“على القارئ أن يختار العنوان”

حسن سعيد الدبعي
أعلن الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول العربية يوم 1 فبراير 2020م رفضه لخطة ترامب للسلام المعروفة بصفقة القرن لحل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، والتي أعطت لإسرائيل مالم تكن تحلم به.. هذه الخطة الترامبية مدفوعة الثمن من أطراف عربية حتى يتخلصوا من وجع الدماغ والحديث عن تحرير فلسطين والحفاظ على المسجد الأقصى والذي أصبح وبالاً على الأنظمة العربية الخانعة الذليلة السائرة في ركاب أمريكا.. المسجد الأقصى الذي يشكل الرمز الديني للمسلمين أصبح في نظر الأنظمة العربية مشكلة عويصة ينبغي التخلص منها وبأي ثمن وليذهب الإسلام في مهب الريح.. المهم أن تبقى أمريكا التي تحافظ على كراسي الأنظمة المتهالكة ولا حرج لديها أن تشمل الطمأنينة لديهم من التعايش مع إسرائيل وإقامة حسن الجوار معها.. وهل نصدق نحن الشعوب العربية المسلمة ما جاء في بيان الاجتماع الطارئ للجامعة العربية.. فكم حصل قبله من رفض واستنكار في وسائل الإعلام أما في الخفاء وتحت الطاولات تحصل الأعاجيب من التآمر على القضية الفلسطينية وتغذية المشاريع التي تعمل على وأدها إلى الأبد..
الزمن تغير.. والكلام تغير وما كان مستحيلاً بالأمس صار اليوم جائزاً.. وقد يصبح غداً ضرورياً وبعد غد واقعاً موضوعياً.. لنبدأ البحث عن مفردات جديدة وأسماء جديدة وجغرافيا جديدة فقد أفلست العقائد الصادقة وانتصر التجريب.. الحق للقوة وليست القوة للحق في زمان محمد ابن زايد ومحمد ابن سلمان وعبدالفتاح السيسي.. المهزومون هم نحن وحدنا نحن بأحلامنا ولغتنا ومراهقتنا ومثاليتنا و.. غباوتنا.. السياسة فن الممكن فكيف فهمناها فن خدمة الأغراض القومية؟
أمريكا رسولة السلام والعدالة فلماذا نعتبرها رمز الظلم وعدوة الشعوب المسحوقة.. وإسرائيل واقع لا يتبدل فكيف انخدعنا بالتحرير والكرامة والحق والشعارات البراقة التي ظل يرفعها الساسة العرب والأحزاب القومية ردحاً من الزمن.. أسدلوا الستار على أفظع مسرحية شهدتها الإنسانية في تاريخها الحديث.. اقتلعوا ذاكرتكم.. قطعوا ألسنتكم.. مزقوا قصائد الوعد والوعيد.. الزمن تغير والكلام تغير ويا خيبة الذين ماتوا بلا رجاء .. نحن في زمن الأوباش والمنبطحين والدافعين أموال الأمة لخدمة المشاريع التي ستعجل بزوالهم.. الأمراء والملوك والسلاطين الذين باعوا دينهم وقيمهم وعروبتهم للشيطان وتمسكوا بتلابيب أمريكا للحفاظ على عروشهم وكراسيهم واستمرأوا الخضوع لمنطق أن إسرائيل دولة قائمة وقوية وينبغي التعايش معها..
الزمن تغير.. والكلام تغير صار ترامب قاضي المدينة الفاضلة وصار نتنياهو رجل الاعتدال العاقل وصارت أرضنا تتسع لجميع الناس بعض من عرب فلسطين وكثير من يهود روسيا وبولونيا والمجر والمغرب وألمانيا وحتى اليمن.. ولأن جميع الناس يعبدون الله الواحد فليس مهمّاً أن يصبح المسجد الأقصى حائط مبكى وكنيسة القيامة كنيست إسرائيل المسالمة.. فالحاقدون المتعصبون لعروبتهم ودينهم وحدهم خوارج العصر.. أما العقلاء من أصحاب المشالح والدشداشات فقد قرأوا جيداً تعليمات قاضي المدينة الفاضلة وأقسموا على الوفاء والولاء قاتلهم الله أنى يؤفكون.
من عز الدين القسام إلى سناء محيدلي تصل الرسائل بالشفرة خوفاً من أن تقع بين أيدي بوليس السلام فيحكم على الأول بالإعدام رمياً بالرصاص وعلى الثانية بالموت في سيارة مفخخة.. الزمن تغير والكلام تغير وبدأ حكامنا الأوغاد يتدربون على استخدام عبارات عاقلة مثل: الجار الإسرائيلي ومعاودة حسن الجوار والمياه المشتركة والحدود المفتوحة والتشاور البناء.. وبدأ حكامنا الكلاب يدربون وسائل إعلامهم على صيغ جديدة في اللغة والسياسة الخاصة بعصر السلام مثل: القدس عاصمة لإسرائيل والاستجمام في شاطئ إسرائيل اللازوردي والاصطياف في الجبال الإسرائيلية المشهورة بنسيمها العليل ومائها السلسبيل.. وإذا كان الفلسطينيون هم المشكلة، ألا يكون حل هذه المشكلة بالوحدة العربية – الإسرائيلية .. ولا ضير من استحداث نظريات هي من صلب عقيدة السلم تدعو إلى استبدال العربية بالعبرية .. فنحن في زمن عربي بلا نوعية وبلا هدف يتسيد عليه حفنة من البغاة والأوغاد أصحاب المليارات الموظفة في غير محلها الصحيح.

قد يعجبك ايضا