مراقبون: المساعي الأمريكية والفرنسية لإحداث فراغ حكومي هدفها وضع لبنان تحت الوصاية الدولية

حسان دياب يعلن استقالة الحكومة: لبنان مكبّل بالفساد

 

الثورة/
أعلن رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب استقالة حكومته على خلفية تداعيات انفجار بيروت الهائل ، وقال دياب في خطاب مساء أمس إن أزمات لبنان نتيجة لفساد كبير ليس متجذرا فحسب بل هو أكبر من الدولة ويكبل الدولة ، وأضاف دياب أن حجم المأساة في لبنان أكبر من أن يوصف ”لكن البعض يعيش في زمن آخر ولا يهمه إلا هدم ما تبقى من الدولة“.
وقال دياب زوّروا الوقائع وشوهوا الحقائق وارتكبوا الكبائر لأنهم يعرفون أن نجاح الحكومة يعني تغيير هذه الطبقة التي وصفها بالقذرة ، وقال دياب: بيننا وبين التغيير جدار كبير جداً تحميه طبقة تتحكم بمفاصل الدولة ، وأضاف: كل ما يهمنا هو إنقاذ البلد وتحملنا الكثير من أجل ذلك لكن الأبواق المسعورة لم تتوقف.
واعتبر دياب أن المفارقة الأكبر ”كانت محاولة هؤلاء تحميل الحكومة مسؤولية الفساد والهدر“. وقال باللهجة اللبنانية ” ً فعلا اللي استحوا ماتوا“ ، وأضاف دياب أن الطبقة السياسية ”حكمت البلد حتى اختنق من رائحة فسادها“ ، معلنا الاحتكام إلى الناس ”ومطلبهم بالتغيير الحقيقي من دولة السرقات والسمسرات إلى دولة العدالة“ ، وقال ”نتراجع خطوة إلى الوراء لكي نشارك الناس معركتهم نحو التغيير“. وختم خطاب الاستقالة بالقول ”الله يحمي لبنان.. الله يحمي لبنان، الله يحمي لبنان“.
وتشهد لبنان توترات وخضات سياسية بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس أسفر عن مقتل 173 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من ستة آلاف بجروح ودمر قطاعات من المدينة الساحلية، ما أدى إلى تفاقم انهيار سياسي واقتصادي شهدته البلاد في الشهور السابقة بسبب الضغوط والإجراءات القسرية التي فرضتها أمريكا وأوروبا ضد لبنان.
وقبل الرئيس اللبناني ميشال عون استقالة حكومة حسان دياب وكلفه يوم أمس بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة ، وكُلّف حسان دياب في 19 ديسمبر 2019 بتشكيل الحكومة في لبنان خلفا لسعد الحريري الذي استقال تلبية للرغبات السعودية والأمريكية في دفع لبنان نحو الفراغ ، وتوظيف الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في البلاد احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد ، لتحقيق هذا المسعى الهادف إلى إغراق لبنان في الفوضى والفراغ.
ودخلت لبنان أزمة سياسية إثر استقالة الحريري التي كان يهدف من ورائها إلى إحداث فراغ تسعى إليه دول كبرى ، بهدف إضعاف المقاومة وإنهاء دورها في الحياة السياسية اللبنانية ، تلى ذلك تشكيل حكومة برئاسة حسان دياب الذي استقال أمس معرضا في حديثه إلى أن أطرافاً سياسية فاسدة حكمت لبنان وتريد الاستمرار في الفساد ، وقد تعرض لبنان خلال الأشهر الماضية لحصار خانق مدعوم أمريكيا سبب ارتفاع سعر الدولار وانعدام الوقود والمشتقات ، ليضيف انفجار مرفأ بيروت للأزمة الاقتصادية والسياسية أبعادا كبرى أثرت على مسار الأحداث والتوترات التي تضرب لبنان الشقيق.
