تــأشيــرة مــرور إلـى المــوت


■ ضعف القدرة الشرائية تدفع
الناس لشراء الرخيص..والنتيجة حوادث محققة
■ الفرامل وعلب السكـــان والعكوسات.. من الخطأ استبدالها بقطع مقلدة
■ وكـلاء:غياب الرقابة شجع على وفرة القطـع المْقلـدة

قطع غيار السيارات المقلدة والمغشوشة الموجودة في الأسواق تجد لها رواجاٍ لدى سائقي وسائل النقل المختلفة دونما اكتراث للأخطار التي قد تترتب على تلك القطع أو ما قد تسببه من حوادث مرورية..
ويعتمد تجار تلك السلع المقلدة في إقناع الزبائن على الشبه والمطابقة للسلعة الأصلية مع فارق بسيط بحرف أو حرفين أو تغيير الشكل أو البيانات التجارية بحيث تؤدي لخداع المستهلك واستغلال سعيه لاقتناء الأرخص ثمناٍ بما يتوافق مع قدرته الشرائية..
كاتبة التحقيق تناقش انتشار قطع الغيار المغشوشة والمقلدة وكيفية دخولها إلى اليمن ومدى خطورتها .. ومن المسئول عن ذلك في ظل غياب وتجاهل الجهات المختصة.. إلى التفاصيل :

كان السائق محمد سليمان متواجداٍ في إحدى محلات قطع الغيار يبحث عن” علبة سكان ” لسيارته حدثنا بأنه يبحث عن قطعة تكون ” أصلية ” وإن كانت مستخدمة لأنه لا يريد تكرار ما حدث معه حين تم تركيب نفس القطعة المقلدة ولم تمض عشر دقائق من تحركه من محل صيانة السيارات إلا وقد اختل توازن السيارة وتسبب له ذلك بحادث مروري..
سليمان بدى أكثر حرصاٍ هذه المرة ومصمماٍ على اقتناء قطع غيار أصلية..
المْقلد ..وبلد المنشأ
أحمد النزيلي “ميكانيكي” يقول : يستطيع الزبون التفريق بين المنتج الأصلي والمْقلد أو المغشوش من عدة جوانب أهمها أن قطع الغيار الأصلية سواء الجديدة أو المستخدمة ذات متانة قوية كذلك تمتاز من حيث الخامة والجودة بعكس القطع المغشوشة والمقلدة. إلى جانب السعر فهناك تفاوت كبير بين سعر الأصلية والمغشوشة أو المقلدة..
وأكد أنه في حال تم تركيب أي قطعة رديئة للسيارة فإنه وبمجرد أن تسير السيارة في طرق غير معبدة أو تتعرض لحادث صدام بسيط تعطب تلك القطعة لأن تصنيعها رديء من بلد المنشأ.
وللمقارنة قال النزيلي : القطعة ” الوكالة ” لا يؤثر فيها شيء إلا في حال وقوع حادث قوي وهذا يعكس جودة تصنيعها.
وتابع : جميع الشركات العالمية ” الوكالة ” يتم تصنيع منتج مْقلد لها من قطع الغيار في الصين أو تايوان كقطع غيار تويوتا وسوزوكي وجميع أنواع السيارات بما فيها السيارات الكورية والأمريكية وغيرها..
مضيفاٍ بأن المشكلة لا تكمن في القطع المْقلدة فحسب بل تكمن في الزبون حين نعطيه قطعة جديدة أو مستخدمة ” الأصلية ” ويكون سعرها أعلى من القطعة المقلدة فيفضل القطعة الجديدة وإن كانت مغشوشة ليس لشيء وإنما لعدم قدرته على شراء القطعة الأصلية جديدة أو مستخدمة..
منبهاٍ إلى أن قطع غيار السيارات المقلدة احد الأسباب الرئيسية للحوادث المرورية فالقطع التي تؤدي لحوادث مرورية محققة بحسب قوله : ” المقص وعلب السكان والذراعات وعلبة البريك وزاد بالقول : ما يزيد الأمر خطورة عدم وجود رقابة من الجهات المختصة على قطع غيار السيارات.
وكالات مساهمة بالانتشار
محسن راجح مدير التسويق بشركة الرويشان وكالة ” لاندروفر” يقول : من جانبنا كوكالة لا يمكن أن تساهم الشركة أو تقبل بصيانة سيارة قد تم تغيير قطع غيار لها خارج الوكالة لأن ذلك سيؤثر على الوكالة قانونياٍ مع الشركات المْصنعة ويضر بسمعة الوكالة في السوق وبمجرد أن يحدث تغيير لقطعة للسيارة خارج الوكالة يتحمل العميل النتائج وقد تلغى الضمانة التي منحت له.
مشيراٍ إلى أن دافع العميل الذي يأخذ سيارة وكالة الحصول على أفضل خدمة من ناحية السلامة والأمان والجودة والضمان وهذه الخدمة أساسها يكمن في قطع الغيار.
