رفدنا سوق العمل المحلي والإقليمي بأكثر من سبعمائة طبيب بيطري و1200 مهندس زراعي

عميد كلية الزراعة في جامعة ذمار الدكتور فواز المنيفي لـ” الثورة “: لدينا كادر يمني بيطري متخصص حاصل على أعلى الشهادات

نسعى لاستكمال مبنى كلية الطب البيطري ومبنى المستشفى التعليمي البيطري
نعمل على تحديث وتوصيف المقررات ونأمل دعمنا لإكمال إنشاء المزرعة التعليمية
نحن على ارتباط وثيق بسوق العمل واحتياجاته وينبغي استيعاب مخرجات الكلية

أكد الدكتور فواز المنيفي عميد كلية الزراعة في جامعة ذمار، على أهمية الاستفادة من مخرجات الكلية التي تُعد أكبر وأول صرح تعليمي زراعي في اليمن وعلى ضرورة تذليل الصعاب لتتم الاستفادة من مخرجات الكلية التي تُعد كادر ومنشآت وأجهزة المشفى البيطري والكلية، وأن الاستفادة مما هو متوفر أفضل وأجدى وأقل كلفة من استنساخ ما هو غير متوفر.
الدكتور المنيفي تحدث عن أهمية وموقع الكلية ولماذا اختيرت ذمار لإنشاء أول وأهم صرح تعليمي زراعي، مستعرضا المراحل التي مرت بها الكلية وما تمتلكه من مقومات وما حققته من نجاحات خلال العقدين الماضيين وبالذات في توفير الكادر البشري المتميز الذي يخدم ويستفاد منه ليس على مستوى الوطن فقط وإنما يخدم العديد من المرافق على مستوى الإقليم.
وفي ظل التوجهات الرسمية والأهلية لإحداث نهضة زراعية في ظل العدوان والحصار، “الثورة” التقت عميد كلية الزراعة الدكتور المنيفي وطرحت عليه جملة من الأسئلة، وخرجت بالتالي:
الثورة / جمال الظاهري

نرحب بكم دكتور فواز وبداية.. هلا أعطيتنا نبذة تاريخية موجزة عن كلية الزراعة والطب البيطري وأقسامها وأهدافها؟
– بدايات كلية الزراعة والطب البيطري كانت مترافقة مع قرار إنشاء جامعة ذمار في العام 1996م، وبدأت بقسمين هما قسم الطب البيطري والقسم الزراعي الذي يضم شعبة الإنتاج النباتي وشعبة الإنتاج الحيواني.
وقد مثل إنشاء هذه الكلية وجود أول مؤسسة تعليمية يمنية تمنح شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة البيطرية، والتي اعتمدت على كادر تدريسي متخصص من العراق الشقيق وبعض البلدان العربية كسوريا ومصر والسودان لعدم وجود كادر تدريسي بيطري يمني متخصص حاصل على درجة الدكتوراة آنذاك.
بعد ذلك صدر القرار الجمهوري رقم (6) لسنة 2006م بإنشاء كلية الطب البيطري والمستشفى التعليمي البيطري المحلق بها.
وفي العام 2006م تم إنشاء قسم التقانة الحيوية وتكنولوجيا الأغذية، بقرار من المجلس الأعلى للجامعات.
أما أهداف الكلية فهي مشتقة من أهداف جامعة ذمار ذات المحاور الثلاثة، وهي.. هدف تعليمي وهدف بحثي والهدف الثالث هو خدمة المجتمع.

دكتور.. لفت انتباهي كلمة كادر تدريسي بيطري من العراق وبعض الدول العربية، في ظل هذا العدوان والحصار على بلدنا هل ما يزال هذا الكادر موجودا؟
– لا.. الكادر التدريسي العربي غادر اليمن تدريجيا وآخر أساتذة عراقيين غادروا اليمن في العام 2016م والطب البيطري بكليتنا يعتمد كليا على كادر يمني بيطري متخصص حاصل على أعلى الشهادات من أرقى الجامعات العربية والعالمية.

