تدور معارك عنيفة في محيط مدينة عين العرب (كوباني) السورية الحدودية مع تركيا التي يحاول تنظيم “داعش” اقتحامها وسط دفاع شرس من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس.
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية أفادت من منطقة تركية حدودية تبعد بضعة كيلومترات عن كوباني المحاصرة من مقاتلي التنظيم المتطرف عن تصاعد دخان أسود كثيف صباحاٍ فوق المدينة وسط سماع إطلاق قذائف هاون بوتيرة منتظمة.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن “وحدات حماية الشعب دمرت آليتين تابعتين لتنظيم داعش على بعد اقل من كيلومترين جنوب شرق كوباني”. وتسببت إصابة الآليتين بمقتل سبعة عناصر من تنظيم “داعش” بحسب المرصد.
وأشار إلى أن “دخاناٍ أسود كثيفٍا تصاعد من جهة كوباني بعد الهجوم على الآليتين العسكريتين” موضحاٍ أن المرصد الذي يعتمد على شبكة واسعة من المندوبين والصحافيين أحصى سقوط 25 قذيفة هاون على الأثر أطلقها مقاتلو التنظيم على المدينة.
ويشن تنظيم “داعش” منذ 16 (سبتمبر) هجوماٍ على مناطق في محيط كوباني متجهٍا إلى المدينة الإستراتيجية التي ستمكنه في حال سيطر عليها
من التحكم بشريط حدودي طويل وواسع مع تركيا. وتمكن التنظيم خلال هذه الفترة من الاستيلاء على حوالى سبعين قرية في المنطقة.
واقترب مقاتلوه كثيرٍا من كوباني الى حد اصبحوا على بعد حوالى كيلومترين أو ثلاثة من الجهة الغربية ومئات الامتار من الجهة الشرقية. وقال عبدالرحمن إن “المعارك تواصلت طيلة الليل و الصباح” مشيراٍ الى أن “الأكراد يحاولون صد الهجوم”.
وخلت مدينة كوباني من سكانها بشكل شبه كامل مع نزوح “حوالى ثمانين الى تسعين في المئة من سكانها وسكان القرى المجاورة خوفٍا من هجوم وشيك” بحسب المرصد. وعبر حوالى 160 الف شخص الحدود في اتجاه تركيا منذ بدء المعارك في المنطقة.
واشار المرصد الى استمرار “وجود بضعة آلاف من المدنيين في المدينة” التي كانت تعد قبل الحرب 70 الف نسمة واستقبلت عددٍا مماثلاٍ من النازحين الهاربين من مناطق سورية اخرى. ويسيطر تنظيم “داعش” على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا وفي شمال وغرب العراق المجاور.
من جانبه أعلن رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو أن بلاده “ستبذل كل ما بوسعها” لمنع مقاتلي تنظيم “داعش” من السيطرة على مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) السورية المحاذية لتركيا والتي يحاصرها مقاتلو تنظيم داعش.
وصرح داود اوغلو في مقابلة بثتها شبكة هابر- أيه تي “لا نريد سقوط كوباني. مددنا يدنا لاشقائنا في كوباني”. واضاف: “سنبذل كل ما في وسعنا حتى لا تسقط كوباني”.
وصادق البرلمان التركي بغالبية كبيرة مساء الخميس على مشروع قرار قدمته حكومة انقرة الإسلامية المحافظة يجيز للجيش التدخل في سوريا والعراق .
ضد مقاتلي “داعش” ويسمح باستقبال قوات أجنبية مشاركة في عملية عسكرية على الأراضي التركية.
غير أن الحكومة التركية ابلغت بوضوح أنها لن تتخذ تدابير فورية بعد التصويت.
في هذه الأثناء أعلن رئيس الوزراء الاسترالي توني أبوت ان قوات استرالية خاصة سيجري نشرها في العراق للمساعدة في قتال متشددي الدولة الاسلامية وإن مقاتلات استرالية ستنضم ايضا الي الضربات الجوية التي
يشنها ائتلاف تقوده الولايات المتحدة.
واضاف أبوت في مؤتمر صحفي اذيع تلفزيونيا ان الجنود الاستراليين سيقدمون “المشورة والمساعدة” لدعم الجيش العراق في قتاله ضد الجماعة الاسلامية المتطرفة.
وتقصف الولايات المتحدة مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية وجماعات متشددة اخرى في سوريا منذ حوالي اسبوعين بمساعدة من حلفاء عرب وتوجه ايضا ضربات الي اهداف في العراق منذ اغسطس الماضي.
وانضمت دول اوروبية الي الحملة في العراق دون سوريا.
وفي الشهر الماضي ارسل أبوت طائرات و600 عسكري الي دولة الامارات العربية استعدادا للانضمام الي الائتلاف. وقال منذ ذلك الحين ان من المرجح ان تنضم طائرات استرالية الي الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
وفي حين اعلن عن مشاركة مقاتلات استرالية إلا انه من غير المتوقع ان يشارك جنود استراليون في مهام قتالية في العراق.
