القرار… صناعة مفقودة في اليمن!!

اختار عبدالسلام الجعدبي الذي تخرج منذ عامين الهندسة كتخصص دراسي أمضى فيه اربع سنوات قبل أن يجد نفسه غريبا في سوق العمل لشحة الفرص المتاحة في نوعية تخصصه الدراسي وحاجته الماسة للتأهيل والتدريب ليصبح مؤهلا ولائقا للدخول الى هذه السوق.
قرر الجعدبي اختيار هذا التخصص بعد حيرة وتردد كبير كما يقول على الرغم من ميوله المحاسبية وشغفه في إدارة الأعمال.
هذا الشاب والكثير من الخريجين ضحية سوء قرارهم في اختيار التخصص المناسب والمرتبط بشخصيتهم وهوايتهم وكذا حياتنا كلها ومستقبلنا ومصيرنا في شتى مناحي الحياة مرتبط بقرار.
وأصعب شيء في هذا البلد على كل المستويات اتخاذ القرار المناسب لأن عملية اتخاذه أصبحت صناعة لاتزال مفقودة لدينا حتى الآن.

تعتبر “صناعة القرار” من أبرز المعضلات التي تعاني منها اليمن على كل المستويات وخصوصا في جانب الادارة وأنشطة الأعمال وهو ما يؤدي إلى خلق بيئة مربكة في العمل ومتوترة غير مستقرة وكذا تحد من تطويرها وتحديد مكامن الخلل والضعف الذي يدفع بمختلف القطاعات للنجاح المثمر.
ويؤكد خبراء أن “صناعة القرار” تعد من المرتكزات الأساسية في الإدارة الحديثة ومن أهم المهارات التي يجب اكتسابها لمواكبة التطورات الحديثة في سوق العمل وشتى المجالات.
إعاقة
تعيق الفوضى اتخاذ عملية القرار وهو ما نعاني منه ويصيب اغلب حياتنا بالشلل التام ومؤسسات الأعمال بشكل خاص نظراٍ للفوضى التي تسود مختلف اجتماعات ولقاءات هذه القطاعات ومؤسسات الأعمال بالإضافة إلى الفوضى والعشوائية السائدة في تسيير أعمالها وأنشطتها.
ويرى احمد السعيدي مدير المركز الدولي للتنمية الإدارية أهمية الاستقرار لاتخاذ القرارات المناسبة في تسيير الأعمال والمهن والأنشطة والارتقاء بها بشكل امثل.
ويقول : نعيش في جدل يومي يتحول غالباٍ إلى صخب يقيدنا بقرارات بدائية تأتي بآثار عكسية ويشل حركة مختلف الأعمال والأنشطة التي تظل عاجزة عن رفع وتيرة أدائها وزيادة إنتاجيتها وانعكاسها الايجابي على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والتنموية.
وتتركز وتيرة الصخب بشكل رئيسي كما يرى السعيدي في أداء رأس الهرم الإداري في شتى مناحي الأعمال والمهن نتيجة العجز التام عن التجديد والإبداع والابتكار وقيادة الأعمال بنجاح تام والذي يرجع بشكل اساسي الى تردي صناعة القرار الذي يحدد الاتجاه المناسب للارتقاء بمختلف الأعمال والمهن.
مهام
يقول احمد السعيدي إن إيجابية صنع القرار تساهم بشكل إيجابي في النتائج التي تبحث عنها القيادات المسئولة ومجالس الإدارات والطلاب في مختلف المراحل التعليمية والتي تساهم بشكل فعال وقوي في الحصول على الأهداف.
وكما هو معلوم أيضا “كما يرى السعيدي ” أننا نعيش في عصر السرعة حيث يوجد مشاكل ومهام كثيرة وكذلك قرارات يجب أن تتخذ بشكل أسرع يتماشى مع الأحداث والمنافسة مع الآخرين.
