طوابير الإذلال في المحافظات المحتلة: الغاز يُهَرَّب بحراً والسكان في انتظارٍ بلا أمل
تفاصيل عن تهريب 70% من إجمالي إنتاج قطاع الغاز بمارب
متوسط سعر طن الغاز في السوق العالمية 700 دولار بفارق 550 دولاراً عن سعر الطن من شركة الغاز بمارب
خيوط الفساد: كشف مستور وخفايا مرتزقة الاحتلال في استنزاف الموارد
الثورة / يحيى الربيعي
كشفت مصادر صحفية في حكومة المرتزقة بعدن عن تفاصيل وخفايا عن فضيحة فساد جديدة امتدت أيادي أصحابها هذه المرة إلى تهريب أكثر من 70 % من الغاز المنزلي المنتج في مارب إلى القرن الأفريقي، وسط تفاقم الأزمات التي تخنق المواطنين في مناطق حكومة الفنادق جراء انعدام مادة الغاز للشهر الثاني على التوالي.
وقالت عن مصادر مطلعة من العاملين في قطاع الغاز بمارب، إن عمليات تهريب للغاز المنزلي تتم عبر نقطتي إرسال بحريتين، الأولى عبر سواحل نشطون بمحافظة المهرة، والثانية عبر السواحل الفاصلة بين غربي عدن وباب المندب، وصولاً إلى جيبوتي والصومال، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام في المحافظات المحتلة.
سقوط مروع
وفيما تؤكد المصادر، أنه يتم شحن جزء كبير من حصص المحافظات عبر سفن صغيرة إلى الصومال وجيبوتي، وسط عجز المواطن عن العثور على حاجته من الغاز، تضيف: “الناس تقف في طوابير طويلة بهدف الحصول على ما تيسر من الغاز بدون جدوى في حين تبحر السفن محملة بحصص الغاز الخاص بهم إلى دول الجوار”.
وتساءلت: هل يعقل ما يحدث؟ الفساد وصل إلى مرحلة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال السعو-اماراتي تتحضر لحالة سقوط مرعبة ونهائية ولذلك الكل ينهب ما تيسر، حسب تعبيراتها.
وحمَّلت المصادر ما يسمى بشركة الغاز في مارب، مسؤولية هذه العمليات، كون أن من المفترض أن الشركة هي المسؤول الأول عن توزيع الغاز، حيث لا يتم صرف أي مخصص إلا بإشرافها وعبر فروعها.
من جانبهم أوضح ناشطون، في منشورات لهم على منصات التواصل الاجتماعي، أن الغاز المنزلي المنتج من مارب يعد المصدر الوحيد للتموين لكل مناطق اليمن، مشيرين إلى أن نصيب تلك المناطق كان يصل إلى 70 %، بالإضافة إلى بقية النسبة التي أوقفت حكومة صنعاء دخولها إلى المحافظات الحرة.
وأكدوا أن إنتاج الغاز اليوم هو نفسه، لم يتغير، ما يعني أن أكثر من نسبة 70 % من كميات الغاز المنزلي المنتج بمارب، يتم تهريبها إلى القرن الأفريقي عبر سماسرة وتجار الفساد وإلا ما شهدت المحافظات المحتلة هذه الأزمات المتفاقمة. وبيَّن ناشطون أنه يتم تتبع خطوط سير تهريب الغاز المنزلي من شركة صافر في مارب، وأن أهم تلك الخطوط يتجه شرقاً وعن طريقه يتم تهريب أكبر كمية من الغاز المنزلي.
عمليات تهريب منظمة
ونشر مهتمون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع مرئية يظهر فيها صهريج عملاق ناقل للغاز في ميناء نشطون بمحافظة المهرة، أثناء تفريغ حمولته إلى سفينة عملاقة، تمهيداً لتهريبه إلى خارج البلاد عبر البحر. ويعد ميناء نشطون في المهرة أكبر ميناء تهريب للغاز المنزلي، فيما تدار عملية التهريب بشكل منظم واحترافي ومعد لها إعداداً كاملاً ودقيقاً، حيث وصل الأمر إلى إقامة معامل وورش خاصة لصناعة صهاريج الغاز بالأحجام التي تصلح لنقلها بحراً.
وأكدت مصادر محلية أن المصنع أقيم في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت المحتلة، ومن هناك يتم تزويد المهربين في ميناء نشطون بهذه الصهاريج، علما بأن الغاز المنزلي من صافر مدعوم ويباع الطن بـ 320 ألف ريال. أي ما يقارب 150 دولاراً، أما السعر العالمي للغاز المنزلي فهو مرتبط بأسعار النفط، حيث يصل متوسط سعر طن الغاز في السوق العالمية إلى 700 دولار؛ أي: بفارق 550 دولاراً عن سعر الطن الذي يباع به في شركة الغاز بمارب.
وكانت المصادر قد أكدت بشروح تفصيلية أسباب تفاقم الأزمات التي تخنق المواطنين في مناطق المحافظات المحتلة، مع التأكيد على أن ما يجري ليس تفاصيل لفيلم هندي ولا هو واحد من أفلام المخابرات الأمريكية، وإنما وقائع أزمة غاز مفتعلة تعصف بعدن و4 محافظات مجاورة لها منذ أكثر من شهرين وتصاعدت مؤخراً وبشكل مزعج جداً.
