
استطلاع / أسماء حيدر البزاز –
أكد مراقبون ومحللون سياسيون على أهمية وضع وثيقة وطنية تدعو الى التصالح والتسامح والشراكة ونبذ ثقافة الكراهية بين الأحزاب ونبذ خلافات الماضي وفتح صفحة جديدة لنشر ثقافة التسامح والقبول بالآخر بعيدا عن الإقصاء والتهميش وجر الوطن الى نزاع حرب وعلى ضرورة إعادة التلاحم الوطني في صفوف ابنا الشعب ونشر ثقافة الديمقراطية والقبول بالرأي والرأي الآخر .. نتابع
المحلل السياسي الدكتور علي ناصر الجلالي : مع سعي فئات المجتمع للسلطة تكونت الأحزاب السياسية وهي ظاهرة طبيعية للوصول إلى الحكم وفق برامج سياسية في إطار التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة ولكن تقاطع المصالح الذاتية التي طغت على هذه الأحزاب خصوصا من القائمين عليها تحول إلى صراع مراكز قوى تحت سقف الأحزاب حيث كانت المصالح الشخصية هي الحلقة الأقوى وابتعد الجميع عن مصلحة الوطن مماتولدت حالة الكراهية وتحولت الي صراعات مسلحة وإذا نظرنا الى ثقافة التسامح علينا أن نبحث عن أسباب الصراع فالأحزاب السياسية لا تتصارع الا إذا كان هناك عرقيات وهو صراع من أجل الحفاظ على الهوية كمثل تركيا العراق وبعض البلدان التي ينطبق عليها ذلك أما بقية دول العالم المتقدم فالأحزاب تتصارع سياسيا في تقديم الأفضل لمواطنيها وبلدانها ولذلك لا نجد بينهم صراعاٍ مسلحاٍ لأنه صراع سياسي مشروع .
صراع المراكز
موضحا بأن ذلك التنافس الحقيقي لتقديم الأفضل ولهذا نجد التسامح والعلاقة بين هذه الأحزاب تعود لمجاريها الطبيعية لكن حالنا في اليمن كما ذكرت هو صراع مراكز قوى ولذلك التسامح دوما يكون مربوطاٍ بين هذه المراكز فإذا تسامحت الرؤوس الكبيرة لا نجد في جماهيرها أي صراع لأن السبب الرواسب الموجودة في بلادنا كانتشار الجهل الذي يمثله ضعف التعليم وتراكمات وصراعات الماضي التي انتقلت الى شبه صراع حزبي , وعليه فإنه إذا تصالحت وتسامحت القيادات العليا انعكس ذلك على الجماهير وعلى أنصار تلك الأحزاب فلا نستطيع أن نسميه كما ذكرتم ثقافة تسامح الأحزاب وهذه وجهة نظري لما يدور وقد لا يوافقني البعض عليها .
استقرار البلاد
ومضى يقول : لقد كرسنا صراعات مراكز القوى تحت سقف الحزبية ولكن ثقافة التسامح بين مراكز القوى والأحزاب السياسية إن وجدت هو عامل مهم في استقرار البلد من أجل النهوض بوطننا الحبيب ليواكب العالم بتقدمه في بنيته التحتية والعلمية والتسامح من سمات ديننا الإسلامي الحنيف وقيمنا النبيلة وندعو الجميع لطي صفحة الماضي ونوحد صفوفنا للعمل من أجل خدمة وطننا الحبيب أما إذا لم تتوفر ثقافة التسامح بين ما سميتموهاس بين الأحزاب السياسية ومراكز القوى فسنظل ندور في حلقة مفرغة وعلينا أن نتعظ ماذا جنينا خلال هذه الفترة منذ 2011م الي اليوم تدهورت الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلد وانعكس ذلك سلبا في حياتنا جميعا دون استثناء مراكز قوى جماعات أفراد ورجعنا الى الخلف كثيرا علينا أن نتسامح للمضي قدما بسفينة اليمن الى بر الأمان إلى التطور الى البناء
ثقافة الاقصاء
ويرى المحلل السياسي الدكتور محمد سلطان الأكحلي أن سياسة الالغاء والإقصاء والاتفاقات السياسية السرية زادت في الآونة الأخيرة وعلى الرغم من ذلك فلا يوجد طريق غير ذلك الذي لن يكون إلا إذا شد العقلاء وحكماء الأطراف هممهم لإنقاذ هذا الوطن الجريح.
