رئيس جامعة دار العلوم الشرعية – مفتي عام محافظة الحديدة الشيخ محمد مرعي لـ”الثورة ” : احتفاء اليمنيين بالمولد النبوي الشريف رغم المعاناة يجسد مصداقية قول الرسول فيهم

 

تبني النظام السعودي للفكر التكفيري حرف مسار الأمة عن نبيها ومنهجه القويم
كل مذاهب وطوائف الأمة –ماعدا التكفيريين- بإمكانها التوحد والتعاون في ظل الثوابت والقواسم المشتركة
حين يحيي مئات الملايين من المسلمين ذكرى رسولهم فإن الأعداء سيحسبون لهم ألف حساب
نحن أمة لها خصوصيتها وحضارتها ولا يمكن أن تذوب في بوتقة العولمة والتغريب
أعداء الأمة يتابعون بقلق فعاليات الاحتفاء بالمولد لأنهم يعتبرونه مشروعا أحيائيا

أكد الشيخ محمد بن محمد علي مرعي أن الاحتفال بمولد النبي الأكرم بوعي يُعدُّ محطة انطلاق نحو مولد جديد لأمة قوية منتصرة، مستقلة تكتسي هيبتها وتحتل مكانتها العالية بين الأمم كشاهدة على الناس كما أراد الله لها وكما كان أول مولد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم باكورة ميلاد أمة الإسلام .. مشيرا إلى أنه بإمكاننا أن نجعل من هذه المناسبة في هذا الزمن مولداً لأمة مهابة الجانب ذات سيادة واستقرار وحضارة إنسانية.
واشار في لقاء أجرته معه “الثورة ” إلى أن المولد النبوي الشريف يمثل أهمية بالغة للأمة الإسلامية فهو يعتبر خاصية حضارية لها بين الحضارات والأمم الأخرى التي لها أعياد ومناسبات مستقلة وذات خصوصية، ونحن كأمة إسلامية يمثل الاحتفال بهذا المولد الشريف جزءاً مهماً من مميزات حضارتنا الإسلامية العريقة حتى لا تذوب في معركة صراع الحضارات أو تستسلم أو تفقد مميزاتها واستقلاليتها بل إن الاحتفال الكبير بمناسبة كهذه يعكس صحوة إسلامية ويعني بأن الأمةَ في طريقها نحو استعادة عزها وكرامتها وقيادة ركب العالم كما أراد الله لدينها .. وإليكم حصيلة ما جاء في مجريات اللقاء :

الثورة / أحمد كنفاني

بداية نرحب بك شيخ محمد ضيفا عزيزا على الصحيفة وقرائها ونود من هديك المستنير ان تحدثنا عن المولد النبوي الشريف ؟
شكرا لكم على إتاحة الفرصة واللقاء بنا في هذه المناسبة الدينية العظيمة والحديث عن المولد النبوي الشريف هو حديث على صاحب المولد وعن رسالته فهو حديث عن كل يوم في حياته صلى الله عليه وآله وسلم وعن كل تشريع من تشريعاته وعن مواقفه وأخلاقه وشمائله وسيرته وليس مقتصراً على يوم خروجه صلى الله عليه وآله وسلم من بطن أمه الكريمة، كما أنه حديث عن الإسلام ومعالمه، بل إن الحديث عن المولد النبوي الشريف هو حديث القرآن الكريم الذي ينبغي أن نعرف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من خلاله ، فالقرآن الكريم يقدم الرسول في قوالب عامة شاملة تدل على عظمته حينما يقول عنه الله سبحانه : {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } وعندما يقول سبحانه وتعالى : { يا أيها النبي إنا أرسلناك شهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا } وعندما يقول سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} وعندما يقول جل وعلا : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} وعندما يقول سبحانه { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} هذه الآيات وأمثالها تشكل مرجعية لأي حديث عن رسول الله ، فإنه لا ينبغي أن نخرج عن هذا الإطار الذي كله تعظيم ويُعتبر خطوطاً عريضة لكل ما يمكن أن يُقال عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن الاحتفال بالمولد النبوي معناه أننا نقدر نعمة الله علينا بهدايته لنا برسوله وأننا ممتنون لله على هذه النعمة ونقدرها حق قدرها ..كما أن معناه أننا نحب الرسول ونتخلق بأخلاقه ونتزود بالمعرفة العملية الصحيحة بالإسلام وقيمه ومثله العليا وروحه وجوهره بدلاً من التمسك بقشور لا تسمن ولا تغني من جوع ..
