خارطة تواجد مقاتلي القاعدة وداعش في اليمن

رمتني بدائها وانسلَّت.. أمريكا تصنع الإرهاب وتقاتل به ثم ترميه بالحجر

على طريقة “رمتني بدائها وانسلت ” تحاول الإدارة الأميركية خلع صفة الإرهاب عنها وإلصاقها بأنصار الله ، كما هي سياستها المعهودة منذ عقود من خلال صناعتها للإرهاب وتوزيعه ثم القيام باستثماره واستخدامه كحصان طروادة للتغلغل والنفوذ وبسط السيطرة على الدول والشعوب المستضعفة في العالم العربي والإسلامي .
ومن أجل تحقيق أهدافها الاستعمارية ، أسست الولايات المتحدة تنظيم القاعدة ودعمته منذ ما يقارب أربعة عقود لمواجهة الاتحاد السوفيتي الذي غزا أفغانستان، وهو ما أكده الكثير من المسؤولين الأمريكيين وعلى رأسهم وزيرة الخارجية الأسبق ، هيلاري كلينتون ، وقد حصل ذلك بالتنسيق مع المخابرات الباكستانية وعبر النظام السعودي الذي أصدر علماؤه الوهابيون الفتاوى الدينية وجندوا الشباب من مختلف الدول ودفعوهم للتحرك لمواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان تحت مسمى “الجهاد”، حيث رأت الولايات المتحدة بأن ذلك لن يكلفها الكثير في مواجهة الاتحاد السوفيتي لأن هذه الجماعات التي فرختها ستقاتل بالنيابة عنها لمنع السوفيت آنذاك من السيطرة على ما أسماه الأمريكيون “آسيا الوسطى”، وقد نجحت الولايات المتحدة في تنفيذ مخططها وتمكنت من هزيمة الاتحاد السوفيتي ولكن على حساب الشعوب المسلمة التي اتهمت فيما بعد بما يسمى بالإرهاب كالنظام السعودي وغيره.

