إيران تفرض حرب استنزاف باهظة التكلفة على الصهاينة:
الذعر الاستهلاكي يسيطر على الإسرائيليين تزامناً مع الرد الإيراني على العدوان الصهيوني
حكومة نتنياهو المتطرفة زجت دولة الاحتلال الإرهابية في مستنقع ومنحنى خطير من الحروب العدوانية التي تعكس سلوك هذا الكيان التآمري المجرم، ولعل العدوان الراهن على الجمهورية الإسلامية الإيرانية خير شاهد على خطورة هذا الكيان الإرهابي في منطقتنا وضد الشعوب العربية والإسلامية، ولأن اليهود الصهاينة بقساوستهم وعصاباتهم السياسية والعسكرية ونخبهم ومستوطنيهم الذين جاءوا لاحتلال فلسطين من كل أصقاع الأرض، يعلمون بحتمية زوال هذا الكيان الذي أسس على المؤامرات، وسفك دماء الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء، فإنهم يعتقدون أن بقاء كيانهم لن يستمر إلا على مزيد من القتل والإجرام وإشعال الحروب وحياكة المؤامرات، ومع الرد الإيراني المزلزل والضربات القاسية في عمق الكيان المحتل، تحولت المدن الفلسطينية المحتلة إلى جحيم وواقع اقتصادي ومعيشي صعب وكارثي، أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وضغط الطلب في ظل نقص الإمدادات من الأسواق الخارجية، ناهيك عن هروب آلاف اليهود الصهاينة الباحثين عن النجاة من ويل الحروب التي أشعلتها حكومة نتنياهو الإرهابية.
الثورة / أحمد المالكي
وبحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام عبرية فإن المستوطنين الصهاينة يعيشون حالة من الاضطراب المعيشي والاقتصادي حيث تشهد الأسواق الإسرائيلية ارتفاعات حادة في أسعار السلع والمواد الغذائية خلال الأيام الأخيرة، نتيجة تداعيات الحرب العدوانية التي تشنها “إسرائيل” ضد إيران، وسط مخاوف إسرائيلية من نقص الإمدادات وغياب الاستقرار.
وكشفت صحيفة “معاريف” العبرية في تقرير اقتصادي جديد أن الأسواق الإسرائيلية شهدت “فجوات غير عادية في الأسعار” خلال أسبوع، نتيجة ضغط الطلب وتراجع الإمدادات، مشيرة إلى أن سلاسل البيع بالتجزئة رفعت أسعارها بنسبة إجمالية وصلت إلى ٢.٩٪.
لكن الزيادات الأكبر طالت المنتجات الأساسية، إذ سجّلت أسعار بعض المواد الغذائية قفزات “غير اعتيادية” تفاوتت ما بين 25 – 127 %، وفقًا للصحيفة:
وأشارت الصحيفة إلى أن حالة من الذعر الاستهلاكي سيطرت على الإسرائيليين خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى ازدحام المتاجر بالإقبال المتزايد على شراء المواد الغذائية وتخزينها، تحسبًا لأي تصعيد عسكري أوسع أو انقطاع في سلاسل التوريد.
ويأتي هذا الانفجار في الأسعار بالتزامن مع تحذيرات اقتصادية داخلية من استمرار التأثيرات السلبية للحرب على السوق الإسرائيلي، سواء على مستوى الأسعار أو وفرة المنتجات، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة في حال استمر التصعيد العسكري مع إيران.
ووفق التقارير العبرية يتكشف أن الأسعار في إسرائيل زادت بنسبة 150 % فأكثر، وفق استطلاع إسرائيلي حديث تتبع 260 منتجاً في سلاسل البيع بالتجزئة. وارتفعت السلة العامة بين 0.63 % و2.09 % في معظم السلاسل، حيث زادت أسعار الدجاج الطازج في إسرائيل بأكثر من 25 % مقارنةً بما قبل الهجوم الإسرائيلي على إيران يوم الجمعة قبل الماضي، وهو ما يعبر عن تضخم هائل يأخذ في التصاعد على حساب المستهلكين الذين سارعوا إلى تموين أنفسهم من الغذاء فور اندلاع الحرب.
كما يعبّر الارتفاع الحاد في الأسعار، بما فيها أسعار الخضروات الهامة، ليس فقط عن المشاكل اللوجستية فحسب، بل أيضاً عن أنماط الشراء التي يحفزها الخوف من النقص، وتقول صحيفة “معاريف” العبرية عن ذلك إن المستهلك الإسرائيلي لعام 2025م مر بالعديد من الأزمات ويجد نفسه يتعامل مع عدم اليقين، في واقع من عدم الاستقرار المستمر.
المؤشرات
وفي خضم الحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل، تخفي المؤشرات المالية الظاهرية في تل أبيب حقيقة اقتصادية أكثر قتامة، ويكشف الغوص في تفاصيل المواجهة عن نزيف مالي هائل وتكاليف دفاعية فلكية بدأت تستنزف موارد الدولة، مما يطرح تساؤلات جدية حول قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على تحمل حرب استنزاف طويلة الأمد.
وكشفت التقديرات الرسمية وخبراء ماليين وعسكريين في إسرائيل، أن تكلفة اعتراض الهجوم الإيراني المكثف بالصواريخ والطائرات المسيرة تجاوزت 5 مليارات شيكل (ما يعادل 1.3 مليار دولار أمريكي) خلال ليلة واحدة فقط.
