عروبة العراق



اسكندر المريسي
نعتقد في تقديرنا للحظة التاريخية لحال الأمة العربية حاليا◌ٍ بأن من مصلحة العراق قيادة وشعبا◌ٍ سنة وشيعة وأحزابا◌ٍ وتنظيمات
سياسية مختلفة وحركات وائتلافات متعددة أن يعملوا بكل مكوناتهم جميعا◌ٍ لما من شأنه ضرورة إنجاح مؤتمر القمة العربية
الذي يلتئم في العاصمة العراقية بغداد والنأي بالمحاصصة الطائفية بعيدا◌ٍ عن ذلك المؤتمر ومنعا◌ٍ لترحيل أي خلافات سياسية
لأن البعد الشامل والمجامع لعروبة العراق بات محط أنظار الوطن العربي كله.
لذلك نتفق مع ما قالته الحكومة العراقية بأن انعقاد القمة العربية في بغداد فرصة لن تعوض خاصة والعراق منذ أغسطس
1991م وما فرض عليه من حصار ظالم أعقبه احتلال غاشم¡ صحيح بأن ذلك لم يلغö انتماء العراق ولا وضع عروبته
موضع جدل ونقاش ولكن الصحيح أيضا◌ٍ أن ذلك الحصار الظالم والاحتلال الغاشم غيب أي دور فاعل للعراق الكبير بشعبه
والعريق بتاريخه¡ خاصة في مجاله الإقليمي وعمق ارتباطه القومي والإسلامي.
ومما لاشك فيه إن العراق حاضرا◌ٍ يعاني مما جرى وصفه بأزمة سياسية أن صح التعبير ناتجة عن مشاكل داخلية عالقة في
الامكان حلها وتجاوزها إذا صدقت النوايا وتضافرت الجهود المخلصة للعراق¡ لكن تلك المشاكل الداخلية لايجب أن تنعكس
على مؤتمر القمة لأنه برئاسة العراق موحدا◌ٍ غير منقسم ولا مجزأ وليس مؤتمرا◌ٍ مكرسا◌ٍ لمناقشة الشؤون الداخلية للعراق بقدر
ما يتعلق بفضائها العربي ومجالها الحيوي خاص بقضايا الساعة الراهنة التي تأتي في سياقها العام.
لذلك تقع على الفاعلين في المشهد العراقي مسؤولية كبيرة بأن لا يجعلوا من مؤتمر القمة العربية بدلا◌ٍ من كونه فرصة
تاريخية لاستعادة صحة وعافية العراق إلى فرصة سانحة لإظهار خلافاتهم السياسية واعتبار ذلك المؤتمر تعميقا◌ٍ للمكايدات
السياسية حتى ولو كانت الخلافات بين فرقاء الشأن السياسي العراقي واضحة للعيان فلا يجب تحريكها وإنعاشها قبالة انعقاد
ذلك المؤتمر¡ لأن تمترس فرقاء العملية السياسية العراقية خلف القمة المرتقبة لا يعني إلا تقزيما◌ٍ للعراق الكبير وتكريسا◌ٍ لحالة
غيابه علما◌ٍ بأن المعارضة بكافة أطيافها السياسية هي بالتأكيد أمر طبيعي بحكم ما نص عليه الدستور الوطني العراقي.
لكن لا ينبغي لتلك المعارضة أن تصعد خطاب المناكفات السياسية لإرباك مؤتمر القمة العربية لكي لا يفسر خطابها المؤقت
حاليا◌ٍ بأنه ينطوي على عمل مضادات حيوية للقمة خاصة وذلك التفسير يسيء لعروبة بلاد الرافدين.
لذلك يتطلب على تلك القوى في ساحة العمل السياسي العراقي كما قلنا الالتفاف لإنجاح القمة العربية وهو أمر مشروع
وإرجاء خلافاتهم ولو مؤقتا◌ٍ لكي يتم إعطاء العراق حقا◌ٍ مشروعا◌ٍ في أن يشارك في قرار مصير الأمة العربية التي دخلت أسوأ
مراحل تاريخها المعاصر في ليل◌ُ عروبي حالك السواد.

قد يعجبك ايضا