ماذا بعد التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية… ¿!


بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والتي توافقت عليها جميع المكونات فيما يخدم اليمن والمصلحة الوطنية العليا وتجسيداٍ للشراكة والتوافق بين كافة المكونات السياسية تم مؤخراٍ التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية ..ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن : ماهي الأولويات التي ينبغي البدء بها لترسيخ حالة السلم والانتقال إلى بناء الدولة ¿
للإجابة على هذا التساؤل نترك المجال لمكونات مجتمعية لطرح رؤاها والأولويات المناسبة للوصول لاستقرار البلاد وتحقيق مستقبل ديموقراطي واعد.

يحدثنا المفكر والناشط السياسي الأستاذ عبدالباري طاهر قائلاٍ: في البدء لابد من وقف القتال والعنف والمظاهر المسلحة وبالأخص في صنعاء لأن وجود السلاح في صنعاء يلغي السلم ويلغي الشراكة ويلغي الحياة ولكي يكون هناك تشارك سياسي وحوار سياسي وعمل سياسي لابد وأن يسقط السلاح من الأيدي ويخرج من اللعبة كلها.
وأردف بالقول : ” لا أقصد سلاح أنصارالله فحسب بل كل المليشيات التابعة لأحزاب وطوائف وقبائل ومناطق سلاح كل السلاح ” ومن ثم لابد وأن يكون هناك مصداقية لما يتوافق عليه الفرقاء السياسيين في اليمن إذ تعودنا منهم الكلام عن السلام بينما هم يخوضون معارك دموية وعنيفة يعقدون المؤتمرات ويوقعون وثائق ومصالحات ثم يختمونها بالحرب من الكويت 63 إلى الجند إلى حرض إلى خمر إلى الطائف إلى وثيقة العهد والاتفاق 94م في عمان جميعها اتفاقيات مهمة جدا وتدعو لمصالحة وطنية ولمبادئ واتفاق على السلم ولكن غالباٍ ما تعمد بالدم وتنتهي بالدم ويتبعها أو يسبقها قتال.. ونرجو أن لا تكون وثيقة المشاركة والسلام في نفس السياق لابد من تجنيب المدن السلاح ويتوافق الجميع على احتكار الدولة للسلاح ..وأن تحتكر الدولة السلاح والقوة والفصل بين خصومات الناس ويحتكم لها الجميع .
وشدد طاهر على أنه لابد من أن يكون هناك مصداقية فيما يتم التوافق عليه فحين نتفق على حلول معينة لابد من الالتزام بها لأن العبرة ليست بما نوقع عليه ولكن العبرة أن يلتزم الجميع بما يتفق عليه .. كما ولابد من مشاركة الأحزاب السياسية واحترام التنوع والتعدد واحترام الجنوب وتشاركه على قدم المساواة والندية مع إخوانهم في الشمال لأنهم قدموا كياناٍ ودولة ثم احترام كل الاتجاهات دون استثناء وبالأخص الشباب والمرأة الذين كانوا عماد الثورة الشعبية السلمية عام 2011م ولكي تكون مشاركة لابد التخلي عن الغلبة والقوة و الاحتكام لإرادة الناس جميعاٍ والقبول بدولة اتحادية ديمقراطية يحتكم إليها الجميع وتتمثل في مشاركة كافة أبناء الشعب اليمني شمالاٍ وجنوباٍ شرقاٍ وغربا ..
ترك التسويف والمماطلة
من جانبه يقول الدكتور خالد المطري أستاذ تاريخ العصور الوسطى ومناهج البحث المساعد : على الرغم من أن الوصول إلى مرحلة التوقيع على اتفاق السلم والشركة لم يكن بالأمر الهين أو السهل إلا أن الوصول إليها من الأمور التي تحسب لكافة الأطراف والقوى الوطنية لأنها جنبت البلاد الدخول في حرب أهلية طويلة المدى..غير أن الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق وعدم التلكؤ في عملية تنفيذ تلك البنود يمثل أولى الأولويات المؤدية إلى تحقق السلم والشراكة المنشودين لأن التسويف والمماطلة في عملية تنفيذ استحقاقات الاتفاق ربما يتسببا في حدوث انتكاسة خطيرة ومدمرة لن تتوقف انعكاساتها السلبية عند حدود إعادتنا إلى المربع الأول الذي بالكاد تجاوزناه وحسب وإنما ستؤدي إلى تدهور سلبي عكسي ينقل البلاد إلى المرحلة التي كنا نتخوف من الوصول إليها فالمبادرة إلى تنفيذ أولى خطوات هذا الاتفاق والمتمثلة في تخفيض تسعيرة المشتقات النفطية تمثل أولوية إيجابية أحدثت قدرا من الارتياح لدى المواطنين والقوة التي تولت المطالبة بتحقيقها في حين أن تأخر عملية تشكيلة الحكومة الجديدة أدى إلى حدوث تدهور أمني في أنحاء مختلفة من البلاد وبالتالي فان تشكيل الحكومة يمثل جزءا أساسيا من الأولويات التي ينبغي المبادرة إلى إنجازها بعد إتمام عملية التوقيع.