انفجار مرفأ بيروت نقطة تحول
الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس قلب الموازين الغربية في التعامل مع لبنان ، فقد كان هدف الحصار خنق لبنان واقتصاده وأحزابه، لا قتله ، كما تقول صحيفة الأخبار اللبنانية ، لكن الانفجار أودى بالبلد إلى أبعد بكثير من الخطط الغربية ، هذا اغتيال بالجغرافيا استدعى تغييراً جوهرياً يضمن عدم انهيار لبنان ، وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت على وجه السرعة، لم يكن للتعزية حصراً. زيارته أعلنت عودة الفراغ إلى السلطة التنفيذية، تمهيداً لإعادة ملئها ببركة الغرب وأمريكا ، الزيارة، كما مضمونها التسووي، كانت مدعومة أميركياً بحسب المعلومات التي أوردتها صحيفة الأخبار ، فإن اجتماعاً عقد في الخارجية الأميركية في اليوم الذي تلى الانفجار لتقييم الموقف ، قد خلص إلى أن الأولوية اليوم هي المحافظة على الستاتيكو القائم، لأن لا مصلحة أميركية في انزلاق الأمور وخروجها عن السيطرة وقبل ذلك كانت السفارة الفرنسية قد أجرت مسحاً بيّن لها أن الخيارات محدودة في لبنان، ولا بديل من إعادة لم شمل السلطة لمواجهة التحديات، خاصة مع اقتناعها بأن المجتمع المدني المتشرذم ليس قادراً على إنتاج أي بديل جدي. «رويترز» نقلت عن مسؤول في الإيليزيه قوله إن «ماكرون أبلغ ترامب أن سياسات الضغط الأميركية يمكن أن يستغلها حزب الله».
مواقف ماكرون في بيروت كما تقول «الأخبار اللبنانية» جاءت لتعبّر تماماً عن هذه الخلاصات، التي على أساسها بدأت فرنسا التأسيس للمرحلة المقبلة، وعنوانها تدويل الحل، ووضع لبنان رهن الوصاية الغربية والأمريكية ، بصرف النظر إن كان هذا الحل على شكل تعويم للنظام الحالي على أسس جديدة أو التأسيس لنظام جديد. أكد ماكرون ذلك عبر تويتر: «يتم الآن رسم مستقبل لبنان مع شركائه الدوليين». أبرز هؤلاء الشركاء هو أميركا، التي أوفدت وكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل إلى بيروت، في مسعى لإحراز تقدم في ملف الترسيم البحري، بوصفه جزءاً من الملفات التي ينبغي ترتيبها في المرحلة المقبلة.
“المرفأ والوصاية الدولية”.. هذا ما حذّر منه السيد نصر الله سابقاً!
بعد ساعات على انفجار مرفأ بيروت، علت أصوات لبنانية تطالب بتدويل القضية. ثمة جبهة داخلية تضم نخباً سياسية وإعلامية، تتحرك في تناغم واضح، طلباً للتدويل من جهة، وضد الحكومة والعهد من جهة ثانية في سيناريو يذكر بسناريو عام 2005. يتزامن ذلك مع دعوات للتدويل على تويتر، أغلبها عبر تغريدات لغير لبنانيين.
جاءت هذه الدعوات، بالتزامن مع وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس إلى بيروت لـ “مساعدة الشعب وليس الدولة”. هذا ما يشير إليه تصريحه الذي قال فيه إن «المساعدات الفرنسية لن تنتهي بأيدي الفاسدين وسنقدم مساعدات دولية تحت إشراف الأمم المتحدة وستصل مباشرة إلى الشعب والجمعيات غير الحكومية». ، عدا عن ذلك، الرئيس الفرنسي دعا أيضاً إلى «التغيير في لبنان»، وقال في تغريدة على تويتر أيضاً إن «لبنان ليس وحيداً» في أعقاب انفجار حدث في عنبر رقم 12 من مرفأ بيروت، أودى بحياة أكثر من مئة شخص في المدينة.