الثورة /

وعلى ذات الدور في إطلاق الفوضى وإلصاقها بالشعوب المسلمة فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستنساخ نسخة أشد سوءاً من تنظيم القاعدة وأسمتها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وهو ما أكده دونالد ترامب (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية) في تصريحه الذي نشرته اسوشيتد برس بتاريخ 2/1/2016م بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي أطلقت الفوضى فيما أسماه الشرق الأوسط، وأن مؤسس تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هو باراك أوباما (الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية) وأن المؤسس الشريك هي هيلاري كلينتون (وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية سابقاً).
وهنا تجدر الإشارة إلى أن تصريحات ترامب لا تعبر عن إدانة للإدارة الأميركية السابقة وتبرأة ساحته هو ، إذ من المعروف أنه سار على نفس النهج واستمر في تقديم الدعم لهذه التنظيمات ، بل ومارس عبر إدارته الإرهاب بشكل رسمي بأشكال مختلفة ، وما يحدث في اليمن منذ توليه السلطة في أميركا أبرز دليل على نهجه الإرهابي .
إلى جانب استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لهذه التنظيمات في مواجهة خصومها، فقد دعمت أيضاً إيجاد هذه التنظيمات في بعض البلدان – خصوصاً الإسلامية – للاستفادة منها في تبرير التواجد والتدخل الأمريكي فيها لنهب ثرواتها وتركيع شعوبها بحجة ما يسمى “مكافحة الإرهاب” الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من أنها هي من أنشأت هذه التنظيمات، وتعتبر العراق وأفغانستان خير مثال على ذلك، كما اكتوت أيضاً دول وشعوب أخرى بما يسمى بالإرهاب الذي صنعته الولايات المتحدة الأمريكية ومنها الجمهورية اليمنية ضمن ما عرف بمشروع الفوضى الخلاقة.
حيث مر تنظيما “القاعدة وداعش” بفترات ومراحل مختلفة في اليمن بدءاً من عودة هذه العناصر من أفغانستان وحتى المرحلة الراهنة، وقد مثَّل العدوان الغاشم على اليمن -والذي أُعلن من واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية وقادته السعودية ومعها الإمارات ودول أخرى- فرصة سانحة وظروفاً ملائمة لتوسع تحركات وأنشطة تنظيم القاعدة، وكذا فرصة مماثلة لنشأة تنظيم داعش، ومع استمرار هذا العدوان الغاشم بقيادة السعودية والإمارات ومن خلفِهما قوى الاستكبار العالمي على اليمن يستمر كل من تنظيمي القاعدة و داعش في توسيع أنشطتهما وتحركاتهما، سواءً عبر استقطاب العناصر الجديدة وتجميع وتخزين الأسلحة والتمركز في مناطق جديدة، أو التخطيط والتنفيذ للعمليات الإجرامية والمشاركة عسكرياً في عدة جبهات، حيث شهدت فترة ما يزيد عن خمسة أعوام منذ بداية العدوان على اليمن في شهر مارس/2015م تزايداً وتوسعاً ملحوظاً في هذه الأنشطة والتحركات خاصة في المحافظات المحتلة من قوى العدوان ومرتزقته، كما ظهرت العديد من أوجه التوظيف والدعم والعلاقات بين قوى العدوان ومرتزقتهم من جهة وتنظيمي القاعدة وداعش من جهةٍ أخرى، لاسيما على المستوى العسكري والاستخباري، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال قتال عناصر التنظيمين علناً في صفوف حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين (النظامان السعودي والإماراتي) والمحليين (ما تسمى الشرعية ومختلف فصائل وتشكيلات مرتزقة العدوان) في مواجهة الجيش اليمني واللجان الشعبية وأبناء اليمن الأحرار، بعلم واطلاع الولايات المتحدة الأمريكية التي تزعم ترأسها لما يسمى بمكافحة الإرهاب من جهة وتغض الطرف عنه من جهةٍ أخرى، وليس بغريب أن يقاتل هذان التنظيمان في صف حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية لخدمة أجندتها، كما سبق لتنظيم القاعدة وأن فعل ذلك في الماضي في عدة دول مثل أفغانستان.
– تتواجد عناصر تنظيم القاعدة في جميع المحافظات المحتلة التي يتواجد بها مرتزقة العدوان ويدعم من دول تحالف العدوان على اليمن، حيث يوجد لهذه العناصر معسكرات ومراكز تدريب في محافظات(حضرموت ، مأرب ، البيضاء، تعز، أبين، الضالع، الجوف، شبوة) وتعتبر محافظة البيضاء المركز الرئيسي لتنظيم القاعدة حيث يوجد فيها مأوى لهذه العناصر خاصة الأجنبية منها، حيث قامت دول التحالف بنقل عناصر التنظيم من حضرموت إلى البيضاء عبر ما عرف بلعبة صفقة الانسحاب من حضرموت التي تمت بين دول العدوان وتنظيم القاعدة وبعلم الولايات المتحدة، والتي قضت بالخروج من المدن الرئيسية في المحافظات الجنوبية وحضرموت مقابل أخذهم أسلحتهم وضمان عدم ملاحقتهم، كما أن هذه العناصر لها تواجد ومشاركة في جبهات القتال ضد الجيش واللجان الشعبية في (البيضاء، تعز، لحج، مأرب، الحديدة، الجوف، الحدود اليمنية السعودية).
وتمثل المناطق والمحافظات المحتلة التي تتواجد فيها قوى تحالف العدوان ومرتزقتها بيئةً خصبة لإيواء عناصر التنظيم وقياداته العليا، خصوصاً في المناطق التي يديرها حزب التجمع اليمني للإصلاح، فعلى سبيل المثال تعتبر محافظة مأرب المركز الرئيسي لحزب التجمع اليمني للإصلاح ومقرات التحالف وفي ذات الوقت تعتبر أكبر مركز لإيواء عناصر وقيادات التنظيم خلال المراحل السابقة، حيث تحظى عناصر التنظيم بحرية التنقل والتواجد في المحافظة بشكل كبير، ويتم تزويدها بمعظم حاجاتها ومستلزماتها اللوجستية والتسليحية والطبية من المحافظة التي يسيطر عليها حزب التجمع اليمني للإصلاح، علماً بأن زعيم التنظيم السابق الصريع/قاسم الريمي كان متواجداً فيها حتى لقي مصرعه في 30 /1 /2020م بذات المحافظة.
بالنسبة لتنظيم داعش فإنه كان يتواجد على شكل خلايا في محافظات (عدن ، أبين ، لحج ، إب)، وقد فرت عناصر داعش من محافظة إب بفعل نجاحات الأجهزة الاستخبارية وقوات الجيش والأمن واللجان الشعبية ، كما تم ملاحقة هذه العناصر في عدد من المناطق المحتلة بسبب التباين في تعامل دول العدوان مع عناصر التنظيمين من وقت لآخر، كما تتواجد هذه العناصر أيضاً في محافظتي تعز والبيضاء ولها فيها مراكز تدريب وتشارك في جبهات القتال مع مرتزقة العدوان ضد قوات الجيش واللجان الشعبية.
وفيما يلي توضيح مبسط عن تواجد وتحركات عناصر تنظيمي القاعدة وداعش في المحافظات المحتلة التي يتواجد فيها قوى تحالف العدوان على اليمن (حلفاء الولايات المتحدة)ومرتزقتها وعلى رأسهم حزب التجمع اليمني للإصلاح وذلك على النحو التالي:

