عمر المختار والمستعمر الفاشي

 

فؤاد عبدالقادر

كلما شاهدت فيلم عمر المختار للمخرج الفنان مصطفى العقاد.. وقد شاهدته أكثر من مرة.. تقفز إلى الذاكرة سلسلة من الأحداث التي مر بها الوطن العربي، قرأنا عن بعضها.. وعشنا أحداثها.. وتجرعنا مرارتها ولا نزال.. يختلط الماضي القريب المشرق بالحاضر المؤلم.. تمكن العقاد وببساطة من أن يضع المشاهدين في قلب الحدث والمرحلة التي عاشتها ليبيا تحت الاستعمار في مقابل المجاهد الجليل.. الشيخ عمر المختار رمز الشعب العربي الليبي المكافح.. روعة الفيلم تأتي من القضية التي تطرق لها.. والحشد الفني الكبير الذي جسد نضال الشعب العربي في ليبيا.. ضد المستعمر الإيطالي بقيادة معلم الصبيان عمر المختار.
وكأننا نعيش الحاضر.. أمس الايطاليون وفاشيتهم واليوم إسرائيل وأمريكا ودول أوروبا، المستعمرون لا تتغير سياستهم نفس النغمة المتجبرة.
ولعل موقف اللقاء بين عمر المختار.. وممثل السلطة المتحالفة مع الاستعمار الإيطالي.. والحوار الذي دار بينهما يختزل الكثير مما يمكن أن يقال عند ما طلب منه الاستسلام المشرف.. وجاء الرد من المختار حاسما.. أي سلام.. محتل للأرض.. ورجال وأطفال يذبحون.. ومدن تخرب وتقول سلام مشرف.. إنه فيلم يستحق التقدير والتحية.

