“عصابات المدارس” أقصر الطرق إلى الانحراف


مع بداية كل عام دراسي جديد تستعد الأسر لتوفير الأجواء والمتطلبات الكاملة لأبنائها حتى يستطيعوا الحصول على تحصيل علمي متميز فتحرص على ضمان التحاق أبنائها بالمدارس مهما كانت ظروف الأسرة فهي تحلم بتوفير مناخ آمن وتعليم متميز لأبنائها غير أن كثيراٍ من الطلبة حولوا مؤسسات التعليم إلى أوكار لتكوين العصابات والتكتلات التي تنتهج أساليب العنف بكافة أشكاله ليتحول كثير من الشباب من تحصيل العلم إلى ممارسة السلوكيات العنيفة والخطيرة على الشباب أنفسهم وعلى أسرهم ومجتمعهم.
ويحذر تربويون من آثار ومخاطر انجرار الأطفال والشباب نحو تلك العصابات والتي تكون أولى خطوات الضياع والانحراف وعزوف الطلبة عن التعليم ونشؤ جفاء متزايد مع كل ما يتصل بالعملية التعليمية قبل ظهور القطيعة التامة مع العلم والمعرفة وتحول المدارس بالنسبة لأولئك الشباب إلى بؤر لمزاولة أنشطتهم غير السوية .