وحول انتشار القطع المغشوشة في السوق وضررها على الوكالة يقول راجح : لن يتضرر الوكيل في حال وجودها في السوق بقدر ما يكون الضرر على الزبون الذي يأخذ القطع “التجارية ” لأن سعرها رخيص وحين يحسبها العميل من ناحية شراء القطعة الأصلية والتجارية بمدى عمر الاستخدام والمتانة والجودة فسيجد نفسه يخسر ثلاثة أضعاف سعر الأصلية باستبدال التآلف أكثر من مرة .. وفوق ذلك قد تسبب له حوادث في الطرقات لأنه لا يضمن عمر القطعة ومدى صلاحيتها أصلاٍ.
ويلفت راجح إلى أن هناك بعض الوكلاء يقبل بل ويساهم بإدخال قطع غيار من درجة ثانية وثالثة وتسمى بالدرجات التجارية وبهذه الطريقة تصبح مطلوبة أكثر لأنها عبر الوكيل فعندما يكون “البريك” مثلاٍ لدى الوكيل سعره يتعدى “10.000” ريال ويجده من خارج الوكالة بـ ” 2000″ ريال فعادة الزبون أو العميل خاصة من ذوي الدخل المحدود يفضل الشيء الرخيص والذي في إطار قدرته الشرائية.. كما يأسف راجح لانتشار مثل هذه الظاهرة كون عدم وجود رقابة في البلد أصبح حافزاٍ ومشجعاٍ على وفرة السلع المْقلدة.
البلاغات
خالد الخولاني مدير مكتب التجارة والصناعة بأمانة العاصمة قال: فيما يخص قطع غيار السيارات المقلدة والمغشوشة فإنه يعتمد على الوكلاء من أصحاب العلامات والوكالات الخاصة بقطع الغيار فبحسب القانون إن قاموا بتقديم شكوى رسمية لحماية علامتهم التجارية وإبلاغ مكتب التجارة والصناعة بالأمانة عن وجود قطع مقلدة فإن المكتب يقوم بتحريزها ومصادرتها .
وأكد أن البلاغات حول قطع غيار السيارات المقلدة والمغشوشة قليلة مقارنة بشكاوى المواد الغذائية ومواد البناء والأدوات المنزلية والالكترونية.
ويضيف الخولاني : مكتب التجارة والصناعة بالأمانة يعتبر خط دفاع ثان إذ يعتمد على البلاغات بينما خط الدفاع الأول والمسئول عن ذلك الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وكذلك مصلحة الجمارك حيث ومن المفترض عدم السماح بدخول مثل تلك المواد من المنفذ..
إجراءات صارمة
بعد حديث مدير مكتب الصناعة والتجارة تتبعنا الجهة المسئولة مسئولية مباشرة عن الرقابة على هذه القطع لمعرفة كيف تنتشر هذه القطع في السوق وما هي الإجراءات المتخذة من قبلها.. ياسمين دماج نائب مدير إدارة تأكيد الجودة بهيئة المواصفات تقول : قطع الغيار التي تدخل عن طريق المنافذ الجمركية يتم الرقابة والتفتيش عليها من قبل مختصين بالهيئة والجمارك كلا في أطار عمله ..وما يتم رفضه من هذه القطع يكون بموجب القانون رقم (481 ) لسنة 2009م مثل الفرامل وعلب السكان والعكوسات ..
وبينت أكثر بالقول : الرفض يتمثل إما بإعادة التصدير للشحنات المخالفة عن طريق تحرير مذكرات للجمارك لاستكمال إعادة التصدير أو إتلاف الشحنات بحسب رغبة المستورد بين الإتلاف أو إعادة التصدير وهو ما يتم فعلياٍ وقد تم الرفض للعديد من الشحنات وكل القطع المرفوضة في القانون هي تؤثر على السلامة ورأس المال الوطني.
أما ما يخص إمكانيات الهيئة على التفريق بين القطع الأصلية والمزورة تقول دماج: الإمكانات المتوفرة حالياٍ لدى الهيئة لا تمكنها من القيام بمهامها بشكل دقيق إذ الأمر بحاجة إلى إنشاء مختبرات خاصة لفحص قطع الغيار أما ما يوجد في الأسواق فقد يكون عن طريق التهريب من محلات التشليح أو من قبل من يقوم بتصنيع مثل بعض هذه القطع وتدوين بلد منشأ مزور عليها وإنزالها إلى الأسواق وقد تم إيقاف مثل هذه الحالات عند وصول شكوى للهيئة بخصوص ذلك في حينه.
ومضت تقول: الهيئة أبرمت اتفاقيات مع كل من جمهورية الصين الشعبية وجمهورية تركيا وفي طريقها لإبرام اتفاقيات مشابهة مع دولة ا?مارات العربية والتنسيق والتفاهم جارُ مع دول أخرى كالأردن ومصر والسعودية بخصوص الفحص المسبق للمنتجات غير الغذائية الداخلة إلى البلاد حرصاٍ على السلامة العامة وحماية رأس المال الوطني..
