عندما يغيب الضمير وتموت المبادئ وتندثر الأخلاق وتدفن القيم وينعدم الشعور، نخرج بواقع اسمه غزة في غياب الضمائر يكون الضمير فعلاً مستتراً تقديره أين أنت مما يحدث في غزة وهل تشعر بما يحدث فيها؟!
في غزة تقف اللغة خرساء لوصف الأوجاع فيها، في غزة قلوب كسرها لا يجبر، غزة تكتب تاريخاً جديداً أحداثه شوهدت عيانا وكُتبت فصوله بالدماء، تاريخاً بدايته من غزة ونهايته في غزة، عندما يشاهد العالم ما يحدث في غزة بقلوب جامدة من نبضها وأنفس خسيسة في طبعها قد ألفت الهوان وهي ترى غزة تباد عن آخرها فاعلم أن الضمائر لم تعد موجودة.
غزة تقتل ليس بأيدي اليهود الصهاينة فقط، بل كل العالم مشترك بدماء غزة، كل العالم مشترك بحصار غزة، كل من يشاهد ما يحدث في غزة ولم يحرك ساكناً هو شريك في قتلهم أين كان دينه وبلده ومركزه؟! الكل مدان الكل مسؤول أمام الله والتاريخ، وليس الصهاينة فقط.
ماتت الإنسانية في غزة، وذبحت وقطعت أوصالها على مرأى ومسمع من كل الإنسانية الصماء البكماء، مذابح غزة تبث وتشاهد في كل أرجاء المعمورة الخاوية من الضمائر المنحدرة أخلاقياً إلى دون مستوى البهائم، فالبهائم مازالت تحن على بني جنسها، نعم سيكون ما يحدث في غزة خزي وعار على كل المعمورة على حدٍ سواء، السكوت عنما يحدث في غزة عار على الجميع الذين يرون المجازر المروعة ويسمعون أصوات أطفال غزة وهم يتضورون جوعاً.
مظلومية غزة قد ضاقت بها الأرض وارتفعت حتى ضجت منها السماء، العار عليكم من هذه الدماء والأشلاء والأجساد الناحلة والبطون الخاوية والصرخات المدوية في سماء العالم.
فقد كشفت غزة الحقائق ولم يعد هناك شك لدى من كان له قلب أنه لاوجود لشيء مما يتشدق به من دين وحقوق وإنسانية ووو إلى آخر تلك الكلمات، الكل يكذب ويقول مالا يفعل، الجميع لا نستثنِ أحد، إلا من رحم ربي من علماء وحكام وكتاب وأصحاب الحل والعقد في هذا العالم الأهوج، وحتى الشعوب المدجنة التي سوف يأتي عليها الدور لتذوق ماذاقته غزة فالجلاد لن يستثنى أحداً ممن طأطأ رأسه عن غزة.
غزة وضحت كل شيء وفضحت الجميع، ولم يعد لهم غيرك يا لله فقد خذلهم القريب قبل الغريب وسكت عن مظلوميتهم كل الظالمين، وليعلم العالم أجمع أن من سكت عن مظلوميتهم فهو من الظالمين، فكن أنت لهم يا لله مؤيداً وناصراً وآمن خوفهم واشبع جوعهم، واخذل من خذلهم، (وَسَيَعْلَـمُ الَّذِينَ ظَلَـمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)