
يعمل صلاح يحيى في معمل نجارة خاص بإنتاج وصناعة مواد الموبيليا في بيئة عمل صعبة وقاسية وبأدنى أجر لاعلاقة له بهذه الظروف والعمل الشاق حيث من المفترض أن يحصل على أجر أعلى وظروف عمل أفضل بكثير من البيئة التي يعمل بها.
وتنبعث ريحه نفاذه من مواد الموبيليا ونشارة الأخشاب في معمل النجارة الأمر الذي يجعل يحيى وغيره من العاملين في مثل هذه المهن التي لا يقوم البعض بتأمينها معرضا لأي طارئ أو مرض قد يصيبه جراء عملة اليومي الشاق تحت هذه الرائحة والمواد المتناثرة والاهم عدم حصوله كما يقول على الأجر المناسب للعمل الشاق الذي يقدمه حيث لا يتجاوز راتبه الشهري الـ 50 ألف ريال.
ظروف العمل السيئة واقع يعيشه الكثير من العمال الذين ليسوا جزءا من سلاسل الإمداد والتأمين من الظروف القاسية التي يعملون بها.
ويقول تقرير حديث في هذا الصدد إن الضغوط التنافسية في نظم الإنتاج وفي عالم المهن والحرف والصناعات الصغيرة قد تؤدي إلى تفاقم الظروف السيئة خاصة للعمال غير المهرة فبينما قد يستفيد بعض العمال من وظائف نظامية في الشركات والمشروعات والمهن المتعددة شجعت اقتصادات سلاسل القيمة التعاقد من الباطن مع موردين يوفرون عمالاٍ بعقود مرنة وبكلفة منخفضة وفي بعض الأحيان بوسائل قسرية.
ويرى نبيل الأسعدي المستشار الإداري في المنظمة الدولية للتشغيل والتنمية ان توفر العمل اللائق والكريم وسيلة مثلى لتمكين الأفراد اقتصادياٍ في ظل بيئة تنافسية مشحونة يتضاعف ضغطها باستمرار على العمال لأداء المزيد في وقت أقل وبأجر أدنى.
وطبقا للأسعدي ” فإن وسط هذه البيئة الصعبة تبقى حقوق العمال الضحية الأبرز ضمن سلسلة طويلة من القضايا الشائكة بين أطراف العمل الثلاثة المعروفة بالعمال وجهات العمل والمؤسسات الحكومية المختصة بهذا الشأن.
ضغط
بحسب خبراء فإن جو التنافس يضغط اليوم على العمال لأداء المزيد في وقت أقل وبأجر أدنى ومن منظور التنمية البشرية والأعمال تتحقق القدرة التنافسية من خلال تحسين إنتاجية العمال.
ويقول الأسعدي إن بيئة العمل صعبة للغاية في اليمن والسبب في ذلك لارتفاع معدلات البطالة بشكل لافت وخصوصا في أوساط المتعلمين الأمر الذي يجعل الحصول على فرصة عمل في أي مجال حلماٍ كبيراٍ بغض النظر عن نوعية الفرصة ومدى ملاءمتها لهذا العامل أو ذاك وأيضا مستوى بيئة العمل التي قد تكون شاقة وخطرة وبأجر غير مناسب.
ويتحدث حول نقطة هامة تتعلق في سياق هذا الموضوع تتمثل في القدرة التنافسية التي تنتج من تخفيض الأجور وإطالة ساعات العمل غير قابلة للاستدامة كما أن المرونة في العمل لا تعني التمسك بممارسات تقوض ظروف العمل اللائق.
قوانين
طبقا لتقرير حديث فإن ما لا يقل عن 150 بلداٍ منها اليمن قد وقعت على الاتفاقيات الأساسية لمنظمة العمل الدولية في مجالات عديدة منها الحرية النقابية والتمييز في مكان العمل.
وتهدف قوانين العمل بشأن الحد الأدنى للأجور وحماية العمال وساعات العمل والضمان الاجتماعي ونماذج العقود كلها إلى تقليص الفوارق والحد من حالات العمل غير الآمن والقضاء على أسباب النزاع الاجتماعيº وتوفر حوافز لمؤسسات وأنشطة الأعمال والشركات للعمل باستراتيجيات الإدارة الأخلاقية.
ويحمل البنك الدولي تجار التجزئة والوكلاء الدوليين مسؤولية ضمان تطابق ظروف العمل في الشركات ومؤسسات الأعمال التي يستقدمون منها عناصر الإنتاج مع المعايير الدولية.
ويرى خبراء أن بيئة الأعمال الراهنة وانعدام القوانين المنظمة للأعمال وحقوق العمال تخلق في هذا الصدد تنافساٍ غير لائق للأعمال والحصول على فرص العمل وسبل العيش الكريم واللائق للأيادي العاملة.
ويشدد البنك الدولي على ضرورة النهوض بمعايير وأخلاقيات العمل والارتقاء بالمبادلات التجارية والأعمال مع ضرورة الاهتمام بحقوق الإنسان الأساسية في معيار عالمي واحد ينطبق على الجميع.
نضال شاق
تقول منظمة العمل الدولية إن الدفاع عن كرامة العمل هو نضال شاق ودائم في عالمنا اليوم فالفكر الاقتصادي السائد يرى في العمل كلفة على الإنتاج يجب أن تبقى في أدنى حد ممكن حتى يضمن الاقتصاد لنفسه قدرة تنافسية.
ويرى هذا الفكر في العمال مستهلكين يحتاجون إلى تسهيلات للحصول على قروض تعوض عن انخفاض أجورهم وتشجعهم على الاستهلاك وتثقل كاهلهم بديون لا تحتمل.
ويقول أحد خبراء المنظمة : ليس هناك مكان في هذا الفكر لمغزى العمل كقيمة اجتماعية كأساس لكرامة الفرد ومصدر لاستقرار وتنمية الأسر ومساهمة في تحصين سلم المجتمعات.
ويعني ”العمل اللائق” “أن نذكر أنفسنا بأننا نتحدِث عن سياسات تْعنى بحياة الإنسان وليس فقط بالنتيجة الملموسة لهذا السبب أكدت منظمة العمل الدولية في دستورها أن ”العمل ليس بسلعة.
وتحدد نوعية العمل بأشكال متعددة نوعيِة المجتمع لذا ينبغي البدء بمساعدة العاملين الفقراء على الخروج من الفقر والانتقال إلى سبل معيشة مجزية بالعمل النظامي المجزي .
ويرى خبراء ضرورة أن تركز سياسات العمل الراهنة على تمكين الأفراد في التقدم المستمر نحو عمل أفضل وجني أجور كافية واحترام حقوق العمال وعدم التمييز والمساواة بين الجنسين وتسهيل عمل التنظيمات العمالية والمفاوضات الجماعية والحماية الاجتماعية الشاملة والمعاشات التقاعدية الكافية والرعاية الصحيِة.