التدوين الإلكتروني.. الثقافة الجديدة

 

خليل المعلمي

منذ انطلاق شبكة الانترنت بداية التسعينيات من القرن الماضي تنامى الاهتمام بهذه الشبكة وتطويرها والاستفادة منها، ومع الانتشار السريع للإنترنت في جميع أنحاء العالم انتشرت الشركات المتخصصة في هذا المجال وتسارعت في عرض منتجاتها التقنية على الجمهور وبدأت في التنافس بفتح المجال للجمهور للمشاركة، وأتاحت الفرصة لهم للتدوين وإنشاء صفحاتهم الشخصية والمشاركة بفعالية في عرض الأفكار والأعمال والمعتقدات وبذلك ظهرت المدونات الإلكترونية كشكل جديد من أوعية الثقافة، وأحدثت نوعا من التبادل الثقافي بين الأفراد والشعوب.

ظاهرة عامة
لقد اشتهرت المدونات وأصبحت ظاهرة عامة وأصبح الكتّاب والناشطون يمتلكون هذه المدونات ولهم متابعون وقراء بالملايين وبالتالي أصبح التدوين الإلكتروني واحداً من أسرع الاتجاهات نمواً على شبكة الانترنت، واحتلت مراتب متقدمة في لائحة المواقع الأكثر استقطابا للزوار، متقدمة بذلك على مواقع مؤسسات وهيئات إعلامية كبرى.
ومن وجهة نظر علم الاجتماع فإن التدوين يعتبر وسيلة للتعبير والتواصل أكثر من أي وقت مضى بالإضافة إلى كونه وسيلة للنشر والدعاية والترويج للمشروعات والحملات المختلفة، ويمكن اعتبار التدوين كذلك إلى جانب البريد الإلكتروني أهم خدمتين ظهرتا على شبكة الانترنت على وجه الإطلاق.

مفهوم المدونة
تعتبر المدونة إحدى تطبيقات الانترنت، وهي موقع شخصي عبارة عن صفحه ويب على شبكة الإنترنت تعمل من خلال نظام لإدارة المحتوى الذي يقوم صاحبه بكتابة تدويناته، أما التدوينات فهي مدخلات يقوم المدون بإضافتها إلى محتوى مدونته، وهذه المدخلات إما أن تكون نصوصاً أو صوراً أو مقاطع صوتية موسيقية أو مقاطع فيديو أو أي شكل من أشكال المعلومات، وهذه التدوينات تعرض المدونة في تسلسل زمني تنازلي، أي عندما تقوم باستعراض مدونة ما تظهر لك الموضوعات التي قبلها، وكل التدوينات التي تكتب بالمدونة تحصل على رابط ثابت لا يتغير مع مرور الزمن وتخزن في المدونة بهذا الشكل، ويقوم زائر المدونة بمتابعتها وقراءتها عن طريق الأرشيف.

فوائد التدوين
أن يملك الشخص مدونة ليس شيئاً صعباً بل هو أمر سهل جداً، ولكن أن تقوم بالتدوين وتفيد وتستفيد هو الصعب، وعندما تتابع المدونات ترى كل مدون له اتجاه معين وطابع خاص في كتابته، وله نهج معين في أفكاره يجب أن يتابعه، لذلك فللتدوين عدة فوائد وإيجابيات خصوصاً بتعدد أشكال التدوين، ومنها ما يعود بالفائدة على الشخص نفسه بطريقه مباشرة أو غير مباشرة، مثل إضافة أو تحسين مهارة معينة مثل مهارة الكتابة والبحث والتعود على القراءة بشكل مستمر، ما يجعل المدون يثري الموضوعات التي يكتبها، كذلك التعلم الذاتي والمرور بالكثير من المعلومات التي يستفيد منها أو تصادفه كمعلومات جديدة.
وبحسب نوعية المدونة ما إذا كانت (فردية أو جماعيه)، (شخصية أو متخصصة) فلذلك تختلف الفوائد التي يكتسبها جمهور هذه المدونات، وكذلك تعمل هذه المدونات على كسر حاجز النشر وإيصال المعلومات والمعارف إلى الجمهور بسهولة دون رقابة حكومية أو رسمية.

محررو المدونات
إن معظم المدونات على الانترنت هي مدونات خاصة كتبها أشخاص بصفتهم الشخصية للمتعة فقط، أما المدونات التحريرية فقد قام محررون محترفون بكتابتها وتحريرها كما أن بإمكان المؤسسات والمنظمات والشركات امتلاك مدونات خاصة بها للتواصل مع القراء بالأحداث والأخبار والأشياء الأخرى المتعلقة بتلك المنظمة أو المؤسسة.
وتوجد مدونات تقتصر على شخص واحد وأخرى جماعية يشارك بها العديد من الكتّاب، ومدونات تعتمد أساسا على الصور والتعليق عليها، كما انتشرت مؤخراً مدونات الفيديو على شبكة الانترنت وهي قائمة أساسا على نشر المحتوى التدويني بالصوت والصورة مسجلا على فيديو.
فالاختلاف ليس فقط في نوع المحتوى ولكن أيضاً في الطريقة التي يتم فيها تقديم كتابة المحتوى وفقاً للشكل والمضمون، وهناك العديد من أنواع المدونات التي تختلف باختلاف المحتوى، فهناك المدونات الخاصة بالروابط وهناك المدونات الخاصة بالبث الصوتي والمدونات الخاصة بالبث المرئي ومدونات المقالات والمدونات الصور.

أقسام التدوين
ويمكن تقسيم التدوين من حيث الغرض إلى ثلاثة أنواع: الأول هو التدوين التسويقي للمنتجات والخدمات وحتى التسويق للأشخاص، أما النوع الثاني فهو التدوين الإعلامي والغرض منه هو الإعلام أي نشر المعلومات أو التثقيف، ويختلف عن التسويقي بأنه عادة ما يكون أقل احترافية، حيث يقوم بكتابة محتواه غير المتخصصين أو الدارسين للكتابة أو التدوين، أما القسم الثالث فهو التدوين الشخصي وهو الذي يشبه كتابة اليوميات وهو عادة ما يحتوي على تجارب شخصية لكاتبها.
ومع التطور المتسارع لوسائط الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي فإن عمليات النشر لم تقتصر فقط على المدونات ولكن أيضاً عن طريق الصفحات الشخصية في هذه المواقع.
ويعتبر التدوين الإلكتروني طريقة سهلة لمشاركة الخواطر والأفكار مع العالم الخارجي، فالجميع يمتلك القوة لإحداث فرق وربما ترك إرث معلوماتي مفيد في حال ملكنا هذا العقل والتفاعل العالمي الذي سيفاجئنا يوما بالأماكن التي سوف يأخذنا إليها.

قد يعجبك ايضا