
دعت الجمهورية اليمنية إلى تكاتف و تضافر الجهود الإقليمية والدولية في سبيل القضاء على ظاهرة القرصنة البحرية التي أصبحت تشكل تهديدا مباشرا على الأمن القومي في المنطقة والحد من تأثيراتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية .
جاء ذلك في كلمة اليمن أمام مؤتمر الإمارات العربية المتحدة لمكافحة القرصنة البحرية الذي بدأت أعماله اليوم في دبي ويستمر يومين في مدينة دبي والتي القاها وزير الخارجية _ رئيس وفد اليمن المشارك في المؤتمر جمال عبد الله السلال.
واستعرض الوزير السلال في الكلمة الإنعكاسات السلبية للقرصنة على اليمن وما خلفته من مخاطر وتهديدات مباشرة على الأمن القومي للجمهورية اليمنية.
وقال :” إن اليمن يعاني من ظاهرة القرصنة في خليج عدن أمنياٍ واقتصادياٍ واجتماعياٍ جراء التداعيات والتحديات الجمة التي لازمت هذه الظاهرة وما خلقته من مخاطر وتهديدات مباشرة على الامن القومي فضلا عن كون القرصنة أصبحت تتلازم مع الجريمة المنظمة وتهديدات الارهاب العابر للحدود في ظل ظروف استثنائية تمر بها اليمن وتخوض حربا شرسة مع العناصر الارهابية “.. موضحا أن اليمن كان من أوائل الدول التي حذرت من تفشي ظاهرة القرصنة البحرية منذ بدايتها ونبهت من تداعياتها على أمن المنطقة وسلامة خطوط الملاحة الدولية.
وفي حين أكد وزير الخارجية على ضرورة ايجاد حلولا مستدامة وشاملة للقضاء على هذه الظاهرة متضمنةٍ رؤية سياسية واقتصادية وأمنية متكاملة .. أشار في ذات الوقت الى أن ظاهرة القرصنة فاقمت من معاناة الصيادين اليمنيين نتيجةٍ لتعرضهم المتكرر لعمليات الخطف والأسر والقتل إضافة الى مصادرة قواربهم وممتلكاتهم من قبل القراصنة سعياٍ وراء فدية او لاستغلال ما يصادرونه من قوارب ومعدات في عملياتهم الامر الذي كانت له تأثيراته السلبية على قدرتهم على مزاولة مهنتهم الوحيدة التي يعتاشون منها.
وقال ” هناك عدد من صيادينا كانوا ضحايا لبعض عمليات القوات البحرية المتواجدة في المنطقة ودفع بعضهم حياته ثمناٍ لذلك كما هو الحال في قضية الصياد اليمني محمد ابراهيم قونص الذي قْتل على يد الحراسة الأمنية المرافقة للناقلة النرويجية الأمر الذي يرفع من سقف التكلفة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية على المواطن والدولة في اليمن ” .
ولفت الى أن عمليات القرصنة في خليج عدن أدت إلى تفشي تحديات أمنية خطيرة منها انتشار عمليات تهريب الأسلحة والأفراد والمخدرات والسلع إضافة الى مخاطر ظاهرة الاتجار بالبشر وهو ما جعل اليمن يتحمل الكثير من الأعباء والتحديات التي أضحت ترهق كاهلها سيما في ظل المرحلة الانتقالية الراهنة.
واستعرض وزير الخارجية جهود اليمن في مكافحة الارهاب وكذا مشكلة القرصنة المتصلة بتمويل الجماعات المتطرفة وتعزيز البنية التحتية الوطنية في هذا الاتجاه.
وتابع قائلا :” لقد تم انشاء 11 مركزاٍ عملياتياٍ تابعاٍ لمصلحة خفر السواحل اليمنية وموزعاٍ في قطاعات البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي حيث جرى تفعيل العمل في بعضها في حين ماتزال الجهود تبذل لإدخال المراكز الأخرى في الخدمة الامر الذي مثلت فيه قلة الإمكانات في توفير بعض المتطلبات الأساسية لتلك المراكز عواملاٍ تعيق استكمال تنفيذها”. . مضيفا أنه :” يجري العمل حالياٍ على انشاء منظومة الرقابة الالكترونية الساحلية والتي ستتم على 4 مراحل على امتداد سواحل البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي اضافة الى انشاء معهد خفر السواحل في عدن لتدريب وتأهيل منتسبي المصلحة على مواجهة كافة التحديات في عرض البحر إلى جانب المشاركة في البرامج التدريبية والتأهيلية على الصعيدين القانوني والعملياتي “.
