خطابات قائد الثورة خارطة طريق وموجهات لقطف ثمار الثورة

 

مثَّلت خطابات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي لثورة 21 سبتمبر خارطة طريق سارت عليها، وبعد نجاح الثورة ظلت هذه الخطابات الموجه العام للنهوض بالبلاد وإصلاح ما أفسدته الأنظمة السابقة وتحقيق أهداف الثورة التي خرج الشعب من أجلها وجني ثمار الثورة، وتعددت مضامين خطاباته في كل المجالات ابتداء برفض الوصاية وحماية السيادة واستقلالية القرار ومرورا بالنهوض بالجانب الاقتصادي والزراعي والتصنيع العسكري وكذا تعميق الهوية الإيمانية في نفوس اليمنيين الذين لا زالوا أهل المدد وأصحاب العقيدة الإسلامية الصحيحة..
الثورة /احمد السعيدي

بدت خطابات السيد عبدالملك الحوثي الممهدة لثورة 21 سبتمبر أشبه بالرسائل التصحيحية لأهداف وثورة 11 فبرير 2011م وشعاراتها الوطنية التي رفعتها، وما رآأه العالم من إصرار وتحدٍّ فيها، حيث تخوّف أعداء اليمن من استمرارها على المسار الوطني، وتحولها إلى ثورة شعبيّة حقيقية تذيب كُـلّ الخلافات بين مكوناتها وتوحدها للنضال السلمي لرفع مأساة الشعب المفروضة عليه وتجمعها حول المصلحة الوطنية، وهذا ما دفع أعداء اليمن إلى محاولة السيطرة عليها عبر المسار العسكري الإخواني، فدفعوا المجرم الخائن علي محسن لإعلان الانضمام إلى الثورة وفرض الحصار العسكري عليها، وعبر المسار السياسي بفرض مؤامرتهم الخليجية برعاية الدول العشر، ومن خلال المسارين السابقين استطاعوا السيطرة والتحكم على كافة المكونات المشاركة في الثورة والمكونات المناهضة لها كالمؤتمر إلا مكوِّن واحد فقط عجزوا عن إخضاعه، هو مكون أنصار الله، الذي ظل مواصلا للثورة وكانوا يعتقدون أن أمر القضاء عليه أمر بسيط رغم فشلهم في ثنيه بكل وسائل الترهيب والترغيب، ورهانهم على أنه لن يستطيع أن يحقّق شيئاً ولن يستمر في مواصلة الثورة وحده وقد أصبحت كُـلّ المكونات تحت سيطرتهم بما فيها المؤتمر.
وهنا برزت خطابات السيد عبدالملك التي حذرت أبناء الشعب من هذه الخيانة للثورة مذكرا اليمنيين بدماء الشهداء التي سقطت في ميادين ثورة 11 فبراير وظلت خطاباته في صف أبناء الوطن حتى تحققت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر في العام 2014م ليقول الشعب كلمته في التخلص من الفساد والوصاية الخارجية .

التخلص من الوصاية
وما ان سقطت الحكومة المرتهن قرارها للخارج حتى اعلن السيد عبدالملك في خطاب انتصار الثورة سقوط الوصاية للابد واكد “أن أكبر خطر على الشعب اليمني في هويته الإيمانية كان يتمثل في التبعية لأمريكا “.ونبه إلى حاجة الأمة الماسة للوعي في مواجهة الفتن المحيطة بها .. وأضاف” إذا سيطر العدو على أفكارنا ومفاهيمنا وعاداتنا وتغلغل في واقع حياتنا حينها سيتمكن من السيطرة علينا بشكل تام” وتابع “استقلالنا هو الاستقلال الكامل الذي لا نعيش فيه حالة التبعية بأي شكل من أشكالها، فالعدو يحاربنا ليضمن السيطرة التامة والشاملة علينا، وهنا يأتي دور الانتماء الإيماني كحاجة في مواجهة الأعداء”، ونتيجة لكل تلك الممارسات والسياسات التآمرية على هذا الشعب من قبل النظام السعودي وأدواته في الداخل ممثلة بالنظام الذي انتجته المبادرة الخليجية، خرج الشعب اليمني عن بكرة أبيه وفي جميع المحافظات في الرابع من شهر أغسطس تلبية لدعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي الذي دعا أبناء الشعب اليمني إلى الخروج الثوري الواسع لتحقيق ثلاثة أهداف: -إسقاط الجرعة -إسقاط حكومة الوصاية -تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، فكان للقائد والشعب ما أرادوا وخرجوا لأجله بثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م وسقطت قوى النفوذ والعمالة التي كانت مسيطرة على المشهد السياسي والميداني في اليمن، وسقط مشروع التفتيت والتقسيم ومخطط هيكلة الجيش وتدميره كما سقطت حكومة المبادرة الخليجية وأدواتها التي أعادت إنتاج النظام السابق تحت إشراف دولي بالمبادرة الخليجية.

