الصين وإيران .. اتفاق الضرورة وتحالف المتضررين

 

سبأ /

“لقد بدأت بالقلق على ذلك منذ سنوات”، هذا ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن في معرض رده على سؤال حول إن كان قلقا من توقيع بكين وطهران اتفاقية الشراكة الشاملة أواخر مارس الماضي. إن الأمريكيين يدركون جيدا معاني ودلالات هذا الاتفاق؛ فهو ليس تفصيلا عابرا من تفاصيل العلاقات الإيرانية الصينية، بل نقطة تحول استراتيجي على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى مستوى الإقليم والعالم.
لقد ظلت الولايات المتحدة تخشى من اللحظة التي تلتقي فيها قوى أعدائها، تلك القوى التي ترى فيها خطرا على زعامتها في العالم، وتمتلك من القدرات ما يؤهلها لرفض الهيمنة الأمريكية ومواجهتها ومزاحمتها على النفوذ، وظل مفكروها الاستراتيجيون يحذرون من سيطرة قوة أو قوى متعددة على المساحة الجغرافية التي تشكل الفضاء الأوراسي الاستراتيجي، حيث التقاء القارات والحضارات، وخزانات الثروات المادية والبشرية، وممرات عبور الطاقة والتجارة المختلفة.
لقد سخَّرت الولايات المتحدة إمكاناتها وإمكانات حلفائها لتمنع ذلك الالتقاء، فأرست قواعدها بين تخوم تلك المنطقة، كما شنت حروبها لتنقل المعركة عند أبواب خصومها، وتحاربهم في مناطق نفوذهم وحيث تلتقي مصالحهم، مستخدمة في ذلك ذرائع مختلفة، كمحاربة الشيوعية في زمن الاتحاد السوفيتي، ومحاربة الإرهاب ومحور الشر في زمن التفرد الأمريكي، وظلت تفرض حصارها وعقوباتها على تلك القوى وعلى من يساندها، وتقود تحالفاتها لتطويق الخصوم.
لكن كل ذلك الآن يبدو أنه لم يعد يجدي نفعا، فها هي الولايات المتحدة لم تتمكن من التغلب على فيروس كورونا كما لم تتعاف من تبعاته الاقتصادية، وهي مشغولة بأزماتها الداخلية، ومحاولات استعادة ثقتها ومصداقيتها وهيبتها لدى أصدقائها قبل أعدائها.
وفي هذا السياق؛ يأتي توقيت هذه الاتفاقية التي ظلت محل نقاش مكثف قرابة الخمس سنوات، لتصل للمسودة النهائية التي تم التوقيع عليها، وفي انتظار المصادقة وفق الآليات الدستورية المعمول بها في كلا البلدين.
إن العلاقات الصينية الإيرانية ليست بالعلاقات الحديثة، بل هي ضاربة في جذور التاريخ بين حضارتين قديمتين، وتخلو الذاكرة الجماعية في كلا البلدين من العوالق السلبية كالصراعات أو الحروب أو الاحتلال أو الضم أو غيرها، وهو ما لعب دورا في بناء الثقة بينهما وتقوية العلاقات البينية، وإن كانت تتراوح عبر التاريخ بين الاتساع والتقلص.
فنجد أن البعد التجاري طغى على العلاقات منذ نشأتها أثناء فترة الحكم الإمبراطوري لبلاد فارس، بدخولها في شراكة تجارية مع الصين عبر المسار البري لطريق الحرير، الذي كانت تسلكه القوافل التجارية الصينية انطلاقا من الشمال الصيني مرورا ببلاد فارس ووصولا إلى الغرب الأوروبي.
