يوم الطفولة.. لا بواك لأطفال اليمن

زينب إبراهيم الديلمي
يوم الطفولة ، الذي صادق يوم الجمعة الـ20 من نوفمبر، هذا الاسم الذي أرّخه بضع ممن يصفون أنفسهم بــ « الإنسانييّن » الذين أسسوا منظّمتهم الأممية بهدف « الحماية والسّلام والأمن » وجعلوا من هذا اليوم يوماً عالمياً يحتفلُ به أطفال العالم قاطبة .
يعلم الجميع بهذا اليوم ، ولا أريد أن أكثر في الإطناب لهذا الحديث ؛ لأن الحديث عنه لا يتّسع ، ولا جدوى أن نتحدّث عن أطفال العالم كيف يقضون هذا اليوم ، وما شعورهم ، وما حقوقهم في الطفولة ، وما وما وما …. الأهم من كل هذا هو حديثي عن أطفال بلدي اليمن الذين يقضون هذا اليوم وهم في أنكى الأحوال ، في زمن تدّثرت الضمائر غير – الإنسانيّة – في كفن الصّمت المُريب ، في حقبة أصبحت الحقائق المؤلمة مدفونة في العراء ومكثت نسياً منسياً .
هاكمُ أطفال اليمن : فهم الذين يخلدون للنّوم وهم جياع .. الذين يذهبون إلى الشّارع ويعبرون الأزقة والأحياء بحثاً عن قوت يومهم .. الذين حُرموا من نعمة أسرهم وتنفس الصّعداء في اللّعب مع أصدقائهم ، والذين دمرت مدارسهم وبيوتهم وتناثرت أشلاؤهم وطويت صفحة حياتهم عن ذهن العالم الذي تجرّد عن ضمير الآدميّة وتقمَّص برداء الأشباح الشريرة التي تحجب السّماء النّاصعة عن أعين الطفولة اليمنيّة بضباب السّواد الكئيب ، فلم تعد تدري أين هي شمس مُستقبلهم أأشرقت من مشارقها أم من مغاربها ؟
إنّهم أطفال اليمن الذين لا عزاء ولا بواك لهم ، ولا تنديدات صارخة بانتهاك حقوقهم ، ولا صراخاتٍ عالية تُسمع الشعوب الغافلة صوت أنينهم ، ولا لسانٍ أفصح عن حالهم وعن ضياع مُستقبلهم المُشرق ، ولا عينٍ فتحت جفونها كي تتطّقس دماء الطفولة الباردة ، والعيش الهنيء الذي سلبه لصوص الإنسانيّة !
أين أولئك الذين يذهبون إلى حائط مبكاهم ؛ ليتباكوا ويخمشوا وجوههم المُتفحّمة بسواد الخزي ؟ أين هم المتشدقون بالآدميّة والإنسانية الذين يرعون حقوقهم ومصالحهم لا حقوق الطفولة المنسيّة ؟ أين هم أصحاب الأمعاء المأهولة الذين يقتاتون الأغذية بشراهة وتركوا أمعاء الطفولة اليمنيّة خاوية ؟ أين هي تلك المنظمات التي اصطنعت مُصطلح « حماية الطفولة » كي تهُبّ لنجدة حقوق أطفال اليمن من براثن النّسيان ؟
أمازلتم تتذكّرون عين بثينة المُغلقة التي سعت جاهدة لفتحها ؛ لكي تتمكّن من رؤية قُبحكم جيداً ؟ أمازلتم تتأملون الطفل سميح الذي حُرم من نعمة الأبوّة ، ولم يسمح لأيّ أحد أن يقترب منه ومن أبيه ، وسعى سعيه لتركه المسعفون وشأنه أن ينام في حضن والده الشّهيد ؟ أمازلتم تتيقّنون إزاء ما جرى لأطفال ضحيان الذين قضوا عطلتهم الصّيفيّة مع بعضهم البعض ، وذهبوا في نزهة إلى روضة الشُهداء .. وتحوّلت جوازات سفرهم إلى السّماء حيثُ الشُهداء والأنبياء والأولياء ؟ أمازلتم تستوعبون ما جرى لإشراق التي تمزّق جسدها ، وسُيّرت ألوان مستقبلها ، وكُراس رسمها ، وتلّطخ زيّها المدرسي بدمها البريء ؟ وهل أدركتم الشظايا التي نخرت وجه حليمة الصّعديّة ودمعتها السّاخنة ، وتخّطفت صواريخ الأشرار بيتها وأسرتها الهانئة وبقيت وحيدة شاهدة على جرم وخبث عدوان الإجرام ومنظّماته الكاذبة ؟
تباً لكم ولإنسانيّتكم التي لم تُحرك ساكناً ولم تنبس ببنت شفة عن فظيع ما جلبتم للطفولة اليمنيّة.
تباً لأيدي السّفالة التي سلبت حريّة الطفل البريء وكرامته وحقوقه وانسانيّته وغيّبته عن قاموس البشريّة ، تباً وتباً لأفعالكم النّتنة والقبيحة التي ستُكرّس سوداويّتها في جذور التّاريخ.

قد يعجبك ايضا