الحديقة الخلفية
حذَّر قائد الثورة في خطاباته من القبول بالوصاية والتبعية، فعلى مدى عقود ظلت اليمن مجرد حديقة خلفية للنظام السعودي وبعض الدول الاقليمية والتي كانت عبارة عن أدوات وأذرع للتدخلات الأمريكية في الشأن الداخلي اليمني.. فواقع تلك الحقبة التي سبقت ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م وبالتحديد عقب ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م هو أن اليمن كانت مجرد تابع لقوى إقليمية حرصت على شراء الولاءات وإفساد الذمم ومنح الميزانيات والامتيازات لعصابات من المشائخ والمتنفذين الذين كانوا دولة داخل الدولة التابعة لهم أصلاً، فسيطروا على كل شيء وتحولت الدولة ومؤسساتها إلى إقطاعات لذوي النفوذ والمشائخ، فيما ظل شعبنا اليمني خارج دائرة الاهتمام والرعاية يعاني ويلات الفقر والجهل والمرض والصراعات المفتعلة والمنظمة.
كما كان لخطابات السيد في هذه الثورة الفضل في إسقاط الوصاية الدولية على اليمن التي أرادوها من خلال قرارات مجلس الأمن وما يسمى الفصل السابع وكان الغرض من ذلك حماية نظام المبادرة الخليجية التي اتضح أن الهدف منها هو تمزيق اليمن وتجزئته ونشر الحروب والفوضى .
في خطاب انتصار الثورة أكد السيد القائد عبدالملك الحوثي أن ثورة ٢١ من سبتمبر أعادت الاعتبار للشعب اليمني بالسعي إلى إقامة نظام سياسي يعبِّر عن الشعب وليس عن مصالح الخارج وذلك بإحداث التغيير السياسي الإيجابي وإقامة الدولة العادلة الكريمة الحرة المستقلة حتى يتمكن اليمنيون من استعادة سيادة بلدهم والتخلص من التدخلات الخارجية والقضاء على الوصاية بشقيها الإقليمي والدولي.

الجانب الاقتصادي والزراعي
وعلى المستوى الاقتصادي كان حجم الفساد في البلاد قد وصل إلى أعلى مستوى له بعد ان أصبحت فئة محدودة تنهب ثروات الوطن وتفتك بمقدراته لصالحها فقط على حساب الغالبية العظمى من الشعب.. وهو ما أكده قائد الثورة في خطابات كثيرة بهذه المناسبة بقوله ” كان الفساد يتعاظم ويزداد ويفتك بمقدرات وثروة البلد لصالح فئة قليلة مستأثرة متخمة تزداد أرصدتها في البنوك، تزداد ثروتها، تنمو شركاتها بينما تتسع رقعة الفقر وتتعاظم المعاناة في معيشة الناس، في احتياجاتهم الغذائية حتى تتسع وتزداد رقعة الفقر والمعاناة بين أوساط هذا الشعب ، وغياب كامل لأي مشروع يهدف إلى بناء الاقتصاد الوطني .