وأكد الوزير السلال حرص الحكومة اليمنية على تعزيز التعاون والتنسيق مع الفاعلين في القطاع الخاص اليمني لحماية الصيادين ومن ذلك التنسيق مع جمعيات الصيادين اليمنيين وشركات الصيد المحلية للحيلولة دون تعرضهم لعمليات القرصنة والابتزاز وانتهاك حقوقهم في عرض البحر مبينا في هذا الشأن أن الجهات الوطنية المختصة تبذل جهودا مكثفة لتوجيه الصيادين وارشادهم الى مواقع الاصطياد الصحيحة واخطارهم بضرورة الابلاغ عن أي حوادث قد يتعرضون لها للجهات المختصة ليتم التعامل معها واتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهتها ومنع تكرارها.
وشدد وزير الخارجية على أهمية الاسهام في تحقيق حل سياسي للأوضاع في الصومال في سبيل احلال الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة وتعزيز دورها في أداء مهامها وواجباتها على كافة الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية إضافة الى الاسهام على الصعيدين الإقليمي والدولي في تحقيق تنمية في البلاد وتوفير فرص العمل للشباب كحلول فاعلة للحد من ظاهرة القرصنة في منطقة خليج عدن وإنجاح جهود محاربتها.
وتطرق الوزير السلال الى جهود اليمن ومستوى التعاون والتنسيق الإقليمي والدولي القائم في اطار اتفاقية مدونة سلوك جيبوتي المعنية بمكافحة القرصنة والسطو المسلح على السفن للعام 2009 مشيرا إلى أن الجمهورية اليمنية قامت بإنشاء المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات كنقطة اتصال مع الدول الإقليمية الموقعة على هذه الاتفاقية في المنطقة .
وبين ان الجهات الوطنية المختصة في اليمن قامت بإنشاء منظومة الاستغاثة البحرية في بعض الفروع الساحلية التابعة للهيئة العامة للشؤون البحرية لغرض استقبال نداءات الاستغاثة من السفن والمراكب عند تعرضها للقرصنة أو لأية مشاكل امنية او فنية أخرى .. موضحا ما يبذله اليمن من جهود في عمليات قوات التحالف البحرية المشتركة في مملكة البحرين لغرض تبادل المعلومات بشأن الخروقات الأمنية التي تحدث في المياه الإقليمية والاقتصادية ومن ذلك عمليات القرصنة والتهريب والتسلل والهجرة غير المشروعة وغيرها.
ولفت الى ان اليمن وفي اطار التزاماته في الاسهام بتحقيق سلامة خطوط التجارة الدولية وحمايتها من القرصنة عمد عبر مصلحة خفر السواحل الى تقديم خدمات المرافقات الأمنية للسفن التجارية بواسطة ضباط وافراد مؤهلين لتأمين حركة السفن بين الموانئ اليمنية الواقعة على امتداد السواحل اليمنية الممتدة لما يزيد عن 2500 كم وفي نطاق المياه الإقليمية والاقتصادية.
وأفاد أن الجمهورية اليمنية تعد من أكثر الدول التي قامت بإجراء محاكمات للقراصنة حيث تمت محاكمة 133 قرصان فيما يجري الاعداد والتنسيق مع الحكومة الدانماركية لاعتماد اتفاقية مع الحكومة الصومالية تْعنى بنقل القراصنة الصوماليين في السجون اليمنية لقضاء محكومياتهم في بلادهم .
وتناول وزير الخارجية في كلمته مايقوم به اليمن من دور ضمن الجهود الدولية لحماية خطوط الملاحة البحرية .. داعيا في الوقت ذاته القوات البحرية المتواجدة في المنطقة الى التحقق من القوارب والأفراد المستهدفين في عملياتها حيث انه وخلال عمليات القبض على القراصنة ومطاردتهم يحدث أن يقع بعض الصيادين اليمنيين ضحايا لتلك العمليات خاصة في ضوء استهداف عدد من الصيادين اليمنين في بعض العلميات التي أودت بحياة بعضهم .
أثنى الوزير السلال بالتقدم الذي تحقق حتى الان في ضوء ما كشفته الإحصاءات من انحسار أنشطة القراصنة خلال الأعوام الأخيرة لتتراجع عدد حالات القرصنة على القوارب والسفن من (16) حالة في العام 2011 م الى الصفر في العام 2014 م وذلك طبقا للمركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات لمكافحة القرصنة .. معتبرا ان هذا النجاح يستدعي الاستمرار في تضافر الجهود الإقليمية والدولية وصولاٍ للقضاء التام على هذه الظاهرة ومنع عودتها .
سبأ