ويضيف : ومبادرة قيادة أنصار الله إلى توقيع ملحق الاتفاق الأمني وإعلان استعدادهم تسليم ما بأيديهم من مؤسسات ومواقع حكومية يمثل خطوة إيجابية مساعدة على سيادة الثقة بينهم والأطراف الأخرى الموقعة على اتفاق السلم والشراكة ويزيل عقبة خفية ربما كانت من بين الأسباب التي حالت دون سرعة تشكيل الحكومة الجديدة أما الانتقال إلى مرحلة بناء الدولة المنشودة فهو مرهون في المقام الأول بطبيعة الحكومة الجديدة فان كانت مختلفة عن سابقتها واعتمد تشكيلها على الشروط الواردة في اتفاق السلم والشراكة فان قيامها بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني سيقودنا نحو بناء الدولة لأن تنفيذ المخرجات يمثل ثالث الأولويات الأساسية المؤدية إلى شيوع الاستقرار وبناء دولة القانون والمواطنة المتساوية .
ويشير الدكتور المطري إلى أن الوصول إلى هذه المرحلة يشترط عدم تأثر نشاط القوى الوطنية بأي مؤثر خارجي سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي إضافة إلى حل إشكالية القاعدة بانتهاج طريقة جذرية مغايرة للسياسة الحالية القائمة على استخدام القوة بما يؤدي إلى اندماج أبناء البلد المنتمين إلى هذا التنظيم في النسيج الاجتماعي .
تجنب ويلات الحرب
ويعتبر العقيد عبدالغني الوجيه قائد الشرطة الراجلة سابقاٍ أن التوافق على أن تكون مخرجات الحوار من أهم الأولويات حيث تعد وثيقة عهد يلتزم بها كل الأطراف (حتى لو شابها بعض القصور) فا?تفاق على شراكة وفق الكفاءة سيكون اللبنة التي نحتاجها للبناء ا?من للدولة اليمنية الحديثة يأتي بعدها وضع الشروط لكل من يتولى منصبا حكوميا من الوزير وحتى المدير العام والتي تضمن شفافية أداءهم وقبولهم رقابة موظفيهم وجمهورهم المتلقي لخدماتهم مع أخذ بالدروس المستفادة من مرحلة إقصاء الكفاءات بسبب الانتماءات السياسية والطائفية.
عبدالله علي النويرة مسؤول العلاقات العامة بشرطة سير الأمانة يقول : ” اتفاق السلم والشراكة الوطنية أحد أهم الاتفاقيات التي تم توقيعها مؤخرا لأنه جنب اليمن الدخول في ويلات حرب أهلية لو أنها حدثت فمن المستحيل إيقافها لأنها ستكون محصلة للعديد من التراكمات التي عاشها اليمن خلال الفترة الماضية ذلك أن الوطن يعيش في منعطف لم يسبق له مثيل في خطورته لأن انفلات الأوضاع تعني تشظي اليمن وتفكك بنيته الاجتماعية والسياسية وهذا ما يجب أن تعمل النخبة السياسية على تجنبه بكل الوسائل المتاحة.
حكومة كفاءات
الناشط السياسي ماجد الحميدي يقول : لابد من تشكيل حكومة كفاءات وإعادة بناء القوات المسلحة والأمن على أسس وطنية .
مضيفاٍ: إن مكافحة الفساد بكل أنواعه في الأجهزة الأمنية والعسكرية من الأولويات ذات الأهمية الكبيرة كما هو أيضا في كل أجهزة الدولة ولابد من سرعة تنفيذ نظام البصمة في كل وظائف الدولة العسكرية منها والمدنية من أجل إلغاء الازدواج الوظيفي وإلزام جميع الأطراف والقوى والأحزاب بتسليم كافة الأسلحة للدولة وتكون الدولة الجهة الوحيدة المخولة باستخدام السلاح وضماناٍ لذلك إصدار قانون في هذا الجانب مضاف إليه بنود تضمن الحماية والمساواة لهذه الأطراف والأحزاب ويكون الناس متساوون أمام النظام والقانون .
برنامج زمني
وتحدثنا الدكتورة سامية الفسيل – الأستاذ المساعد بجامعة صنعاء كلية الآداب قسم التاريخ – بالقول: الخطوات الأولية لتنفيذ الاتفاق هي إجراء لقاءات للحوار بين المكونات السياسية الموجودة على الساحة اليمنية والتوافق على رؤى موحدة أو متقاربة فيما بينها حول ما في هذه الاتفاقية من إشكاليات وهي إشكاليات تتعلق بتكليف شخصية ذات كفاءة مستقلة على القيام بتشكيل حكومة من عناصر حزبية تختارها المكونات السياسية ولا يكون له حق الاختيار فهذه إشكالية .
وتؤكد الدكتورة سامية الفسيل بأن على القوى السياسية أن توحد رؤاها أو تتقارب رؤاها فيما يتعلق بلجنة الانتخابات وقانون الانتخابات ولجنة وضع مشروع دستور الاتحاد كما أن عليها توحيد رؤاها فيما يتعلق بنزع الأسلحة وتحديد برنامج زمني لتنفيذ ذلك وبدون اتفاق المكونات السياسية على رؤى مشتركة لهذه القضايا وحل تلك الإشكاليات فإن الاتفاق في حد ذاته لا يحل أي مشكلة.
ومضت بالقول : أما بناء الدولة الديمقراطية المدنية العادلة فإنه يتوقف على توافق المكونات السياسية ومعها الكثير من العناصر والشخصيات الوطنية والمنظمات والنقابات المدنية بما فيها منظمات المرأة اليمنية على تنفيذ مخرجات الحوار تنفيذاٍ سليماٍ وعلى مضمون الدستور الاتحادي الذي يتيح قيام حكومة مركزية اتحادية تسمح بالحكم الذاتي في كل أقاليم الدولة.

قد يعجبك ايضا