من جهته كشف وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل اثر اجتماع مع نظيره الفرنسي جان-ايف لودريان بواشنطن انه تباحث وضيفه في امكانية مشاركة فرنسا في التدخل العسكري ضد الجهاديين في سوريا غير ان الوزير الفرنسي لم يؤكد هذا الامر ولكنه ايضا لم ينفه.
وأفاد هيغل خلال مؤتمر صحافي مشترك اعقب اجتماعا مع نظيره لودريان استمر اكثر من ساعة “نعم لقد بحثنا في احتمالات مشاركة فرنسا في سوريا” في توجيه ضربات عسكرية للجهاديين الذين يسيطرون على اراض واسعة في هذا البلد.
واضاف ان تنظيم الدول الاسلامية يشكل خطرا عابرا للحدود “لذلك كان هذا امرا ناقشناه”.
ولكن الوزير الفرنسي لم يشأ تأكيد ما قاله نظيره الاميركي عن هذا الجانب من المباحثات مشددا على ان فرنسا تشارك في شن غارات جوية ضد الجهاديين في العراق تلبية لطلب رسمي بهذا الخصوص تلقته من الحكومة العراقية بموجب ميثاق الامم المتحدة.
ولكن بعد المؤتمر الصحافي ألح صحافيون فرنسيون على سؤال لودريان عن موقف باريس في ما لو طلبت منها واشنطن المشاركة في شن غارات ضد الجهاديين في سوريا فأجاب “لا يمكنني ان اجيب على اسئلة لم تطرح علي”.
وكان لودريان قال قبل ايام ان مسألة مشاركة فرنسا في ضرب تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا باتت “مطروحة” على مائدة البحث بعدما كانت هذه الفرضية مستبعدة تماما. وبحسب مسؤول في وزارة الدفاع الفرنسية فان باريس “تأخذ وقتها” في حسم هذه المسألة.
وتجهد الولايات المتحدة لبناء تحالف دولي ضد جهاديي التنظيم المتطرف الذي سيطر على مساحات شاسعة في جانبي الحدود العراقية السورية. وحتى يوم الجمعة هناك خمس دول عربية تشارك في تنفيذ غارات جوية ضد الجهاديين في سوريا في حين تشارك خمس دول اوروبية احداها فرنسا في شن غارات مماثلة ضد الجهاديين في العراق.
وكانت فرنسا من اوائل الدول المشاركة الى جانب الولايات المتحدة في ضرب اهداف “الدولة الإسلامية” في العراق منذ اوائل سبتمبر بعد ان نجح التنظيم المتشدد في السيطرة على مدينة الموصل ثاني اكبر مدن العراق في العاشر من يونيو المنصرم غداة الهجوم الكاسح الذي ادى الى استيلائه على مناطق شاسعة في شمال البلاد وغربه دون مقاومة تذكر من جانب الجيش العراقي.
ولكن فرنسا أثارت مخاوف من أن العمل العسكري في سوريا من شأنه خلق فراغ قد تستغله قوات الرئيس السوري بشار الأسد ودعت إلى جهود متضافرة لتعزيز وتدريب المعارضين المعتدلين للأسد على الأرض.
ولفرنسا حاليا ست طائرات مقاتلة وطائرة مراقبة بحرية من نوع أتلانتيك 2 وطائرة للتزود بالوقود في قاعدتها في الإمارات العربية المتحدة في إطار مهمة “شامال” في العراق.
ونفذت فرنسا ضربتين جويتين فقط في العراق منذ بدء العمليات في منتصف سبتمبر الفائت . وسلمت 140 طنا من المعدات العسكرية لقوات البشمركة الكردية التي تخوض مواجهة مع الدولة الإسلامية في شمال العراق. وقامت أيضا بتدريب مقاتلي البشمركة.
والاربعاء اعلنت قيادة اركان الجيش الفرنسي ارسال ثلاث طائرات مقاتلة من طراز رافال اضافية ونشر فرقاطة مضادة للطائرات في الخليج في اطار تعزيز التدخل العسكري الفرنسي في العراق.
وقالت فرنسا التي زودت المعارضين السوريين بكمية محدودة من السلاح في الماضي إنها ستعزز المعارضة المعتدلة لمقاتلة الأسد والدولة الإسلامية.
وتقدر فرنسا أن عدد المقاتلين المعارضين للأسد يبلغ 80 ألف مقاتل. وينقسمون الى 1500 مجموعة مقاتلة.
ومن بين هؤلاء هناك 15 ألف مقاتل ينتمون إلى الجيش السوري الحر بينما ينقسم الباقون بين الجبهة الثورية السورية والجبهة الإسلامية.
Prev Post
قد يعجبك ايضا
