
مهما بلغت سياسات درء المخاطر المتأصلة من الفعالية واليقظة العالية يبقى احتمال وقوع مخاطر
مفاجئة كبير في بيئة اجتماعية محفوفة بالتعقيدات والتجاذبات ويغلب عليها طابع الازمات والصراعات.
ويجب أن تصبح إجراءات درء الأزمات والتصدي لها والتعافي منها جزءٍا أصيلاٍ من سياسات واستراتيجيات التنمية البشرية وخصوصٍا في الأوضاع العادية الخالية من الأزمات بدلاٍ من الاكتفاء بالمسارعة إلى الإغاثة في حالات الطوارئ وتفشي أزمة وتغلغلها في اعماق المجتمع.
ويرى خبراء استطلعت “الثورة” تنمية بشرية” آراءهم أن اليمن لا تملك اجساماٍ مضادة للتصدي للازمات الطارئة ولهذا تحتاج إلى رفع القدرات البشرية من الكفاءات العالية للتعامل مع أي طارئ قد يحدث في جانب اقتصادي أو سياسي وتنموي والأهم بناء القدرات والمهارات البشرية اللازمة للتصدي للازمات الطارئة والأهم التعافي منها.
يرى استاذ علم النفس بجامعة صنعاء الدكتور سليم مطهر أن المعرفة المعمقة بالعوامل التي يمكن أن تؤجج الاضطرابات الاجتماعية وأعمال العنف في المجتمع ليست ضمانة بإمكانية توقع العنف وتجنبه.
ولهذا النوع من الصدمات كما يقول ” نتائج مدمرة قد يتعذر تجنبها على التقدم في التنمية البشرية وعلى منعة البلد والمجتمع والأسر والأفراد.
ويؤكد ضروري وضع إجراءات شاملة للتصدي للأزمات في المستقبل لأن بيئتنا معقدة وتتداخل فيها عوامل متعددة مؤثرة على استقرار المجتمع وتشكل عوامل ارتدادية طبيعية لتردي أوضاع التعليم واهمال التنمية والبشرية وعدم الاهتمام بالإنسان وتأهيله تعليميا وصحيا وتنمية فكرة لاكسابه قدرات التعامل مع الاوضاع المعيشية الصعبة والازمات الطارئة المقلقة.
ويضيف قائلا : عندما تتجه السياسات نحو التصدي للطوارئ قد تغيب عن الاهتمام ضرورة التخفيف من الآثار وسرعان ما تعود الصدمات وتحدث آثارٍا كبيرة يترتب عليها المزيد من التكاليف للحماية.
ويقول مطهر أن جهود مواجهة حالات الطوارئ هي جهود هامة وضرورية غير أن الجهود الشاملة لتمكين المجتمعات من بناء الجهوزية اللازمة للتعافي من الصدمات والأزمات حجر أساس لبناء المنعة والحد من مخاطر الازمات والتصدي لها.
متغيرات
يؤكد استاذ الخدمة الاجتماعية بصنعاء الدكتور عبدالله السلمي أن الوضعية الراهنة للبلد والمتغيرات الحديثة والرؤية الجديدة للدولة خلال الفترة القادمة تحتاج لأنسان منتج وملتزم وواعي ويهمه بلدة ووطنه وعنده كل المتطلبات اللازمة لحياة مناسبة وملائمة وكريمه ليقود عجلة التطور والبناء.
ويشير إلى أن الصراعات ناتجة عن بيئة غير مستقرة وانسان مهمل منهك تعليميا ومعيشيا وصحيا وكذا الشحن الكبير للثقافة الجهوية والمتردية المؤثرة على استقرار المجتمع وتقدمة .
ويقول أن التعليم يمثل القاعدة الرئيسية لبناء الانسان وتطوير النظام الاداري الذي يستطيع أن يحمل أي فكر تنموي واقتصادي جديد ويمثل كذلك الحاضنة الاساسية لتفريخ الكفاءات والقدرات البشرية القادرة على إدارة كافة الملفات والتعامل مع مختلف القضايا الشائكة.