الهدف الوطن
ومن جانبه يقول الدكتور نجيب الغرباني : إن على الاحزاب أن ترتقي وتتمنهج وتصبح بالممارسة السياسية اكثر تسامحاٍ وتصالحاٍ لأن الهدف هو الوطن وتنميته ونحن نعرف أن الأحزاب في اليمن لها أكثر من عشرين عاماٍ وهي اليوم قد تعدت سن المراهقة وقد خاضت تجربة كبيرة من الديناميكية السياسية في التعامل مع انظمه تعاملت معه بالحوار والنقاش والسلاح ايضا ومن ثم الحوار ولهذا فمبدأ التسامح لأجل الوطن والتعايش فيما بينها أصبح امراٍ ضرورياٍ ولابد من الإقرار بالوجود للآخر بشكل كلي والحفاظ عليه وترسيخ القبول به وضمان حقوقه وان الأديان والمذاهب كافة لديها فسحة من التسامح قد تضيق وتتسع وبالنتيجة لم يصل الأمر الى إلغاء الآخر فما بالكم بالأحزاب التي لديها استراتيجية التعامل مع الشعب لأجل الشعب
مضيفا : بأن اليمن يمر بأصعب ظروفه السياسية والاقتصادية والثقافية ولذا تأتي أهمية أن يتحمل اليمنيون اصحاب الحكمة بعضهم البعض بما يعزز الشراكة في الوطن الواحد والخروج باليمن إلى بر الأمان
مساومة
وأما الدكتور عبد الحكيم مكارم – جامعة تعز فيقول : ليس لدينا الوقت الكافي حتى نفكر فيما إذا كنا نضع الأولوية للتخلص من آثار الخصومات أم نبدأ مرحلة من التسامح والتعايش المشترك سواء كنا أفرادا أو احزابا أو جماعات, فالوطن فيه من الألم والمعاناة ما يكفي ويضعنا في موقف لا نتردد أو نساوم أو نفكر في مدى قدرتنا على التعايش المشترك أو التفكير في مدى تقبلنا لبعضنا أو حاجتنا للوقت الذي ننسى فيه اخطاء بعضنا فالمركب الذي يسعنا جميعا يكاد يغرق والمساحة المشتركة التي سنتعايش عليها جميعا تكاد تحترق جراء حماقات البعض وسوء تقدير البعض للمآلات والآثار الناتجة عن فهم اللحظة التي يعيشها الوطن .
اللحظة التاريخية
ويرى مكارم أن الاحزاب السياسية بما فيهم جماعة الحوثي يدركون جميعا ويقدرون ما ألم بالوطن وما ستؤول إليه النتائج عند تخليهم عن المسؤولية التاريخية, أزعم أن جميع القوى ستتقبل التعايش مع بعضها رغم بون المسافة النفسية وآثار ما احدثه البعض عن سوء تقدير , واحسب أن الجميع عند مستوى المسؤولية وتقدير اللحظة التاريخية التي يمر بها وطننا
تصفية حسابات
ومن جهته يقول السياسي أيمن جرمش : ماوصلت اليه البلاد من تدهور نتيجة الصراعات السياسية وتصفية الحسابات للزم كل الأطراف السياسية قاطبة ان تترك ثقافة السلاح وفرض القوة وتتجه الى تهيئة الأجواء وتوفير مناخ يساعد على التسامح والاعتراف بالآخر والتي تحول دون بقاء الفجوات والهواجس المتبادلة بين الأحزاب والجماعات على المستوى الوطني وأن يترفع الجميع الى مستوى المسئولية بعيدا عن المصالح الذاتية والتوجه الى تأسيس الدولة المدنية التي ينشدها جميع اليمنيين.
وبين أن ثقافة التسامح لا تلغي الحق في امتلاك وجهات النظر النقدية وليس المطلوب من أي طرف التخلي عن قناعاته من أجل أن يقبله طرف آخر بل هو القبول بالآخر كما هو يريد وليس كما يراد له بعيدا عن العنف والطائفية والمساس بأمن الوطن واستقرار والاستنقاص من هيبة الدولة فالمرحلة التي نعيشها حرجة وتستوجب من الأطراف السياسية المبادرة الصادقة الى التسامح والقبول به والتوجه الى التنافس حول كيفية بناء الوطن وازدهاره اقتصاديا وامنيا واجتماعيا ومواكبة التطور الذي وصل اليه العالم اليوم
فرض القانون
أستاذ العلوم السياسية والاقتصادية بجامعة صنعاء الدكتور .أحمد عبد الملك حميد الدين ذهب بالقول إلى ان الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن وأن القانون أولاٍ هو الذي يفرض ثقافة التعايش من خلال لجم المتفرد بالسلطة وكبح المتسلط على الثروة وفرض وتطبيق مبدأ المساواة ثم يأتي الدور على المجتمع المدني وعلى رأسه المكونات السياسية للتعامل فيما بينها بروح التسامح والتعايش السلمي.
