يكتبها اليوم / وديع العبسي

كيف هو عيدك يا غزة؟!

 

في غزة، لم يعد العيد مناسبة للفرح، فأبسط مظاهر العيد تبدو اليوم مستحيلة وهي تحت الإبادة، والتفاصيل لا تقل عن كارثة إنسانية، حزن وفَقْد وحداد، وأنقاض دفنت أحلام الفلسطينيين وقتلت فرحة أطفالهم.

في هذا الوقت، يتهيأ أبناء الأمة الإسلامية في أرجاء الأرض لعيد أضحى.. يصومون ويفطرون في هذه العشر من ذي الحجة على ما لذ وطاب من الطعام والشراب، ووحدها غزة، مكلومة تعاني القتل والدمار والنزوح والأسر والحصار منذ أكثر من عام ونصف، ولا تجد لأبنائها الخبز والماء.. تجمع أشلاءها وتحصي قتلاها.. أيامها منذ 77 عاما رائحتها الموت والخذلان.. مناسباتها تتشابه في الحزن واجترار الذكريات على أعزّاء استشهدوا، وأمكنة كانت تضج بالحياة، شهدت مراحل من حياتهم وأفراحهم وتطلعاتهم، وآباء وأمهات يبكون واقعهم، ولسان حالهم يقول «يحتفل العالم خلال العيد بالألعاب النارية، أما نحن فالنار تنهمر فوق رؤوسنا».

لن يكون لأمهات غزة – لثاني أضحى مبارك – أن يصنعن كعك العيد أو ما اشتهر به تراث القطاع في المناسبات من أطباق «السماقية والسمك المملح (الفسيخ)، المقلوبة، والمفتول والمعلاق»، فالحصار أكل شيئا ومنع عنهم حتى شربة الماء، ولن يكون للأطفال أن يستيقظوا صباح العيد لارتداء الملابس الجديدة أو شراء الألعاب الملونة، ولن يلعبوا في ساحة الجندي المجهول، كما اعتادوا دائما، فالأمم المتحدة قد صنفت القطاع بالأخطر على حياة الأطفال حيث لا مكان آمن يتعلمون فيه أو يفرغون طاقاتهم في اللعب.

لن يكون للغزيين ولعيد إسلامي رابع منذ بدء الكيان الصهيوني حرب الإبادة، تبادل الزيارات الاجتماعية وصلة الأرحام فالشوارع خالية من مركبات التنقل، تملأها أكوام الركام والسيارات المحترقة وأعمدة الكهرباء المنهارة، ومخيمات عشوائية تنتشر في ساحات وشوارع القطاع.. حتى تبادل التهاني بالعيد ستبدو مجروحة وثقيلة، فكل المشاعر تحاصرها هذه المأساة الإنسانية التي جعلت أبناء غزة ضحية حقد الطغاة وجُبن المتآمرين.

ليس لأبناء غزة اليوم مساحة من الوقت أو فسحة من الإمكانات للتفكير بمظاهر العيد المعتادة من ملابس وزينة وإضاءات ملونة، فأولويتهم، تأمين الطعام والبقاء على قيد الحياة.. تقول الخبيرة في الشؤون الإنسانية ريهام عودة لوكالة ((شينخوا)) «إن الحرب لم تدمر المنازل فقط، بل دمرت الروح المعنوية لسكان غزة».

استعدت أمة المليار بالخراف والأضاحي، وبالحلويات والمكسرات في حرص شديد على قضاء أعلى درجات الفرح بالعيد، ولم تعد حتى تتابع أخبار الفلسطينيين وما يعيشونه، وإذا صادفتها، «حسبلت وحوقلت»، ثم غيّرت القناة، فعيدها لا يحتمل الوقوف ومتابعة مشاهد القتل بالتفجير أو التجويع، بينما في الأراضي المحتلة لا مكان للفرح بالعيد.. ساوى العدو كل شيء بالأرض، البيوت والمنشآت، فلا أسواق ولا حدائق ولا متنزهات، وتذكر التقارير أن «قوات الاحتلال دمرت جميع المتنزهات والمشاريع السياحية في قطاع غزة، التي يقترب عددها من 5 آلاف منشأة».. كل الحارات تشترك في الحداد، ويواصل العدو ذبح الفلسطينيين.

 

 

 

قد يعجبك ايضا