فالاحتفال بمولد النبي الأكرم بوعي يُعدُّ محطة انطلاق نحو مولد جديد لأمة قوية منتصرة، مستقلة تكتسي هيبتها وتحتل مكانتها العالية بين الأمم كشاهدة على الناس كما أراد الله لها ، قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} وكما كان أول مولد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم باكورة ميلاد أمة الإسلام فبإمكاننا أن نجعل من هذه المناسبة في هذا الزمن مولداً لأمة مهابة الجانب ذات سيادة واستقرار وحضارة إنسانية.
كما أن المولد النبوي الشريف يمثل أهمية بالغة للأمة الإسلامية فهو يعتبر خاصية حضارية لها بين الحضارات والأمم الأخرى التي لها أعياد ومناسبات مستقلة وذات خصوصية، ونحن كأمة إسلامية يمثل الاحتفال بهذا المولد الشريف جزءاً مهماً من مميزات حضارتنا الإسلامية العريقة حتى لا تذوب في معركة صراع الحضارات أو تستسلم أو تفقد مميزاتها واستقلاليتها بل إن الاحتفال الكبير بمناسبة كهذه يعكس صحوة إسلامية ويعني بأن الأمةَ في طريقها نحو استعادة عزها وكرامتها وقيادة ركب العالم كما أراد الله لدينها قال سبحانه : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}.
العودة إلى الرسول
كيف يمكننا العودة إلى رسول الله ؟
نعود إليه من خلال ما تركه فينا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم :”إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي” والعض بالنواجز على كل ما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ولعل إحياء المولد النبوي الشريف مدخل للعودة الصادقة ولتحمل المسؤولية في تمثيل الدين أحسن تمثيل ونقطة انطلاق لهذا الدور الكبير الذي قال الله سبحانه عنه : (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا). وحتى نكون واقعيين فكل هذا الأمل ليس على هذه المناسبة فقط ولكنها خطوة وبداية في الطريق الصحيح وفرصة للفت أنظار العالم إلى دوائه من دائه وعلاجه من أمراضه وفرصة لأن نرص صفوفنا ونوحد جبهتنا الداخلية حتى نقدم دينه بسلوكنا وواقعنا وصورتنا الموحدة خلف قيادة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
ولعلي لا أبالغ إذا قلت بأن كل مذاهب الأمة وطوائفها – ماعدا التكفيريين – على استعداد تام لأن تمد يد السلام والتعاون والوحدة في ما بينها في إطار القواسم المشتركة وما أكثرها من أجل خدمة الدين وتقديمه في صورة حضارية تتناسب مع ما كان عليه المصطفى من مثل للرحمة والخلق العظيم.
احياء مشروع الوحدة الإسلامية
ما أهمية الاحتفال بهذه المناسبة الدينية العظيمة؟
إن كل أبناء الأمة يستشعرون أهمية هذه المناسبة في إحياء مشروع الوحدة الإسلامية بين كل أبناء الأمة، هذه المناسبة التي لن نجد لها مثيلاً في كل مناسباتنا ، بل إنها الأمل الوحيد الذي يعول عليها الغيورون على الأمة في تضييق الهوة والفجوة بين أبناء الأمة والتي يعمل الأعداء على توسيعها وتعميقها ، وإن من الأهمية لهذا المولد المبارك أنه يردنا إلى ما صلح به أول هذه الأمة والتي لن يصلح آخرها إلا به..
