أول طريق بين وادي وساحل حضرموت
علي بارجاء
المضطر للسفر من سيئون إلى المكلا أو العكس في أمر عاجل سيكون أمامه خيارات ثلاثة: فإما أن يسافر بالطائرة وقد توقفت الرحلات الجوية بين المدينتين من سنوات طويلة. وإما أن يسلك طريقا مختصرة وهذه الطريق هي الطريق الشرقية ولكنها لم تصبح طريقا رسمية بعد ولم تكتمل سفلتتها حتى اليوم. أما الخيار الثالث فهو أن يسلك الطريق الوسطى التي تمر عبر وادي العين فيضطر إلى مضاعفة السرعة وقد يتعرض بسبب السرعة إلى ما لا تحمد عقباه.
أقول هذا للتأكيد على ضرورة أن تسارع الدولة إلى اعتماد الطريق الشرقية التي تربط بين مدن وادي حضرموت وساحلها ابتداء من جولة الغرف ومرورا بوادي عدم ورسب وانتهاء بالأدواس حيث تلتقي الطريق الشرقية بالطريق القادمة من رأس حويرة ملتقى الطريقين الوسطى والغربية.
واعتماد الطريق الشرقية يكون باستكمال سفلتة الجزء المتبقي منها الذي يصل إلى حوالي سبعين كيلومترا وتهيئتها بما يضمن سلامة استخدامها لتصبح طريقا رسمية ثالثة تربط بين الوادي والساحل.
حين فتحت الطريق الغربية التي تربط بين وادي دوعن الأيمن (خيلة بقشان) ورأس حويرة ساعدت على تخفيف الضغط على الطريق الوسطى التي ظلت خيارا وحيدا لكل القادمين من الوادي واختصرت المسافة والزمن بين مدن وادي دوعن ووادي عمد ناهيك عن تقليل استهلاك الوقود ونسبة الإهلاك للمركبات.
وهذا ما نريد أن يحققه افتتاح الطريق الشرقية لسكان الجزء الشرقي من وادي حضرموت.
هذا حلم ظل يحلم به هؤلاء وأرباب سيارات الأجرة بوجه خاص الذين لا ينفكون يصرحون به لمن يتوسمون فيهم نقل معاناتهم للجهات المعنية أو نشرها في الصحافة.
يتساءل من يهمه أمر فتح هذه الطريق عن سبب عدم سفلتة الجزء المتبقي منها إلى اليوم فتأتيهم الإجابة بأن هذه الطريق تمر في منطقة حقول النفط وهذا الجزء الترابي سيعيق المارين بها وهذا سيجعلهم يصرفون النظر عن سلوكها ولذا فهي حيلة ذكية من الدولة لتمنع المواطنين من رؤية هذه الحقول!
وتدور حول هذه الطريق الطرائف والنكات فمن يقول: (نحن نريد أن نمر في الطريق ولا نريد أن نأخذ شيئا من النفط) ومن يردد: (با شوف بالعين ما با شل شي في ثباني) ومن يقول: (يركب في كل سيارة جندي ويربط على عيني كل راكب قطعة قماش سوداء ولا ينزعها إلا بعد أن تختفي هذه الحقول عن الأنظار).
هذه الطريق ستكون لمصلحة سكان مدن وادي عدم ورسب وتنعش الحياة التجارية فيها وبخاصة المطلة عليها وهذه المصلحة تقتضي الإسراع في فتح الطريق بشكل رسمي.
هذه الطريق هي أول الطرق التي فتحت بين الوادي والساحل منذ عقود فهي طريق تاريخية وكانت تتفرع إلى طريقين: إحداهما ترتبط بالغيل وتمر عقبة المعدي عبر ريدة المعارة والأخرى ترتبط بالأدواس وتمر عقبة الجوهيين كما أذكر.
وقد نظم في افتتاحها في خمسينيات القرن العشرين الشاعر محمد حسن بن شهاب قصيدة عصماء من إندونيسيا تحية لمن ساهم في شقها ورصفها. وعن الطريق نفسها كتب الأستاذ محمد بن هاشم كتابه التاريخي (رحلة إلى الثغرين).
فكيف يحاولون اليوم وضع العراقيل لصرف الناس عن المرور بأول الطرق التي مرت بها أولى السيارات استخداما في حضرموت!¿