المخالفات لا تتوقف عند البناء بالياجور الأسود وإنما في استخدام الأبواب الحديدية في المباني السكنية

التشوهات العمرانية وعبث النشاط التجاري يهددان جمال وخصوصية صنعاء التاريخية

الدعوة إلى تكاتف كل الجهود الرسمية والمجتمعية لجعل صنعاء القديمة تحفة فنية
المجسمات والهياكل أمام المحلات التجارية تسيء إلى روح وجمال المدينة الفريد

الثورة / حمدي دوبلة

عندما تدخل إلى مدينة صنعاء القديمة فإنك تسافر بخيالك عبر الزمن وإذا تشتم عبق التاريخ من قصورها الشاهقة وأزقتها العتيقة ومن كل مكان في جنبات هذه المدينة التي أطلق عليها المهتمون بالتراث الإنساني وصف المتحف النابض بالحياة.
كل ما في صنعاء القديمة جميل وفاتن ولا يعكر مزاج الزائر لها غير تلك التشوهات والمخالفات التي نجمت عن ممارسات البعض ممن لا يدركون أهمية ما تحتويه المدينة من تراث عظيم وجمال استثنائي قل أن تجد له مثيلا له في العالم.
هذه التشوهات العمرانية والسلوكيات العبثية لبعض السكان وأصحاب المحلات التجارية باتت تأخذ منحى تصاعديا ويجب أن يتم وضع حد لها قبل أن تستفحل وتطغى على جماليات المدينة الأثرية ..ويقول مختصون وسكان محليون من أبناء صنعاء القديمة أن من أخطر المخالفات تلك الموجودة في المباني الواقعة في واجهة المدينة الغربية والمطلة على السائلة والتي تتكون من الياجور الأسود والأحمر لذلك يحاول أصحابها إخفاء مخالفاتهم من خلال تعليق أقمشة كبيرة لصور قيادات سياسية أو مناشدات وما إلى ذلك وهو الأمر الذي يجب أن تتنبه له الجهات المختصة.
ويوضح الحاج يحيى الطويل، وهو من أشهر النجارين التقليدين بصنعاء القديمة، أن المخالفات لا تتوقف عند البناء بالياجور الأسود وإنما في استخدام الأبواب الحديدية في المباني السكنية الأمر الذي يضر كثيرا بخصوصية وجمال المدينة التاريخية.
ويضيف في حديثه لـ”الثورة” أن هناك معالجات عملية لهذه الأبواب الحديدية من خلال إضافة لمسات حرفية تحافظ على خصوصية المنظر العام للمدينة، مشيرا إلى أن هناك العديد من المواطنين ممن استخدموا أبواب الحديد في بيوتهم قد عمدوا إلى الاستعانة بحرفيين من أساطية البناء التقليدي واستطاعوا بحنكة كبيرة مواءمة هذه الأبواب للنمط العمراني بالمدينة ويتساءل الحَّداد خالد الثلايا وهو من مشاهير مهنة الحدادة بصنعاء القديمة: لماذا لا تقوم الجهات المختصة بإلزام أصحاب النوع من المخالفات بإصلاح وتعديل مخالفاتهم خاصة وأن هذه العملية لا تكلف كثيرا من المال وأثبتت التجارب التي قام بها البعض في هذا الجانب نجاحا كبيرا في إخفاء التشوهات.

النشاط التجاري مطلوب ولكن

النشاط التجاري أحد مميزات صنعاء القديمة عبر العصور وعُرفت المدينة على مدى تاريخها الطويل بالصناعات الحرفية المميزة وظلت أسواقها نابضة بالحياة غير أن النشاط التجاري في الآونة الأخيرة أصبح حافلا بالممارسات العبثية وغير المسؤولة من قبل أصحاب المحلات والحوانيت، وهي ما تحدث تشوهات كبيرة في جمال المنظر العام وخصوصية ونمط الحياة المميزة في أحياء وأسواق المدينة.
هذه التشوهات تتجسد في الهياكل والمجسمات الحديدية والنحاسية وأنواع لا تحصى من الأخشاب والسرادق والطرابيل التي تعج بها أسواق وممرات صنعاء القديمة.
ويقول مختصون بحماية التراث والحرف التقليدية أن هذه المجسمات والهياكل التي يقوم التجار بوضعها أمام محلاتهم وعرض بضاعاتهم من السلع والمنتجات والملبوسات أصبحت تسيء إلى روح وجمال وخصوصية المدينة الفريدة.
ويشعر الزائر لصنعاء القديمة حالياً وكأنه وسط غابة لا تنتهي من هذه الهياكل المتناثرة على طول الشوارع والأزقة العتيقة، ويوضح رئيس جمعية حرفيي البناء التقليدي الأسطى احمد سعد نواس أن هذه المجسمات باتت تحجب الكثير من جماليات وتراث صنعاء الزاخر ويضيف أنّ الزائر للمدينة يصبح مشتت الذهن عن رؤية تراثها وخصوصياتها وطابعها العمراني الفريد بل يبدو وكأنه غاص وسط بحر من هذه المجسمات والأصنام التي لا تنتهي والتي لا يجب أن تترك على حالها إذا ما أردنا الحفاظ على صنعاء القديمة.
من جهته يشير الأسطى قاسم احمد عامر وهو من أساطية البناء التقليدي المعروفين بصنعاء القديمة وأمين عام جمعية حرفيي البناء إلى ضرورة تكاتف كل الجهود الرسمية والمجتمعية لجعل صنعاء القديمة تحفة فنية تسر الناظرين، وهي المهمة التي لا تحتاج سوى لنوايا جادة وإجراءات سليمة وعملية لمحاصرة المخالفات والحد من التشوهات وليس الاكتفاء بمجرد رصد المخالفة وتغريم أصحابها.

قد يعجبك ايضا