وهل أنقذ الله أولها إلا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمنهج الذي أنزل عليه وهو القرآن الكريم قال تعالى : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} .. وقال جلا علاه : { لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} والذي تجد واقعا عمليا في أقوال الرسول الكريم وأفعاله وأحواله حتى كان قرآنا يمشي بين الناس.
أضف إلى ذلك فالمولد النبوي هو المناسبة التي يمكن أن تمثل رمزاً للوحدة الإسلامية عندما تقام في كل دولة إسلامية فإنها تدل على القاسم المشترك والرابط الموصل بين كافة الشعوب، لأن هناك عيداً وطنياً لكل دولة يختلف زماناً ومكاناً ودلالة من دولة إلى أخرى أما مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه مناسبة الجميع وإنه يذكر أبناء الأمة وشعوبها عندما تحييه بالرابط والعلاقة القوية بينها وأنها جسد واحد مهما فرقتها الحدود الجغرافية كما أنها تهيج الأشجان إلى الوحدة الإسلامية وتذكر بعضنا مآسي بعض شعوبنا في بعض الدول والشعوب أما إذا لم تحيه الأمة فإن دلالة ذلك أن الأمة بعيدة عن أمل الاتحاد ودليل على حجم الهوة بين شعوب الأمة.
للتعظيم والتبجيل
ما دلالات احياء المولد النبوي الشريف ؟
من أكبر الدلالات لإحياء المولد النبوي الشريف أننا أمة نتمسك بنبينا ونعظمه ونجله ونحرص على التأسي به وأننا لانزال نتولاه ونطيعه وبالتالي فلن يجرؤ أحد على الإساءة إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فعندما تحيي مئات الملايين من المسلمين ذكرى رسولها فإن الأعداء سيحسبون ألف حساب قبل الإقدام على أي محاولة إساءة لمقدساتنا ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم لكنهم يقومون بجس نبض لمعرفة مدى تعلق الأمة بنبيها فلا يجدون جواباً رادعاً لا مقاطعة لبضائعهم ولا مظاهرة للتنديد بإساءاتهم ولا إحياء لفعالية مولد هذا النبي الكريم وبالتالي كل هذا السكوت يدل على انفصام وانقطاع بين الأمة ونبيها صلى الله عليه وآله وسلم مما يجرئهم على الإساءة لأن من أمن العقوبة أساء الأدب ، كما أن من دلالات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف المحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى التقوى كما قال سبحانه : { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } .. كما يدل الاحتفال على صحوة إسلامية ففي الوقت الذي تجتمع مئات الآلاف حول ملاعب الكرة أو من أجل زعيم سياسي. أو في الوقت الذي نرى فيه المجتمع قد تأثر بالغزو الثقافي في ملبسه وشكله وثقافته فإننا عندما نجتمع بمئات الآلاف من أجل رسول الله وتعظيماً له فإن هذه اللوحة الكبيرة تعكس صحوة إسلامية مبشرة وهذا ما حصل بالفعل، فلقد كان معظم الشباب مغرمين بثقافة الموضة والأفلام والحلاقة الأجنبية فلما أقيمت هذه المناسبات بهذا الشكل حصل تغير ملموس وصحوة كبيرة خصوصاً في أوساط الشباب فإذا هم يحبون الله ورسوله بل كانوا أول من ضحى من أجل الإسلام وكذا الظهور أمام العالم بأننا أمة ذات حضارة لها جذور ولها سمات وخصوصيات لا يمكن أن تذوب في بوتقة العولمة والتغريب أو أن تتماهى مع مشاريع الغزو الثقافي، بينما عندما نحتفل مع شعوب العالم بعيد المعلم وعيد الأم وعيد العمال وعيد الشجرة وغيرها ولا نحتفل بهذه المناسبة الخاصة بنا فإن ذلك مؤشر على فقدان الارتباط بالأصل الأول ودليل على نجاح مشاريع التغريب في أوساط الأمة ، كما أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يدل على أن مشروع الوحدة أقوى من مشاريع التمزيق والتفتيت.
