الكوريون لديهم ثقة في مستقبل اليمن


يونج هو لي –

بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني الكوري الذي يصادف 23 أكتوبر من هذا العام ونيابة عن بلدي أود أن أعطي أطيب التحيات والتهاني الحارة لحكومة وشعب الجمهورية اليمنية.
يصادف العام القادم الذكرى ال30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية كوريا والجمهورية اليمنية. على الرغم من التاريخ القصير نسبيا للعلاقات الرسمية ألا أن البلدين واصلا بناء علاقات الصداقة والتعاون في العديد من المجالات. فكوريا اليوم ثالث أكبر مستورد للمنتجات اليمنية التي تعدت 1.6 مليار دولار في عام 2013م (بحسب سجل هيئة الجمارك الكورية). وعلاوة على ذلك فإن النتيجة الناجحة للمفاوضات على إعادة تعديل سعر الغاز الطبيعي المسال بين شركة كوغاز (KOGAS) والشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال (YLNG) في ديسمبر الماضي سوف يرفع السعر إلى أربعة أضعاف ابتداءٍ من هذا العام. ساهمت كوريا تقريبا بـ10 مليون دولار كمساعدات على شكل منح إلى اليمن للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك استجابتها للتحديات الإنسانية حتى الآن. مؤخراٍ وبصفتها عضوا في مجموعة أصدقاء اليمن وعضوا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2013-2014م) فإن كوريا تشارك بنشاط في الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لمساعدة اليمن على تحقيق استقرارها السياسي و التنمية الاقتصادية. تعهدت كوريا بـ مليوني دولار لمساعدتها الإنسانية إلى اليمن وذلك في اجتماع أصدقاء اليمن الوزاري في عام 2012م وأنهت صرف المال الذي تعهدت به في وقت مبكر من هذا العام. وقد تم توجيه هذه المساهمة المتواضعة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومفوضية شؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر للعمل الميداني على مواجهة التحديات الإنسانية في اليمن.
عندما استرجع أنشطة السفارة الكورية للسنة الماضية فقد أحرزنا تقدما ملموسا في زيادة التبادلات وتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين.
دعت السفارة الكورية وفداٍ من رجال الأعمال الكوريين برئاسة الغرفة الكورية للتجارة والصناعة في ديسمبر الماضي حتى يتمكنوا من استكشاف الفرص التجارية مع نظرائهم اليمنيين وتقييم الإمكانيات الاقتصادية في اليمن. من أجل مواصلة الزخم رتبنا زيارة وفد من رجال الأعمال اليمنيين إلى كوريا في شهر أبريل الماضي بالشراكة مع مجلس الإعمال اليمني الكوري المشترك ونادي الأعمال اليمني.
وعلى الرغم من الأوضاع الأمنية غير المستقرة في أواخر سبتمبر إلا ان السفارة نظمت المنتدى اليمني الكوري للطاقة 2014م بالتعاون مع جامعة صنعاء ووزارة النفط والمعادن مما وفر مكانا للمسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال والمنظمات غير الحكومية وكذلك الشركاء الدوليين لتبادل وجهة نظرهم حول الوضع الحالي والآفاق المستقبلية لقطاع الطاقة في اليمن بما في ذلك إمكانات التنمية في مجال الطاقة المتجددة في اليمن.
كذلك واصلنا جهودنا للمساعدة في تحسين البيئة التعليمية في اليمن: في سلسلة متوالية ابتداءٍ من جامعة صنعاء العام الماضي و مؤخراٍ تم فتح المركز الإعلامي الكوري في المكتبة المركزية بجامعة تعز وكذلك مختبر الحاسوب وجامعة الحديدة سوف تحذو حذوها.
أما في المجال الثقافي استضافت السفارة الكورية مآدب الغداء للأطباق الكورية في صنعاء وتعز هذا العام وكذلك تنظيم بشكل دوري كل 3 أشهر. كما أن السفارة الكورية ترعى بطولة المنتخبات للتايكوندو على كأس السفير الكوري بالتنسيق مع الاتحاد اليمني للتايكواندو سنوياٍ والتي برزت باعتبارها واحدة من أهم الفعاليات الرياضية في البلاد.
وفي أثناء ذلك بذلت السفارة الكورية قصارى جهدها لإعطاء المعلومات الصحيحة والرؤية الودية حول اليمن للمواطنين الكوريين والشركات الكورية. وبهذا الفعل نحن نشعر بالفخر بأن نمثل جسر تواصل بين البلدين. في هذا السياق وآمل بصدق أن يعاد فتح السفارة اليمنية في سيول في المستقبل القريب حتى نتمكن من توحيد جهودنا لنْكون جسراٍ أقوى وأوسع من الصداقة.
صحيح أن التحديات الهائلة التي تواجه الحكومة والشعب اليمني في هذه المرحلة. الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة تفرض قيوداٍ على أنشطة السفارات الأجنبية ووكالات المساعدة الإنمائية والتي تمنع الشركات الأجنبية من القدوم إلى اليمن وتحقيق الاستثمارات التي تحتاج إليها البلد. ومع ذلك فإن الشعب الكوري وأنا منهم لديهم الثقة في مستقبل اليمن. فخلال الـ15 شهرا الماضية التقيت وتحدثت مع العديد من المواطنين اليمنيين. فمن خلال هذه الاجتماعات والمحادثات اقتنعت بأن اليمنيين سوف يتغلبون على التحديات الراهنة في نهاية المطاف وسيمضون قدما في الاتجاه الصحيح الذي اختاروه من خلال الحوار والحل الوسط. ولهذا السبب فإننا لن ندخر أي جهد في هذه اللحظة لمواصلة استثماراتنا في مستقبل اليمن وزيادة تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين.
وعلى وجه الخصوص لدينا توقعات كبيرة من الشباب الموهوبين في اليمن حيث اننا نولي أهمية كبرى لتنمية الموارد البشرية في اليمن. وفي هذا النطاق تعمل حكومة كوريا مع الحكومة اليمنية على فتح المعهد الكوري اليمني العالي التقني في صنعاء هذا العام (بقيمة 15 مليون دولار) وتساهم في مشروع التمكين الاقتصادي للشباب المرحلة الأولى والثانية من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على السواء مع الشركاء المانحين الآخرين. وبالإضافة إلى ذلك العشرات من المسؤولين في الحكومة اليمنية والطلاب ينضمون للدورات التدريبية أو الحصول على درجات علمية برعاية الحكومة الكورية سنوياٍ لتعزيز الخبرات في مجالات تخصصهم وتعلم الدروس من التجارب الكورية في التنمية الاقتصادية.
وقد حققت كوريا التصنيع والديمقراطية في جيل واحد فقط أو نحو ذلك وحولت نفسها من دولة متلقية للمساعدات إلى دولة مانحة في المجتمع الدولي. لهذا السبب كوريا تتفهم جيدا الصعوبات التي تواجه البلدان النامية التي تمر بالتحولات السياسية والاقتصادية الجذرية ومستعدة لتبادل خبراتها في التنمية الاقتصادية. وكوريا كصديق لليمن موثوق به سوف تبقى رفيقاٍ لليمن في رحلته العظيمة لبناء وطن جديد ديمقراطي مستقر ومزدهر.
سفير جمهورية كوريا الجنوبية

قد يعجبك ايضا