محافظة مارب
تعتبر أكبر مركز لإيواء عناصر تنظيم القاعدة خلال المرحلة السابقة، حيث كان يتواجد في هذا المأوى العناصر التي يحرص التنظيم على الحفاظ عليها وإخفائها ومنها العناصر الأجنبية.

محافظة حضرموت
تعتبر المحافظة ومديريات الوادي والصحراء على وجه الخصوص أكثر الأماكن أمناً لتنظيم القاعدة لما يتمتع به من حاضنة في هذه المناطق والتضاريس الطبيعية الصعبة التي تمكنه من التنقل والاختفاء والتمويه بسهولة، كما يتواجد عدد كبير من المآوي في مديريات الساحل أيضاً نظراً لوجود حاضنة كبيرة من أبناء تلك المديريات، ومنذ بداية العدوان وحتى الآن يتواجد للتنظيم في مديريات الوادي والصحراء الكثير من المأوى ومخازن الأسلحة التي استحوذ عليها عندما سيطر على محافظة حضرموت في العام 2014م.

محافظة أبين ..
كانت المحافظة سابقاً من أهم معاقل تنظيم القاعدة إلا أنه لم يبق فيها حالياً سوى بعض الخلايا المنسجمة مع قوات الحزام الأمني، وخلال المرحلة الحالية ينزح الكثير من عناصر التنظيم من محافظة مأرب التي كان يتواجد فيها عدد كبير من المأوي وخاصة العناصر الأجنبية وذلك بسبب تزايد الضغط عليها بعد اقتراب قوات الجيش واللجان الشعبية منها وخوف عناصر التنظيم من سقوط المحافظة، وكذا يعمل التنظيم على توزيع عناصره على المحافظات والتي منها محافظة أبين، وقد عمل التنظيم حينها على محاولة تهيئة الوضع من خلال قيام بعض القيادات بعقد اجتماعات في شهر مارس من العام 2020م مع أبناء مديريات مودية ولودر من أجل التعاون مع التنظيم في عمليات الرصد وغيرها وتأمين مآوى لعناصر التنظيم في حال انسحبت من البيضاء ومأرب.