الشهيد القائد.. ثورة جهادية وثروة علمية شاملة
أمة الملك الخاشب
كل ما نحن فيه من تقدم وتصنيع وعز ونصر وصمود، وكل قافلة تخرج وكل تذكير للمجتمع بالارتباط بالله تعالى وكل صاروخ ينطلق وكل طيران يحلِّق بكل عز وكل مشهد انتصار وغنائم وكل تقدمات أسطورية تخالف القواعد المتعارف عليها وكل ذكر للأنصار اليمنيين في مشارق الأرض ومغاربها، كل هذا يعود أجره وفضله لمن أسس بنيان هذه المسيرة القرآنية، للشهيد القائد الحسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- وجزاه الله عنّا خير الجزاء.
ففي ذكرى الشهيد القائد نستطيع أن نقول وبكل فخر بأن الموسوعة العلمية الشاملة التي تركها لنا الشهيد القائد أسَّست ليمن عظيم وكانت النواة التي مشروعها الانتقال باليمن من بلد ضعيف خانع واقع تحت السيطرة الأمريكية والوصاية السعودية الى يمن عزيز مقاوم صمد في وجه هذا العدوان على مدى خمس سنوات وأصبح أملاً لكل شعوب المنطقة ومدرسة في الحرية والاستقلال وفرض السيادة.
فلو لم نكن نمتلك هذه الثروة العلمية الهائلة من مخزون محاضرات الشهيد القائد التي تخرَّج منها رجال لا يهابون الموت، رجال يعشقون الشهادة وتواقون لميادينها، يتنافسون على من سيقدم أكثر، من أجل الفوز برضا الله، يتنافسون في ميادين النهوض ببلدهم وحتى رؤية ومشروع رئيس الشهداء صالح الصماد “يد تبني ويد تحمي” كانت إحدى ثمار هذا المشروع العظيم الذي أسس أركانه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه.
كانت الثقافة الوهابية قد غزت المجتمع اليمني، مثله مثل بقية المجتمعات وجعلت من القرآن الكريم مجرد كتاب يقرأ في العزاء أو في شهر رمضان ليزيد الحسنات على حد زعمهم ,وكان الأعداء قد أفرغوه من دوره الحقيقي وفصلوا الأمة عنه بالتدريج وكان الواقع مزرياً ومحزناً، وليس ذلك الواقع نتاج حدث أو نتاج شخص، لكن الواقع الذي وصلت إليه الأمة كان نتيجة تراكمات وأخطاء كبيرة شخّصها الشهيد القائد وذكرها وربطها بالآيات القرآنية ولم يكتف بالتشخيص وكفى بل سعى في محاضراته لإيجاد الحلول والمعالجات التي تستطيع الأمة جمعها أن تتخذها منهجا وسلوكا وفكرا لتعود لوضعها الطبيعي السيادي بين الأمم حيث وصفها الحق تعالى بأنها خير أمة أخرجت للناس.
من ثمار المشروع القرآني “رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه” سطروا المعجزات على مدى سنوات العدوان، بل ومنذ العام 2004م وحتى يومنا هذا، فالعدوان على اليمن لم يبدأ من تاريخ 26 مارس 2015م كما هو واضح ولكن العدوان الحقيقي الذي لم يكن له أي مسوغ قانوني ولا دستوري، وكانت جميعها حروباً عبثية ظالمة قادتها أمريكا بغطاء النظام آنذاك كانت تلك الحروب الست التي شنت على محافظة صعدة المدينة الأبية الشامخة هي بداية العدوان على يمن الإيمان وعلى المشروع القرآني الذي يهدف لإنقاذ الأمة من الهيمنة الأمريكية التي كانت هي السائدة آنذاك.
وقد كشفت الأحداث المتوالية حقيقة كل ما حذر منه الشهيد القائد من خطر سيطرة أمريكا على اليمن وذلك بعد كشف جزء من حقيقة تدمير سلاح الجو اليمني ومن خطر استهداف الحرم المكي وإبعاد المسلمين عنه بالتدريج وتحت عدة أعذار منها الأوبئة وهذا ما حصل بالضبط وما تأمله كل المسلمين في صمت وتفكر، وسيهدي الله من يريد الهداية ومن يريد معرفة الحقيقة التي لا يزال هناك للأسف كثيرون غائبين عنها , فالرجل الذي يرى بعين القرآن لا شك أنه لم يكن حليفاً فقط للقرآن ولكنه سيكون رفيقا ملازما له يحظى بتأييد مُنزِّل القرآن.
فعلى سبيل المثال غيّرت محاضرة “محياي ومماتي لله رب العالمين” آلاف الأشخاص الذين وصلهم ذلك الهدي منذ بداية انطلاقته عندما كان محرما تداوله وحتى يومنا هذا, وضرب المجاهدون الأوائل أروع الأمثلة في ثباتهم على مواقفهم وجهادهم في سبيل الله وبوقوفهم أمام آلة الحرب القاتلة التي كانت كفيلة بمحو مدينة صعدة من الخارطة، لكنهم صمدوا وجاهدوا وضحوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الانتصار لقضيتهم التي آمنوا بها، وكانت آلة الإعلام المحلية التي بيد النظام تشتغل بضخ الأكاذيب والإشاعات التي سرعان ما تلاشت وسقطت واتضح زيفها لكل الشعب بعد اعتذار الحكومة اليمنية رسميا في 2013م عن حروب صعدة واعتبارها حروباً عبثية وتكشفت الكثير من الحقائق التي حاول العدو إخفاءها وتعرَّف الشعب على الأنصار وعلى مبادئهم عن قرب ولم يمض سوى أقل من عامين على ذلك الاعتذار حتى قام العدوان على كل اليمن لنفس الأسباب ونفس العدو.
ومثلما سطر المجاهدون الأوائل في صعدة المعجزات وهم قلة مستضعفون في الأرض بالمثل بعد العدوان على اليمن سطر المجاهدون المواجهون لتحالف 20 دولة تقوده أمريكا وصمدوا 5 سنوات كاملة ومستعدون للصمود سنوات قادمة أكثر مع تطوير للقدرات العسكرية تحت قيادة شقيق الشهيد القائد السيد عبدالملك الحوثي الذي قاد السفينة بعد استشهاد ربانها وقائدها المؤسس الأول لها الحسين بن بدر الدين الحوثي الذي وصفه والده العلامة الرباني بدر الدين الحوثي بأنه أحكم أبنائه وبأنه لا يرد بعد كلمته كلام.
أولئك الرجال خريجو تلك المدرسة القرآنية التي أسسها الشهيد القائد لو نزلت معهم الميادين لشاهدت عجب العجاب، لشاهدت معجزات وآيات الله تتحقق أمام ناظريك، لشاهدت زمن الأساطير والمعجزات عاد ويتجسد أمام ناظريك، وإن زرت روضات شهدائهم تشعر وكأنك دخلت عالماً آخر لا ينتمي لهذه الدنيا، فلو سألنا أنفسنا ما سر هذه العظمة وما سر هذه الكرامة، لما وجدنا جوابا آخر غير أنه فضل الله علينا بأن اختصنا بمجدد الرسالة المحمدية وبرجل يعيد طرح القرآن وفق الأحداث بعد أن كان القرآن بسبب الثقافات الوهابية كتاب موت وليس كتاب حياة، فعادت الحياة من جديد تدب في الشعب اليمني ليظل ينبض بشعار “الموت لأمريكا” حتى تموت أمريكا من النفوس وعندما تموت في النفوس ستنتهي من الوجود وتصبح مسألة زوالها من الوجود مسألة وقت فقط وكل هذا بفضل الله وقوة الإرادة والعزيمة ورفع شعار “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل” الذي جدد روح الجهاد في النفوس وأحيا الأمة من غفلتها.

قد يعجبك ايضا