تقرير نيابة الأموال العامة في المحافظة يسجل 95 قضية اعتداء واستيلاء على أراضي الدولة وأراضي الأوقاف خلال العام الماضي

نهب أراضي الدولة والأوقاف في الحديدة.. القضية القديمة المتجددة

تعويضات أراضي المطار وأحواض مجاري الحديدة وأراضي سردود من أبرز القضايا
استعادة 1700 معاد وأكثر من 20 ألف متر مربع من أراضي الدولة تصل قيمتها إلى 7.5 مليار ريال

لازالت قضايا النهب والسطو والاستيلاء على أراضي الدولة والأوقاف والمواطنين في محافظة الحديدة بمختلف مديرياتها من قبل بعض النافذين ومراكز القوى وسماسرة الأراضي من أبرز القضايا الشائكة القديمة المتجددة التي تؤرق وتنغص حياة المواطنين بكل شرائحهم الاجتماعية في المحافظة ، إلى جانب أنها كانت من أكثر القضايا ورودا إلى الجهات الضبطية والقضائية بالمحافظة على مدى عقود من الزمن، وتشكل عائقا كبيرا أمام الاستثمارات في المحافظة ، و أمام الجهات القضائية المختصة وخاصة نيابة الأموال العامة التي تواجه شتى أنواع الضغوط والتهديد من مراكز القوى المستفيدة من هذه القضايا والتي تصل إلى حد تغيير القضاة وأعضاء نيابات الأموال العامة من مناصبهم ممن قاموا باتخاذ الإجراءات القانونية حيال المتهمين بارتكاب هذه القضايا وإحالتهم إلى المحاكم، ، وهو ما حصل لرئيس نيابة استئناف الأموال العامة بمحافظة الحديدة مؤخرا القاضي أحمد محمد البعداني الذي تم تغييره فور قيامه بفتح العديد من ملفات قضايا الأراضي للدولة والأوقاف وخاصة قضية الأراضي الزراعية بسردود وقضية وتزوير وثائق أراضٍ متهم فيها أكثر من ١٥٠ موظفاً بالهيئة العامة للأراضي بالمحافظة وقضية تعويضات أراضي مطار الحديدة وغيرها من القضايا، التي كانت وراء تغيير العديد من أعضاء نيابة الأموال العامة بالمحافظة فور شروعهم في استكمال التحقيقات والإجراءات القانونية حيال هذه القضايا تمهيدا لإحالتها إلى محكمة الأموال العامة، واحتفى بعض المتهمين في هذه القضايا بتغيير رئيس نيابة الأموال العامة من خلال اطلاق الأعيرة النارية في الأسواق بمديرية بيت الفقيه وغيرها.
الثورة / يحيى كرد

ومن خلال هذا الاستطلاع سنستعرض أهم قضايا أراضي الدولة والأوقاف التي تعرضت للسطو والنهب والاستيلاء والتي لازالت رهن التحقيق أو الحصر من قبل نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة والتي مر عليها عدة سنوات وهي رهن التحقيق جراء تدخل مراكز قوى نافذة لمنع إحالة هذه القضايا الشائكة التي أصبحت أكبر عائق أمام تدفق الاستثمارات والاستقرار الأمني إلى المحكمة لمحاكمة المتهمين.
95 قضية اعتداء على أراضي الدولة والأوقاف خلال العام الماضي، فالتقرير السنوي الصادر عن نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة أوضح أن عدد قضايا الاعتداء على أراضي الدولة الواردة إلى النيابة خلال العام الماضي بلغت 57 قضية اعتداء و38 قضية اعتداء على أراضي وأملاك الأوقاف بالمحافظة ومختلف مديرياتها وهذا العدد الكبير من قضايا الاعتداءات على أراضي الدولة والأوقاف يؤكد بأنها في ارتفاع متواصل جراء عدم وجود الرادع القوي لمرتكبي هذه القضايا” فيما هذا العدد من القضايا لا يشمل قضايا الأعوام السابقة وخاصة قضية تعويض أراضي مطار الحديدة الشهيرة التي استنزفت عشرات المليارات من خزينة الدولة وقضية أراضي وادي سردود الزراعية وقضية أحواض مجاري مدينة الحديدة وقضية 150 موظفاً الذين سهلوا الاستيلاء على مساحة كبيرة من أراضي الدولة وصدر بحق بعضهم أحكام قضائية ولم يتم تنفيذها حتى اليوم ولازالوا يمارسون نشاطهم الوظيفي بشكل طبيعي وهذا مخالف للقانون بحسب تقرير نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة.