وفي العصر الحديث، وقبل الثورة الإسلامية، لم تكن هناك أرضية مواتية لإقامة وتوسيع العلاقات بين طهران وبكين بسبب التوجهات السياسة الخارجية لكل دولة، حيث انعكست تأثيرات الثنائية القطبية في النظام الدولي على البنى والهياكل الإقليمية، وبالتالي على السياسات الخارجية للدول، ووقفت إيران، كحليف للغرب ضد الكتلة الشرقية وأعضائها، بما في ذلك الصين، ودخلت ضمن تحالف استراتيجي تحت راية الولايات المتحدة. وعلى مدى 22 عامًا (1949-1971م) لم تعترف إيران بجمهورية الصين الشعبية وحافظت على علاقاتها السياسية مع تايوان، ومع مطلع السبعينات ومع إقامة الولايات المتحدة لعلاقاتها مع الصين الشعبية، تبعتها حليفتها إيران في ذلك. وفي العام 1979م، حدثت الثورة الإسلامية وأسقطت نظام الشاه، وهو ما أثر بصورة كبيرة على العلاقات بين إيران والصين، خاصة أن العلاقة بين إيران والولايات المتحدة اتجهت بتسارع كبير نحو العداء. ومع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية أعلنت الصين الحياد، لكنها كانت تبيع الأسلحة للطرفين.
ارتسمت معالم مرحلة جديدة بين الصين وإيران، ودخلت مرحلة التعاون الاستراتيجي بحلول تسعينيات القرن العشرين مع تحول الصين من مصدر إلى مستورد للنفط عام 1993م على خلفية تطور الاقتصاد الصيني، ومن هنا جاءت أهمية النفط الإيراني للصين. ولعبت التحولات الدولية مطلع تسعينات القرن العشرين دورا في تعزيز العلاقات وامتدادها لتشمل الجوانب الاقتصادية والتجارية والعسكرية، بجانب العلاقات السياسية، لإدراكهما تبني واشنطن سياسة التطويق والحصار تجاه الدولتين، في وقت تنامت فيه حاجة الصين للنفط لزيادة إنتاجها. غير أن تنامي التعاون العسكري أجج الصراع الأمريكي الصيني في مضيق تايوان 1996م، الأمر الذي جعل المواجهات في المضيق بين الجانبين عرضة للانفجار، ولذلك قلصت الصين تعاونها العسكري مع إيران لانشغالها بعودة التهدئة إلى مضيق تايوان. وبنهاية عقد التسعينيات عادت العلاقات بشكل أقوى على خلفية إعطاء بكين سياسة الانفتاح عالميا الأولوية، لتسويق منتجاتها من ناحية، والحصول على النفط من ناحية أخرى، وإيران كانت من بين البدائل النفطية المهمة للصين.
وقد تعمقت العلاقات بانتهاج واشنطن سياسة العقوبات تجاه الدولتين، ورفضت الصين إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، ورفعت مستوى التبادل التجاري والاستثماري مع إيران، ورفضت الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وعودة العمل بالعقوبات ضدها العام 2018م، كما عارضت مساعي واشنطن فيما يتعلق بحظر تصدير السلاح، وهو الموقف الذي اتضح عندما رفضت مع روسيا دعوة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي إلى تمديد حظر تصدير الأسلحة إلى طهران الذي انتهى في أكتوبر من العام الفائت.
وفي اتساق مع هذا الخط البياني الصاعد، تأتي اتفاقية التعاون الشامل لتنقل العلاقات نقلة نوعية وكمية هائلة، فتضيف لذلك استثمارات تقدر بـ 450 مليار دولار، ولقد لبت هذه الاتفاقية حاجة مشتركة لكلا البلدين، وشكلت حلف ضرورة بين متضررين من السياسات الأمريكية والأوروبية ، ساهم في ذلك تاريخ عريق من الروابط بينهما، حيث لا تحمل الذاكرة الجمعية لكل منهما ملامح حروب أو احتلال أو عداوات تاريخية، كما تقدم.