محافظة شبوة
خلال شهر أغسطس من العام 2019م تمكنت قوات ما تسمى الشرعية (حزب التجمع اليمني للإصلاح) من استعادة السيطرة على كامل محافظة شبوة، مما مكن عناصر التنظيم من إعادة ترتيب صفوفها في هذه المحافظة، وهو ما يكشف العلاقة الطردية بين القاعدة وحزب التجمع اليمني للإصلاح “فأينما يتواجد حزب التجمع اليمني للإصلاح تتواجد القاعدة بصورة كبيرة”، ومنذ مطلع العام 2020م ظهرت مساع لعناصر تنظيم القاعدة لمعاودة نشاطها في المحافظة بوتيرة عالية، حيث عاد عدد من هذه العناصر والتي كانت تقاتل مع مرتزقة العدوان بمحافظة مأرب إلى المحافظة وتسعى هذه العناصر لإثبات وجودها من خلال تنفيذ عمليات إجرامية والسيطرة على بعض الأماكن التي من المحتمل أن تستفيد منها مستقبلاً.

محافظة تعز ..
تعتبر من المحافظات التي يتواجد بها العديد من عناصر التنظيمين، وخلال الفترة الحالية تشير المعلومات إلى أن عناصر تنظيم القاعدة تقوم بتجهيز مآو لعناصر التنظيم وخاصة الذين لديهم عائلات، وتركز في بحثها على منطقتي التربة والنمشة جنوبي مدينة تعز، وتأتي هذه التحركات لقلقهم من سقوط محافظة مأرب وتوقعهم أن الدور بعدها سيكون على مدينة تعز.
وبالنظر إلى الخارطة الزمنية لتواجد عناصر تنظيمي القاعدة وداعش في المحافظات المحتلة، فقد تمكن تنظيم القاعدة خلال مرحلة ما قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م من التواجد والسيطرة على مناطق واسعة في عدة محافظات منها (حضرموت – أبين – شبوة – الضالع – البيضاء – الحديدة – إب – مأرب – الجوف) حيث تم حينها تمكين التنظيم من السيطرة على معسكرات الجيش وبعض المدن الرئيسية في المحافظات الجنوبية، في وقت كانت المخابرات الأمريكية هي التي تتحكم بأهم الأجهزة الأمنية والاستخبارية في اليمن بتسهيلات وتواطئ من الرئيس المنتهية ولايته/هادي وحكومة الإخوان (حزب التجمع اليمني للإصلاح) حينها، وقبلها بتسهيلات من الرئيس السابق المدعو/علي عبدالله صالح ونجل شقيقه المدعو/عمار محمد عبدالله صالح (وكيل جهاز الأمن القومي سابقاً والذي كان على علاقة وثيقة وتنسيق كبير مع الأمريكيين) وذلك بحسب ما أكده تقرير فريق الخبراء المعني باليمن المرفوع إلى رئيس مجلس الأمن في 20 /2/ 2015م والذي أكد علاقة صالح وأسرته بتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى ما حصلت عليه قناة الجزيرة القطرية من معلومات واعترافات كشفها المدعو/هاني محمد مجاهد القدسي والذي كان على تواصل مع المدعو/عمار محمد عبدالله صالح (وكيل جهاز الأمن القومي سابقاً) والذي كان يديره ضباط مخابرات أمريكيون.
وقد كان تواجد وسيطرة التنظيمين في بعض المحافظات بشكل علني وفي محافظات أخرى على شكل خلايا دأبت في تنفيذ العمليات الإجرامية التي طالت الشخصيات الاجتماعية والسياسيين ومنتسبي الجيش والأمن وغيرهم من الأبرياء، لكن ومع انتصار ثورة الــ21 من سبتمبر 2014م تمكنت اللجان الشعبية والقبائل مسنودةً بالجيش والأمن من دحر عناصر التنظيمين من عدة محافظات ابتداءً من الخلايا الإجرامية في العاصمة صنعاء، مروراً بالبيضاء وإب والحديدة، وصولاً إلى معسكرات التنظيمين في محافظتي أبين وشبوة.

قد يعجبك ايضا