تشير الإحصائيات إلى أن مليوني شخص يحتاجون إلى إسكان داخل أمانة العاصمة

مليونا شخص يحتاجون للسكن في أمانة العاصمة..آمال جديدة تنعش واقع المستأجرين.. بحل مشكلاتهم

استغلال ملاك العقارات للوضع الراهن جعلهم يبالغون في رفع إيجارات الشقق والمنازل
باحثون في مجال السكان: العدوان تسبب في نزوح الملايين واتساع الفجوة السكانية

في شهر أبريل 2017، أصدرت وزارة العدل تعميما حول مشاكل الإيجارات، أكدت فيه على مراعاة ظروف الموظفين بعد أن تصاعدت مشاكل كبيرة بين المؤجرين والمستأجرين بسبب عجز الكثير عن سداد إيجار المنازل نظراً لانقطاع رواتبهم، لكن هذا التعميم لم يكن كافيا لحل مشاكل المستأجرين أو التخفيف من معاناتهم،وهو ما يحتم على الجهات المعنية أن تعمل على إيجاد حلول سريعة تنهي معاناة الآلاف، حيث تشير الإحصائيات إلى أن مليون و300 ألف شخص يحتاجون إلى إسكان داخل أمانة العاصمة، هذا الرقم كان قبل العدوان أما بعد العدوان فالأرقام تشير إلى احتياجات مليوني شخص للإسكان، بسبب نزوح آلاف الأسر من المحافظات – التي تضررت بشكل مباشر من غارات العدوان السعودي وتحالفه – إلى العاصمة صنعاء.. تفاصيل كثيرة نقرؤوها من خلال السطور القادمة:
الثورة / حاشد مزقر


أمين محمد مواطن من محافظة الحديدة، موظف حكومي وأب لخمسة من الأولاد، يصور لنا واقعه مع بيوت الإيجار ويقول : كنت املك سوبر ماركت في عمارة ذات دورين وكنت أبيع فيها المواد الغذائية كانت تؤمن لي الدخل الكافي مع مرتبي الشهري البسيط، وكنت أسدد من خلالهما إيجار الشقة في ذات العمارة، كما كان هذا الدخل يمكنني من العيش بكرامة لكنني وجدت نفسي فجأة من أفقر الناس، إذ لم يعد بمقدوري الإيفاء بكامل متطلبات الأسرة الضرورية بعد أن تعرضت هذه العمارة للقصف من طائرات العدوان وفقدت أحد أبنائي وأصيب بقية أفراد أسرتي بإصابات مختلفة فأصبحت الآن بدون دخل، ويضيف بالقول: لقد انتقلت للعاصمة صنعاء واستأجرت شقة بـ 50 ألف ريال لإيواء أبنائي بعد أن نزحت من محافظة الحديدة وانقلب وضعي المادي رأسا على عقب، بعد دمار العمارة التي كنت أسكن فيها ومصدر دخلي، كل ذلك لم يخطر ببالي والآن أصبحت أمر بظروف قاسية فلم أعد قادرا على الإيفاء بقيمة إيجار السكن الذي نعيش فيه وبالكاد أوفر مصروف أبنائي القصر وحتى اللحظة ما زلت مهددا بالطرد من السكن ولاحيلة لي بعمل أي شيء.
عابد البهلولي رب أسرة مكونة من طفلين وزوجة، كان يعمل في مدينة المخا كموظف حكومي براتب لا يتجاوز خمسة وستين ألف ريال، وكان يسكن في سكن موظفي شركة الكهرباء الذي استهدفه العدوان عام 2015 ودمره كليا والآن يسكن في صنعاء ويصرف كل راتبه الذي عاد مؤخرا في إيجار المنزل، فيما يتدبر القوت الضروري للأسرة من عمله في أحد المحلات التجارية وقد ظل في عمله بدون راتب لأكثر من 4 سنوات بسبب انقطاع إيرادات مؤسسة الكهرباء نتيجة تدمير العدوان لكل منشآت ومحطات الكهرباء على اليمن، وبعد أن تم إعادة تشغيل عدد من المولدات استأنف صرف الراتب الأساسي لكنه بالكاد يوفر قيمة إيجار المنزل الشعبي الذي تسكن فيه أسرته ..عابد أبدى غضبه الشديد من ارتفاع إيجارات المنازل بهذا الشكل التي أصبحت – بحسب وصفه – أسعارا خيالية خصوصا والمبالغ التي يفرضها أصحاب العقارات تزيد من فترة لأخرى مما كبلت حيلته ولم يعد يقوَ حتى على التفكير في عمله بسبب ضغوطات الإيجارات، حيث أنه ملتزم بدفع مبلغ 600 ألف ريال كمتأخرات مالم فإنه ملزم بالخروج من المنزل، وكما يقول أنه اضطر لبيع أشياء من أثاث وحاجيات المنزل لسداد إيجار المنزل الشهري في مرات عديدة.
ويعقب المحامي عبدالغني مفرح على تعميم وزارة العدل الموجه للقضاة، بأنه لم يكن كافيا لحل مشاكل المستأجرين أو التخفيف من معاناتهم، وأوضح أن العلاقة بين المؤجر والمستأجر هي علاقة تعاقدية يسيرها عقد الإيجار، هذا العقد خاضع لأحكام نصوص قانونية صريحة لا تحتاج لقرارات أو تعميمات.. واعتبر التعميم الأخير أنه جاء كتذكير للقضاة بالمادة 211 من القانون المدني لعام 2002، التي تنص على ضرورة مراعاة الظروف في أوقات الكوارث أو الحروب، ولم تحدد حكماً معلوماً، بل تركت الخيار لقاضي المحكمة.. وأضاف: إن المادة لا تشمل حالات انقطاع المرتبات والتي لا علاقة للموظف بها وقد اقتصرت على ظروف الكوارث والحروب فقط وأن الإخلاء القسري لم تتضمنه المادة ولا يحقق مصلحة الطرفين بل مصلحة طرف واحد وهو المؤجر الذي يستغل أزمة السكن ويستبدل المستأجر بآخر وبإيجار مضاعف، وكون العلاقة التي تربط بينهما تعاقدية فإنه بمجرد مخالفة شرط من شروط العقد من قبل المستأجر أو بانتهاء العقد بينهما تنتهي العلاقة التعاقدية بين الطرفين وعلى إثرها يقوم المؤجر بتوجيه طلب إخلاء للمستأجر قبل انتهاء العقد بغرض إخراجه، كما أن القانون قد منح المؤجر حق طلب إخلاء العين المؤجرة إذا كان الغرض من الإخلاء هو الاستخدام الشخصي وهذه هي الحُجة والطريقة التي يدخل منها المؤجر لفسخ العقد وإخراج المستأجر.. ونوه إلى أنه في هذه الحالة يتحتم على الجهات المعنية أن تعمل على إيجاد حلول تخفف من معاناة المستأجرين.