ولذلك فأعداء الأمة يتابعون بقلق بالغ فعاليات الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم يعتبرونه مشروعاً إحيائياً للأمة إضافة إلى ذلك فإن ذكرى المولد النبوي تمر مرور الكرام كحدث عابر دون أن يكون لها صدى في كثير من الدول العربية والإسلامية فلا تعتبر الكثير من هذه الدول يوم هذه المناسبة إجازة رسمية فضلاً عن أن تتبنى أو تسمح بإقامة فعالية كبيرة بهذه المناسبة كخطوة في طريق صحوة الأمة على الرغم من أنها جعلت يوم السبت إجازة رسمية أسبوعية.
وكما قلنا سابقاً فالوحدة الإسلامية لا يمكن أن تتم إلا إذا كان التوحد والالتفاف حول الرسول الكريم، فلا يمكن أن نتوحد تحت راية شخص إلا إذا عدنا إلى الرسول عودة جادة وصادقة – ونحن معتقدون مقتنعون أن بإمكان الرسول الأكرم ومن صلاحياته أن يجمعنا على كلمة سواء وأن نجتمع وراءه على القواسم المشتركة الهامة، مع التسامح في ما اختلفنا فيه مما فيه سعة لأننا جميعاً نردد اسمه ونشيد برسالته صباح مساء ومراراً وتكراراً على مستوى اليوم الواحد من أعمارنا.
فالاحتفال بهذه المناسبة دليل على لين القلب ورقة الفؤاد وخشوع الإنسان وعلى الشوق لرسول الله والاتصال بذكراه والتعلق به صلى الله عليه وآله وسلم ، بينما يعكس عدم التفاعل معها الجفاف والخواء الروحي والغلظة والقسوة ومن عرف الفريقين عرف مصداق ما ذكرناه.
ولو سألنا واستقرأنا آراء الباحثين والعقلاء من المسلمين أو غيرهم وحتى آراء العامة وخصوصاً من غير المسلمين لو سألنا كل هؤلاء ، بماذا تقيِّمون الاحتفالات الجماهيرية الحاشدة عند المسلمين برسولهم، هل تدل على تعظيم المحتفلين وتمسكهم وحبهم لرسولهم أم العكس تدل على بعدهم وانقطاعهم لكن الجواب هو الجواب الأول.
التهيؤ والاستعداد الكبير
على ماذا يدل التهيؤ والاستعداد الكبير للاحتفال الكبير بالمولد النبوي الشريف في يمن الإيمان والحكمة وهو في ظل عدوان غاشم متواصل على مدى ستة أعوام ؟
يدل على أن هذا الشعب هو شعب يمن الإيمان والحكمة فعلا وأن الفقه والعلم يمان وتعلق الآمة بنبيها ويدل أيضاً على أنهم ألين قلوباً وارق أفئدة كل هذا الاستعداد ونحن في ظل العدوان فكيف لو صادف هذا المولد الشريف ونحن في أمن واستقرار إذاً لأقام اليمنيون احتفالاً رسمياً مليونياً يذهل العالم ويشد أنظاره إليه ومع ذلك فالاحتفال بهذه الصورة والمستوى في ظل العدوان دليل قوة ارتباط أبناء هذا الشعب بنبيهم وعلى صمودهم وثباتهم حيث لم يدعوا العدوان يحول بينهم وبين الفرح برسولهم الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ورغم الآلام والمآسي والجراح إلا أن فرحتهم برسول الله أكبر من كل جراحهم إضافة إلى ذلك فعندما تتزامن هذه الفعالية والمناسبة واليمنيون في جهادهم المقدس ضد أئمة الكفر والنفاق متأسين في ذلك برسولهم الكريم حين وقف في وجه الأحزاب ويهود المدينة ومنافقيها فإن ذلك يدل على مصداق ما قاله النبي الكريم عن هذا الشعب “الإيمان يمان والحكمة يمانية” وكأنه ينظر بلحظ الغيب الذي أراه الله إلى هذا اليوم الذي كان قد وجده قبل مجيئه حين قال : “إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن” وحين قال عن نجد: “من هنا تظهر الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان”.