وتجاوبا مع خطابات قائد الثورة تحوَّل الجميع إلى خلية نحل تعمل ليل نهار للتغلب على ظروف الحصار والخنق الاقتصادي الذي يمارسه تحالف العدوان السعودي الإماراتي ومرتزقته ومحاولتهم تركيع هذا الشعب بإغلاق المطارات والموانئ ومنع دخول المشتقات النفطية ولكن دون جدوى، وكان هذا التوجه امتداداً لتوصيات الشهيد القائد حسين الحوثي – رضوان الله عليه – في إحدى محاضراته التي قال فيها “إن التنمية اليوم من منظار الأعداء هي تحويلنا إلى أيد عاملة لمصانعهم ، وتحويل الأمة إلى سوق مستهلكة لمنتجاتهم.”،وعلى هذا فالشهيد القائد -رضوان الله عليه- هو من وضع أساس الخروج من النفق المظلم الذي وقعت فيه الأمة، واليوم السيد القائد عبدالملك الحوثي -حفظه الله- يؤكد على أن الشعب اليمني لا بد أن يكون مستقلا في كافة المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، ولو تطرقنا إلى الجانب الاقتصادي وبالأخص الاكتفاء الذاتي الذي يعد ضرورة حتمية بل أكد عليه السيد القائد بشكل مباشر، بل وكان يعني أن تكون جميع حوائجنا منتجة في بلادنا لا أن نصبح سوقا استهلاكية للآخرين ونكون رهينة للأعداء في كل شيء.
وفي خطاباته .. يقدِّم قائد الثورة رؤية يمكن من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي وأهمها أن يحشد الجميع طاقاتهم لتنفيذ البرامج والخطط والسياسات التي ترسمها الدولة أو القيادة السياسية، وأيضا تشغيل رؤوس الأموال المحلية في الإنتاج الداخلي في إطار خدمة الأمة والمساهمة في تحقيق العزة والكرامة لبلدهم وكذلك تطبيق المقولة المشهورة والتي تنسب إلى الإمام علي -عليه السلام – ( العمل رأس المنافع) وهذه الجملة التي تشمل ثلاث كلمات يتكون منها برنامج إصلاحي استراتيجي شامل في الاكتفاء الذاتي ومهما كانت النظريات والقوانين التي تحث على الاكتفاء وكذا، الوعي بأهميته، إلا أن العمل هو العنصر الأهم للنجاح في الإسلام الذي يركز على أنه دين العمل والفعل لا دين القول والركود، وأيضا التقليص من الاستيراد في جميع القطاعات والتشجيع للمنتجات المحلية وخاصة الزراعية وأهمها زراعة القمح والحبوب، وأخيرا الاستفادة من التقنيات والوسائل الحديثة في زراعة وإنتاج المحاصيل وكذا المحافظة على المياه الجوفية وتفعيل مخرجات كلية الزراعة وتشغيل الكفاءات اليمنية والطاقات المعطلة، فاليمن مليئة بالمبدعين وخير مثال على ذلك ما حققه الجانب العسكري من تقدم كبير حمى البلاد والعباد من العدوان .
وكل ذلك -حسب خطابات السيد- ليس معناه منع أو قطع التبادل التجاري مع الدول الأخرى بأي حال من الأحوال، بل العمل على تكوين ظروف وشروط تكون وطنية وداخلية حتى يمكن تحقيق أعلى ربح من التبادل الاقتصادي، بالإضافة إلى تحقيق مستويات الإشباع الاستثمارية والاستهلاكية لدى المواطنين، مما يساعد على تحقيق رفع من مستوى الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وفي هذا السياق، اكد السيد القائد تكرارا أن الأعداء لا يريدون أن تكون هذه الأمة أمة قوية، مركزاً على الواقع الاقتصادي في أن تصبح الأمة مُجرد سوق استهلاكية للآخرين، وأن تستورد كل شيءٍ من الخارج، وهذا ما يفسِّر سبب حرصهم الشديد على جعل الأمة رهينةً للاعتماد في كل شيءٍ على الخارج، وأن تكون سوقاً لا أقل ولا أكثر، فهم لا يسمحون أن تمتلك هذه الأمة المعرفة والعلم والإنتاج وأن تحقق لنفسها الاكتفاء الذاتي وتكون قويةً بكل ما تعنيه الكلمة في اقتصادها، ناهيك عن قيامهم بنهب الطاقة بشكلٍ عام، من النفط والمعادن وكل الخيرات واستغلالها والاستفادة منها.