ودائما ما يسعى المديرون أو المسئولون أن يصنعوا القرار السليم الذي يعود عليهم وعلى بيئة العمل بالنفع والإيجابية. فبيئة العمل تعتمد كثيرا في استمراريتها أو فشلها على القرارات التي تتم من خلال المسئولين المشرفين أو الموظفين الآخرين في المنظومة.
ويضيف : في أي جهة تنظيمية حكومية كانت أو قطاع خاص يوجد لديها مشاكل يجب حلها أو خطط يجب تطبيقها وتحتاج إلى قرار سواء كان هذا القرار فرديا أو قرارا عاما من المنظومة كلها.
تحديد
يعرف خبراء صنع القرار بأنه تحديد المشكلة أيٍا كانت ومن بعدها حل تلك المشكلة ودراستها بناء على المعطيات والاختيارات المتاحة وهو أيضاٍ فعل أو تحرك لاختيار الحل المناسب من مجموعة حلول أو بدائل تم الحصول عليها.
وتعاني سائر البلدان النامية ومنها اليمن من معضلة مزمنة تتمثل في سوء الإدارة وترهلها وبطء الأداء وتراجع الإنتاجية وغيرها من الأسباب التي جعلت مختلف الأعمال والأنشطة تراوح مكانها منذ سنوات طويلة.
ويؤكد المدرب قؤاد المسني الخبير المتخصص في التنمية البشرية أهمية تأهيل القيادات الإدارية على مفاهيم وأسس الإدارة الحديثة وكيفية اتخاذ القرارات وتسيير دفة الأعمال وبالتالي تحريك مياه الأداء الراكدة والنهوض بالمهن المرتبطة بشكل مباشر بالتطور المعيشي والاجتماعي.
ويشدد على ان “صناعة القرار” في اليمن لا تزال بدائية وغير ناضجة وهي مثل البوصلة التي نفتقدها أو نعجز عن تحديد اتجاهها.
ويشير المسني إلى أهمية هذه الأداة الإدارية الحديثة المتمثلة بصناعة القرار في تحديد نجاح العمل أو الأنشطة أو البرامج التي يتم تنفيذها أو فشلها.
تصنيف
يصنف الخبراء عملية صنع القرار إلى قسمين القسم الأول وهو القرار المنهجي ويتمثل بكيفية اتخاذ القرارات تحت المنظومة العامة. اما القسم الثاني من صنع القرار يرتبط بمنظور عقلاني وهو كيفية صنع القرار تحت ضغوط الحياة اليومية وفي أي وقت.
ويحتاج القرار المنهجي أو العقلاني إلى تحليل منهجي للمشكلة وذلك يتمثل عن طريق الاختيار الصحيح ومن ثم التنفيذ وأن يتم في نطاق تسلسل منطقي.
ويشير خبراء الى ان هناك في بيئة العمل عندما يتم أخذ القرار يتم أخذه بطريقة غير تحليلية صحيحة أو بطريقة ارتجالية لذا ينبغي على صناع القرار أن يتبعوا المنهجية في القرار في أغلب الأوقات وذلك عن طريقة اتباعهم عملية صنع القرار.
وتعتبر عملية صنع القرار من العوامل المساعدة في كثير من الأحيان ولهذا يجب اتخاذ القرار الصحيح والسليم حتى لو وجد مشكلة في المعلومات المتاحة أو التي تم الوصول إليها مسبقا.
ويضع الخبراء مجموعة من الخطوات لصناعة القرار تتمثل في مراقبة بيئة القرار وتحديد أو توضيح المشكلة وهذه ترتبط بالمشكلة المتعلقة بالارباح وعدم القدرة على تسويق منتجاتك وكذا تشخيص المشكلة ووضع الأسئلة المناسبة ترتبط مثلاٍ بوجود منافسين أكثر في السوق ثم تطوير حلول أخرى قبل اتخاذ القرار وتقييمها واختيار أفضلها واختيار الحل الذي تم الإجماع عليه.

قد يعجبك ايضا