مواجهة الإجرام كواجب ديني وإنساني وأخلاقي

طاهر محمد الجنيد

 

ذات مرة أراد الإعلام الصهيوني معرفة أسباب تدخل اليمن لصالح نصرة الأشقاء في غزة فسألوا السيد محمد علي الحوثي -عضو المجلس السياسي الأعلى: لماذا يدعم اليمن غزة على الرغم من بعد المسافة بينهما؟ فأجابهم بحنكة السياسي المتمرس: لماذا تقف أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول الغرب مع الإجرام الصهيوني؟ هل يسكنون في عمارة واحدة؟

يعرف الجميع أن الإعلام العالمي يسيطر عليه اللوبي اليهودي المسيحي وهو تجمع لخليط من كل الأجناس والأقوام، يهدف إلى السيطرة على العالم من خلال السيطرة على الثروة والسلطة؛ منهم صهاينة العرب الذين صنعهم الاستعمار واستعملهم لتنفيذ مخططاته ضد الأمة العربية والإسلامية.

هذا التحالف الإجرامي يعمل على دعم الإجرام الصهيوني لاستكمال جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ترتكبها العصابات الصهيونية وجيوش المرتزقة على أرض غزة وفلسطين ويرون دعمهم واجباً عليهم .

أما دعم اليمن لمظلومية الأشقاء في أرض غزة وفلسطين يرون ذلك إجراما يستوجب شن الحرب عليها وتدميرها، متناسين أن اليمن تقوم بذلك كواجب ديني وإنساني وأخلاقي؛ الله سبحانه وتعالي أوجب على المؤمنين –المؤمنين فقط لا الخونة والعملاء والمنافقين –نصرة المؤمنين قال تعالى ((وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ)) وقال تعالى ((وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً  وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ))التوبة-36.

فكما اجتمع الكفر والإجرام والطغيان والاستبداد على حرب المؤمنين يريدون إبادة وتشريد المستضعفين في أرض غزة وفلسطين وتقاسموا على الإجرام؛ فواجب على المسلمين أن يتحركوا لمواجهتهم بكل الوسائل والأساليب والسبل؛ وأكد الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وآله ذلك فقال ((من سمع نداء يا للمسلمين فلم يجب فليس من المسلمين)).

تحالف الإجرام والاستبداد يعول على الإمكانيات المادية والدعم السياسي والمعنوي من صهاينة العرب والغرب؛ واليمن تستمد العون من رب العالمين الذي أمر المؤمنين بإعداد المستطاع من العدة والسلاح قال تعالي ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)) وتكفل بالنصر لأنها مواجهة فاصلة بين الحق والباطل – المؤمنين كالجسد الواحد قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)) حديث صحيح.

الإجرام والطغيان تداعى اليوم من كل بقاع الأرض لدعم جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية ومن ضمنهم صهاينة العرب الذين ذكرهم الله في كتابه الكريم قال تعالى ((الأعراب أشد كفرا ونفاقا)) وأكد سبحانه وتعالى للمؤمنين أنهم أشد عداوة للمؤمنين قال تعالى ((لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)) جمعت العداوة للمؤمنين بين اليهود والمشركين- ولذلك يريدون استكمال إبادة المؤمنين الذين لا حول لهم ولا قوة.

المواجهة اليوم بين كفر وإيمان، وكما قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم “برز الإيمان كله للكفر كله” لكن الإعلام المتصهين يتساءل: لماذا يساند اليمن الأشقاء على أرض غزة وفلسطين؟، ولا يريد أن يتساءل لماذا يتكالب العالم كله بما في ذلك القوى العظمى أمريكا ودول الغرب لإبادة غزة في إجرام لم يسبق له في التاريخ مثيل؟ ولماذا يدعم القادة العرب الإجرام الصهيوني الصليبي في إجرامهم ويحارب المقاومة؟

هنا يأتي الجواب من قائد الثورة السيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- (من السهل علينا أن تكون مشكلتنا مع طغاة العصر ونواجه خطرهم لا أن تكون مشكلتنا مع الله أو نجلب علينا سخطه وعذابه)، لا يهم من يكون العدو أو ما يمتلكه من إمكانيات، فهو ذليل ضعيف أمام قوة الله الذي نؤمن به ونتوكل عليه؛ موسى واجه فرعون في معركة مستحيلة؛ هلك فرعون ونجى الله موسى ومن معه؛ والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في كل مواجهاته كانت إمكانياته لا تساوي شيئا أمام امكانيات اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين متفرقة وحتى مع مجتمعه إلا أن النصر والظفر والتمكين كان للرسول الأعظم وللمؤمنين معه.

