شواهد تاريخية تحلى تفاصيل المكان وعظمة الدولة الصليحية


إب / محمد الرعوي –
كانت الشمس تنشر خيوط اشعتها الذهبية في صباح مككلاٍ بالنشاط والشوق حين عزمت الخروج بصحبة المهندس / طاهر المقرمي – مدير عام مؤسسة الطرق والجسور بمحافظة إب – الذي أصر إلا أن أرافقه في الزيارة الميدانية للاطلاع على مشروع الطريق الدائري الغربي لمديرية السياني الذي يبدأ امتداده من منطقة النجد الأحمر حتى منطقة السياني ليس مجرد طريق فحسب!! بل يزدان بعدد من المحطات التاريخية والسياحية التي تستوقف كل أحاسيسك ومشاعرك في لحظة تأمل …
استهوانا النظر إلى جمال الطبيعة المنثورة على كل تفاصيل المكان الذي يترنح بين عبق التاريخ وشواهده الخالدة منذ القدم – كانت عجلات السيارة التي تقلنا تشق وعورة الطريق الترابية إلا أن ذلك لم يشغلنا عن جمال الطبيعة الساحرة المتناثرة على ضفاف الوديان واعالي الجبال ليس ذلك فحسب بل كان لزاماٍ علينا الوقوف إجلالا لعظمة تاريخ السيدة أروى بنت احمد الصليحي الذي تحكيه عدد من الشواهد التاريخية والأثرية التي لا زالت شاهدة على حقبة تاريخية تعود لتاريخ الصليحيين وحضارتهم .. فالى التفاصيل :

على امتداد الخط الدائري الجديد الذي يمر من اعلى جبال النجد الأحمر مرورا بمنطقة العرش والخرشاب ثم المحرس حتى السياني يلفت انتباهك اول محطة تاريخية تعود لعهد الدولة الصليحية عقد حجري يربط ضفتي الوادي الذي يمر تحته مجرى سيل يتدفق من الأعلى – وبحسب محمد عبد القوي احد أبناء المنطقة اكد ان هذا العقد المبني من الأحجار والمنحوتة بشكل ملفت ودقة عالية كان يمثل جسر عبور للمشاة والرواحل والقوافل التجارية التي كانت تمر من مناطق جبله واب باتجاه تعز وعدن وأن هذا العقد واحد من العقود التي بنيت في عهد الملكة أروى بنت أحمد الصليحي.
عقد المحرس
لم نبتعد كثيراٍ عن العقد التاريخي السابق في منطقة الخرشاب مرورا باتجاه منطقة المحرس التي يمر فيها الخط الدائري حتى استوقفنا عقد تاريخي واثري اخر مبني من الأحجار المنحوتة وبنفس الطابع المعماري والتصميم الدقيق للعقد السابق إلا أن الآخر يتميز بوقوفه وارتكازه على منطقة صخرية شديدة الصلابة تمثل أطرافها عمودين او دعامتين يقف عليهما العقد على شكل نصف دائرة فيما تجد المياه المتدفقة في المنطقة قد نحتت وسط الصخور وجعلتها مجرى للسيول المتدفقة من الأعلى ولأن الهدف واحد من بناء هذه العقود التي كانت تمثل طوق نجاة وجسر لمرور الرحالة والمسافرين في عهد الصليحيين فان الناضر يجد أن هذا العقد يمر على المسار المنظوم والمجهز لطريق الراحلة والمسافرين ويربط العقد منطقة الخرشاب بمنطقة المحرس متجاوزاٍ مجرى السيل الذي يتدفق من أعالي الجبال مرورا بين المنطقتين.

سمسرة المحرس
تعد سمسرة المحرس اشهر سماسر مديرية السياني التي أنشأتها الملكة اروى بنت احمد الصليحي في عهد الدولة الصليحية في القرن الخامس الهجري (477هـ -532هـ ) وتعتبر من المواقع التاريخية التي بنيت بطراز معماري فريد لا تزال آثاره قائمة حتى اليوم شاهدة على حقبة تاريخية عظيمة.
تقع هذه السمسرة في قرية المحرس بعزلة النقيلين على الطريق القديمة للقوافل والمسافرين الممتد من إب الى تعز وعدن عبر طريق مرصوفة بالأحجار في الجزء الغربي للمنطقة وكانت تستخدم استراحة للمسافرين وقوافلهم التجارية المارة من هناك ويبيعون فيها بضائعهم أيضا وهي سمسرة ضخمة يبلغ طولها 15 متراٍ كما هو عرضها أيضا وكانت تقوم اسقفها على عقود واعمدة منحوتة من الأحجار السوداء والحمراء – صممت بدقة هندسية فريدة تبدأ بالانحناء بشكل متواز وتربط العقود عدد من الأحجار الطويلة المستطيلة التي كانت تحتضن الأسقف ولأن السمسرة لم تحظى بأي اهتمام يذكر أو ترميم فقد أدى ذلك الى تهدم اسقفها بشكل كامل فيما عقودها وجدرانها واعمدتها آيلة للسقوط وهي بحاجة الى لفتة كريمة من قيادة السلطة المحلية لترميمها او الحفاظ على ما تبقى من تاريخها وآثارها..

مصنعة سير
أطلق عليها اسم المصنعة في عدد من المصادر التاريخية لكن لوجود عدد من المناطق في اليمن المسماة بالمصنعة إلا أن تسميتها بـ (مصنعة سير) ميزتها عن غيرها وقد أقيمت مصنعة سير في احدى قمم جبال هضبة صهبان على الطريق القديم (ادمات) في منطقة السياني ويربط بين مدينتي تعز وإب على بعد حوالي ( 20 )كيلو متراٍ جنوب مدينة إب وكانت تعرف السياني كما أطلق عليها لسان اليمن الهمداني قديما مخلاف نعيمة ويدخل ضمن مخلاف جعفر وتحوي مصنعة سير العديد من الآثار الحميرية القديمة وتوجد فيها العديد في المقابر الصخرية المندثرة وقد اشتهرت عزلة سير الى جانب الصنعة انها كانت احدى هجر العلم التاريخية حيث قام الامام بهاء الدين محمد بن اسعد العمراني قاضي قضاة بني رسول ووزيرهم في عهد الملك المظفر يوسف بن عمر بن على رسول بإنشاء مدرسة علمية كبرى لتدريس المذهب الشافعي في القرن السابع الهجري 647- 694 هـ) وكانت تعرف بالمدرسة البهائية …
تجدر الإشارة أن مديرية السياني تقع شرق منطقة ذي السفال اعلى وادي نخلان جنوب مدينة إب على بعد حوالي (23) كيلو متراٍ وتشمل مديرية السياني عدداٍ من العزل منها -عزلة معشار الدافع –عزلة الهادس – عزلة المجزع – عزلة العارضة – عزلة العربيين – عزلة عميد الداخل – عزلة عميد الخارج – عزلة نخلان – وتتميز بالعديد من المواقع التاريخية والأثرية والسياحية …

قد يعجبك ايضا