وقالت أيضاً: قبل سنوات طويلة كان سعر أسطوانة الغاز الواحدة في عدن 16 ألف ريال، وبعد استغناء حكومة صنعاء عن الغاز القادم من مارب، انخفض سعر الأسطوانة إلى أقل من 5 آلاف إلى أن استقر مؤخراً ما بين 6 آلاف و7 آلاف ريال. وفجأة، قرر عدد من هوامير الفساد مؤخراً أن يكون لهم رأي آخر، وبفكرة لا يفكر بها حتى الشيطان ذاته.
كواليس الأزمات
وحول تفاصيل إدارة أزمات الغاز المنزلي، وفق خطط وآليات تضمن للنافذين استنزاف مدخرات المواطنين في عدن وما جاورها، حسب ما تتناقله وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، أن عدداً من النافذين والتجار قاموا خلال العام الماضي بإنشاء عدد من محطات الخزن المركزية الضخمة في محيط محافظتي لحج وعدن، وأن ثمة خطتين لإدارة الأزمة تتمثل الخطة الأولى (أ) في تعبئة محطات الخزن المركزية المملوكة للتجار عن آخرها، فيما تركز الخطة الثانية (ب) على افتعال قِطاع (قطع للطريق) ممول، إما على مشارف مارب أو شبوة أو أبين، واحتجاز القاطرات الواردة لمدة لا تقل عن 10 أيام على الأقل، وبما يضمن إحداث أزمة حادة تضرب أبين وأجزاء من شبوة وعدن ولحج والضالع وتعز.
وتتابع المصادر: “وهنا يأتي دور محطات الخزن المركزية الضخمة المملوكة للتجار لإنقاذ الوضع، ولكن بفارق سعر يصل إلى 5 آلاف ريال في الأسطوانة الواحدة”، مشيراً أن هذه الأزمة تتيح للتجار مكاسب مهولة وبلا حدود”.
وفور انتهاء كميات الخزن المملوكة للتجار يتم رفع القطاع وتصل بعض الكميات للسوق، بينما يذهب جزء كبير منها للتجار الذين يعاودون عمليات التخزين مجدداً، مؤكداً أن الغريب في موضوع القطاعات القبلية التي تعترض طريق القاطرات أنها تتبخر أو تتلاشى دونما أي وساطة أو اتفاقات.
لا فاعلية لما يسمى بشركة الغاز
وحول سؤال أين دور شركة الغاز الحكومية بعدن مما يحدث؟ تقول المصادر أن من المفترض أن تمتلك شركة الغاز مخزوناً احتياطياً يكفي لمدة 6 أشهر على الأقل، لكن للأسف، وحسب ما تقول المصادر: “تصدق أو لا تصدق أنه عندما حدثت حرب 2015 كان لدى شركة الغاز مخزون احتياطي قدره 125 ألف أسطوانة، منها 55 ألف أسطوانة في حوشها بالميناء، و70 ألف أسطوانة كانت بحوشها باللحوم”.
وأكدت أن شركة الغاز- عدن لا تقدم اليوم شيئاً ولا تمارس أي دور، مشيرة إلى أن هذا الغياب وتلك القطاعات المفتعلة وتلك المفاسد المهولة، هي حقيقة أزمة الغاز التي تضرب هذه المحافظات منذ شهرين، وربما أكثر.
خلفية عن الإنتاج اليمني من الغاز
وكان قد بدأ اكتشاف الغاز في اليمن مواكباً للاستكشافات النفطية في عام 1984م في قطاع (18) مارب /الجوف كغاز مصاحب للنفط وجافا. ويقدر إجمالي الاحتياطي العام من الغاز بحوالي 16 تريليون قدم مكعب أما الاحتياطي من الغاز البترولي المسال فيقدر بحوالي (31) مليون طن متري.
وينتج الغاز مصاحباً للنفط من الحقول ويتم فصله في منشآت معامل مارب حيث يقدر الإنتاج اليومي بحولي 2.75 مليار قدم مكعب، ويعاد حقن ما يعادل 2.5 مليار قدم مكعب من هذه الكمية يومياً إلى الحقول في الوقت الراهن للمحافظة على الضغط المكمني ولإنتاج أكبر كمية من النفط. ووصل إنتاج الغاز إلى ما يقارب 6.7 مليون طن متري سنويا من الغاز المسال بدءا بدفعه عبر أنابيب الخط الرئيسي من مارب حتى بلحاف. هناك تتم معالجته بإزالة المياه، الزيوت وأي غازات ثقيلة لتجنب وقوع انسداد عند مروره في أنابيب التبريد بسبب التجمد. بعدها تتم عملية التبريد على مراحل حتى الانتهاء بالصورة السائلة للغاز عند 1 ضغط جوي ودرجة حرارة 162 مئوية تحت الصفر. يخزن الغاز المسال في خزانين سعة كل منهما حوالي 140.000 متر3 وتسويقه عبر ناقلات بحرية.
كما تشير آخر الإحصائيات على أن إنتاج اليمن من النفط وصل إلى (56.36) مليون برميل تقريباً نهاية العام 2012م ومن أبرز الحقول النفطية في اليمن حوض المسيلة قطاع (14) الذي تم اكتشافه في العام 1993م، وتحرص الحكومة اليمنية على تطوير حقولها النفطية بزيادة الإنتاج النفطي بهدف زيادة الثروة الوطنية استجابة لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد كون النفط يساهم بنسبة تتراوح بين(30-40)% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي ويستحوذ بأكثر من 70 % من إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى أكثر من90 % من قيمة الصادرات، في حينه.