الطحين وشعار «يقدمه الشعب الأمريكي» لوكالة التنمية الأمريكية بوابة عبور للسطو والسيطرة على العالم
عبر الوكالة أوصلت أمريكا الأسلحة والعتاد إلى داعش والقاعدة، وخلقت مجموعات القتل والإرهاب
الثورة / أحمد علي
شن الملياردير الأمريكي المعروف ايلون ماسك، الذي كلفه ترامب بتقليص الإنفاق الفيدرالي، هجوما لاذعا للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عبر منصته “إكس”، واصفا إياها بـ”المنظمة الإجرامية”. وأضاف ماسك في منشوره أن الوكالة استخدمت أموال دافعي الضرائب لتمويل أبحاث حول الأسلحة البيولوجية، بما في ذلك فيروس كوفيد-19 الذي تسبب في وفاة ملايين الأشخاص.
من جانبه، اعتبر ترامب أن هذه المؤسسة الأمريكية الكبرى، تُدار من طرف “مجانين متطرفين”، مؤكدا عزمه على التخلص منهم قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن مستقبل أنشطتها. فماهي هذه الوكالة وماهي أنشطتها.
وتصدرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) قائمة الأهداف في حملة إدارة ترامب لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية. ويذكر أنها تأسست سنة 1961 في عهد الرئيس كينيدي لمواجهة النفوذ السوفيتي، وأصبحت وكالة مستقلة بموجب قانون المساعدات الخارجية.
وتقدم الوكالة المساعدات الإنسانية والتنموية عبر تمويل المنظمات غير الحكومية، الحكومات الأجنبية، والمنظمات الدولية. وفي 2023، تجاوزت ميزانيتها 40 مليار دولار، ما يمثل 1% من الميزانية الفيدرالية الأمريكية، وتعمل في حوالي 130 دولة، أبرزها أوكرانيا، إثيوبيا، الأردن، الكونغو الديمقراطية، والصومال.
يعمل في الوكالة أكثر من 10 آلاف موظف، يتوزع ثلثاهم في أكثر من 60 بعثة حول العالم، وتنفذ الوكالة مشاريعها من خلال شراكات مع منظمات دولية وجامعات وحكومات أجنبية.
شعارات قاتلة
ووفقا لخبراء اقتصاد فإن العلم الأمريكي الذي تظلّله عبارة «يقدمه الشعب الأمريكي» والذي تحركه وكالة التنمية الأمريكية على شكل أكياس الطحين وعبوات الزيت وصناديق الأدوية في مختلف دول العالم، بات بوابة عبور للسطو والسيطرة على العالم، وهو في نفس الوقت الذراع الأهم لأمريكا التي تستخدم القوة الناعمة في سطوها وسيطرتها ونهبها وحروبها العدوانية التي تشنها على مختلف دول العالم. وعبر الوكالة أوصلت أمريكا الأسلحة والعتاد إلى داعش والقاعدة، وخلقت مجموعات القتل والإرهاب التي فتكت بدول عربية وإسلامية عديدة، ومن خلال الوكالة نفذت انقلابات سياسية في بلدان عدة، وقد كشفت صور الأسلحة التي عرضتها القوات المسلحة في بلادنا والمغطاة بشعار الوكالة حقيقة الدور المنوط بالوكالة التي تعد الذراع الأهم في السياسية الخارجية الأمريكية التي تحقق من خلالها جملة من الأهداف السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وفي العدوان على اليمن قامت الوكالة الأمريكية باختراق المناطق وتقديم المعلومات والإحداثيات، وإدخال الأسلحة إلى المناطق التي كانت تمثل جيوبا محاصرة يصعب على العدوان ومرتزقته الوصول إليها، ومنذ خمسينيات القرن الماضي عملت على تدمير الزراعة والقطاعات السمكية والإنتاجية وأبرمت اتفاقيات مع وزارات وجهات حكومية، تمكنت من خلالها من تطبيق سياسة الافقار والتدمير الممنهج للمقومات الاقتصادية وعوامل التنمية والنهوض.
أداة ابتزاز
عمل المنظمة في اليمن مر بمراحل انقطاع عديدة استخدمتها الإدارة الأمريكية لابتزاز النظام أو كردّة فعل تجاه عمل يخالف التوجهات المرسومة للأنظمة التابعة لها، والتي حكمت اليمن خلال الأربعة عقود الماضية، فعلى سبيل المثال عندما صوّت مندوب اليمن في الأمم المتحدة ضد تشكيل ائتلاف تقوده الولايات المتحدة لاستخدام القوة ضد العراق عام 1990م، قام مندوب الولايات المتحدة “توماس بيكيرينغ” ومشى حتى مقعد المندوب اليمني وأعلمه أن تلك كانت أغلى “لا تصويت”، وترتب على الرفض اليمني توقف التمويل الذي تقدمه الوكالة لليمن، ولم تستأنف عملها حتى العام 2003م، أي بعد ظهور حركة وطنية جديدة تصرخ بالموت لأمريكا وتنادي بتفعيل المقاومة في وجه الغطرسة الأمريكية، انطلقت في شمال اليمن، بقيادة السيد حسين بدر الدين الحوثي، فعادت الوكالة من جديد لممارسة أعمالها ودعمها الظاهري لليمن.
ومنذ ذلك الحين عملت الوكالة على إبرام اتفاقيات تعاون مع وزارات سيادية كالداخلية وأخرى ذات أهمية اقتصادية كبيرة، كوزارة المالية والزراعة والصناعة والتعليم العالي، وهذا يعيدنا إلى سيناريوهات خبيثة مارستها الوكالة في كافة البلدان التي عملت فيها، بيد أن تلك الدول كشفت ألاعيبها وقامت بطردها بينما التقف اليمن الطعم، على الرغم من أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “جورج شولتز” (1982–1989م)، يصف برنامج المعونات الأمريكية في مقدمة التقرير الخاص للخارجية الأمريكية عام 1983م، على أنه “أداة أساسية من أدوات السياسة الخارجية، يرتبط ارتباطاً مباشراً بأمن أمريكا القومي وازدهارها الاقتصادي”.