عودة الأسرى المحررين نصر لليمن

 

أحمد المالكي

المكاسب التي تحققت من وراء إتمام صفقة تبادل الأسرى الأخيرة التي تمت عبر المفاوضات لها أبعاد كبيرة سياسية وإنسانية واجتماعية ودينية ومعنوية ، ففي الجانب السياسي من المؤكد أنه لولا إصرار ومتابعة واهتمام القيادة الثورية والسياسية لليمن بملف الأسرى وطرحه بقوة في طاولة الحوار لدرجة أنه تصدَّر جميع الملفات المطروحة بين المتحاورين، بما فيها الملف السياسي والملف الاقتصادي، ولولا الضغط والإصرار من قبل الطرف الوطني على حلحلة هذا الملف كأولوية إنسانية بحتة لما وصلنا إلى هذه المرحلة التي تكلَّلت بإتمام صفقة التبادل الكبيرة هذه والتي شملت “1081” أسيراً من الطرفين بينهم 681 أسيراً من الجيش واللجان الشعبية و400 أسير من أسرى الطرف الآخر، بينهم أجانب وسعوديون وسودانيون وعدد من أسرى مرتزقة العدوان اليمنيين ، إذ تعتبر هذه الصفقة هي الأولى والأكبر التي تمت عن طريق التفاوض، وكل هذه المعطيات تعطي الجانب الوطني المفاوض والقيادة في اليمن الأحقية والسبق في إتمام هذه الصفقة وإنجاحها بالتعاون مع مكتب الأمين العام للأمم المتحدة الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر ،حيث يعتبره اليمنيون قيادة وشعباً نصراً عظيماً وكبيراً يحسب للقيادة الثورية بقيادة السيد عبدالملك الحوثي الذي يولي هذا الملف اهتماماً خاصاً ومتابعة مستمرة، وكذلك للقيادة السياسية ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط وحكومة الإنقاذ الوطني، وقبل كل ذلك للصمود والثبات والانتصارات التي يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في كل الجبهات ، إذاً نجاح هذا الملف يعتبر نصراً ومكسباً سياسياً للطرف الوطني في صنعاء أكثر منه لقوى العدوان ومرتزقتهم خاصة وأنهم لا يولون اهتماماً بالأسرى كما هو واضح بل يتعمدون قتلهم واستهدافهم في السجون بالطيران، وهناك أمثلة حية لجرائم ارتكبوها بحق أسراهم لدى الطرف الوطني.. إذاً هذا الإنجاز هو نصر ومكسب سياسي لصنعاء أكثر منه للطرف الآخر، ناهيك عن أن ملف الأسرى يمثل نواة اتصال تعزز التواصل بين الطرفين في المسارات الأخرى ،كما أن نجاح هذا الملف أعطى الجانب الوطني بعداً دولياً وثقلاً سياسياً لا يستهان به في الأوساط السياسية والحقوقية الدولية ، لا سيما مع الفارق الكبير الذي يلمسه المجتمع الدولي والحقوقي في تعنت وعرقلة الطرف الآخر للملف منذ بدء المفاوضات، ناهيك عن فارق التعامل الإنساني من قبل طرف صنعاء مع الأسرى المتواجدين لديه بعكس الطرف الآخر ،والتي أثبتت الوقائع المشهودة والموثقة بالصوت والصورة فظاعة الجرائم التي ترتكبها دول العدوان بحق الأسرى والمعتقلين في سجون الإمارات والسعودية وفي سجون مارب وتعز والمخا وعدن وغيرها والتي ارتكبت فيها جرائم فظيعة بحق الأسرى والمعتقلين وصلت لحد الإعدام والاغتصاب وممارسة أقسى أنواع وأساليب التعذيب الإجرامية التي أفضت إلى استشهاد العشرات بل المئات من الأسرى والمعتقلين في سجون دول العدوان ومرتزقته.
أما المكاسب الاجتماعية، فهي بالتأكيد تنعكس في الداخل اليمني حيث تتزايد موجات الغضب والاستياء ضد قوى العدوان ومرتزقته جراء الممارسات غير الإنسانية وارتكاب الجرائم الفظيعة وانتشار السجون السرية التي يزج فيها العدوان ومرتزقته بالمئات من السجناء والأسرى المعتقلين ، حتى وصل بهم الأمر إلى الزج بالمئات من أبناء المحافظات المحتلة وارتكاب أبشع الجرائم بحقهم ،بينما على العكس نلحظ التفافاً وتأييداً شعبياً وقبلياً واجتماعياً واسعاً حول القيادة الثورية والسياسية والجيش واللجان الشعبية بصنعاء والتي تستقطب الرأي العام الجماهيري أيضاً في المحافظات المحتلة ،وما الزخم الرسمي والجماهيري والشعبي الذي شاهده العالم عند استقبال الأسرى المحررين العائدين إلى مطار صنعاء يومي الخميس والجمعة الماضيين سوى دليل على هذه اللحمة والالتفاف المناصر للقيادة الثورية وللجيش واللجان الشعبية في صنعاء، أما على المستوى المعنوي فإن الاهتمام الكبير والمستمر من قبل القيادة الثورية والسياسية بملف الأسرى والحرص على تحريرهم وإخراجهم من سجون الطغاة وغياهب العذاب لدى العدو ،أثمر عن تحقيق هذا النصر الكبير بهذه الصفقة الكبرى والتي تضاف إلى مئات الصفقات التي أنجزتها اللجنة الوطنية للأسرى عن طريق المفاوضات والوساطات القبلية الداخلية والتي تم الإفراج من خلالها عن مئات الأسرى والمعتقلين من كلا الطرفين، وهذا أيضا يعتبر مكسبا ونصرا معنويا وسياسيا داخليا يحسب للطرف الوطني.
أما دينياً فقد رأينا ورأى الجميع التعامل الإنساني مع الأسرى والمحتجزين الموجودين لدى الجيش واللجان الشعبية في صنعاء والذي ينطلق من موجهات وواجبات دينية وقرآنية ملزمة بالنسبة للقيادة في صنعاء والتي تتحرك وفق موجهات قرآنية ربانية توجب التعامل الإنساني والاهتمام والرعاية بالأسير انطلاقاً من قوله تعالى “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا”.
وهذا التعامل الإنساني الإسلامي الديني القرآني البحت يحرِّم تعذيب الأسير والتعامل معه بقسوة بل ويلزم منحه كامل الحقوق من الرعاية والملبس والمأكل والمشرب والرعاية الصحية وغير ذلك من التعامل الإنساني البحت، وهذا بلا شك سينقله الأسرى والمحتجزون الذين يتم اطلاق سراحهم من طرف صنعاء إلى مجتمعاتهم وأسرهم في المناطق والمحافظات المحتلة التي يعودون إليها، وهو الأمر الذي سينشر ثقافة التسامح والعفو والتعامل الطيب والكريم في تلك المجتمعات وسيعمل على استقطاب وحشد الكثير من التأييد حول القيادة الثورية والسياسية في عاصمة اليمن صنعاء ،وهذا بحد ذاته يمثل مكسبا وبعدا اجتماعيا يضاف إلى الانتصارات التي يحققها شعبنا على مختلف المسارات السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية وكذلك التي تحققت عن طريق نجاح وإتمام صفقة إطلاق الأسرى الكبيرة التي تمت مؤخرا.. موقنون بالنصر المبين الذي نراه قريبا بلا شك يلوح في الأفق.

قد يعجبك ايضا