يرزح المورد الاقتصادي الأول في اليمن تحت وطأة العبث والهدر المتواصل حيث يتجاوز فاقد اليمن النفطي ومن الغاز المنزلي نحو 120 مليون برميل نتيجة تصدير كميات كبيرة من الغاز الطبيعي إلى ميناء بالحاف والذي يقدر بحوالي 50 مليون برميل من النفط الخام وحوالي 70 مليون برميل من الغاز المنزلي بالإضافة إلى الاعتداءات المتواصلة على أنابيب تصدير النفط والتي تكلف الخزينة العامة أكثر من 3 مليارات دولار سنوياٍ.
وفي نظر الكثير من المختصين والمهتمين والمسؤولين في هذا الجانب فقد حان الوقت لإعادة ترتيب قطاع النفط في اليمن حيث يعاني من مشاكل عديدة أهمها نفط الكلفة والفاقد النفطي والاختلالات الإدارية والأمنية .
ويصل إنتاج اكبر قطاع نفطي حاليا إلى 35 برميل نفط يوميا فقط بالإضافة إلى 30 ألف برميل غاز منزلي يوميا ومليار و200 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي يصدر إلى بلحاف أي ما يعادل 200 ألف برميل نفط مكافئ.
تواجه اليمن تحديات اقتصادية كبيرة على الرغم من أن الأزمة الحالية هي في المقام الأول مشكلة مالية ناجمة عن الانخفاض المفاجئ في العائدات النفطية والانخفاض في إنتاج النفط وصعوبة تكييف مستوى الإنفاق في أوقات الأزمات إلا أن التصدي لهذا التحدي المالي يتطلب وجود برنامج إصلاح شامل لتوليد النمو الاقتصادي وفرص العمل والموارد المالية في قطاعات اقتصادية غير قطاع النفط والغاز.
ويكشف تقرير حديث عن انخفاض الإيرادات النفطية في اليمن خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 19% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2013م.
تحديات
بحسب احدث تقرير صادر عن البنك الدولي تلقت الثورة” نسخة منه” أن هناك تحديات وصعوبات اقتصادية بالغة تواجهها اليمن وأهمها الارتفاع الحاد في العجز المالي وضعف بيئة الأعمال.
وانفقت اليمن بحسب التقرير ثلث العائدات على دعم الوقود والغذاء عام 2013م وفي العام ذاته تجاوزت الأجور والرواتب 60 % من إجمالي الإنفاق الحكومي باليمن.
ويدفع العجز المتنامي في المالية العامة إلى السحب من الاحتياطي الأجنبي مع تراجع عائدات الصادرات النفطية بشكل كبير وتعرضها باستمرار للاعتداءات وتأزم الأوضاع السياسية والأزمات الراهنة .
كما أن استمرار تعرض خط أنابيب النفط في اليمن لأعمال التخريب يؤثر على صادرات النفط ويؤدي إلى تراجع الاحتياطي الأجنبي للشهر الخامس على التوالي إلى 4.6 مليار دولار في مايو 2014م (ما يكفي أربعة أشهر من الواردات تقريبا) وهو أقل مستوى لها منذ يونيو 2012م.
وتعاني اليمن من تحديات اقتصادية صعبة خلال الفترة الراهنة وأزمات واضطرابات حادة في الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية تلقي بظلالها على الحياة المعيشية المتدنية للمواطنين وتفاقم معدلات الفقر والبطالة وتهديد السلم الاجتماعي وإيقاف عجلة التنمية.
مصدر أساسي
يمثل قطاع النفط في اليمن المصدر الرئيسي لاحتياطيات النقد الأجنبي والأساس في تحقيق التوازن المالي على الرغم من الانخفاض في حجم الإنتاج. بلغ الإنتاج النفطي في اليمن ذروته في عام 2001م وبدأ منذ ذلك الحين في التناقص بمعدل يتراوح بين 3 إلى 4 في المائة تقريبا كل عام. وفي المتوسط فإن تصدير النفط يمثل 85 % من حجم الصادرات إضافة إلى 65 % من الإيرادات النقدية يتم تحصيلها من تصدير النفط وبيعه في الأسواق المحلية وتشكل صادرات النفط والغاز حوالي 85 % من الصادرات وتولد حوالي 60 إلى 70 % من العائدات الحكومية بما في ذلك التجارة الداخلية في المنتجات النفطية.
ويشكل حجم الإنتاج من النفط 10 % من إجمالي الناتج المحلي في البلد. بينما يبلغ حجم العائدات من الأنشطة غير النفطية حوالي 8 إلى 9 % من إجمالي الناتج المحلي وهو المعدل الذي يعتبر منخفضاٍ بشكل غير اعتيادي بالنسبة لبلد مثل اليمن.
ويؤكد الدكتور عبدالرحمن السعيدي أستاذ الإدارة بجامعة صنعاء: أن إيرادات النفط معروف أنها تستخدم بصورة أساسية لتمويل بند رواتب الموظفين وما يجري من عبث يطالها واستهداف وتقلب في الأسعار يتطلب دور حكومي أوسع وأقوى في ظل ظروف صعبة تواجهها اليمن وتؤثر على الحياة المعيشية للمواطنين.
ويرى أن اليمن في مرحلة تحول وتغيير وهناك معارك سياسية لا تعرف حدود وأصبحت تشمل معيشة الناس وقوتهم اليومي وهذا بحد ذاته أمر خطير يلحق أضرار بالغة في النسيج الاجتماعي وكذا في الحد من قدرة الحكومة على تحسين الوضع الاقتصادي وزيادة النمو وتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية والسبب كما هو معروف اعتماد الاقتصاد الوطني على النفط كمورد وحيد في ظل شحة الموارد وعدم القدرة على تنمية القطاعات الواعدة.
تأثير
يقول خبراء أن خسارة اليمن لنحو 200 مليون دولار التكلفة المقدر للخسائر اليومية لعمليات التخريب تحد من تدفق المخصصات المالية ألموجهه لبرامج الإنعاش الاقتصادي والمشاريع المستهدفة في البرنامج الحكومي للتخفيف من الفقر والبطالة.
ويرى الباحث الاقتصادي محمد عبدالوهاب الحمادي: أن فداحة مثل هذه الأعمال وتأثيرها السلبي بشكل كبير على الحياة المعيشية للمواطنين وتهديد السلم والاستقرار الاجتماعي المستمد من عملية الاستقرار التنموي والاقتصادي .
وتتطلب مثل هذه الأعمال مواجهه بحزم لإيقافها مرتكبيها عند حدهم لان مثل هذه الأعمال تقوض جهود الدولة في خلق بيئة اقتصادية مستقرة وبيئة آمنه لتدفق الأعمال والأنشطة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي من أهم متطلباتها توفير المشتقات النفطية اللازمة لتسير أعمالها ونجاح استثماراتها.
ويشير عبدالوهاب إلى أن مثل هذه الأعمال أضرت بطرق متعددة بمختلف القطاعات الخدمية والإنتاجية.
حيث تسببت في خفض إمدادات الطاقة إلى النصف وتفاقم الضعف المالي الذي يعاني منه في الأصل قطاع الطاقة .
ويرى أن ذلك يتسبب في الحد من تقديم الخدمات بما في ذلك الخدمات الصحية والتعليم وأداء شبكات الأمان الاجتماعي وبالتالي يؤدي ذلك إلى إهمال جزء كبير من السكان الفقراء والمساهمة في فقدان مصادر العيش.