سلوكيات مكتسبة
تجمع أغلب الدراسات النفسية والاجتماعية على أن سلوك العنف على المستوى الفردي أو الجماعي هو عادة مكتسبة متعلمة تتكون لدى الفرد منذ وقت مبكر في حياته من خلال العلاقات الشخصية والاجتماعية المتبادلة ومن خلال أساليب التنشئة الاجتماعية
وبحسب تلك الدراسات فإن ظاهرة (عصابات المدارس) التي لوحظ زيادة في نسبة انتشارها مؤخرا وخاصة في المدن اليمنية تسبب مشاكل كثيرة للطلبة والطالبات ويشير تربويون إلى أن الآونة الأخيرة شهدت وقوع مشاكل عنف خطيرة بين مجموعات من الطلبة ضد طلبة وطالبات عصابات طلاب راح ضحيتها ألكثير من الطلبة وتسببت أحداث العنف تلك في مقتل وجْرح العديد من الطلبة والطالبات جراء استخدام السلاح الأبيض من خناجر وسكاكين وحتى أسلحة نارية في بعض الأحيان وخاصة في العاصمة صنعاء كما هو حال احد طلبة مدرسة عبدالإله غبش بمديرية آزال بمنطقة نقم شرقي العاصمة صنعاء الذي لقي حتفه في عراك نفذته مجاميع من تلك العصابات الطلابية .
تأثير الإعلام
وتشير الدراسات الاجتماعية إلى أن ازدياد العصابات في المدارس هو نتيجة تغيرات حدثت في المجتمع وبالذات ظهور العنف في المجتمعات وتأثير الإعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية واختلال العلاقات الاجتماعية في المجتمع وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة من ذوي النزعات العدوانية والميول الى تشكيل كيانات العنف على ضبط سلوكياتهم وعادةٍ ما يكون هنالك قائد لهؤلاء الطلبة وهو رئيس العصابة يكون شخصية قوية وفي كثير من الأوقات يكون من الشخصيات المضادة للمجتمع وهذا القائد هو أكثر من يْثير المشاكل والقلاقل في المدرسة ويْحرض الطلبة على الخروج عن القانون وإثارة الشغب على مستوى المدرسة .
رئيس العصابة المدرسية غالبا ما يكون مشروع مجرم مستقبلي في المجتمع وخاصة إذا لم يجد التوجيه الاجتماعي السليم الذي يعيده الى الحالة الطبيعية والسلوكيات الإنسانية الحميدة والصفات التي ينبغي ان يكون عليها طالب العلم كما أن هذا القائد غالبا ما يأخذ معه العديد من زملائه الطلبة الذين لهم نفس الميول والشخصية الإجرامية وهؤلاء الطلبة قد يْشكلون عصابات في مستقبل حياتهم ويْصبحون مجرمين حقيقيين ومصدر خطر كبير على سلامة المجتمع والسكينة العامة كما قد يكون هؤلاء أهدافاٍ سهلة لتنظيمات التطرف والإرهاب وعصابات الإجرام المختلفة .
صرح علمي
عواطف المحرقي وكيلة مدرسة عمار بن ياسر تؤكد ان المدرسة إنما هي مكان للتعليم وصرح علمي له هيبته ولا بد من التصدي الحازم وفرض العقاب الصارم على كل من يدعون إلى العنف أو يمارسه داخل المدرسة ولا بد من توعية الأبناء من قبل أمهاتهم وأسرهم ومعلميهم بضرورة احترام هذا الصرح العلمي واحترام المعلم فالمدرسة وجدت للتعليم وليس للصراع وممارسة العنف ضد الآخرين .
ويشير الأستاذ عبدالرقيب الذيب وهو مدرس بمدرسة الثورة بمنطقة آزال التعليمية أن هذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير في أواسط مدارس الطلاب وخاصة المراهقين.
ويرى التربوي الذيب بأن السبب وراء انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير يتمثل في مشاهد العنف التي يتعرض لها الطلاب سواء من قبل الأسرة أو المجتمع أو وسائل الإعلام فيقوم بتطبيقها في المدرسة وينضم إلى تلك العصابة الكثير من الشباب وخاصة الذين لديهم دافع العنف فيكونون عصابة في المدرسة تكون نتائجها كارثية سواء على المدرسة أو على زملائهم.
ويضيف لقد لاحظنا نماذج كثيرة في السنوات الماضية حيث يعتدي طالب على معلمه ويقوم أصدقاؤه أو أفراد عصابته بمساندته وبهذا نجد الكثير من العصابات سواء من أصحاب الحارة الواحدة او من الأصدقاء وهم بذلك يشكلون خطرا على المجتمع بأسره .
وتقول الأستاذة سلالة مدرسة في مدرسة سام بن نوح بأنها تعمل منذ أكثر من عشرين سنة في التدريس لكن تظل السنوات الأخيرة هي الأشد من حيث تكوين العصابات وممارسة العنف داخل المدرسة وتمرد الطلبة على مدرسيهم وتعيد السبب في ذلك بما حدث في السنوات القريبة الماضية من أحداث وعنف إلى ما شهدته الساحة الوطنية من أحداث سياسية واجتماعية تخللتها الكثير من الوقائع الدموية ومشاهد العنف وتشدد الأستاذة سلالة على ضرورة وجود حرس وامن في المدارس لمواجهة مثل هذه الحالات الطارئة وخاصة أن الكثير منهم يحملون أسلحة ويقومون بإدخالها إلى الفصول بشكل متخف .
الحد من العنف
ويؤكد أخصائيون اجتماعيون بأن هناك العديد من الطرق والوسائل اللازمة التي يجب ان تتخذ لمواجهة ظاهرة عصابات المدارس والحد من مخاطرها ويوضحون بأن من أبرز تلك التدابير المطلوبة تتمثل في تعزيز الوعي بين أوساط الطلبة بثقافة التسامح والتآخي ونبذ العنف والسلوكيات العدوانية وذلك من خلال عقد ورشات عمل توعوية وتنظيم لقاءات مع الأمهات وأولياء الأمور لتعريفهم بأساليب ووسائل التنشئة السليمة التي تركز على منح الطالب حرية التفكير وإبداء الرأي والتركيز على الجوانب الإيجابية في شخصية الطفل واستخدام أساليب التعزيز وتنمية الجانب القيمي لدى التلاميذ وكذلك تنفيذ ورشات عمل مماثلة للمعلمين يتم من خلالها مناقشة الخصائص النفسية واحتياجات كل مرحلة عمرية و إتاحة مساحة من الوقت لجعل الطالب يمارس العديد من الأنشطة الرياضية والهوايات المختلفة وتعليم التلاميذ مهارة أسلوب حل المشكلات وتعريفهم بطرق ضبط وتوجيه و تقييم الذات وتنمية المهارات الاجتماعية في التعامل بالإضافة إلى تغيير المفاهيم والمعتقدات الخاطئة عند بعض التلاميذ فيما يتعلق بمفهوم الرجولة واستخدام طريقة العلاج القصصي إذ أن القصص تساعد على التخلص من عوامل الإحباط وتعمل على تطوير القدرات الإدراكية التي من خلالها يدرك الطفل أن هناك العديد من الأطفال لهم نفس مشكلاته.

قد يعجبك ايضا