تحقيق الأمن ضرورة شـــــــــــرعية

نعمة الأمن والأمان من أجل النعم التي أنعم الله بها على الإنسان في هذه الدنيا ولذلك أمتن الله بها على أهل مكة فقال سبحانه: “أِوِلِمú يِرِوúا أِنِا جِعِلúنِا حِرِمٍا آمنٍا وِيْتِخِطِفْ النِاسْ منú حِوúلهمú أِفِبالúبِاطل يْؤúمنْونِ وِبنعúمِة اللِه يِكúفْرْونِ ” سورة العنكبوت آيه 67 وقال أيضا “فِلúيِعúبْدْوا رِبِ هِذِا الúبِيúت الِذي أِطúعِمِهْم من جْوعُ وِآمِنِهْم منú خِوúفُ” سورة قريش الآيتين 3-4.

وأعلى النبي صلى الله عليه وسلم من قيمة نعمة الأمن ورفع من شأنها فقال: “من بات آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” والأمن معناه زوال الخوف عن النفس وشعورها بالطمأنينة والاستقرار وهذا الشعور له أثره العظيم في حياة الأفراد والجماعات والأمة بأسرها لأن فقدان هذه النعمة نعمة الأمن والشعور بالخوف والفزع والاضطراب النفسي كل ذلك يؤدي إلى شيوع الفساد والتأخر والفقر في الأمة كما يؤدي إلى بعد هذه الأمة عن طاعة الله تعالى التي هي مهمة الإنسان في هذه الحياة الدنيا.
ومن أهم ما يؤدي إلى تحقيق نعمة الأمن والأمان في المجتمع الإنساني عموماٍ والمجتمع المسلم على وجه الخصوص وهو أن تشيع ثقافة الطاعة بين أفراد هذا المجتمع ويبتعد الناس عن المخالفات الشرعية والمجتمعية والقانونية وفي كل المجالات.
والطاعة مصطلح واسع لكل إلتزام بالأوامر واجتناب للنواهي المشروعة من الله تعالى والوقوف عند حدود الله وعدم مجاوزة لها في أي مكان وزمان.
وشريعة الإسلام مبناها على الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وقد كثرت الأوامر في القرآن الكريم بالطاعة لله ولرسوله فقال تعالى: “قْلú أِطيعْواú اللهِ وِالرِسْولِ فإن تِوِلِوúاú فِإنِ اللهِ لاِ يْحبْ الúكِافرينِ ” سورة آل عمران آيه 32 وقال سبحانه وتعالى: “وِأِطيعْواú اللهِ وِأِطيعْواú الرِسْولِ وِاحúذِرْواú فِإن تِوِلِيúتْمú فِاعúلِمْواú أِنِمِا عِلِى رِسْولنِا الúبِلاِغْ الúمْبينْ ” سورة المائدة آية 92 وقال سبحانه أيضا ” وِاسúمِعْوا وِأِطيعْوا” سورة التغابن آية 16.
والطاعة لله تعالى هي جماع الخير كله وفيها الطمأنينة وبها تحقق للنفس سكينتها وقد أرسل الله تعالى الرسل جميعاٍ عليهم الصلاة والسلام ليدعوا العباد إلى توحيد الله وطاعته والإذعان لمقتضى أمره ونهيه ليكونوا أهلا لرحمته سبحانه.
والله سبحانه خلق العباد لطاعته والخضوع له وتحقيق معنى العبودية بشكره والقيام بفرائضه والتحلي بالقيم والفضائل التي دعا إليها الدين وحث عليها النبي الأمين صلى الله عليه وسلم وهو سبحانه غني عن عباده لا تنفعه طاعتهم ولا تضره معصيتهم ولا تنقصاٍ معاصيهم من كمالاته شيئا قال سبحانه: “فِإن اسúتِكúبِرْوا فِالِذينِ عندِ رِبكِ يْسِبحْونِ لِهْ باللِيúل وِالنِهِار وِهْمú لِا يِسúأِمْونِ ” سورة فصلت آية 38.