أكثر من 7 مليارات ريال قيمة أراضي الدولة المستعادة
وأشار التقرير الصادر عن نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة إلى أن النيابة تمكنت خلال العام الماضي من استعادة مساحات واسعة من أراضي الدولة من المعتدين والمغتصبين لها التي بلغت قيمتها 7 مليارات و428 مليونا و353 ألفا و121 ريالاً منها ملياران و630 مليوناً و173 ألفا و121 ريالاً تم استعادتها بأحكام قضائية أو بقرارات أثناء التحقيقات وملياران و399 مليوناً و90 ألف ريال، وأربعة آلاف و400 دولار أمريكي. فيما بلغت قيمة الأرضي النقدية التي تم استعادتها لخزينة الدولة مليارين و87 مليونا و120 ألفا والبالغة مساحتها عشرين ألفاً و518 متراً مربعاً و1700 معاد من أراضي الدولة موزعة على مختلف مديريات المحافظة. ومن أهم الإنجازات التي تم تحقيقها عبر اللجنة الفنية المكلفة من الشعبة الشخصية والمدنية الثانية بمحكمة استئناف الحديدة ونيابة استئناف الأموال العامة بالمحافظة هي مساهمتها في حل الكثير من قضايا أراضي الدولة والأوقاف والمواطنين بما يخدم الصالح العام ويحافظ على أراضي وممتلكات الدولة والمرافق الخدمية العامة والأوقاف في المحافظة وحمايتها من العبث والاعتداءات. ومن أهمها إزالة المخالفات الواقعة داخل جولة وشارع التسعين وإعادة مسار شارع 90 إلى مساره أو موقعه الصحيح وفق المخطط العام وبعد أن تم حرف الشارع عن مساره الحقيقي عند سفلتته. إعادة أكثر من 6000 معاد من الأراضي في منطقة الكريشية والمحمدية والبيضاء وهي من أراضي الدولة والواقعة شمال شارع التسعين وتم نقل المخالفين من داخل الجولة وشارع 90 إلى موقع شمال شارع التسعين بحارة خالد بن الوليد وتم تصفية جولة شارع التسعين من المخالفات نهائيا.. كما تم حصر المخالفين والمعتدين على خط المياه الناقل من الآبار المغذي لمدينة الحديدة وحصر المخالفين في شارع 24 بحارة السلام الغربية بمديرية الحالي, وحصر قضية الاعتداء على حوش أحواض مجاري مدينة الحديدة بمديرية الحالي وإعادة المدينة الطبية المكونة من جزئين أو مرحلتين إلى الدولة وهي المدينة الطبية المرحلة الأولى التي تتكون من مباني جاهزة ومباني غير جاهزة وأراضي محوشة. والمرحلة الثانية من المدينة الطبية الثانية التي تبلغ مساحتها 500 معاد وتعتبر هذه المدينة ثاني مدينة طبية في الشرق الأوسط بعد مدينة الحسين الطبية بالأردن وتقع بمديرية الحالي. كما أنجزت اللجنة التي تم تكليفها من رئيس نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة من رفع وحصر واسترداد واسترجاع المخالفات في الشوارع وإزالة مخالفات من 43 موقعاً بمحافظة الحديدة ومديريات بيت الفقيه وباجل وزبيد ومديرية الحجيلة والزيدية ومديرية الدريهمي ومديرية الحالي والمنصورية والجراحي والقناوص وغيرها من المديريات والقري الريفية.

