أننا تعودنا أن نرى بعد كل (معالجة) مزعومة ارتفاعا جديدا لأسعار العملات الأخرى مقابل العملة الوطنية وانخفاضا مهولا في سعر صرف (الريال) اليمني ومن أين سيأتي تعافي العملة الوطنية وحكومة الفنادق ما زالت تطبع في كل أزمة أعدادا مهولة من العملة الوطنية لتسيير أمورها الآنية ولشراء الذمم ، مما يزيد في انهيارها ، حتى أنه يقال إن ما طُبع من العملة الوطنية خلال السنوات القليلة الماضية (منذ قرار نقل البنك المركزي المشؤوم إلى عدن) يزيد أضعافا مضاعفة عن كل ما طبع منها منذ قيام الدولة اليمنية المعاصرة بداية الستينات!!
وكيف سيتعزز سعر العملة الوطنية وروافد الاقتصاد العام من الناتج المحلي (النفط والأسماك) تذهب عوائدهما لدول العدوان، فعائدات صادرات النفط اليمني المصدر عبر ميناء الضبة مثلًا من العملات الصعبة كلها تورد إلى حساب في البنك الأهلي السعودي ، في حين تصدر الأسماك وهي الرافد الثاني الأساسي من الروافد الوطنية التي تسهم بعد النفط مباشرة في الناتج المحلي ، تصدّر إلى دول الجوار حيث تُغلف على أساس أنها من منتجات تلك الدول وليس منتجات يمنية وتصدر للاتحاد الأوربي وأمريكا اللاتينية وبالتالي تعود عائداتها من العملات الصعبة إلى تلك الدول وليس إلى مصدرها الحقيقي في اليمن لتساعد في تعزيز صرف العملة الوطنية ، وفي هذا مفارقة أخرى ، فدول العدوان لا تسرق فقط حقنا المادي في تلك الصادرات بل وحتى حقنا المعنوي!!
وقس على ذلك كل مصادر الدخل المحلي الأخرى، لقد كانت السعودية تدفع من أموالها ثمن شراء ولاء مرتزقتها في اليمن أما الآن فهي تستأجرهم مجاناً (بلاااش) أي تدفع لهم من هامش تدهور عملتهم وتلعب في الفائض، وهذا ينبئك إلى أي درجة من الخبث واللؤم والخسة والإجرام بلغته السياسة السعودية التخريبية في اليمن ، وأي رخص وسقوط وتحلل انحدر إليه مرتزقتها في اليمن.