الثورة / وكالات
حرمت الإبادة الإسرائيلية أطفال قطاع غزة من كامل حقوقهم، فبعد أن قتلت أكثر من 17 ألف طفل، حرمت البقية من أشياء أخرى كالتعليم واللعب، ولاحقت حدائقهم فدمرتها وحطمت ما فيها من ألعاب.
في «منتزه برشلونة» وسط حي تل الهوى غرب مدينة غزة، لا تزال آثار الإبادة الإسرائيلية شاهدة على المكان، فلا الألعاب سلمت من التدمير، ولا المكان ظل عامرا بالحياة، إلا أن طفلات يستعدن هناك قسطا من الراحة والمرح بعد شهور من القصف والقتل والنزوح.
الطفلة الفلسطينية سحر الخور، تلهو داخل «منتزه برشلونة» رغم الدمار الذي لحق بالمكان والمنطقة المحيطة جراء الإبادة الجماعية التي شنها الجيش الإسرائيلي على مدار أكثر من 15 شهرا.
تحاول الخور وأطفال آخرون اللهو واللعب والمرح، رغم الخراب والدمار الكبير الذي خلّفه الجيش الإسرائيلي، في مشهد يعكس صمود الفلسطينيين كبارا وصغارا، وإصرار الأطفال على المرح.
لم يتبقَ من الألعاب داخل المتنزه الذي كان ولا يزال متنفسًا للعائلات وأطفالهم، سوى هياكل مدمرة للألعاب والأراجيح، ومع ذلك، يصرّ الأطفال على اللعب والمرح وسط الركام، كأنهم يؤكدون أن الطفولة باقية وستأخذ حقها رغمًا عن كل الألم الذي أحدثته آليات الجيش الإسرائيلي.
وتتنقل الخور من أرجوحة إلى أخرى والبسمة ترتسم على وجهها، لكن مشاهد الدمار التي تحيط بالحديقة تنغص عليها فرحتها، كما تقول لمراسل الأناضول.
وتضيف وعيونها تبرق بالأمل: «كانت حديقة برشلونة تتوسط هذا الحي الذي يعد أحد أجمل أحياء مدينة غزة وأكثرها اكتظاظا بالسكان، وكان يضم مجمعا للأبراج السكنية التي تحتوي على عشرات الشقق، قبل أن تتحول إلى كومة من الركام».
وتستذكر كيف كانت تذهب مع صديقاتها إلى المنتزه قبل اندلاع الإبادة الإسرائيلية للهو واللعب بعد الانتهاء من الواجبات الدراسية، وكيف كان الجو حافلا بالضحكات والأصوات التي غابت، وحل مكانها صمت مطبق بعد وقف الإبادة الإسرائيلية ودخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وتقول الخور إنها تفتقد في هذه الأيام صديقاتها اللواتي فرقتهن الإبادة الإسرائيلية بين شهيدة وجريحة ونازحة، حالهن كحال بقية فئات الشعب الفلسطيني في القطاع.
وبعد تدمير الجيش الإسرائيلي للحيّ خلال عملياته العسكرية البرية في مدينة غزة، وغياب الأماكن الترفيهية والمساحات الآمنة، وجد الأطفال في المنتزه، رغم دمار ألعابه، فرصة للهروب من واقعهم الصعب والقاسي.
وعلى أرجوحة أخرى، تدفع الطفلة ليان الأشقر بشقيقتها الصغيرة، وتقول لمراسل الأناضول: «كنا نأتي هنا لنلعب ونمرح قبل الإبادة، لكن الاحتلال الإسرائيلي دمّر كل شيء، فالألعاب تكسّرت، ولم يعد لدينا أماكن نذهب إليها للترفيه».
وتضيف الأشقر: «رغم كل الخراب والدمار الذي لحق بالمكان، إلا أننا جئنا إلى هنا لنلعب ونفرح حتى وسط الدمار، نريد أن نشعر بالسعادة مثل أطفال العالم».
وعلى مقربة منها؛ وبينما كانت الطفلة جوري الغزالي تحاول التأرجح على لعبة محطمة، عبّرت عن مشاعرها قائلة: «لا يوجد ألعاب سليمة، وكل شيء حطمه الجيش الإسرائيلي».
وتضيف: «لا نريد الشعور بأن الحرب لم تنته بعد، أو أنها قد سلبتنا كل شيء، بل نريد أن نواصل المشوار رغم كل المصاعب والدمار الإسرائيلي».
وتستطرد الطفلة بكل براءة: «كنت آتي إلى هنا لألعب مع إخوتي وصديقاتي، لكن المكان تحول إلى خراب بفعل آلة التدمير الإسرائيلية، ورغم ذلك لن نوقف اللعب والمرح، حتى وإن لعبنا على الحجارة وأكوام الركام».