نحن خالفنا الإسلام ونعتذر!

 

محمد الوجيه
منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2017 تغيرت الكثير من المفاهيم والأسس داخل السعودية، تفاقمت الأزمات وأصبحت السعودية في ورطة كبيرة على كافة الأصعدة العسكرية، السياسية، الاقتصادية، الحقوقية، الأخلاقية بل والدينية أيضاً.
شُن العدوان السعودي الأمريكي على اليمن قبل تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه وبعد دخوله البيت الأبيض عمل بكل إمكانياته على استمرار العدوان على اليمن، ومواصلة دعمه العسكري واللوجستي والاستخباراتي للسعودية، ومدها بالأسلحة الفتاكة المحرمة دولياً مقابل تريليونات الدولارات.
هذا العدوان على اليمن جعل السعودية في ورطة، علاوة على أنها لم تحقق أهدافها ولم تحرز أي نصر في هذا العدوان، فقد خسرت مالياً خسارة كبيرة كما خسرت الحرب العسكرية والسياسية، فهذه الضائقة الاقتصادية جعلت السعودية للمرة الأولى في تاريخها تقترض من البنوك الدولية 11 مليار دولار، وجعلت المواطن في الداخل السعودي يشكي من الفقر والبطالة وأزمة الإسكان وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية.
لم تكتف القيادة السعودية الجديدة بتورطها في حروب عبثية، وإقحام المواطن المسعود في برك من الدماء، وإنما سعت بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان الى اعتقال كل من له رأي داخل السعودية، وملاحقة من هم خارج حدود المملكة وإسكاتهم ولو كلفهم الأمر تقطيع جثثهم بالمنشار، وكذلك اعتقال الصامتين من يقفون في المنطقة الرمادية بخصوص الحروب والأزمات التي يفتعلها الصبي ولي العهد.
هذه التصرفات الرعينة وغير محسوبة العواقب من قبل محمد بن سلمان وضعت السعودية في القائمة السوداء لقتله الأطفال – أطفال اليمن – بل وتصدرت السعودية قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان، وثبت قيامها بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية خلال عدوانها على اليمن لأكثر من أربع سنوات، وممارستها الاعتقالات بحق الناشطين والناشطات في شبه الجزيرة العربية وممارسة أشد أصناف العذاب بحقهم وهذا بشهادة المنظمات الدولية، حيث وإنه لأول مرة في تاريخ السعودية تُسجن النساء، ويتعرضن للتعذيب صعقاً بالكهرباء وللتحرش الجنسي والاغتصاب.
ومن التغيرات الخطيرة أيضاً التي حدثت في السعودية بعد صعود الرئيس الأمريكي ترامب، التغيرات في المؤسسة الدينية الوهابية التي يقودها أحفاد وتلامذة محمد بن عبد الوهاب، كانت هذه المؤسسة هي الفقاسة للجماعات الإرهابية وتعتبر إحدى الأدوات المهمة التي يستخدمها النظام السعودي لتحقيق أهدافه السياسية وغيرها، فقد أصبح الجميع يعرف اليوم أن الجماعات الإرهابية هي وليدة النظام السعودي بشقيه السياسي والديني (آل سعود وآل الشيخ)، فكانت السعودية تضرب بهم هنا وهناك في حرب غير مباشرة منها لتحقيق أهدافها، وقبل ذلك تحقيق أهداف المشروع الأمريكي البريطاني الصهيوني.
بعد قرابة الأربعة أشهر من دخول ترامب البيت الأبيض قام بزيارة السعودية في أول محطة خارجية له منذ تولي مهام منصبه، يرافقه وزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون، وبعد هذه الزيارة التاريخية بالنسبة لترامب الذي سلبهم 460 مليار دولار، قال وزير خارجيته تيلرسون: لقد ذهبنا للسعودية وافتتحنا مركز مكافحة التطرف والإرهاب، وعملنا على تحديث المؤسسة الدينية داخل السعودية، منها تغيير المنهج المليء بالتطرف والإرهاب، وأمرنا بإيقاف بعض الدعاة المتطرفين و تدريب خطباء شباب جدد.
بعد تصريح وزير الخارجية الأمريكي السابق تيلرسون شاهدنا حملة الاعتقالات الواسعة التي قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد الكثير من الدعاة ومشائخ السعودية، من كانوا يضعون لأنفسهم قداسة ويروجون بأن لحومهم مسمومة، لكن بن سلمان جعل من لحومهم تأكلها سياط جلاديه في السجون المظلمة.
معظم الدعاة والمشائخ الوهابية اليوم في السجون السعودية، إلا من ينادي بصورة الإسلام الجديد الذي يدعو له محمد بن سلمان، والذي بدوره تلقاه من ايفانكا وأبيها ترامب وصهره الصهيوني جاريد كوشنر، ومن أمثال هؤلاء المسخ عايض القرني الذي ظهر على إحدى الشاشات الفضائية السعودية في أول ليالي شهر رمضان المبارك ليعتذر باسمه وباسم تيار الصحوة (جماعة الإخوان المسلمين في السعودية) عن ممارستهم للإسلام بشكل خاطئ، ويعتذر للمجتمع السعودي عن خطاب التشدد واهتمامهم بالمظهر على حساب المخبر، وممارستهم الوصاية على المجتمع، وإقامة محاكم التفتيش الدينية، والإفتاء بفظاظة وتطرف، والقيام بدور الدولة من خلال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم يقول انه اليوم سيف من سيوف الديوان الملكي السعودي، وانه مع الإسلام الذي نادى به ويدعو إليه ولي العهد محمد بن سلمان.
مشائخ السعودية الوهابية من هم خارج أقبية السجون أمثال القرني والعريفي والكلباني وغيرهم نجدهم اليوم يتحدثون بأنهم سيكونون دعاة للإسلام المنفتح الذي يدعو اليه بن سلمان، والسؤال هل محمد بن سلمان اليوم مجدد للإسلام؟ ربما قد يكون مجدداً للإسلام داخل السعودية ويسعى لمنافسة محمد بن عبد الوهاب لحمل هذا اللقب، لكن تجديده هو التطبيع والتحالف مع الكيان الصهيوني، ومسخ المجتمع، ليس في شبه الجزيرة العربية وحسب، وإنما سيسعى لمسخ المجتمعات العربية والإسلامية كما فعل قرن الشيطان محمد بن عبد الوهاب بدعوته الإرهابية.
إن ما يقوم به محمد بن سلمان اليوم من اقتياد بعض الدعاة والمشائخ إلى شاشات التلفاز وإجراء المقابلات معهم التي هي أشبه بالتحقيق المذل والمهان ما هي إلا لتشويه جوهر الإسلام، وفرض التطبيع والتحالف مع الكيان الصهيوني، وإسقاط هيبة العلماء الحقيقيين في نفوس الناس.

قد يعجبك ايضا