كما يبين السيد القائد أن الكثير من الحلول للمشاكل الاقتصادية تدخل في إطار المفهوم الإيماني الحضاري الذي يتجه إلى البناء الداخلي وبناء عوامل القوة بكافة أشكالها وأنواعها، من منطلق قوله عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، ويدعو الشعب إلى أن يتحرر من كل تأثيرات الأعداء السلبية والمفاهيم الظلامية، وأن يدرك أن جزءاً أساسياً من انتمائه الإيماني والديني يتعلق بالموضوع الاقتصادي والنهضة الاقتصادية، بالعمل على توفير كل عوامل القوة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع الغذائية وكافة مستلزمات الحياة الضرورية.
ويلفت السيد في خطاباته إلى أن الدولة المُكتفية ذاتياً تستطيع الاستغناء عن المساعدات الخارجية، بما يؤدي إلى التخلص من التبعِّيةِ، فمن ملك غذاءه، ملك حريته، ومن ملك غذاءه سَلِمَ أمن قراره من الوصاية، والتدخلات في الشأن الداخلي للبلاد، لذلك فإنَّ تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي في الأساس هو امتداد طبيعي للاستقلال السياسي، لأنَّه لا معنى للاستقلال السياسي، والدولة عالة على دول أُخـرى لتوفير حاجاتها الأساسية، فالدولة التي تملك حاجاتها الأساسية تملك قرارها السياسي.
ويُشدِّد السيد القائد على أن المسؤولية تقع على الجميع في بناء الأمة البناء الصحيح والقوي في المجال الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ويبين أن الحكومة والمسؤولين وكافة أبناء الشعب معنيون بشكلٍ عام في عملية البناء الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي للأمة، كتوجه عام لدى الجميع، ويشير إلى أن البرامج والخطط والسياسات التي اعتمدت في الرؤية الوطنية فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، بحاجة إلى تعاون فعلي بين الحكومة والشعب، وخصوصاً بين الحكومة وأصحاب رؤوس المال والأعمال، ويبين السيد القائد أن ثمار ذلك ستنعكس على أصحاب رؤوس المال والأعمال أنفسهم إضافة إلى قيامهم بواجب خدمة أمتهم والمساهمة في قوة البلد وتماسكه.

واجب ديني
وفي خطاب السيد عبدالملك في ذكرى الصرخة 2018م قال انَ الاهتمام بالجانب الزراعي لتأمين الغذاء يعتبر أيضاً من الجهاد في سبيل الله، ومن العوامل المساعدة لنصر دين الله، والثبات في مواجهة أعدائه، ففي ظلِّ الظروف التي يعيشها الشعب اليمني نتيجة العدوان والحصار الاقتصَادي المفروض؛ أصبح تحقيق الاكتفاء الذاتي في القوت الضروري أمراً ضرورياً، لمواجهة الحصار والاستمرار في التصدّي للعدوان بل إنه أصبح واجباً دينياً وعملاً جهادياً في سبيل الله وأمراً تتطلبه المرحلة والظروف.
وبسبب هذه التوجهات من قائد الثورة فقد اتجه شعبنا للزراعة والابتكار ساعياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء.. فشكلت اللجان والهيئات لدعم الابتكار في مختلف المجالات وكان التحفيز والتشجيع لشبابنا في كافة المجالات لتغطية العجز وإيجاد الحلول لكل ما منع تحالف العدوان وحلفاؤه من المرتزقة والخونة دخوله أرض الوطن.
“اليمن لا بُدَّ له أن يكون مستقلًا مهما بلغت التضحيات”، هكذا أكد السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الذي ألقاه بمناسبة جمعة رجب 1441هـ، منوها بأن اليمن لاُ بدَّ له أن يكون بلداً مستقلًا في كافة المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، مهما بلغت التضحيات، ويبيِّن ذلك من منطلق تأكيده على أن: “الهُــوِيَّة الإيمانية عملية تربوية وتعليمية، نحتاج أن نرسخها كعادات وتقاليد ونط حياة”.