زيف الفكر الوهابي ببدعة الاحتفال بالمولد النبوي
من وجهة نظركم لماذا يحرّم الوهابيون الاحتفال بالمولد النبوي ويقولون عنه بدعة ؟
حقيقة ليس هناك سند شرعي لتحريم الاحتفال بذكرى المولد النبوي ، حيث يحتفل المسلمون بعيد المولد النبوي الشريف منذ القدم في كثير من الأقطار الإسلامية من أجل إظهار وإبراز مكانة هذا النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أمته وفي نفوس المسلمين والاحتفال بالمولد النبوي الشريف جزء من ثقافة الشعب اليمني وليست حدثا طارئ عليه حديثا .. إلا ان الثقافة الوهابية النجدية القادمة من الدرعية والمؤيدة بالأموال النفطية حاولت عبر عملائها بالداخل اليمني طمس هذه الثقافة المتجذرة بصورة تدريجية من خلال غرس المفاهيم الوهابية في المناهج الدراسية حول بدعية الاحتفال بهذه المناسبة وتحريم إقامتها أو الابتهاج بها في تعدٍ واضح علي قداسة وعظمة رسول الرحمة وفي محاولة يائسة لفصله عن واقع الأجيال وضعف الارتباط به واستلهام سيرته وسلوكه كثقافة مجتمعية للشعوب الإسلامية ، حيث تدرجت محاولات النظام السعودي المتبني الرسمي للفكر التكفيري على المدى البعيد حرف مسار الأمة عن نبيها وعن سلوكه وقيمه وجهاده وتعاليمه الدينية وإنسانيته التي غرسها في ثقافة الأمة من خلال الإتيان بما يناقضها أو يكون بديلا عنها في ثقافة الأمة وليس أبلغ مما نشاهده و نسمعه من المفاهيم اللاإنسانية والأفكار التكفيرية التي نتج عنها ما تعيشه الأمة في واقعها اليوم ، وقد نجح النظام السعودي في حرف العديد من أبناء الأمة عن النهج المحمدي القويم وصار له له مؤيدون يعتنقون ويدينون بما يشاء من الأفكار المنحرفة ومن خلالهم يبث انحرافاته إلى مختلف بلدان العالم.