اليمن تنطلق في مواقفها لنصرة الأشقاء من المنطلقات الإيمانية وهي (تتطابق تماما مع الالتزامات الدينية والإنسانية والأخلاقية ومع مصالح الأمن القومي لأمتنا، نثق بالله وبوعده الصادق ونتوكل ونعتمد عليه وهو خير الناصرين؛ وقوف شعبنا المشرف لنصرة مظلومية الأشقاء في غزة هو من صميم التزاماتنا الدينية والإنسانية والأخلاقية)، لكن الذين يدعمون الإجرام الصهيوني الصليبي تخلوا عن مبادئهم وأخلاقهم ودينهم وإنسانيتهم من أجل خدمة اليهود والنصارى، حرَّفوا المناهج وحذفوا آيات القرآن الكريم من كتب التعليم؛ وسخروا كل إمكانياتهم في خدمتهم؛ أحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله وحاربوا المسلمين وخذلوهم ونصروا أعداء الله وكانوا رحماء على المجرمين أشداء على المسلمين.

الإجرام الصهيوني الصليبي اليوم في غزة وقبلها كان في العراق واليمن وهو في السودان وفي سوريا وخططه الإجرامية معلومة للجميع، يريد تدمير الأمة العربية والإسلامية لا يفرق بين خاضع وخانع وذليل ومقاوم غير مستسلم .

اليمن اختارت أن تواجه الإجرام وأن تقف في المواقف المشرفة التي تبيض وجهها أمام الله في الدنيا والآخرة معتمدة على الله والإجرام يراهن على قوته وعتاده وأدواته التي تنفذ أجنداته لإرهاب اليمن التي كانت الاستثناء التي تلتزم بأوامر الله وبتوجيهاته وأوامره –جاهدت بكل الوسائل والأساليب والسبل برا وبحرا وجوا من أجل نصرة مظلومية الأشقاء على أرض غزة وفلسطين قياما بواجبها الديني والأخلاقي والإنساني.

أصبحت الحقائق اليوم واضحة أمام الله والناس بأن كل تلك الزعامات والملوك والرؤساء سقطت في اختبار الإيمان بالله والثقة به والتوكل عليه وانحازت لصالح الخضوع والخنوع للقوة والطغيان والإجرام؛ استخدمت الجيوش لحماية وخدمة الاستبداد وقتل الشعوب وقمعها وحماية الحلف الصهيوني الصليبي.

الإجرام والاستكبار يحاول السيطرة على الملاحة الدولية مستغلا تفوقه الكمي والنوعي، ليفرض ما يريد من الإجرام ويعكس الحقائق التي يدركها ويعيها العالم أجمع أنه تحالف ضد الإنسانية والقيم والمبادئ والأخلاق وللأعراف والمواثيق الدولية.

لم يتعلم من الهزائم التي لحقت به في كل تدخلاته الإجرامية في الشعوب والأمم التي أراد أن يسيطر عليها سواء كانت تؤمن بالله أو وثنية أو لا دين لها .

اليوم يسعى الإجرام ليواصل مشواره في مواجهة خير أمة أخرجت للناس ولديها مشروعها الرباني الذي اختاره الله لها ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) خيريتها مازالت قائمة إذا حققت شروطها أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ونصرة للمظلومين ومواجهة للمجرمين.

غزة وفلسطين اليوم تتعرض لجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وها هو الإجرام الصهيوني الصليبي يمارس إجرامه ضد الشعب اليمني، لأنه يقوم بواجبه الديني والأخلاقي والإنساني في نصرة المستضعفين من الأشقاء ومازالت المواقف تتراوح بين مؤيد وصامت ومعارض، والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يقول ((من أعان ظالما ليدحض بباطله حقا فقد برئ من ذمة الله عز وجل وذمة رسوله))، وإذا كان السكوت عن قول الحق يعد جريمة لا تتفق مع مبادئ الدين والأخلاق والإنسانية، فما هو حال الذين أعانوا الإجرام والمجرمين وخذلوا إخوانهم من المستضعفين، ألا يعد ذلك انتكاسة وعودة إلى الكفر والجاهلية والفساد؟ قال تعالى (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)).

قد يعجبك ايضا