فيما تبحث دول العدوان عن تاريخ لا تمتلكه: بيوت صنعاء القديمة المهجورة.. هجر متعمد للفن والجمال والحضارة التليدة

 

تقرير/ حمدي دوبلة
وأنت تقف أمام المنازل المهجورة في صنعاء القديمة وهي بأعداد غير قليلة داخل أسوار المدينة التاريخية تنتابك العديد من المشاعر الانسانية حول عظمة وابداعات الإنسان اليمني القديم وما آلت إليه الكثير من هذه الكنوز الاثرية والإنسانية التي يجهل الكثيرون أهميتها الوطنية والحضارية للبلد ولمسيرة نهضته التنموية.
ويقول خبراء ومختصون في الفن المعماري الصنعاني الأصيل أن الزخارف والنقشات وطريقة البناء التي تتواجد في هذه المعالم الهامة بديعة وساحرة تأخذ الألباب وتأسر العقول وتجعل المرء يتمنى أن يعيش فيها ويقضي أجمل اللحظات الروحانية وهو يتأمل ابداعات وفنون ومهارات تلك الأنامل التي شيدت هذه الصروح السامقة.
ويوضح المهندس المعماري/ أحمد سعد نواس رئيس جمعية حرفيي البناء التقليدي في حديثه لـ”الثورة” تشعر وأنت تشاهد هذه القصور المهجورة والمبنية على مساحات كبيرة بالفخر والأسى في اللحظة ذاتها.
ويضيف: وهو أحد أبرز المعماريين المتخصصين في البناء الصنعاني القديم بأن هذه البيوت المهجورة ومنها ما هو متداعٍ أو آيل للسقوط تمثل روح صنعاء وأصالتها وتاريخها العريق فطريقة البناء والزخارف والنقشات المستخدمة فيها تتحدث عن ابداع لا مثيل له في العالم.
ويرى المهندس نواس ومعه كثير من الخبراء في الفن المعماري الصنعاني الفريد أن الحل الأمثل للحفاظ على هذه المعالم يكمن في تأهيلها واعادة ترميمها وإلزام أهلها بالسكن فيها أو تأجيرها وإعادة الحياة إلى أركانها وزواياها المهملة وعلى قاعدة المثل الشعبي اليمني القائل” عمارة البيت حلاله” بمعنى الحفاظ على البيت يكمن في العيش فيه.
كما أن هناك الكثير من البيوت العتيقة بصنعاء القديمة ممن يسكنها اهلها في وضع مترد ومتهالك وتتطلب ترميما متواصلا ومستمرا قبل أن تتداعى ويذهب بريقها الحضاري.
العدوان والبحث عن التاريخ
نجد أن دول تحالف العدوان الغاشم على اليمن والتي تفتقر الى التاريخ وقد صبت جام غضبها وشرورها على آثار ومعالم اليمن الحضارية والاثرية خلال الخمسة الأعوام الماضية وما تزال تحاول جاهدة البحث عن تاريخ معدوم وحضارة لا وجود لها وبالمقابل فإن ما تمتلكه اليمن من ارث زاخر يجعل من الحفاظ على الاثار مسؤولية دينية وأخلاقية ووطنية وانسانية ينبغي ان يضطلع بها كافة ابناء اليمن كل من موقعه وحسب اختصاصه ولعل البداية الحقيقية يجب ان تكون من صنعاء القديمة حيث ينطق التاريخ ويسافر المرء وهو يجوب شوارعها العتيقة الى الاف السنوات الى الوراء.
ويضيف المهندس المعماري احمد نواس أن الحماس والتفاعل والجدية الملموسة في توجهات قيادة الثورة العبية والمجلس السياسي الاعلى وحكومة الانقاذ تعد من اهم المتطلبات والمنطلقات الحقيقية لتعزيز جهود الحفاظ على صنعاء التاريخية ومعالمها الثمينة ولابد ان يتم توجيه هذا الجهد بطريقة صحيحة وفاعلة لحماية هذا الكنز الانساني النفيس ..مشيرا الى ان القيادة الحالية للهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية ممثلة في رئيسها الاستاذ خالد الابراهيمي الذي تشعر في حديثه وتوجهاته حرصا غير مسبوق لتحقيق انجاز كبير في ما يخص حماية المدن التاريخية في اليمن وتحديدا صنعاء القديمة حيث يعمل جاهدا بالبحث عن تفعيل آليات الحفاظ بالاستعانة بآراء وجهود كل الاطراف وخاصة الحرفيين المعماريين الذين يعتبرون حجر الزاوية واللبنة الاولى في هذا الجانب لكن تنقصه الكثير من الامكانيات المادية وهو ما يجعل من دعم الهيئة أمرا ملحا وعلى الدولة والحكومة إيلاؤه الأولوية القصوى.

قد يعجبك ايضا