فمن وجهة النظر الصينية؛ إيران يمكن أن تحقق لها مصالح استراتيجية متعددة، ويمكن أن تكون حليفا موثوقا أكثر من غيرها، خصوصا مع خلو سجلهما من الخصومات التاريخية، والتقائهما على قاعدة الرفض للهيمنة الأمريكية، والسعي لنظام عالمي متعدد الأقطاب، وهو ما تسبب لهما بعراقيل متعددة تضمنت اتهامات أمريكية أوروبية لهما بالقمع الداخلي، وتبني سياسات عدائية تجاه محيطهما الخارجي، واستخدام سلاح العقوبات بحقهما، إضافة لمحاولات التطويق المستمرة من قبلها بصورة مباشرة أو بالتعاون مع الحلفاء المجاورين لهما.
إن حركة العجلة الاقتصادية الصينية وضعتها تحت ضغوط ملحة لتحقيق الأمن الطاقي لها بما يغطي احتياجاتها المتزايدة، وذلك لا يكون إلا بتوفير كميات هائلة من الطاقة لا تستطيع تلبية معظمها من الإنتاج المحلي من الفحم والبترول والغاز، ولذا فهي تعمل على توفيرها عن طريق إيجاد بدائل أخرى كمعامل إنتاج الطاقة النووية، أو مصانع الطاقة النظيفة، وهذا في جميع الحالات غير كافٍ للاستمرار في وتيرتها الاقتصادية، ما يلزمها بتغطية العجز من الاستيراد من دول أخرى تمتلك فائضا منها، على غرار روسيا أو السعودية وسائر دول الخليج العربية، التي تزودها بكميات هائلة من البترول والغاز، لكنها تشعر بالقلق دائما من طموح الأولى، أي روسيا، التي يحفل سجلهما بأسباب الخلاف والصراع في الماضي. كما أن هاجس استجابة دول الخليج العربية لضغوط الحليف الأمريكي بقطع إمداداتها للصين في حال حدثت مواجهة ما مع واشنطن يؤرقها بشكل دائم، إضافة إلى أن ممرات التجارة والطاقة التي تعتمد عليها النهضة الصناعية الصينية لا تزال تحت رحمة الأمريكي وحلفائه.

ممرات بحرية وبرية آمنة
وضعت بكين استراتيجية حلول متنوعة لهذه المعضلة، تضمنت أمرين أساسيين:
الأول: إيجاد ممرات بحرية وبرية بديلة وآمنة للصين، وربطها بشبكة واسعة من السكك الحديدية والموانئ البحرية بعيدا عن مناطق السيطرة والنفوذ الأميركيين. وهو ما تعمل عليه بكين ضمن مشروع الحزام والطريق أو ما يعرف بمشروع طريق الحرير، وأنفقت فيه ولا تزال المليارات.
والثاني: توفير مزودين متنوعين للطاقة، خصوصا تلك الدول التي تشترك معها في الرفض للهيمنة الإمبريالية الأميركية، وتمتلك مخزونات هائلة من البترول والغاز.
وهنا يمكن فهم السبب الذي نقل بكين وطهران من مستوى العلاقات الثنائية العادية، إلى مستوى متقدم من الشراكة الاستراتيجية؛ حيث تمثل إيران الطرف الذي يمكن الاعتماد عليه في كلا الأمرين السابقين.