ارتفاع مستمر للإيجارات
الباحث في الشؤون السكانية في المجلس الوطني للسكان أمين إسماعيل يقول: إن آلاف السكان مهددون بالطرد من منازلهم جراء عدم قدرتهم على توفير قيمة الإيجارات التي ترتفع بشكل مستمر وبلا توقف، ويؤكد أن نحو نصف سكان العاصمة صنعاء يعيشون في منازل بالإيجار، كما أن بعضهم يعيش في مناطق عشوائية غير ملائمة وتفتقر إلى الخدمات الأساسية.
وأضاف: إن تكاليف السكن في صنعاء والمدن اليمنية بشكل عام مرتفعة منذ فترة طويلة لكنها زادت خلال السنوات الأربع الماضية، بعد أن شن الظالمون عدوانهم على اليمن ما تسبب بمعاناة كبيرة للمواطنين وبالذات ذوي الدخل المحدود.. وأوضح إسماعيل أن أزمة الإسكان تعد مشكلة أساسية بالنسبة لمحدودي الدخل.. مشيرا إلى أنّ أكثر من مليون موظف حكومي يعيشون في المناطق الشمالية – منها صنعاء – من دون رواتب، بعد نقل البنك المركزي إلى عدن.

فجوة سكانية كبيرة
المهندس محمد حسين الذاري – نائب وزير الأشغال العامة والطرق – أشار إلى أن الفجوة السكانية في أمانة العاصمة تصل إلى مليون و300 ألف شخص وهم عدد من يحتاجون إلى إسكان داخل أمانة العاصمة هذا الرقم كان قبل العدوان أما بعد العدوان فالأرقام ارتفعت إلى مليوني شخص لأن هناك زحفا كبيرا من النازحين والمُهجرِّين الذين جاءوا من المحافظات الأخرى، بعضهم للسكن عند أقاربهم وآخرون في أماكن الإيجار التي ليست صالحة للإيجار من دكاكين وغيرها بسبب تضرر محافظاتهم ومنازلهم من غارات العدوان.
مضيفا: الدور الذي قامت به الحكومات السابقة من أجل توفير السكن للمواطنين كان ضعيفا للغاية، فهي لم تهتم بشيء، وفي حقيقة الأمر لا يوجد تنمية بالمعنى المتعارف عليه، وهذا ما لمسناه بعد أن اطلعنا على المشاريع السابقة حيث لا يوجد إسكان ومدن سكنية، بمعنى لم يكن هناك إحساس بأهمية الموضوع أو إحساس وطني يجعل المسؤول الأول في الدولة يعي خطورة الموضوع وأنه لابد من حل الإشكال، كما لم يكن هناك نظرة بعيدة المدى، رغم أن معدلات النمو عالية من خلال المواليد وبالتالي يجب أن يعملوا على سرعة التعامل مع تلك الأرقام ويترجموها إلى مشاريع مستقبلية، إلا أن ذلك لم يحدث، وما يثبت فشل الحكومات السابقة أنهم لم يضعوا قانونا للإسكان، فلا يوجد لهذا البلد استراتيجية وطنية للإسكان، فهم لم يكونوا مهتمين بهذه المواضيع ولم ينظروا إليها بمأخذ الجد والأهمية خصوصاً في ظل محدودية الأرض ولم يهتموا ببنك الإسكان وقطاع الإسكان، وكان الاهتمام نوعا ما بقطاع الطرق، وإن كان الاهتمام فيه اختلالات، وكل هذا أدى إلى مشاكل الإسكان الحالية.

ترقب جديد
بعد أن أقرت حكومة الإنقاذ تعديلات على قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، الذي يعود للعام 2006، حيث يتضمن التعديل تخفيفا من معاناة المستأجرين في ظل الوضع الراهن مع حفظ حقوق المؤجر، فإن المواطنين ينتظرون بفارغ الصبر أن تتبع هذه الخطوة خطوات عملية على أرض الواقع تسد الفجوة المتسعة بسبب استغلال ملاك العقارات للوضع الراهن ما جعلهم يبالغون في رفع إيجارات الشقق والمنازل.

قد يعجبك ايضا