ماذا عن اختيار موقع كلية الزراعة والطب البيطري في ذمار، هل هذا الاختيار وفق رؤية استراتيجية أم كان بمحض الصدفة؟
– اختيار موقع كلية الزراعة والطب البيطري بجامعة ذمار كان وفق رؤية استراتيجية عميقة، فذمار محافظة زراعية تتوسط سبع محافظات يمنية وبها وبجوارها قيعان ووديان زراعية كقاع جهران وقاع شرعة وقاع بكيل وقاع سامة وبالقرب من قاع الحقل وقاع فيد، كما أن بها العديد من المراكز الرئيسية الزراعية كالهيئة العامة للبحوث الزراعية والشركة العامة لإكثار البطاطس والمؤسسة العامة لإكثار البذور المحسنة وكذا مزارع الأبقار الحلوب في رصابة ومزارع الدواجن – الأمات والبياض واللاحم – ما يعني أن هناك أهمية لمحافظة ذمار في الجانب الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي وهذا يتيح فرصة كبيرة جدا لا تتوافر في محافظة أخرى لتدريب طلاب الكلية في معامل ومختبرات ومزارع هذه المؤسسات الزراعية، وهذه الميزة تعتبر من نقاط القوة لدينا لتخريج مخرجات مؤهلة علميا ومهاريا.

ماذا قدمت كلية الزراعة والطب البيطري للوطن والمجتمع؟
– ساهمت الكلية في رفد سوق العمل المحلي بحوالي 1200 مهندس زراعي في الإنتاج النباتي والحيواني والصناعات الغذائية، كما رفد سوق العمل المحلي والإقليمي بأكثر من سبعمائة طبيب بيطري، وقبل هذه الكلية كان اليمن يعتمد على كادر بيطري أجنبي في القطاع العام والخاص باستثناء أعداد محدودة من الأطباء البيطريين اليمنيين الذين أوفدتهم الدولة للدراسة في الخارج أو خريجي معاهد، والآن فإن 99 % من القطاع الخاص وخصوصا قطاع صناعة الدواجن يعتمد على كادر بيطري من هذه الكلية وليس فقط، بسوق العمل المحلي بل والإقليمي، فالأطباء البيطريون في محاجر جيبوتي والصومال وأريتريا وبعض المنافذ البحرية كالسعودية، يعتمد على أطباء بيطريين متخرجين من كليتنا، ولهذا فإن الكلية مساهمة بشكل فعال عن طريق مخرجاتها في دعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الإنتاج الزراعي والحيواني وتنميته كما ونوعا.

هل تتوافق برامجكم الأكاديمية والتعليمية مع متطلبات واحتياجات سوق العمل المحلي؟
– نعم تتوافق وسوق العمل المحلي وتم العام الماضي تحديث البرامج الاكاديمية وتوصيفها ونعمل حاليا على تحديث وتوصيف المقررات، ونحن على ارتباط وثيق بسوق العمل واحتياجاته ولدينا علاقات وشراكات مع القطاع الخاص وبعض الجهات الحكومية ذات العلاقة بالمجال الزراعي.

ماذا عن جانب البحث العلمي وخدمة المجتمع؟
– طبعا نهتم بالجانب البحثي اهتماما كبيرا وكل عضو هيئة تدريس في الكلية هو باحث ولديه إنتاج بحثي ومنشور في مجلات علمية دولية محترمة، كما أن الطالب لا يتخرج من الكلية إلا بعد أن يعمل بحث تخرج تحت إشراف أساتذة الكلية المختصين وهذه الأبحاث موجهة لخدمة المجال الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي لزيادة الإنتاج وكذا حل مشكلات المجتمع الزراعي فيما يخص الآفات والأمراض والأوبئة التي تصيب النباتات والثروة الحيوانية وكذا الصحة العامة، حيث أن هناك 356 مرضا مشتركاً بين الإنسان والحيوان.

ماذا عن إقبال الطلاب على الالتحاق بكليات الزراعة والطب البيطري؟
– للأسف الشديد هناك عزوف للطلاب على الالتحاق بكليات الزراعة والطب البيطري خصوصا في السنوات الأخيرة وهذا يرجع لأسباب كثيرة.