عقوبات التزوير
ظاهرة انتشار قطع غيار المعدات والآليات في الأسواق ناقشناها من جانب قانوني مع المستشار القانوني الدكتور عبد الباسط الضراسي أستاذ قانون التجاري المساعد في أكاديمية الشرطة الذي يقول: هناك تزوير واضح للعلامات التجارية ويتمثل ذلك في أن تكون السلعة شبيهة ومطابقة تماماٍ للسلعة الأصلية من خلال تغيير حرف أو حرفين أو تغيير الشكل أو البيانات التجارية بحيث تؤدي إلى نتيجة خداع جمهور المستهلكين.
وأوضح أن تزوير أو تقليد السلعة أو عرض السلع المقلدة أو التي تحمل علامات تجارية مزورة تْعرض مرتكبها للمساءلة القانونية وفقاٍ لنص المادة (47) من القانون رقم (32) بشأن العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية والذي حدد العقوبة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة مالية لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين على مرتكب الأفعال الموضحة سابقاٍ . . مبيناٍ أن الحكم هنا لا يختلف عن الحكم على سائر السلع فهي تخضع لنصوص قانون العلامات التجارية السالف ذكرها ومن حق مالك العلامة التجارية المسجلة أن يطلب من المحكمة اتخاذ التدابير التحفظية أو طلب الحجز من السلطة الجمركية في حال لم تكن السلعة قد دخلت إلى الأراضي اليمنية أما في حال دخولها فعلى مالك العلامة وهو الوكيل الرسمي والمسجلة العلامة باسمه أن يطلب من المحكمة اتخاذ الإجراءات التحفظية.
وتابع الضراسي : لقد تم التشديد على تطبيق أحكام القانون بعد انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية والتي يترتب عليها انطباق أحكام اتفاقية “تربس لعام 1994” الموقعة في مراكش بالمغرب والتي تتضمن المادة (16) منها حماية العلامات التجارية وكنتيجة طبيعية فإن الجمهورية اليمنية ملزمة بحماية أي علامة تجارية مسجلة وفقاٍ للاتفاقية المذكورة أنفاٍ.
حوادث مرورية
وحول مخاطر تلك القطع على السلامة يحدثنا عبدالله النويرة مسئول العلاقات العامة بشرطة سير العاصمة بقوله : مشكلة قطع الغيار المقلدة مشكلة كبيرة لا يدرك خطورتها الكثير من الناس ذلك أن استخدام قطع غيار مزيفة أو مقلدة ينعكس بشكل سلبي على السيارة وسائقها وتترجم إلى حصول حوادث مرورية قد تكون وخيمة .
مبيناٍ أن قطعة الغيار المزيفة تكون صورة طبق الأصل لقطعة الغيار الوكالة ولكنها في الحقيقة تتكون من مواد غير جيدة وهي بالتالي سريعة التلف وتكون المشكلة أكبر إذا كانت هذه القطعة من قطع (فرامل السيارة) مثلاٍ حيث وهذه القطعة تتكون من عدة قطع والتي تؤدي في مجمل عملها إلى إيقاف السيارة في أي لحظة يريد السائق فإذا كانت القطع في مجملها من النوع الأصلي فإنها تؤدي عملها بكل كفاءة وتجنب السائقين الوقوع في الحوادث المرورية أما لو كانت من النوع الرديء فإنها قد لا تعمل بشكل سليم وبالتالي قد تعرض السائق وسيارته للخطر..
وواصل حديثه بالقول: كذلك قطع غيار مجموعة التوجيه (السكان) فإن استخدام المقلد منها يؤدي إلى كوارث عديدة فعند تعطلها يؤدي ذلك لتعطل السيارة وعدم قدرة السائق على التحكم باتجاه السيارة وانقلابها ناهيك عن أن عمر القطع غير الأصلية قصير وسريعة التلف وبالتالي فإن ما يعتقده السائق توفيراٍ في القيمة فإنه اعتقاد خاطئ إذ يدفع قيمة مضاعفة لأنه يضطر إلى تغيير القطعة أكثر من مرة كون المواد المصنعة منها مواد رخيصة وغير قادرة على التحمل لفترة طويلة ناهيك عن الخسائر المادية التي يخسرها الاقتصاد الوطني جراء استيراد قطع غيار تتلف بسرعة وغير عملية إضافة إلى تراكم المخلفات بسببها وتؤدي إلى تلوث بيئي..
استنتاج
خلص هذا التحقيق إلى أن القانون يقف مسانداٍ للوكلاء المساهمين والمستفيدين من انتشار قطع الغيار التجارية ” المقلدة والمغشوشة ” في سبيل انتشار المنتج الخاص بهم وزيادة مبيعاتهم بسبب توفر البديل من قطع الغيار بأسعار رخيصة وفي متناول الجميع.. وعدم الاكتراث لسلامة العميل والزبون مستغلين بذلك الإمكانات المادية لدى المستهلك وقلة الوعي بمدى خطورة استبدال القطع “الأصلية ” بالمقلدة والمغشوشة “على حياة السائق وممتلكاته .. كما أن الرقابة من قبل الجهات المختصة شبه غائبة وهذا ما يزيد من انتشار الظاهرة وبالتالي زيادة نسبة الحوادث المرورية..

قد يعجبك ايضا