محلل الميادين للشؤون السياسية قاسم عز الدين، علّق على زيارة ماكرون بالقول إن «فرنسا هي أصل النظام الطائفي في لبنان، ويجب عليها إغاثة لبنان بأكثر من أربع طائرات مساعدات»، واعتبر أن «ماكرون يحاول أن يسكب نفوذاً ويكسب صدقية، ويحاول شراء تعاطف الفرنسيين، لأن مجملهم يتعاطفون مع لبنان وشعبه»، وأضاف عزالدين أنه «على فرنسا أن تتحمل مسؤوليتها بالإغاثة الإنسانية، وأن تقدم جلّ ما تستطيع وهي تستطيع الكثير، لكن ليس عليها أن تفرض الإصلاحات على اللبنانيين».
جهات لبنانية تطالب بتدويل التحقيق بشأن انفجار مرفأ بيروت.
رؤساء الحكومات اللبنانية السابقون سعد الحريري، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، كانوا من أوائل من طالبوا المنظمات الدولية لتشكيل لجنة تحقيق لمباشرة مهامها في الكشف عن ملابسات التفجير وأسبابه.
أيضاً، كان ذلك مطلب رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، وقال إنه «لا يثق بقدرة الحكومة اللبنانية على كشف الحقيقة»، معتبراً أن «الحكومة الحالية معادية ولا بد من حكومة حيادية تخرج لبنان من المحاور ويجب السيطرة على المعابر والمرافئ، ولا ثقة بالمطلق بهذه العصابة الحاكمة».
وأضاف جنبلاط: «هل هي صدفة أم مؤامرة؟.. التحقيق سيكشف ذلك، ومن المعلومات الضئيلة التي أملكها، هذه الكمية الهائلة التي أتت من الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وبقيت تقريباً 6 سنوات، لا تنفجر حتى لو كانت سامة أو متفجرة لوحدها، إنها بحاجة لصاعق».
كما اعتبر أن لبنان مجروح ومحتل ومعزول ومسيطر عليه، شاكراً ماكرون على زيارته.
في السياق نفسه، طالب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بلجنة تحقيق دوليّة ترسلها الأمم المتحدة بأسرع وقت ممكن، ودعا مجلس النواب إلى «عقد جلسة طارئة وعلنيّة لاستجواب الحكومة حول الانفجار».
البعض ردّ على هذه المطالبات بالقول إنها «تلغي الدولة اللبنانية»، كما قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي فرزلي. كما أن وزير الداخلية محمد فهمي، أكد أن الحكومة الحالية لن تلجأ إلى خبراء دوليين.
مما لا شك فيه أن دعوات التدويل تأتي من «إسرائيل» وأميركا لتحقيق هدفهم بوضع لبنان تحت المزيد من الوصاية، خاصة مع مطالبتهم بتعديل مهام «اليونيفيل» وزيادة سلطتها. وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها قضايا لبنان للتدويل، أبرزها قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
يأتي ذلك بالتزامن مع تأجيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي تنظر في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، النطق بحكمها إلى 18 أغسطس الجاري بعد أن كان مقرراً في 7 من الشهر نفسه، وذلك بسبب تداعيات الانفجار الذي وقع في بيروت.
بعد هذه التصريحات، فإن السيناريو يشي بمحاولات لفرض وصاية غير مباشرة على لبنان، وهناك من يحاول اتهام حزب الله بالمسؤولية عن الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، ولو بطريقة غير مباشرة، من خلال التلميح إلى أن انفجار بيروت بفعل فاعل، وربط هذا الأمر بحزب الله وسلاحه.
إلا أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، كان قد «نفى نفياً قاطعاً» في كلمة سابقة له ادعاءات المندوب الإسرائيلي في مجلس الأمن حول استخدام حزب الله لنقل سلاح أو مكونات سلاح إلى لبنان.
واعتبر السيد نصرالله أن «هذه التصريحات هي مقدمات لفرض وصاية على المرفأ وعلى المطار وعلى الحدود، يريد البعض من لبنان أن يصل إليها». كما حذّر من لديه «مشكلة مع حزب الله من تعريض مرفأ بيروت إلى المخاطر».

قد يعجبك ايضا