الهوية الإيمانية
ولم تقتصر خطابات السيد عبدالملك الحوثي عقب الثورة أمور الدنيا والمعيشة ولكنها شملت توجيه الناس بالتحلي والتمسك بدينهم، فتحدث في كثير من خطاباته عن الهؤية الإيمانية في سبيل مواجهة كل تلك المشاريع التدميرية للأعداء التي تحمل في طياتها التبعِّية لهم في شتى مجالات الحياة، وبيَّن السيد القائد أهمية دور “الانتماء الايماني” كحاجة ضرورية في مواجهة الأعداء، ويؤكد أن عزة الشعب اليمني تكمن في هــويته الإيمانية التي تأبى له القبول بالذل والاستسلام والخنوع والخضوع للأعداء، ولذلك فإن الأمة بحاجةٍ إلى العناية بالهوية الإيمانية، لاسيما وأن الإيمان بمفهومه القرآني الصحيح، وبمنظومته الكاملة هو عنصر خلاص وحرية وعامل أساسي لتماسك الأمة الذي تحتاج إليه لمواجهة كل التحديات والأخطار المحدقة بها وتصحيح وضعيتها وواقعها، وذلك بالاعتماد والتوكل على الله سبحانه وتعالى، والثقة به، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.
ويؤكـد السيد القائد أنه ببركة الهـوية الإيمانية، ستنهض الأمة نهضة حضارية تحقّق لها الاستقلال التام والحرية والكرامة، حيث أن النهضة الاقتصادية تحتل موقعاً متميزاً وأساسياً في المنظومة الإيمانية، ولذلك فإن الجميع معني بالاهتمام بهذا الجانب وأن عليهم إدراك أهمية ما يعنيه الانتماء الإيماني في هذا الجانب، سيما وأن الأمة المؤمنة معنيَّة بأن تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

مجالات أخرى
وقد حملت خطابات السيد منذ قيام الثورة قضايا عديدة مهمة لا يتسع المجال لذكرها ولكننا سنشير اليها في عجالة ومن هذه الخطابات ما يخص تطوير التصنيع الحربي والقدرات العسكرية التي أعقبها قيام الجيش واللجان بتطوير وصناعة الأسلحة اللازمة للدفاع عن هذا البلد في ظروف قاسية وحرب شرسة، ورغم الحصار وانعدام الموارد المالية يأتي أحرار اليمن ليصنعوا القدرات التي دمرها النظام السابق”، إضافة إلى تطور كبير في قدراتنا الدفاعية والتي أثبتت الأيام تناميها ومقدرتها على الوصول إلى عاصمة العدوان وكافة مدنه وضربها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، كما أكد السيد عبدالملك الحوثي، أن صواريخ الدفاع الجوي اليوم تفوق في قدراتها الأسلحة التي سلمها النظام السابق للأمريكيين .. لافتا إلى أن رموز النظام السابق أهدروا كرامة البلد عند حذاء موظفة أمريكية بسيطة.
ويأتي الحديث في خطاب السيد عن الجانب الأمني، فكانت الانتصارات الأمنية كبيرة سواء في القضاء على الجريمة وضبط مرتكبيها أو الكشف عن الخلايا الإجرامية والعميلة للعدوان ومرتزقته إلى جانب النجاحات الكبيرة في القضاء على خلايا داعش والقاعدة في محافظة البيضاء وسحق أوكارها، كما كان لأجهزة الاستخبارات دورها الكبير في كشف العملاء والجواسيس وإفشال مخططاتهم الرامية إلى اختراق جبهتنا الداخلية.
ولا ننسى خطابات السيد عبدالملك المؤكدة على الموقف المبدئي في العداء لإسرائيل ومناصرة قضايا الأمة المصيرية التي لا تقبل المساومة، ودعا المسلمين إلى الثبات في دعم قضايا الأمة القومية والمصيرية وفي مقدمتها قضية الأمة المركزية فلسطين، وما مبادرته الأخيرة وعرضه على النظام السعودي بإطلاق سراح أسراه مقابل الإفراج عن المعتقلين من المقاومة الفلسطينية من سجونه إلا جزء يسير مما يؤكد صدق موقفنا وثبات واستقلال قرارنا السياسي.
كما حذَّر المسلمين مما نراه اليوم من حالة التطبيع والدخول في علاقات وروابط مع إسرائيل بقوله “هذا مُحرَّمٌ شرعًا وخيانة للأمة بكل ما تعنيه الكلمة”.
