عاشوراء.. خط الإسلام الأصيل

 

محمد عبدالسلام
تطل علينا ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي عليه السلام ومجموعة من أهله وأصحابه بكربلاء عام 61 للهجرة في زمن قريب العهد بالنبوة ونزول القرآن ورسالة الإسلام .
⁃ الحسين بن علي عليه السلام هو رمز إسلامي عظيم وما خلفه الصراع في العالم الإسلامي من بعد حاول تقديم الحسين كشخصية يمثل طائفة وذكرى عاشوراء تمثل مناسبة فريق من المسلمين، وهذا غير صحيح، فالحسين بن علي يمثل الإسلام في نقائه وحركته ومحمد في سيرته وعطائه وعلي في جهاده وبذله من بدر وأحد وخيبر وحنين وكلها تمثل خط الإسلام الأصيل حركة ومنهجا .
⁃ عجز المشككون والمتأولون وكل أصحاب التبريرات والحيل على مدى التاريخ أن يجدوا لفاجعة كربلاء مبرراً أو عذراً أو مخرجاً لمن أقحم نفسه في هذا الظلم الفظيع والموقف الصعب حتى أجمعت الأمة بلا استثناء أن الحسين شهيد عظيم وسيد الشهداء ولا يقاس بيزيد ولا يدانيه وأن ما حصل بالحسين وأهله وأصحابه لا يشرف التاريخ الإسلامي إن لم تكن إساءة للإنسانية بكلها .
⁃ يقول العقاد في كتابه (أبو الشهداء الحسين بن علي) قد نجد مبرراً لمن يقول بالخلاف في صفين أو معارك أخرى ضمن سياق التبرير إلا أن كربلاء لا يقوى أمامها منطق ولا دليل ولا يستطيع أن يواجه هذه الفاجعة المروعة أي حجة أو قول، فهي مأساة حلَّت بأطهر إنسان في ذلك الزمن.
⁃ مظلومية كربلاء جمعت بين الوحشية والجريمة من الناحية الإنسانية والجفاء والقسوة بحق محمد صلوات الله عليه وما حل ببنيه وأهله من حيث العلاقة بنبي الأمة والدين والإسلام ، وبين الدناءة والخسة بالتخلي عن أخلاق الإسلام وشرف العروبة في أسوأ فاجعة بعد الهجرة النبوية.
⁃ والسيئة تتبعها السيئة فبعد معركة كربلاء الدامية وفاجعتها المروعة ارتكب يزيد بحق مدينة الرسول مجزرة أخرى وقام أعوانه بارتكاب الفواحش والتنكيل بحق أهل المدينة المنورة فيما عرف (بوقعة الحرة) عام 63 للهجرة ومثّل فيها صورة أخرى للدموية والوحشية والسقوط الأخلاقي والإنساني .
⁃ لسنا من يعمل على أن تكون ذكرى سيد الشهداء عنوانا طائفيا ولا نذهب لذلك – وإن حصل خطأ أو تعبير غير منضبط فهو على مرتكبه لا غير – وإنما الإشكال الحقيقي أن البعض يريد منا أن نساوي بين الضحية والجلاد والحق والباطل والنور والظلام ومعاذ الله أن يكون ذلك .
⁃ لا تجعلكم العصبية المقيتة والموروث الفكري أو الصراع السياسي أن تقفوا أمام الحق الواضح كالشمس والمظلومية المعلومة والجريمة الأسوأ في تاريخ الإسلام التي لا تشرف إنسانا سليم الفطرة يؤمن بالله ورسوله وكتابه ويحترم أخلاق الإسلام والبشرية وهو يجد بنات الحسين كرقية ، وسُكينة ، وأخت الحسين زينب بنت علي بن أبي طالب بنت فاطمة بنت محمد وأطفالهم من الأيتام والصغار يُجرُّون ويساقون كما تُساق السبايا في موقف تدمع له العيون دما ويعتصر القلب ألما ، لا والله لا يرضاه مؤمن بالله سليم الفطرة ولا يرضاه بشر على الإطلاق طالما وهو يحمل بين جوانحه إنسانية ويا للأسف ويا لهول هذا الموقف الصعب والمؤلم أن يحجب عن منصف عاقل أو يمنعه من قول الحق بذلك موقف مسبق أو عصبية عمياء .
⁃ إن ذكرى عاشوراء وهي تجدد فينا الحزن وتذكرنا بعظيم المصاب فإنها تلهب في قلوبنا حماساً للانطلاق في خط الحسين سلام الله عليه والالتحاق بركبه الإيماني في رفض الظلم والطغاة طالما والحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه وليفعل الله بعد ذلك ما يشاء .

قد يعجبك ايضا