إلا أن الصحوة التي بدأت تدب في أوساط الناس والأصوات التي بدأت ترتفع محذرة من مغبة الفكر الوهابي وخطورته على مستقبل الأمة جعلت النظام السعودي يجند كل قواه لقمع تلك الصحوة ودفن تلك الأصوات كونه يرى فيها خطرا محدق ليس علي معتقداته الزائفة التي أضل بها الآمة بل وعلي نظامه السياسي الذي أبتكر له أرباب الفكر الوهابي المفاهيم الدينية التي كما يعتقدون، ستكون عوامل هامة لديمومته ، وبالعودة إلى التدرج الوهابي في بلادنا لطمس مناسبة المولد النبوي الشريف من الثقافة الشعبية والمجتمعية فقد جعل من المدارس هدفه الرئيسي لتشويه أي دعوة إحتفائية بهذه الذكري حتى وصل به الحال إلى الضغط على النظام السياسي لإلغاء قانونية العطلة الرسمية بمناسبة المولد النبوي الشريف ، وفي غباء غير متدارك أعتقد أرباب الفكر الوهابي في اليمن أنهم بهذه الإجراءت قد أستطاعوا محو هذه الثقافة المغروسة في قلوب كافة اليمنيون غير مدركين أن فك ارتباط اليمنيين بالرسول الأعظم ليس بالأمر الهين كون اليمنيين لهم خصوصية لدى رسول الله ولديهم عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خصوصيات أيضا ، ومن وصفوا إحياء المولد النبوي الشريف بالبدعة، وحرموا الاحتفال بها من دون بينة ولا دليل فقد أفتروا الكذب وأفتوا بالضلالة وسفهوا من يحييها بل وأخرجوهم من ملة الإسلام وحجتهم أن السلف والتابعين لم يحتفلوا بها وهذه الحجة لا ترقى حتى إلى مستوى أن تكون دليلاً ضعيفاً ولا يُقبل الاحتجاج بها ذلك أن الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة لا يدخل ضمن الأفعال التي ينطبق عليها مفهوم البدعة ، فالبدعة هي الشئ الذي لا سابق له ولم يعهده الناس في الماضي، أي الأمر المحدث الذي لم يرد به نص في كتاب الله ولا في هدي نبيه صلى الله عليه وعلى آله ، ولم يأمر به الشرع ولا أشار إليه، وكان فعله محظورا أو يقود إلى ما هو محرم شرعا كأن يحل حراما أو يحرم حلالا ويتعارض مع القيم والمبادئ والأخلاق، وأعراف المجتمع المسلم وعاداته من هذا التعريف يتضح أن مصطلح البدعة لا ينطبق إلا على أمر محدث توفر فيه شرطان هما : أن يكون ذلك الأمر المبتدع في عبادة من العبادات ولم يأمر به الله ولا رسوله ما يعني أن هذا الأمر ابتداع وجاء من خارج مصادر التشريع ولم يعهده الناس في سابق عهدهم وأما أن يكون ذلك الأمر المبتدع محرما أو معصية أو يترتب عليه معصية كأن يحل حراما أو يحرم حلالا سواء أن كان فعلا أو قولا أو كان كليهما فإذا توفر الشرطان السابقان في الأمر المحدث صار بدعة محرمة وضلالة مهلكة وما يجدر الإشارة إليه في هذا المقام أنه ليس كل أمر محدث يعتبر بدعة فهناك أمور محدثة تدخل ضمن أعمال البر والتقوى التي أمر الله تعالى المؤمنين بها قال تعالى : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) ومعروف أن البر كلمة جامعة لكل أعمال وأقوال الخير وهناك الكثير من أعمال البر والخير لم تكن تعرف على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا في عهد التابعين والأمثلة على ذلك كثيرة جدا ، ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله كان يعلم أن هناك أموراً ستأتي في مستقبل الأمة ولم تظهر في عهده فقد أشار صلى الله عليه وعلى آله إلى هذا الأمر ليخرج الأمة من حالة الشك أو الالتباس وسمى كل أمر يدخل في باب البر ويفضي إلى ما فيه خير ومنفعة للناس بالسنة الحسنة وسمى كل أمر يدخل في باب المنكر والإثم ويفضي إلى ضرر على الناس سنة سيئة فقال “من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها”.
كلمة اخيرة
كلمة أخيرة لكم في ختام اللقاء ؟
ندعو جميع المسلمين في هذه المناسبة المباركة ان يعودوا إلى رسول الله ويعرفوه عن قرب بما فضله الله واختصه به وكرمه ومدحه في القران الكريم خلقا وخلقا وتفضيلا وتشريفا وتعزيزا وتوقيرا واجلالا واكراما وانه اكمل البشر ، كما نهنئ قيادتنا الثورية ممثلة بقائد الثورة المباركة ممثلة بالقائد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقيادة السياسية ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط وكافة أبناء الشعب اليمني بحلول هذه المناسبة والذكرى الدينية العظيمة.

قد يعجبك ايضا