ويوضح أن البيئة غير مستقرة ومضطربة والمشكلة الرئيسية في كل هذا الاضطراب هي الادارة المختلة ولهذا لايمكن اتخاذ أي قرارات رشيدة في ظل اوضاع ادارية ومؤسسية عشوائية ومختلة وغير منضبطة.
ويقول أن الإدارة الرشيدة مفتاح حل الازمات وحلحلتها وتحصين المنعة الاجتماعية حيث تجعل صناع القرار يتخذون قرارات ايجابية وصائبة بأقل التكاليف واستغلال ابسط ما تمتلك من موارد متاحة بشكل امثل وبما يحقق تنمية شاملة على كافة المستويات.
مخاطر
بحسب ما ورد في التقرير الأممي للتنمية البشرية للعام 2014م فان الكوارث والازمات الطارئة تكشف عن مخاطر متعددة كالفقر وعدم المساواة والتدهور المعيشي وضعف مقومات الحكم الرشيد وتزيد من حدتها. ويرى أن البلدان والمجتمعات التي تنقصها الجهوزية والوعي بالمخاطر وتفتقر إلى الحد الأدنى
من القدرات الوقائية تقع عليها هذه الازمات بأشد آثارها.
ومهما بلغت درجة استعداد البلد وفعالية سياساته فالصدمات لا بد ستقع وكثيرٍا ما توقع نتائج مدمرة يتعذر تجنبها لذلك “بحسب الامم المتحدة في تقرير التنمية البشرية ” لا بد من أن يكون الهدف الرئيسي إعادة البناء ولكن مع العمل على بناء المنعة الاجتماعية والمادية والمؤسسية.
يصعب تنفيذ إجراءات التصدي للظواهر الشديدة في ظل النزاعات وضعف المؤسسات كما يقول التقرير” وتأتي المساعدة الإنسانية في طليعة إجراءات التصدي لأي أزمة.
ولطريقة تقديم هذه المساعدة أهمية “طبقا للتقرير” إذ تضع الأسس الصحيحة للانتقال إلى التأهيل وإعادة البناء في الأجل الطويل ويتطلب نهج التعافي المبكر وضع الأسس اللازمة للإجراءات الإنسانية والإنمائية على حد سواء مما يضمن قدرة استراتيجية التصدي على تلبية الحاجات الأولية من غير إغفال الحاجة إلى بناء قدرة الدولة والاستعداد للتحرك المسؤول.
التعافي السريع
يشمل مفهوم المنعة بحسب التقرير” بناء قدرة أي بلد على التعافي السريع والفعلي من الكوارث والازمات. وهذا يتطلب معالجة الآثار المباشرة والسعي في الوقت نفسه إلى تنفيذ تدابير محددة لتجنب النتائج الاقتصادية والاجتماعية وكثيرٍا ما تتكبد المجتمعات التي تفتقر إلى الاستعداد لمواجهة الصدمات أضرارٍا وخسائر جسيمة ويستغرق تعويضها وقتٍا طويلاٍ.
كما ان الصدمات الخارجية يمكن أن تكون حافزٍا لبدء هذا التحول وقد يتطلب ذلك دمج تدابير الجهوزية والتعافي في القوانين والسياسات والآليات التنفيذية اللازمة لتسيير شؤون البلد والمجتمع.
وعند دعم هذا التوجه بالميزانية والموارد اللازمة يصبح بالإمكان دمج شؤون الحد من المخاطر عند كل مستوى من عملية التنمية تبدأ من المجتمع المحلي إلى الحكومة بأعلى مستوياتها.
وبهذه الطريقة “كما يؤكد هولا الخبراء” لا يكون الحد من مخاطر الكوارث مجرد مصروف إضافي أو إجراء تصحيحي بل مكون أساسي يدخل في صلب عملية التنمية منذ البداية.