مصلحة الوطن
فيما يؤكد المحلل السياسي الدكتور أحمد محمد القاسم على ضرورة وأهمية غرس سياسة وثقافة التسامح بين الأحزاب خاصة اذا كانت في مصلحة الوطن والمواطن من اجل حقن الدماء خاصة بالأمور الثانوية والأمور المصيرية ما فيها تسامح عند الأحزاب وأن سياسة التسامح يجب أن تعم جميع أبناء الشعب الواحد والطوائف الدينية وخلافها وهي تخلق الألفة والود والمحبة وتحقن الدماء ويجب أن تكون سياسة التسامح من موقف القوة وليس من موقف الضعف فإذا كانت من موقف ضعف لا تؤتي ثمارها .
وقال : يجب العمل على نشر سياسة التسامح في المدارس في كافة المراحل والجامعات فهي سياسة حكيمة تحفظ الأرواح وتبني العلاقات الوطيدة وتدعم التلاحم بين ابناء الشعب الواحد
الشراكة
من جانبه يرى المحلل السياسي الدكتور عبد الباسط الحكيمي ان الأحزاب السياسية في اليمن ما زالت لا تؤمن بالشراكة مع الآخر أو لا تتمتع بثقافة القبول بالآخر مرجعا ذلك بصفة أساسية الى طبيعة نشأة تلك الأحزاب والمراحل التاريخية التي مرت بها فضلا على تشربها بسياسة العمل السري التي مازالت مسيطرة عليها إلى الآن ولم تستطع تجاوزها سيما وأن القيادات التي تهيمن على القرار في تلك الأحزاب هي ذاتها التي تشربت ونشأت في ظل العمل السري واستخدمت العنف والتزوير في الكثير من الأحيان للبقاء وازاحة الآخرين من طريقها بصرف النظر عن عدم مشروعية وسائلها التي نفذت بها مخططات إقصاء الآخر
هيكلة الأحزاب
وأضاف : ولذلك لا أعتقد أن تتخلص تلك الأحزاب من ذلك الا بإعادة هيكلتها وإعادة النظر ببرامجها ونهجها السياسي وتغيير قيادتها بقيادة شابة تتقبل التغيير وترحب بالآخر أو بالشراكة معه في الأقل والا فإنها ستفنى بالتأكيد. أما عن آثار تلك العقلية الاقصائية أوضح الحكيمي بأنها ستكون آثار وخيمة على تلك الأحزاب وعلى الوطن برمته لأن ثقافة عدم القبول بالآخر أو محاولة إقصائه سوف تخلق ردود أفعال عدائية لدى الآخر ولسنا بعيدون عما يحدث في اليمن فما يحدث الآن السبب فيه سياسة الاستئثار بكل شيء وتهميش الآخرين مقدما نصيحته للأحزاب أن تبدل جلدها وتخرج من قمقم الإقصاء وعدم القبول بالشراكة مع الآخرين فبناء الوطن يستلزم تكاتف الجميع ومشاركتهم فيه كما انصحها بأن تغير قيادتها التاريخية المعتقة إذا أرادت أن تواكب العصر والا فالطوفان سيجرفها وستنتهي تلك الأحزاب إن لم تكن فعلا قد دخلت مرحلة النهاية والموت فهي اليوم في حالة الموت السريري ولابد من إنعاش سريع جريء لانتشالها من واقعها المزري الذي وصلت اليه وان يكون ديدننا دائماٍ وأبداٍ مصلحة الوطن لأن الوطن فوق الجميع.
وثيقة وطنية
الناشط الحقوقي بسام الحميدي يقول: ما يتوجب على الأحزاب السياسية في الوضع الراهن هو وضع وثيقة وطنية تدعو الى التصالح والتسامح والشراكة ونبذ ثقافة الكراهية بين الأحزاب ونبذ خلافات الماضي وفتح صفحة جديدة تنشر ثقافة التسامح والقبول بالأخر وخصوصاٍ بعد الأحداث الأخير في صنعاء وما حملت من حقد وكراهية ضد بعض الأحزاب والشخصيات وهذا ما يولد ثقافة الإقصاء والتهميش ويجر الوطن الى نزاع طائفي وحزبي
ومضى يقول : على الدولة إعادة المكتسبات الوطنية وتوحيد الصف الوطني والدعوة إلى التعايش السلمي في المجتمع اليمني بمختلف الانتماءات الحزبية أو الطائفية وهجر ثقافة الكراهية والتمييز الحزبي أو المذهبي أو الطائفي وإعادة التلاحم الوطني في صفوف أبناء الشعب ونشر ثقافة الديمقراطية والقبول بالرأي والرأي الآخر.