فإيران التي يحدها من الشرق باكستان وأفغانستان، ومن الشمال تركمانستان، ومن الجنوب الغربي الخليج العربي وخليج عمان، ومن الغرب العراق وأذربيجان وأرمينيا وتركيا وبحر قزوين، ذات بعد محوري في مشروع طريق الحرير الصيني؛ وتعد ممرا أساسيا لنقل السلع الصينية إلى دول وسط آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، ونقل المواد الخام في المقابل إلى الصين، وذلك بحكم وقوعها في الجنوب الغربي من قارة آسيا، وإشرافها على مياه الخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي وبحر قزوين، ما جعلها تمثل حلقة الوصل بين الشرق والغرب، وممرا طبيعيا للتجارة العالمية، وتشكل جسرا يربط وسط آسيا ومشرقها من جهة، وغرب آسيا وشرق البحر المتوسط من جهة أخرى. ولذا يمكن للصين أن تجد لها موطئ قدم في منطقة الشرق الأوسط الحيوية، بكل ما تحتويه من سلع وثروات طبيعية وأسواق واسعة وممرات ملاحة دولية تعبر من خلالها ناقلات النفط للصين، كما يتيح الموقع الإيراني للصين التواجد في المنطقة لمزاحمة الدور الأمريكي، فضلا عن كونه يتيح لها توسيع نِطاق نفوذها الجغرافي الاستراتيجي إلى أبعد من جوارها المباشر في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

الحاجة للنفط والحاجة للمال
من زاوية أخرى؛ إيران تمتلك مخزونا هائلا من النفط والغاز، بما يكفل توفير احتياجات الصين من الطاقة لعقود، وهي بلد منهك اقتصاديا جراء حصار مشدَّد ومستمر لسنوات طويلة، ومتعطشة للتدفق النقدي الذي سيساعد في إنعاش اقتصادها وتحريك عجلته بصورة متسارعة، الأمر الذي دفع طهران لمنح بكين، المتخمة بمخزونها النقدي، امتيازات استثنائية وأسعار تفضيلية على وارداتها من الطاقة، وهو الأمر الذي لن تجده لدى الموردين الآخرين، ولذا فالصين حتى في عز العقوبات على إيران لم توقف صادراتها منها، وإن شهدت السوق الرسمية بينهما انخفاضا ملحوظا، إلا أنها ظلت الشريك الاقتصادي الأول للدولة الإيرانية، وظلت التدفقات التجارية غير الرسمية مستمرة من خلال الوسطاء.
وفيما يتعلق بالرؤية الإيرانية للاتفاقية؛ فعلى الرغم من السجال المتواصل حولها في الداخل الإيراني، والمخاوف من الاتفاقيات طويلة الأجل التي ترسخت في الذاكرة التاريخية الإيرانية والتي تسببت بها معاهدتا “كلستاي” و”تركمانجاي” المذلتان، واللتان تنازلت بموجبهما إيران القاجارية آنذاك عن مناطق جغرافية شاسعة منها لروسيا القيصرية في القرن التاسع عشر، وسياسة (لا شرق ولا غرب) التي تميزت بها إيران في أعقاب الثورة الإسلامية، والقلق من استغلال الصين لحاجة إيران في تعزيز اقتصادها لكسب امتيازات وربط إيران بالاقتصاد الصيني بما قد يجعل من طهران تابعة لبكين ويفقدها استقلالها الذي تعتز به، إلا أنه يمكن القول إن موضوع التصديق عليها بات محسوما بعد الحديث عن أن الاتفاقية وقعت بعد ضوء أخضر من المرشد خامنئي، وبعد تطمينات بأن هذه الاتفاقية ليست أكثر من خارطة طريق للعلاقات بين البلدين للخمسة وعشرين عاما المقبلة، وبموجبها ستعقد اتفاقيات متعددة كل منها سيتم التوقيع عليها والمصادقة بمعزل عن الأخرى، ما يضمن أن أي واحدة منها لن تمر دون تدقيق وغربلة تزيح أي اعتراضات. كما أن الحكومة الإيرانية تسعى جاهدة أيضا للتنويع بين المستثمرين المحتملين في اقتصادها، وترحب بعقد شراكات متعددة من دول أخرى بخلاف الصين يمكن أن تمثل عامل توازن للنفوذ الصيني في إيران، على غرار روسيا أو الهند، وحتى الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

إفراغ العقوبات الأمريكية من مضمونها
إن هذه الاتفاقية إلى جانب كونها تضعف بل تفرغ العقوبات الأمريكية على إيران من مضمونها، فهي تمنحها استثمارات بالمليارات، في مشاريع البنى التحتية المتعلقة بمجالات الطاقة المختلفة، والطرق السريعة والسكك الحديدية والموانئ البحرية، والتعاون المصرفي رفيع المستوى، مع التركيز على استخدام العملات الوطنية، ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والجريمة المنظمة، والسياحة والعلوم الأكاديمية والتكنولوجيا والفضاء، وقطاع الاتصالات، كما تتضمن تزويد طهران بالتقنيات العسكرية الصينية، وترفع منسوب التنسيق الأمني والاستخباراتي والعسكري والدبلوماسي، الأمر الذي يجعل من إيران حجر الزاوية الإقليمي في مشروع الحزام والطريق والذي انضمت إليها دول المنطقة، وهو ما سيعزز من الطلب على النفط الإيراني على طول الدول الواقعة في نطاق المشروع.
