العيد.. وتقويم السلوك

أحمد يحيى الديلمي

 

أحمد يحيى الديلمي
ها هو شهر رمضان قد انقضى .. نأمل أن نكون ممن صامه وقامه إيماناً واحتساباً وفاز بجائزة الخالق سبحانه وتعالى ، وأن نكون قد استفدنا من روحانية وبركة الشهر الكريم في أهم مغزى أراده أرحم الراحمين من فضيلة الصوم المتمثل في تقويم السلوك والتخلي الطوعي عن السلوكيات المنفلتة من الضوابط الناظمة للحياة ، وهذه هي أهم الفوائد المرجوة من الصوم ، للإسهام في خلق مشهد إنساني عنوانه الالتزام بالقيم والأخلاق واحترام الأنظمة والقوانين خوفاً من رقابة الضمير المتصلة بخشية الله سبحانه وتعالى ، بالذات أولئك الذين ينظرون إلى الصوم كطقوس عبادية فقط ، ويعتقدون أن التمرد على القواعد والأنظمة وعدم احترام جندي المرور فعل بطولي ، فيتصرفون بعنجهية وغير مبالاة بالآخرين ، ولعلهم قد استفادوا من شهر الصوم في التخلص من هذه التصرفات العبثية المشينة ، ووصلوا إلى مرحلة الالتزام الصحيح والتأكيد على أن الصوم هذب سلوكياتهم وأعادهم إلى قاعدة الصواب .
وبهذه المناسبة العظيمة لابد أن نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لرجال الرجال الأبطال الميامين المرابطين في جبهات القتال ، من يجترحون بطولات اسطورية وهم الدرع الواقي الذي حمى الوطن من المصائب والكوارث التي يحيكها أعداؤه ، وكانوا هم سبب الأمن والاستقرار الذي ننعم به و ينعم به أطفالنا وهم يسرحون ويمرحون في الحدائق والمنتزهات بمناسبة العيد ، إنهم الأبطال الذين صمدوا صمود الجبال ، فلم تنحن هاماتهم ولم تتخاذل إرادتهم رغم شراسة المعتدين وقوتهم ، لكنهم واجهوا ذلك بقوة بأس وقدرة على إفشال المرامي الخبيثة لكل من حاول الاعتداء على الوطن أو النيل منه.
في هذا الجانب لابد أن ننوه بالمبادرة العظيمة من قبل بعض الجهات والأشخاص الذين تركوا الأطفال والأهل واتجهوا إلى جبهات القتال لمشاركة المقاتلين الأبطال أفراح العيد ، هذا الموقف لاشك أنه يعكس مدى الإيمان بالوطن وبكل من يدافع عنه ، وهي حالة تمثل الاستفادة القصوى من الصوم ، لأن نفوسهم سمت إلى مرتبة استشعار المخاطر التي تهدد الوطن وتستهدف السيادة والاستقلال والكرامة ، فقرروا رد الجميل لمن هم السبب الفعلي في ما ينعم به الوطن من أمن و استقرار وسكينة عامة جعلت أجواء العيد كلها مرحا وبهجة وسرورا ، والتهنئة موصولة إلى الأبطال الميامين من رجال التصنيع العسكري الذين أذهلوا العالم في ما وصلوا إليه من ابتكارات في المجال العسكري رغم الحصار الجائر وانعدام أبسط المقومات المطلوبة للتصنيع ، فللجميع من كل يمني أصدق التحايا والتبريكات ، ونأمل أن يكون هذا العيد مناسبة لتحقيق النصر على الأعداء ودحر كل المؤامرات التي تحاك ضد الوطن .
* همسة
هذه الهمسة أوجهها إلى الأعزاء الخطباء والوعاظ الذين يتصدرون منابر الوعظ والإرشاد ، فأقول أتمنى لو أنكم ركزتم على موضوع تهذيب السلوك والرهان على الصوم في تحقيق هذه الغاية ، بدلاً من التركيز فقط على موضوع العبادة رغم أهميته إلاّ أننا يجب أن ننطلق إلى جانب أخر وهي الفوائد المعنوية من الصوم المتصلة بتعديل السلوك وترك الأشياء غير السوية .. نأمل أن يهتم الجميع بهذا الجانب .. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا