حرمة الدماء في الإسلام

 - 
إن الله تعالى واهب الحياة وهي ملك له وليس لأحد أن يعتدي عليها ولذلك كان حفظ النفس أحد مقاصد الشريعة, وكان العدوان عليها من الموبقات ومن كبائر الذنوب قال تعالى (وِمِن يِقúتْلú مْؤúمنٍا مْتِعِمدٍا فِجِزِآؤْهْ جِهِنِمْ خِالدٍا فيهِا وِغِضبِ اللهْ عِلِيúه وِلِعِنِهْ وِأِعِدِ لِهْ

إن الله تعالى واهب الحياة وهي ملك له وليس لأحد أن يعتدي عليها ولذلك كان حفظ النفس أحد مقاصد الشريعة, وكان العدوان عليها من الموبقات ومن كبائر الذنوب قال تعالى (وِمِن يِقúتْلú مْؤúمنٍا مْتِعِمدٍا فِجِزِآؤْهْ جِهِنِمْ خِالدٍا فيهِا وِغِضبِ اللهْ عِلِيúه وِلِعِنِهْ وِأِعِدِ لِهْ عِذِابٍا عِظيمٍا) سورة النساء آية رقم (93).
ولشناعة جريمة القتل جمع القرآن بينها وبين الشرك بالله قال تعالى (وِالِذينِ لِا يِدúعْونِ مِعِ اللِه إلِهٍا آخِرِ وِلِا يِقúتْلْونِ النِفúسِ الِتي حِرِمِ اللِهْ إلِا بالúحِق….) سورة الفرقان آية رقم (68) وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق, ولو أن أهل الأرض وأهل السماوات اشتركوا في قتل مؤمن لأدخلهم الله النار).
وكما حرم قتل المسلم حرم قتل غير المسلم لأن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم السلم ما لم يكونوا محاربين أو معتدين. في الحديث (من قتل ذميا أو معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن رائحتها لتشم من مسيرة أربعين عاما) وكذلك حرم قتل المستأمن وهو الأجنبي الذي دخل البلاد لعمل أو دراسة أو سياحة أو علاج أو ما أشبه ذلك.
لقد حرم الإسلام كل أشكال العدوان على النفس ومنها ما يلي:
1-العدوان عليها بالقتل.
2-حرم الحرابة وهي جريمة قطع الطريق والخروج على الناس بهدف إخافتهم أو قتلهم أو سلب أموالهم وقد توعد الله عليها بالخزي في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة, فقال تعالى (إنِمِا جِزِاء الِذينِ يْحِاربْونِ اللهِ وِرِسْولِهْ وِيِسúعِوúنِ في الأِرúض فِسِادٍا أِن يْقِتِلْواú أِوú يْصِلِبْواú أِوú تْقِطِعِ أِيúديهمú وِأِرúجْلْهْم منú خلافُ أِوú يْنفِوúاú منِ الأِرúض ذِلكِ لِهْمú خزúيَ في الدْنúيِا وِلِهْمú في الآخرِة عِذِابَ عِظيمَ).
3-حرم الثأر وهو الانتقام وأخذ الحق بطريقة غير مشروعة وهو من عادات الجاهلية التي حرمها الإسلام وشرع بدلا منها القصاص العادل قال تعالى (وِلِكْمú في الúقصِاص حِيِاةَ يِاú أْوليú الأِلúبِاب) سورة البقرة آية رقم (179) وجدير بالتنبه أن القصاص بيد الإمام أو نائبه وليس بيد الأفراد ولا العائلات.
4-كما حرم الإسلام أن يقتل الإنسان نفسه وهو ما يسمى بـ(الانتحار) فقد صح في الحديث (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداٍ ومن شرب سما فقتل نفسه فهو في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا).
5-كما حرم الإسلام مجرد ترويع الغير وإخافته ففي الحديث: (من روع آمنا فليس منا ومن حمل علينا السلاح فليس منا).
6-بل يحرم الإسلام مجرد نية القتل ويرتب عقاب الآخرة على ذلك ففي الحديث الصحيح (إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار, قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول¿ قال إنه كان حريصاٍ على قتل صاحبه).
7-كما حرم التعاون على القتل ففي الحديث (من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جيء به يوم القيامة ومكتوب على جبينه آيس من رحمة الله).
8-وينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مجرد تمني الموت فيقول: (لا يتمنين أحدكم الموت لضير أصابه فإن كان لا محالة متمنيا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي).
-وحتى في مواطن قتل النفس بالحق التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس, والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة) المقصود جماعة المسلمين عامة نجد أن التشريع الإسلامي لحرصه على حياة الناس ضيق على التنفيذ.
ففي الحالة الأولى (النفس بالنفس) رغب أولياء الدم في العفو فيجوز العفو في القصاص بخلاف الحد.
وفي الحالة الثانية (الثيب الزاني) نجد صعوبة إثبات الجريمة حيث تحتاج إلى أربعة شهود عدول يفرق بينهم في الشهادة وتتحد شهادتهم وتحقيق ذلك أمر بالغ الصعوبة.
وفي الحالة الثالثة (التارك لدينه المفارق للجماعة) يعني المرتد عن الإسلام لا يوجد اتفاق بين فقهاء الإسلام على قتله إنما يكون ذلك بتقدير القاضي لمدى خطورته على المجتمع, فلو أن إنسانا ارتد عن الإسلام وطوى على الكفر قلبه ولم يتعرض للمجتمع بإثارة فتنة أو تشكيك الناس في عقيدتهم وضدهم عن الإسلام فهذا يترك وشأنه وهذا من حرية الاعتقاد التي منحها الإسلام للبشر.
إن ديننا دين رحمة ويسر وتسامح ولا يتربص بالمخطئين وإنما يعالجهم في رفق ويرى أن الإنسان أخا الإنسان كما أن المسلم أخو المسلم.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
* عضو بعثة الأزهر الشريف في اليمن

قد يعجبك ايضا