حرمان الدولة والأوقاف من المليارات سنوياً
وأوضح التقرير أن رئيس نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة القاضي أحمد محمد البعداني كلف اللجنة بالنزول الميداني لحصر وتصحيح أملاك الأوقاف بمديرية بيت الفقيه خلال شهر يوليو الماضي من العام الجاري 2020م وكذا الاطلاع ومسح أوقاف مسجد دويلان, والبدء بحصر ممتلكات الوقف من مباني ومحلات” حيث تبين أن السوق الوقف لصالح مسجد دويلان يتكون من سوق مقسم إلى خمسة أقسام منها سوق مركزي محوش أو مسور ببلك ووسط السوق مؤجر على أحد الأشخاص بخمسين ألف ريال سنويا بموجب عقد إيجار من ناضر الأوقاف بالمديرية ومعمد من مكتب الأوقاف بالمحافظة إلى جانب عقد إيجار آخر محرر أو صادر من صندوق النظافة والتحسين بالمديرية بإيجار( 501000) خمسمائة وألف ريال سنويا. وتبين أن المستأجر الأخير متهرب من دفع الضرائب المستحقة عليه وفقا للمستندات المسلمة لرئيس النيابة العامة للأموال العامة بالمحافظة والجزء الثاني من السوق عبارة عن محلات تجارية للجملة والتجزئة بالإضافة إلى مباني سكنية ودكاكين وصناديق حديدية وبسطات للخضار ومواد أخرى متنوعة ومن خلال الحصر تبين أن عدد المواقع المبنية بالسوق 123 موقعا وعدد 280 محلا تجاريا و110 صنادق و 150 بسطة وعدد من العمارات بعضها مكونة من طابق واحد وبعضها من ثلاثة طوابق تضم شقق سكنية ومحلات تجارية” كما يضم السوق كافة المواد الاستهلاكية للمواطنين , وتبلغ مساحة سوق دويلان الموقوف لمسجد دويلان خمسة معاد أي 19072 متر مربع ومساحة المقوات ثلاثة آلاف و111 متر مربع من خلال الحصر والتحري اتضح أن المعنيين أو المسؤولين عن الوقف هم ناظر الوقف بالمديرية مدير أو مسؤول الأعيان بالمديرية ومدير فرع الأوقاف والإرشاد بالمديرية ومدير الشؤون القانونية بمكتب الأوقاف بالمحافظة, من خلال الحصر و التحري تبين أن هناك فوضى وإهمالاً كبيراً تسبب في ضياع أوقاف مسجد دويلان خاصة والمساجد عامة في مديرية بيت الفقيه” حيث يبلغ الايجار السنوي لمحلات وبسطات سوق دويلان 15 ألف ريال للمحل الواحد سنويا وبواقع 1200 ريال شهريا وصناديق 10 ألف ريال سنويا بواقع 800 ريال شهريا , في حين أفاد أصحاب البسطات بأنهم يدفعون 200 ريال يوميا بواقع 6000 ريال في الشهر أي بواقع 72000 ألف ريال سنويا لكل صندقة , فيما أفاد أصحاب المحلات أو الدكاكين بأنهم يدفعون 50 ألف ريال شهريا وهذا أكثر بكثير مما أفاد به مسؤولو وقف سوق دويلان واتضح للجنة المكلفة من رئيس نيابة الأموال العامة بأن العائد من سوق دويلان الموقوف لمسجد دويلان هزيل جدا ويصل إلى مستوى الإيجار بسوق مركزي شامل إلى جانب أن هناك فساداً واضحاً من قبل مسؤولي الأوقاف بالمديرية. فمثلا هناك 280 محلا تجاريا بإيجار شهري بـ 15 ألف ريال تساوي أربعة ملايين و200 ألف ريال شهريا بما يساوي 50 مليوناً و400 ألف سنويا و110 صندقة بواقع إيجار 10 آلاف ريال شهريا بما يساوي مليوناً و100 ألف ريال شهريا و13 مليوناً و200 ألف ريال سنويا. فيما حصيلة 150 مفرشاً بسوق دويلان بإيجار يومي 200 ريال على كل مفرش يساوي 30 ألف ريال يوميا بواقع 900 ألف ريال شهريا و10 ملايين و800 ألف ريال سنويا” وهذه الاحصائيات الميدانية تبين بأن إيرادات وقف سوق دويلان وحده هي 74 مليوناً و400 ألف ريال سنويا وهذا العائد لا يشمل سوق القات الذي تبلغ مساحته خمسة معادات وإيجارات الشقق السكنية بعمارات السوق التي لم تتمكن اللجنة من حصرها “ كما أنه اتضح للجنة أن سوق القات بسوق دويلان المركزي مؤجر من مكتب الأوقاف بمبلغ 50 ألف ريال الف سنويا وعقد إيجار آخر محرر من صندوق النظافة والتحسين بمديرية بيت الفقيه بمبلغ (501000) خمسمائة وألف ريال سنويا والمستأجر متهرب من دفع الضرائب، هذا إلى جانب أن مسجد دويلان يمتلك 85 معاداً من الأراضي لم يتم حصرها بعد إلى الآن “ وهذا يبين وبشكل واضح ما تتعرض له الأوقاف في مديرية بيت الفقيه من عبث وإهمال وفساد وقس على ذلك بقية المساجد والآبار والأوقاف الأخرى وهذا يعني بأن هناك المليارات من الأوقاف يتم هدرها سنويا جراء الفساد والإهمال والعبث على مستوى المحافظة وحرمان مكتب الأوقاف وخزينة الدولة منها.