هذا الرقم الفلكي لا يشمل فقط تكلفة الوقود وعمليات التشغيل لعشرات الطائرات الحربية التي بقيت في الأجواء لساعات، بل يرجع بشكل أساسي إلى الثمن الباهظ لمنظومات الدفاع الجوي المتطورة مثل صواريخ “آرو” (Arrow) التي تُقدر تكلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد من هذا الطراز بنحو 3.5 مليون دولار.
وهناك أيضاً صواريخ “مقلاع داوود” (David’s Sling)، التي تصل تكلفة الصاروخ الواحد إلى مليون دولار.
الخزانة والسياحة
هذه التكاليف المباشرة تمثل ضربة قاسية للخزانة الإسرائيلية، وتوضح كيف أن مجرد الدفاع وصد الهجوم يمثل في حد ذاته خسارة اقتصادية فادحة، وهو ما يخدم استراتيجية إيران في فرض حرب استنزاف باهظة التكلفة على الصهاينة.
كما يتأثر قطاع السياحة بشكل مباشر، وتتراجع ثقة المستهلك، مما يبطئ النشاط التجاري المحلي، ويرى محللون أن كل يوم إضافي من هذه الحرب يضيف ملايين الدولارات إلى الفاتورة الإجمالية، مما يضع ضغطاً هائلاً على الميزانية التي تعاني أصلاً من تداعيات حروب أخرى.
التصنيف الائتماني
وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتوسّع رقعة الحرب بمواجهة مباشرة مع إيران، أطلقت وكالة التصنيف الائتماني الدولية “ستاندرد آند بورز” تحذيراً شديد اللهجة من انزلاق الاقتصاد الإسرائيلي إلى مرحلة حرجة، بعد أن أبقت على التوقعات الائتمانية لإسرائيل عند مستوى “سلبي”، مشيرة إلى تصاعد المخاطر على عدة أصعدة مالية واقتصادية.
وتؤكد الوكالة في تقريرها الأخير أن تفاقم الصراع يهدد بتقويض أساسات الاقتصاد الإسرائيلي، في ظل تزايد الإنفاق العسكري وهروب الاستثمارات وارتفاع حالة عدم اليقين، وشددت “ستاندرد آند بورز” على أن استمرار التوترات الأمنية يمكن أن يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني إلى درجة “آي سلبي” (A-)، وهو مستوى يعكس ارتفاع المخاطر على استدامة الدين السيادي، بعد تخفيضين سابقين في أبريل وأكتوبر 2024م.
ووفق الوكالة، تشمل الآثار المحتملة للحرب المستمرة: “صدمات قوية لثقة المستثمرين الأجانب والمحليين، هروب رؤوس الأموال، تقلبات في الأسواق المالية وسعر صرف الشيكل، إضافة إلى أضرار مادية مباشرة للبنية التحتية يمكن أن تضعف النمو وتعصف بالتوازنات المالية”.
هروب المستثمرين
وتُشير البيانات إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي فقد خلال الأشهر الماضية ما لا يقل عن 7.5 مليار دولار نتيجة هروب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بينما سجل الشيكل انخفاضاً حاداً بنسبة 13.8 % مقابل الدولار منذ أكتوبر 2024م حتى يونيو الجاري.
ووفقاً لموقع “كالكاليست” الاقتصادي العبري، فإن أكثر من 42 ألف منشأة تجارية في قطاعات الضيافة والخدمات والترفيه أُجبرت على الإغلاق الكامل منذ تمديد حالة الطوارئ في الجبهة الداخلية في 15 يونيو وحتى نهاية الشهر، ورغم هذا القرار الإجباري، لم يتم الإعلان عن أي خطة حكومية لتعويض هذه المنشآت، ما دفع بعضها إلى إعلان الإفلاس بالفعل.
وبينما تشتد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، تعاني الأخيرة من انعكاسات اقتصادية خطيرة تمس بشكل مباشر الأفراد الإسرائيليين الذين باتوا يصارعون أسعاراً باهظة للغاية لأبسط المتطلبات اليومية، إضافة إلى الاستغلال التجاري الواضح لوضع الحرب وإغلاق العديد من المتاجر ومراكز التسوق.
وتشير البيانات العبرية إلى أن اقتصاد إسرائيل يعيش حالة من الشلل، إذ أغلقت المتاجر وتم تسجيل أضرار مباشرة على الجبهة الداخلية، بينما تُقدَّر خسائر الإغلاق الاقتصادي اليومي بمليار شيكل (أكثر من 286 مليون دولار) في اليوم الواحد.
مطالبات تعويض
وفي سياق متصل، ذكرت القناة العبرية الثانية عشرة، أن صندوق التعويضات التابع لمصلحة الضرائب الإسرائيلية تلقى أكثر من 30 ألف مطالبة بتعويض الأضرار، منها أكثر من 20 ألف مطالبة بتعويض أضرار المباني، وأكثر من ألفي مطالبة بتعويض أضرار المركبات، والباقي يخص ممتلكات أخرى.
وتشير هذه البيانات إلى اتساع كبير ومتسارع لحجم أضرار الهجمات الإيرانية خلال الأيام القليلة الماضية حيث كانت مصلحة الضرائب الإسرائيلية قد أبلغت يوم الثلاثاء الماضي عن نزوح 3 آلاف إسرائيلي من منازلهم، وتلقي 19 ألف مطالبة بتعويض الأضرار، مشيرة إلى أن هذا الرقم يعادل أكثر من ربع عدد المطالبات التي تم تقديمها منذ 7 أكتوبر 2023م والبالغ 75 ألف مطالبة.