“كتاب الحب”للدكتور عبد العزيز المقالح


جودت فخرالدين –السفير:

ينضم «كتاب الحب» إلى عائلة الكتب التي أصدرها الشاعر الدكتور عبد العزيز المقالح في خلال العقدين الماضيين والتي حملت عناوين ذات صيغة واحدة هي مركب إضافي يبدأ بكلمة «كتاب» . الأول في هذه العائلة هو «كتاب صنعاء» تلاه «كتاب القرية» ثم «كتاب الأصدقاء» ثم «كتاب المدن» ثم «كتاب الأم»… والآن «كتاب الحب» الصادر مؤخرا عن مؤسستين هما: مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر في القاهرة ونادي نجران الأدبي الثقافي في نجران بالسعودية (الطبعة الأولى 2014).
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المقالح كان قد أصدر قبل هذه العائلة من الكتب الشعرية كثيرا من المؤلفات المتنوعة في مجالات الشعر والنقد والفكر وليس هنا من مجال لتعداد هذه المؤلفات التي تشكöل لائحة طويلة.
عناوين الكتب في العائلة التي أشرنا إليها تدل على خطة الشاعر في إجراء مسح شامل لتجاربه على أنواعها مخصöصا لكلö واحدة من هذه التجارب كتابا مستقلا. وصنعاء هي البداية لدى المقالح والنهاية أيضا. هي المكان الذي آثره على الأمكنة ö كلöها. بل هي المكان الذي اكتفى به من دون غيره من الأمكنة فلازمه والتزم بعدم öالسفر öمنه وذلك منذ أكثر من ثلاثين عاما. فلا عجب إذا أن يكون «كتاب صنعاء» الأول والأهم والأقرب إلى قلب الشاعر ومزاجه من بين الدواوين التي شكلت تلك العائلة التي أشرنا إليها.
وأما الكتاب الجديد كتاب الحب فإنه يضم أولى البدايات بداية البدايات الكتابات الأولى … وكأني بالصديق الشاعر عبد العزيز المقالح قد أراد العودة إلى تلك الأجواء القديمة المفعمة بالأحلام والآمال والبراءة والحب والتوثب…
احتجاجا على الأجواء الراهنة الضاغطة التي جعلت الفضاء ضيöقا والتي أحلت محل فسحات öالأمل أنواعا من التعقيد والتخبط والعنف والتعصب لم تقتصر على اليمن بل تعدته إلى مختلف البلدان العربية التي كانت على الدوام واحدة موحدة في وجدان المقالح وتطلعاته.
كأني بالمقالح قد أراد أن يثبöت في كتابه الجديد قصائده التي تشهد على بدايات تكونه öالثقافيö والعاطفي. هذه القصائد ينتظمها موضوع الحب وتقبض على لحظات شفيفة من مراحل الصöبا والشباب. والكثير من هذه المقطوعات الشعرية المثبتة في الكتاب نظمه الشاعر خلال إقامته طالبا في مصر. ومعظمها مؤرخ في السبعينيات فيما يعود بعضها إلى نهاية الستينيات من القرن الماضي.
الحب في هذا الكتاب هو صور وتصورات حالمة. إنه صور وتصورات تتداخل فيها نزعات بريئة وأوهام جميلة وأشواق وخيبات وآمال. إنه الحب الذي جوهره البراءة والذي يتشكل من مشاعر متضاربة. ففيه الأمل والتعثر وفيه الاكتفاء والحرمان وفيه الفرح والحزن وفيه الانطلاق والانكسار… بل فيه كل ما يشعر به الفتى في بدايات تفتحه أو بالأحرى في المراحل الأولى من تكونه ö العاطفي إذ تكون الرغبات جامحة والأحلام كبيرة.
هو الحب الذي ينطوي على أسراره الطرية. هو الحب الذي يجعل من الحبيبة مثالا للصفاء والطهر والجمال. هو فن الاحتفاظ بالسر كما يعبöر المقالح:
«حين تحب امرأة وتحبك
حاول أن لا يعرف وجه الليل
ووجه الصبح بهذا الحب
ولا تجعله كتابا مفتوحا
تقرؤه الأيدي أو تلمسه الريح
تبعثره صورا في الطرقات
وأسئلة في أفواه öالناس» (ص 116)
أراد المقالح بكتابه الجديد أن يفصح عن رغبته في استرجاع مساحات للضوء والأمل مساحات راحت تبتعد عنا وتبتعد… ويكاد يحجبها زماننا الملوث. وقد عبر عن ذلك في كلمة الغلاف إذ قال: «أدري أنه موسم بائس وكئيب وليس موسما للحبö والغزل. لكنني أراهن على المستقبل وعلى الخروج من زمن البندقية والخنجر إلى زمن الوردة والكتاب… وها أنذا أنشر قصائد الحبö هذه… وأخشى أن يأتي زمن تكون الحرب فيه أكثر سخونة وحينئذ لا يبقى هناك مكان للكتابة ولا للشعر ولا للنشر.

قد يعجبك ايضا