بيع أراضي الأوقاف بأسعار بخس
وأشار التقرير الصادر عن نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة إلى أن اللجنة المكلفة من رئيس نيابة الأموال العامة بالمحافظة توجهت عقب ذلك إلى موقع وقف مسجد عبادة الكائن في العيادية ومن خلال الاطلاع على مساحة الوقف اتضح بأنه تم تحويل أراضي الوقف من أراض زراعية إلى أراض سكنية وتم التصرف فيها بالبيع من قبل شخصين وقد أبرزا لنا سندات قبض من مكتب الأوقاف بالمحافظة بمبلغ وقدره 19 مليوناً و500 ألف ريال, ولم تبين السندات مساحة معادات الأرض التي تم بيعها لصالح مكتب الأوقاف واتضح للجنة بأن الأراضي تم بيعها بسعر بخس وغبن. كما قامت اللجنة بالنزول الميداني إلى منطقة الدماحيه للاطلاع على بئر البطاشية وحصر أراضي الوقف التابعة للبئر والتي تمر منها طريق ريمة.
واتضح من خلال الإسقاط أن أراضي البئر أراض متروكة أو مهملة كون الطرق كانت ترابية وعندما تم تحويل الطريق إلى أسفلت قام بعض المعتدين بمسح الأرض الموقوفة لبئر البطاشية وبيعها على أنها أملاك خاصة أو حرة بما يساوي 45 مليون ريال.

إزالة اعتداءات مصلى العيدين
كما قامت اللجنة بالنزول إلى مصلى العيدين بمديرية بيت الفقيه للاطلاع على المخالفات الواقعة أو المستحدثة داخل المصلى، حيث تم تحرير محضر من اللجنة والأوقاف بالمديرية ومكتب الأشغال ومدير عام المديرية وتم إزالة المخالفات وعلى نفقة المعتدين ومسح المصلى وتسويره للمحافظة عليه من أي اعتداءات مستقبلية. وبين تقرير النيابة إلى أنه من خلال النزول الميداني للجنة اتضح أن مكتب الأوقاف بمديرية بيت الفقيه يفتقر لأبسط المعلومات والبيانات الخاصة بالكادر الوظيفي بالأوقاف وأملاك أراضي الوقف، عدم وجود سجلات أو وثائق أو عقود للأعيان الموقوفة بالمديرية وعدم متابعة المنتفعين من أملاك الأوقاف سواء كانت أراضي أو عقارات من تجار والقادرين على السداد الأمر الذي تسبب في تقاعسهم عن السداد فالبعض نسى أنه مستأجر من الوقف وأصبح يشعر أنه المالك لهذا الوقف رغم أن الإيجارات المفروضة على المنتفعين زهيدة جدا.

سندات تحصيل غير قانونية بدون ختم الأوقاف
وتم العثور على سندات تحصيل غير قانونية لا يوجد عليها ختم مكتب الأوقاف بالمحافظة وتصرف المنتفعين والمستأجرين عبر نضار الأوقاف وغيرهم. كما تم العثور على عقود إيجارات غير رسمية وخارجة عن القانون يستخدمها نضار الوقف في تعاملهم مع المنتفعين بالمديرية. فيما يوجد قضايا وقف في محكمة بيت الفقيه تخص الأوقاف ولا يوجد للأوقاف من يمثلها أمام المحكمة لمواجهة المعتدين والمغتصبين لأملاك الأوقاف الأمر الذي تسبب في ضياع الأوقاف بصدور أحكام ضد الأوقاف.
كما تبين للجنة قيام بعض موظفي مكتب الأوقاف في مديرية بيت الفقيه بتسهيل مهمة الاستيلاء على الأوقاف باستغلال مناصبهم وابتزاز أصحاب الأراضي المجاورة للأوقاف بحجة أنها وقف.

إهمال موظفي الأوقاف ببيت الفقيه
كما لاحظت اللجنة وجود إهمال كبير من قبل موظفي الأوقاف بمديرية بيت الفقيه من خلال عدم وجود أي مراسلات أو مطالبات للجهة الأعلى تبين جديتهم أو حرصهم على أملاك الأوقاف بالمديرية وعدم وجود حصر دقيق للمباني السكنية والأراضي الزراعية للأوقاف.
في حين قامت اللجنة بالنزول الميداني إلى وقف الجامع الكبير بمديرية بيت الفقيه التي اتضح أنها أراض توجد عليها منازل سكنية كثيرة ومتنوعة تمتد إلى شارع 45 وما بعده كما تم النزول إلى أراضي وقف الجامع الكبير خلف الملعب جوار شارع 24 واتضح أنها تضم مساحة كبيرة من الأراضي وتحتوي على مباني متنوعة.
وإجمالي ما تم حصره لوقف مسجد الدويلان ومسجد العيادية والجامع الكبير الذي لم يكتمل بعد حصره وصل 23ألفاً و442 موقعاً وخمسة آلاف و23 معاداً وألفين و 274 بئراً، ويوجد في مديرية بيت الفقيه 38 مسجداً وألف و954 دروساً للقراءة معظمها غير مقيدة بمكتب الأوقاف والإرشاد بالمديرية أو المحافظة وهذا يعني أن هناك مئات الملايين مهدرة لاتصل إلى مكتب الأوقاف في المحافظة أو خزينة الدولة.

قد يعجبك ايضا