ماهي الأسباب؟
– أولا نقص الوعي لدى المواطن اليمني عن أهمية المهندس الزراعي أو الطبيب البيطري بل وعدم دراية الآباء والأمهات عن ماهية التعليم الزراعي والبيطري، وبالتالي فهم لا يوجهون أبناءهم للتعليم الزراعي والبيطري.
قصور في نشر الوعي -التثقيف الزراعي- من قبل الدولة والجهات الحكومية ذات العلاقة غياب الاستراتيجية الزراعية لدى وزارة الزراعة عن احتياج البلد لمخرجات وتخصصات نوعية وإن وجدت هذه الاستراتيجية والخطط فإن تظل حبيسة الأدراج ولا تخرج للواقع العملي وتستخدم للتنظير (والبروبقاندا) الإعلامية أثناء وجود ورش أو دورات تدريبية، كما أنه لا يوجد تنسيق بين مؤسسات التعليم الزراعي والبيطري والجهات المختصة وخصوصا وزارة الزراعة، فالوزارة تعمل في واد الكليات تدرس في واد آخر.
وهناك سبب جوهري آخر برأيي وهو عدم وجود فرص عمل لخريجي كليات الزراعة سواء في القطاع العام أو الخاص رغم أن 8.5 مليون من اليمنيين يعملون بالقطاع الزراعي والحيواني لكنهم يعتمدون في زراعتهم على الطرق التقليدية وهذا يعتبر قصوراً، المسؤولة عنه الجهات الحكومية ذات العلاقة.
كما لا يوجد أي تشجيع أو دعم من قبل الدولة لخريجي كليات الزراعة، فمثلا في دول أخرى كمصر يعطي المهندس الزراعي الخريج قطعة أرض في الصحراء الغربية ويتم دعمه لكي يستصلحها ويزرعها وينتج منها محاصيل تدر عليه أموالا.
ولذا يجب على الدولة أن تخطط لتشغيل هؤلاء الخريجين وتدمجهم بسوق العمل وتشجيعهم، لأن عدم وجود فرص عمل للخريجين سبب رئيسي لعزوف الطلاب عن الالتحاق بكليات ومؤسسات التعليم الزراعي والبيطري.

هل هناك حاجة لإنشاء وافتتاح كليات ومعاهد زراعية جديدة؟
– في الوقت الحاضر ليس هناك أي حاجة لافتتاح كليات ومعاهد زراعية فالكليات الموجودة لا تصل لطاقتها الاستيعابية وهناك عزوف عن الالتحاق بكليات الزراعة، فبدلا من إرهاق الخزينة العامة للدولة في افتتاح كليات زراعية جديدة، يجب أن يتم إرسال طلاب المحافظات التي تنوي الجهات الحكومية فتح كليات بها إلى كليات الزراعة الموجودة وسيكون ذلك بتكاليف أقل عن افتتاح كليات جديدة حتى لو كانت هناك مبان جاهزة.
لا يوجد كادر تدريسي مؤهل ومتخصص لفتح كليات جديدة، وليس كل شخص حاصل على شهادات عليا ينفع لشغل منصب أكاديمي وفي كل دول العالم وحتى في اليمن هناك شروط لشغل وظيفة أكاديمية.
عندما يكون هناك إقبال كبير على كليات الزراعة القائمة حاليا يمكن وقتها إنشاء وافتتاح كليات ومعاهد جديدة وفق خطط ورؤى واستراتيجية مدروسة جيدا يراعى فيها كل الجوانب، فالحاجة ماسة لفتح أقسام نوعية وليس الاستنساخ لما هو موجود.

هل لديكم في كلية الزراعة والطب البيطري علاقة شراكة مع جهات ذات علاقة.. سواء كانت حكومية أو في القطاع الخاص؟
– نعم لدينا بروتوكولات تعاون مشترك مع العديد من الجهات ذات العلاقة ككليات الزراعة في صنعاء وإب وهيئة البحوث الزراعية ومؤسسات إكثار بذور البطاطس والبذور المحسنة علاقات مع بعض إدارات وزارة الزراعة ومعظم هذه الاتفاقيات تدور حول العملية التعليمية والبحثية.
كما أن لنا علاقات وثيقة جدا بالقطاع الخاص، وأخص هنا قطاع صناعة الدواجن فهم داعمون لكليتنا وخصوصا الطب البيطري في توفير بعض احتياجات العملية التعليمية والبحثية تشغيل خريجي الطب البيطري بشركاتهم ومؤسساتهم وهم شريك أساسي لنا وشاركونا حتى في توصيف البرامج الأكاديمية من زاوية إيضاح وتحديد ما يحتاجونه كقطاع خاص في سوق العمل وما يواجهونه من مشكلات وما هي المهارات العلمية والمهنية التي يريدونها في طلابنا الخريجين.

ماذا عن البنية التحتية.. هل لديكم بنية أساسية للكلية؟
– لدينا بنية تحتية بالكلية.. لدينا كادر تدريسي متخصص مؤهل حاصل على اعلى الشهادات من أرقى الجامعات العربية والعالمية، والكادر التدريسي هو أهم عناصر البنية التحتية فما دامت العقول موجودة فبالإمكان توفير باقي العناصر للبنية التحتية، لدينا معامل ومختبرات وأجهزة تستعمل لتدريب الطلاب معمليا وكذا أجراء الأبحاث العلمية، ولدينا.. أراض زراعية كبيرة وخصبة وعدة آبار ارتوازية وحراثة وشبكة مياه.. وبدأنا منذ شهور بإنشاء مزرعة تعليمية بحثية مصغرة لغرض تدريب الطلاب عمليا وأجراء الأبحاث العلمية.