ومن ناحية أخرى يشكل موقع الصين أهمية استراتيجية لإيران بوقوعها في الجزء الشرقي من قارة آسيا، وبمساحتها المترامية الأطراف، وبحدودها مع 21 دولة برا وبحرا، تحظى الصين بمركز الثقل في محيطها، كما تتحكم بمضيق تايوان الذي يربط بحري الصين الشرقي بالجنوبي، والذي تمر منه السلع الاستراتيجية وسفن التجارة من وإلى كوريا الجنوبية واليابان، الحليفتين للولايات المتحدة، ومن ثم تمتلك الصين أوراق ضغط دولية بموقعها الجغرافي، يمكن أن تستفيد منها إيران.
إذن إقرار هذه الاتفاقية والمضي فيها قدما هو مصلحة استراتيجية لكلا البلدين، لا يمكن النظر في إمكانية التخلي عنها نتيجة لضغوط أطراف أخرى ليس لها مصلحة في المضي قدما بتنفيذها؛ فمع هذه الاتفاقية تترسخ مكانة إيران كقوة إقليمية محورية في المنطقة، وتتحرر من ضغوط وأعباء العقوبات المفروضة عليها، ما يرسخ الاستقرار السياسي والاجتماعي في الداخل الإيراني الذي يشهد قلاقل بين حين وآخر نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية، كما تجبر الدول المعادية على إعادة النظر في علاقاتها مع طهران وتبديل سياساتها القائمة على ممارسة الضغوط والتهديدات لأخرى أكثر موضوعية وبراجماتية، وهو ما أصبحنا نشاهده ونسمعه هذه الأيام في الخطاب السياسي الموجه لإيران من قبل تلك الدول.

مواجهة أمريكا علناً
كما باتت الصين تجهر بصوت عال ضد العقوبات على إيران، وتتحدى بالتصدي لأي محاولات لمنع حصولها على النفط الإيراني وتتعهد بحماية حقها في ذلك، ودخلت وبقوة في منطقة النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وأعلنت للمرة الأولى تدخلها في ملف الصراع العربي الصهيوني بإعلان مبادرتها الخاصة لحل أزمات الشرق الأوسط عبر نقاط خمس، وهو الملف الذي ترى الولايات المتحدة أنها صاحبة الحق الحصري فيه.
إن أقوى رسالة يبعثها هذا الاتفاق، هي أن مواجهة الولايات المتحدة لم تعد أمرا مخيفا، ولا يعد كذلك وجودها قدرا مكتوبا؛ لقد زاد عدد خصومها، وارتفع منسوب جرأتهم في مواجهتها، حتى أن حلفاءها فقدوا الثقة في الإيفاء بوعودها أو بتأثير عقوباتها، التي ارتدت عليها وانتقصت من هيبتها ونفوذها، وبات من الممكن القول إن زمنا جديدا لا تستفرد فيه أمريكا بالعالم بات أمرا واقعا، وعلى قيادة الولايات المتحدة الآن أن تستمع لنصيحة ثعلبها العجوز هنري كيسنجر بالمسارعة بالتوصل إلى تفاهم مع الصين حول نظام عالمي جديد لضمان استقرار العلاقات بين الجانبين وتجنب مواجهة عسكرية عالمية، ومنع حدوث الفوضى.

قد يعجبك ايضا