والعاقل صاحب البصيرة يعلم أن قيمة وجوده في الدنيا إنما هي في طاعته لربه وفي سلوكه مسالك الأخيار ذوي النفوس الطيبة التي تحب الخير وتقبل عليه وتكره الشر وتبتعد عنه لعلمهم أن في الطاعة حياة القلوب ووفاء بالعهد واستجابة لأمر الرب سبحانه وأن في الطاعة توجيها لقوى النفس والبدن نحو البر والبناء والعمارة والخير الخاص والعام قال تعالى: “يِا أِيْهِا الِذينِ آمِنْواú اسúتِجيبْواú لله وِللرِسْول إذِا دِعِاكْم لمِا يْحúييكْمú ” سورة الأنفال آية 24 وقال سبحانه: “يِا أِيْهِا الِذينِ آمِنْواú أِطيعْواú اللهِ وِأِطيعْواú الرِسْولِ وِأْوúلي الأِمúر منكْمú” سورة النساء آية 59.
إن أهل الطاعة هم أهل الصدق والأمانة وأهل السماحة والرحمة يرجون رحمة الله ويخافون عذابه ويعلمون أنه سبحانه يمهل ولا يهمل وأن الجزاء آتُ لا ريب فيه.
إن أهل الطاعة لا يعملون في الخفاء عملا يخافون أن يطلع عليه الناس إذ الريبة لا تليق بأدب المسلم وتوجهاته الخيرة دوما فالأثم ما حاك في صدرك وخشيت أن يطلع عليه الناس.
إن العاقل البصير يغتنم حياته في بذل الجهد في طاعة الرب والاستقامة على طريق الحق والخير وفي ملء صحيفة عمله بخير يجده يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. هذه هي مهمة المسلم في هذه الحياة طاعة الله عز وجل والسير على هدية القويم في كل مجالات الحياة.
والشريعة الإسلامية مبناها على الطاعة كما سبق, الطاعة من كل المجالات وفي كل الناس فالطاعة من المسلمين جميعا لله ولرسوله والطاعة من الأولاد للوالدين والطاعة من المتعلم للمعلم والطاعة من الصغير للكبير وهكذا الطاعة في جميع المجالات فيما يرضي الله تعالى فإذا انتشرت ثقافة الطاعة في المجتمع المسلم كان لها أثرها العظيم في تحقيق الأمن ونشره في ربوع الدنيا كلها إذ حينها لا يوجد مخالف لأمر الله تعالى ولا يوجد خارج عن منهج الله تعالى ولا يوجد في المجتمع ساع لإثارة الفتنة والشقاق بين الناس ولأدى كل ذلك إلى تحقيق نعمة الأمن والأمان في ربوع المجتمع كله بتأييد من الله تعالى لأهل هذا المجتمع لأنهم حققوا طاعة الله في مجتمعهم قال تعالى: “24قْلú أِطيعْوا اللِهِ وِأِطيعْوا الرِسْولِ فِإن تِوِلِوا فِإنِمِا عِلِيúه مِا حْملِ وِعِلِيúكْم مِا حْملúتْمú وِإن تْطيعْوهْ تِهúتِدْوا وِمِا عِلِى الرِسْول إلِا الúبِلِاغْ الúمْبينْ54/24وِعِدِ اللِهْ الِذينِ آمِنْوا منكْمú وِعِملْوا الصِالحِات لِيِسúتِخúلفِنِهْم في الúأِرúض كِمِا اسúتِخúلِفِ الِذينِ من قِبúلهمú وِلِيْمِكنِنِ لِهْمú دينِهْمْ الِذي ارúتِضِى لِهْمú وِلِيْبِدلِنِهْم من بِعúد خِوúفهمú أِمúنٍا يِعúبْدْونِني لِا يْشúركْونِ بي شِيúئٍا وِمِن كِفِرِ بِعúدِ ذِلكِ فِأْوúلِئكِ هْمْ الúفِاسقْونِ”. سورة النور الآيتين 54-55.
هذا هو وعد الله تعالى للطائعين المتمسكين بدينهم المحافظين على حدود لله في هذا المجتمع وعدهم باستخلافهم في الأرض وتمكينهم فيها وبإبدالهم بعد الخوف أمناٍ بشرط تحقيق الطاعة منهم لله تعالى وبشرط أن تكون ثقافة الطاعة هي الظاهرة الشائعة في هذا المجتمع وكلنا نحتاج إلى الأمن والأمان في مجتمعنا حتى نشعر بالاطمئنان والاستقرار وحتى نستطيع أن نبني وأن نعمر الأرض كما أمر الله وهذا كله لا يكون إلا بالطاعة لله ورسوله “صلى الله عليه وسلم” فعلينا أن نؤدي واجبنا نحو الله تعالى وننتظر تحقيق وعد الله لما في التمكين في الأرض وتحقيق الأمن فيها نعمة من الله وفضلاٍ.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قد يعجبك ايضا