وتعتبر القضية الفلسطينية بالنسبة لليمن كأولوية قصوى لن تحيد عنها أو تماري فيها حتى استعادة كامل أرض فلسطين المحتلة واستعادة مقدسات الأُمَّــة وعلى رأسها الأقصى الشريف، واعتبار الكيان الإسرائيلي الغاصب لفلسطين عدواً لكل الأُمَّــة وخطراً على الأمن والاستقرار في العالم أجمع، واعتبار كُلّ أشكال التطبيع للعلاقات معه من كافة الأنظمةِ المحسوبة على المسلمين خيانةً عظمى ، وهو ما يحصل اليوم في ظل حملات الهرولة والتطبيع مع إسرائيل التي تقودها بعض الدول العربية ومحاولات أَمريكا حرف مسار العداء العربي الإسْلَامي باتجاه بعضه البعض .
ودائما ما يؤكد السَّيِّـد في خطاباته بهذه المناسبة وغيرها على ضرورة تحرك “شعوبَ أمتنا كافة والتحلي باليقظة والتَحَـرّك الجاد والمسؤول تجاه المؤامرات الأَمريكية والإسرائيلية التي تستهدفُ الجميعَ بلا استثناء من خلال أدواتها العميلة وأياديها الإجْــرَامية المتمثلة ببعض الحكومات، وفي مقدمتها النظام السعودي وَالجماعات التكفيرية التي تتَحَـرّك ضمن مشروع هدام وتدميري؛ بهدف تفكيك كُلّ مكونات الأُمَّــة والوصول بها إلَى الانهيار التام والخضوع المطلق لقوى الطغيان والاستكبار العالمي.
وتضمنت خطابات السيد عبدالملك الأمان والاطمئنان والسلام مع الخارج فعلى الصعيد الخارجي وجَّه السيد عبدالملك بدر الدين في خطاباته رسائل اطمئنان وتحديدا لدول الجوار عن ثورة 21 سبتمبر وأكد أهمية حُسْنِ الجوار وعدم التدخُّــل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية، وأنَّ الشعبَ الـيَـمَـني يمُــدُّ يدَه للسلام والإخاء، ويطالبُ الدول بأن تتعاطى بإيجابية مع الـيَـمَـن وألا تتدخل في شؤونه الداخلية.
ولفت إلى أن الثورة لا تستهدف أحداً ولن تُضر أي طرف دولي، وقال : “نحن أكَّدنا مرارا أننا نسعى إلى تحقيق انتقال سلمي للسلطة على قاعدة الشراكة، ومرجعيتُه تكون وثيقة الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، وبالتالي ليس هناك في المسار الثوري الشعبي ما يبرِّر لأي طرف داخلي أَوْ خارجي أن يقلقَ أَوْ أن يتحرك باتجاه مضاد وسلبي لمواجهة هذا المسار الشعبي الثوري”.
وجدد التأكيد على أن ثورة 21 سبتمبر هدفها الأساس أن يكون الـيَـمَـن بلداً مستقراً وليس منهاراً وخاضعاً للتنظيمات الإرهابية بكل ما تمثله من خطورة على الأمن الدولي والإقليمي والمحلي وبالدرجة الأولى ما تمثله من خطورة على وطننا العربي وعلى مجتمعنا في العالم الإسْلَامي، مؤكداً أن الـيَـمَـنَ بثورته هو أقوى وهو أكثر انعتاقاً من هيمنة القاعدة وداعش.
وأيضا فيما يخص مكافحة الفساد فالشعب يتذكر تماما مقولته الشهيرة في احد خطاباته ” الفاسد اخلسوا ضهرة كائن من كان ” وأيضا اجتماعيا فكان لخطابات السيد عبدالملك عقب الـ٢١ من سبتمبر دورها العظيم في لملمة الجراح وإخماد الفتن الداخلية والخلافات والصراعات والثأرات القبلية بين كافة أبناء الشعب وجعل الناس يتجهون إلى المسار الصحيح، مسار التنمية والبناء ومواجهة العدوان، وشملت الخطابات دعوات متكررة للمخدوعين إلى العودة لحضن الوطن وإصدار قرار العفو العام .

قد يعجبك ايضا