التوجيهات المستمرة بعدم الزيادة.. هل ينصاع لها المؤجر؟

المؤجر والمستأجر.. العلاقة الشائكة

مستأجرون: رغم وجود قانون وتوجيهات من المعنيين إلا أن المؤجر يظل متحكماً بمصيرنا دونما رحمة
علماء دين: التراحم والتعاطف بين المسلمين من أهم الفرائض والواجبات الدينية

استمرار العدوان الغاشم وقسوة الحصار زاد من تأزيم الحياة المعيشية والظروف الاقتصادية وهنا ظهر طمع أصحاب المنازل المؤجرة فقام البعض برفع الإيجارات على المستأجرين ووجهت للبعض منهم أوامر إخلاء مفاجئة دون مراعاة للظروف القاسية التي يمر بها المواطن من انقطاع الرواتب وغيرها من الأوجاع التي فرضها العدوان على بلادنا .
لقد ضرب المؤجر بكل القرارات والتوجيهات الصادرة من الدولة عرض الحائط تلك الخاصة بمراعاة الوضع المعاش وإعطاء فرصة للمستأجر في السداد والبحث عن منزل آخر.. في حال طلب الإخلاء.

الثورة / خاص

رغم أن قانون المؤجر والمستأجر في بلادنا يضمن للمستاجر أن يبقى في المنزل حتى يتمكن من البحث عن منزل آخر للانتقال إليه إلا أن هذا القانون ليس له أهمية فصاحب المنزل هو المتحكم الوحيد بمصير المستأجر ولايتم تطبيق القانون.
طرق الباب بحدّة عدّة مرات ولم يجبه أحد وكأن لا أحد يسكن المنزل سأله جيرانه ما بالك يا أبا أحمد ولماذا هذا الغضب رد بصوت عال وبوجه مليء بالغضب المستأجر لم يدفع الإيجار منذ شهرين وكلما أتيت إليه يقول لي أصبر قليلاً فالعدوان جعل حياتنا تسير للأسوأ وأفقدنا أعمالنا وأنا في ضائقة مالية ولولا هذا لما طالبت بالإيجار.
وعاد أبو أحمد يطرق الباب حتى خرج المستأجر ليترجاه ويتوسل إليه أن يصبر عليه قليلاً حتى يصله المبلغ الذي طلبه من أخيه وأخبره بأنه بدون عمل وبأن أولاده دون طعام منذُ يومين وعزّة نفسه تمنعه من طلب العون من أحد فالمعين هو الله تعالى.
المستأجر عبد السلام وعده بأنه سيعطيه الإيجار خلال أسبوع من مطالبته فطلب أبو أحمد حضور أحد الجيران ليشهد على الأمر وانه لن يطيل الانتظار وإلا فليبحث له عن منزل آخر خلال أيام .
ليس كل المؤجرين يمتلكون قلباً رحيماً ويقدرون ظروف المستأجرين في ظل الأوضاع الراهنة فهناك قلة تفعل العكس فها هو أبوعبد المجيد يعود إلى منزله بعد زيارته لأخيه حتى وجد قفلاً كبيراً معلقاً على باب منزله فوق قفله الأساسي وحين سأل عن الفاعل قيل له هذا صاحب المنزل .. فخرج إليه المؤجر قائلاً: لن أفتح الباب إلا بعد أن تدفع لي إيجار السبعة الأشهر السابقة فقد صبرتُ عليك بما فيه الكفاية عُد من حيث أتيت ولا تأتي إلا والإيجار معك أما عن أثاث المنزل فسوف يكون مرهوناً لديّ لحين دفع الإيجار.
حاول الجيران التدخل لكن دون جدوى فطلبوا منه أن يسمح له حتى يأخذ أبسط حاجياته لكنه رفض فعاد أبو عبد المجيد إلى منزل أخيه ودموع زوجته وأولاده ترافقه وذهب يحاول أن يدبّر مبلغ الإيجار لكي يتمكن من إخراج أثاثه إلى بيت آخر يملك صاحبه قلباً رحيماً.
لم يكن قلب المؤجر جابر مالك أحد المنازل أقلّ قساوة من سابقه بل فاقه بكثير فقرر أخذ أثاث المستأجر ورماه خارج المنزل أثناء غيابه وعندما عاد مهيوب لمنزله صُدم بأن أثاث منزله في الشارع وزوجته وأولاده في منزل الجيران حاول مهيوب أن يتفاهم مع صاحب المنزل بأن يصبر عليه قليلاً لكنه رفض وطلب منه أن يغادر المنزل لأنه وجد مستأجراً آخر وأما عن الإيجار فيدفعه بالتقسيط.
اضطر مهيوب أن يأخذ زوجته وأولاده للقرية لأنه لا مكان لهم بعد أن استلف تكاليف السفر من أحد جيرانه وهو يدعو على صاحب المنزل الذي افتقد لأدنى معايير القيم الإنسانية.

واجب أسلامي
يرى علماء الدين بأن التكافل ، والتعاطف ، والتناصح , والتواصي بالحق , والصبر عليه , من أهم الواجبات الإسلامية , والفرائض اللازمة , وقد نصت الآيات القرآنية , والأحاديث النبوية , على أن التضامن الإسلامي بين المسلمين – أفراداً وجماعات , حكوماتٍ وشعوباً – من أهم المهمات , ومن الواجبات التي لا بد منها لصلاح الجميع , وإقامة دينهم وحل مشاكلهم , وتوحيد صفوفهم , وجمع كلمتهم ضد عدوهم المشترك ، والنصوص الواردة في هذا الباب من الآيات والأحاديث كثيرة جدّاً , وهي وإن لم ترد بلفظ التضامن : فقد وردت بمعناه ، ومما ورد من الأحاديث الشريفة في التضامن الإسلامي ، الذي هو التعاون على البر والتقوى : قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( الدين النصيحة ، قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) , وقوله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبّك بين أصابعه ) – ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وما جاء في معناها تدل دلالة ظاهرة على وجوب التضامن بين المسلمين , والتراحم والتعاطف , والتعاون على كل خير , وفي تشبيههم بالبناء الواحد , والجسد الواحد , ما يدل على أنهم بتضامنهم وتعاونهم وتراحمهم تجتمع كلمتهم , وينتظم صفهم , ويسلمون من شر عدوهم , وقد قال تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون).

قد يعجبك ايضا