من وجهة نظركم.. ماهي معيقات التعليم الزراعي في اليمن؟
– سأتكلم بمنتهى الصراحة، أول المعيقات للتعليم الزراعي هي شحة الموارد المالية وانعدام موازنة لكليات الزراعة، وتعتبر كليات الزراعة من الكليات المصنفة كليات فقيرة وهذا يؤثر في جودة العملية التعليمية، كما أن انقطاع المرتبات لأعضاء هيئة التدريس أدى إلى انقطاع وعزوف بعض الأساتذة عن الالتزام بالحضور وإلقاء المحاضرات بالشكل المطلوب، كما اننا كلية تطبيقية يلعب الجانب العملي دورا هاما في جودة العملية التعليمية وتحتاج الكلية إلى المال لشراء المحاليل والكيماويات المعملية، وكذا لا بد لنا من الزيارات الميدانية بشكل مستمر لتدريب طلابنا في الحقول والمزارع الحيوانية والنباتية وكذا زيارات لمعامل ومختبرات الجهات الزراعية. كل هذا يحتاج لأموال.
من وجهة نظري فإنه يجب دعمنا لإكمال إنشاء المزرعة التعليمية للكلية وهي مزرعة إنتاج نباتي وحيواني وبذلك سنتمكن من تدريب طلابنا وكذا إجراء الأبحاث بيع المنتجات وإيجاد موارد مالية للكلية توجه للعملية التعليمية بالكلية والارتقاء بها، ونطمح أن تصل الكلية للاكتفاء الذاتي وتعتمد على نفسها في أداء دورها التعليمي دون الحاجة للاعتماد على ما يصل لها من رئاسة الجامعة أو ان تكون الكلية وتعليمها مرتبطة بالوضع المالي للجامعة أو للدولة.

هل تشعرون بالرضا عما تقومون به.. وهل هناك تقصير من قبلكم؟
– نعم اقر أن هناك قصورا في العملية التعليمية ولسنا راضين كل الرضى عما نؤديه بالكلية فطموحنا أكبر من هذا ونريد أن نصل بالكلية إلى مستوى عال، ننافس فيه كليات الزراعة الاقليمية بل وحتى العالمية، ولكن نشعر بالرضا عن النفس لأننا نعمل كل ما باستطاعتنا أنا وزملائي أعضاء هيئة التدريس في الكلية وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا الحبيب من عدوان غاشم وحصار جائر ونعمل ليل نهار لتحسين العملية التعليمية واستمرارها في ظل انقطاع الرواتب وانعدام الموازنات المالية، فنحن نعتبر انفسنا جبهة تعليمية متحديين من يريدون إقفال كليتنا أو يوقفون مسيرتنا التعليمية رافعين شعار نكون أو لا نكون.

سؤال أخير دكتور فواز.. حدثنا عن طموحاتكم المستقبلية؟
– نسعى بكل جهد لمتابعة استكمال مبنى كلية الطب البيطري ومبنى المستشفى التعليمي البيطري، حيث تم إنشاء الكلية والمستشفى عبر قرض من بنك التنمية الإسلامي ووصلت نسبة الإنجاز في الإنشاءات إلى 90 % للكلية ونسبة 80 % للمستشفى التعليمي البيطري، والإنشاء والتجهيز كان وفق مقاييس دولية ويعتبر هذا المستشفى ثالث أكبر مستشفى بيطري في منطقة الشرق الأوسط وأسس كي يكون مركز ترصد وبائي لمنطقة شبه الجزيرة العربية والقرن الافريقي وفيه أجهزة ومعدات بحثية متطورة وصل الينا ما نسبته 38 % تقريبا، وفي الاتفاق بين الحكومة والبنك فانه سوف يتم إيفاد طلاب من الدول الإسلامية والعربية على نفقة البنك الإسلامي للدراسة في اليمن.
وفي حال إكمال هذين الصرحين – المستشفى والكلية- فإن خدمات المستشفى ستغطي الجمهورية كاملة وليس فقط جامعة ذمار أو كليتنا، فهو كما قلت أسس ليخدم منطقة شبه الجزيرة العربية والقرن الافريقي كمركز بحثي متطور.

قد يعجبك ايضا