• مخطئٌ تماماً من يعتقد أن وسائلَ التواصلِ الاجتماعيِّ مصدرٌ للمعلومات والأخبار..!! إنها مكمن الشائعات، والبيئة الخصبة لنشرها، والوسيلة المُثلى للتأثير على الجمهور بسرعة قياسية، لا تقارن بكل وسائل التواصل التقليدية، نظراً لانتشارها السريع والواسع..
ففي دقائق، وحسب المتوالية الهندسية للانتشار، إذا نقل شخص واحدٌ خبراً واحداً – دون تحقق طبعاً من صحته ومصدره وترابطه المنطقي مع الأحداث – لشخصين، وقام كلاهما – وبدون تحقق أيضاً – بنقل الخبر إلى أربعة أشخاص، ففي خلال ساعات، أو يوم بأقصى تقدير، يكون الخبر قد وصل إلى ملايين، بعضهم سيصدقه، والبعض سيرفضه، لكنه سيكون قد صنع أثراً سيئاً، ربما يحتاج علاجه إلى أيام، من التصدي للشائعة التي هي لب محتواه، بتوضيح الحقائق التي تفند الشائعة، حتى يزول أثرها.
• البعض مازال ينظر إلى الحروب باعتبارها مواجهات بالجند والسلاح فقط، بينما يخطط الغرب لضرب العقول والنفسيات قبل تحرك القوات البرية والقواعد البحرية ربما بأعوام أو عقود..
إنها سلسلة من التراكمات، التي تؤدي إلى نتيجة واحدة، هي الفوز في الحرب، وبأقل الخسائر، وأبسط الإمكانيات، وتبدأ مرحلة إحداث التراكمات السلبية للدولة التي يستهدفها الغرب، بحرب العقول، وأول مدخل فيها هي الشائعات، بالتزامن مع إجراءات سياسية واقتصادية لخنق الدولة وتثوير الشعب ضد الحكومة، عبر قلب الحقائق وتزييفها، وتجاهل كافة الضغوط الاقتصادية التي جعلها الغرب وسيلته لتسيير الشائعات، وتحميل الحكومة المسؤولية كاملة عن كل تصدع في البنى الأساسية لاقتصاد البلد وتوفير متطلبات العيش، كالسلع الأساسية والمرتبات.
• صحيح أن الحكومة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن توفير السلع الأساسية للشعب الذي لولاه ما كانت قائمة على قدميها، لكن تجاهل أن المتسبب الرئيس والوحيد هو الغرب وعدوانه على البلد وفصل الشعب عن مصادره الاقتصادية الاستراتيجية كالنفط والغاز، يجعل من السهل تثوير الشعب على حكومته ما لم تقم بالتصدي للشائعات، والتذكير المستمر للجمهور بالأسباب الحقيقية لمعاناته، وأنه مازال تحت حصار وعدوان.
• والشائعات بمتداولها الحديث نشأت في الغرب، وبالتحديد في ألمانيا النازيّة، قبل الحرب العالمية الثانية، على يد (چوزيف چوبلز) وزير الـ (بروباغندا) (الدعاية) النازي..، وفيما بعد طورها الإعلام الإسرائيلي بالعقول الأمريكية لتصبح أقوى أسلحة الغرب في الحرب النفسية، وتدمير المجتمعات والدول والأنظمة من الداخل قبل استبدالها بأنظمة تكون ولاءاتها لأمريكا بالمطلق، أو غزوها بالقوة العسكرية.
والشائعات بطبيعتها تعتمد في البداية على ذرة من الحقيقة، تُبنى عليها جبال من الأكاذيب..
لقد تنبهت قوى الغرب، منذ الحرب العالمية الثانية، لخطر وأثر وأهمية الشائعات كسلاح في الحرب والسلم، فعمدت إلى تطويره وتجربته واستخدامه.
• إن معظمَ هزائمِنا كعربٍ ومسلمينَ وشعوبٍ نامية، ومعظمَ مشاكلِنا وحروبِنا الداخلية، وفقرِنا رغم غنى بلداننا بالثروات التي لا يمتلك الغربُ نفسُه مثلَها، إنما كان بسبب الحرب النفسية، التي أهم أسلحتها الشائعات، التي وظفها الغرب توظيفاً علمياً لسرقة خيرات بلداننا، ونهب ثرواتنا، وسرقة حتى مستقبل أجيالنا..
لقد نشأت أجيال من أمتنا على مَشَاهِدِ الحروبِ الداخليةِ وتَغَيُّرِ نُظمِ الحكم، ونشوءِ وانهيارِ أحزابٍ وأنظمةٍ وإدارات، ولم يتغير وضعها الاقتصادي والعلمي والاجتماعي، في الوقت الذي لم يتغير فيه وضع مصادر ثرواتنا تحت اليد الأمريكية والغربية، بل تدهورَ الحالُ من تطبيع تحت الطاولات، إلى خلع الإرادات وانكشاف العمالات، وانعكاس الولاءات، وتسليم الترليونات والثروات، والمشاركة في سفك الدماء العربية المسلمة بأموالٍ عربية مسلمة…، لنوقن أن الكيد خطير، ولولا انبعاث أمة تؤمن بكتاب الله وتتبعه، لكان اليوم ما يجري في غزة، واقع في نجد والحجاز والقاهرة وبغداد وغيرها من عواصم العالم العربي.